تقييم الذات :

تقييم الذات :
هل نحن ما نساوي من القيم والنتائج ؟ أم نحن مجرد نتائج عشوائية ؟
هل نستطيع أن نتحكم بقيمنا الذاتية فيما بين ( س ، ص ) أو مستقيم في
منتصفه الصفر وأطرافه سالبٌ وموجب ؟ وكيف نهتدي للإيجاب إن كان ثمة قطبين
متنافرين ؟ وما الفائدة المرجوة التي تحثنا نحو نتائج متأرجحة في ( س )
...؟
وهل الموجب يعني الخير والسالب مقياس للشر ؟
من جملة الذات تساؤلات ترمي بأطرافها نحو فاي من القيم إلى جميع الإتجاهات ..!
لماذا نحب ذكر ذاتنا دائما معجبين بكل جمل الإشارة والتلميح ( أنا – فعلت
– ذهبت – أكلت – أحب – اكره – لا يناسبني – كنت – أريد – سأكون ) حتى
تصعّدت هذه الضمائر والأفعال وفخّمت لإتصالها بذواتنا ، خذ مثلا لذلك :
عندما يريد عمرو أن يقول : أعطني القلم ، ، يفخمهاحتى تصبح : أعطنا القلم
، ويضيف إليها تلميحات بالعين المحدقة بقصد فراغ الوقت ويشير بأطراف
أصابعه بقصد الإستعجال . كل هذا والقلم ليس لعمرو ، وربما لا يعرف من هو
صاجب القلم ؟ وقد كان من المفترض أن يقول : من فضلك تسمح لي بالقلم ، في
تبسم يشير إلى اللطف وبنظرة تقول إن لم يكن لديك مانع ، وبنبرة صوت رزين
يتساير مع احترام الذات الآخر .
كان الفيلسوف سقراط يسعى لمعرفة الذات . ويفلسف لها من كل حدب وصوب حتى
وقع في فخ سائل يسأله : هل تعرف ذاتك ؟ فأجاب : أعرف عن ذاتي أني لا أعرف
عنها شيئا . ؟
أحاول تقييم نفسي بأي طريقة ؟ ... –( هاجس متكرر لا تنفك أصداده تتكرر في أعماق خلدي )- .
الجميل في ذلك أن القيمة التي يحصل عليها الفرد من تقييم ذاته – شريطة أن
يكون التقييم خالياً من كل شوائب الهوى ومراد الذات ، بل خالصاً في موازين
الحق والعدل – تدل على مقداره أو قريبا من ذلك إن صح التعبير وقد قال
المصطفى صلى الله عليه وسلم ( رحم الله أمرئ عرف قدر نفسه ) أو كما قال
صلى الله عليه وسلم . قد يكون جزءاً كبيرا من ذلك التقييم كياناً جديداً
ينفخ فيه روح رئاسة العقل على النفس وضبط جموحها . بل إن الفقهاء أو
أغلبهم قد أنعم الله عليهم بصفة يعرفونها في أنفسهم تدلهم على الطريق
القويم والنهج الصالح المعتدل الوسطي _ يتعاملون معها بكل حكمة ورزانة (
قيمة الذات) وكيف يكون أعتدالها بالتأنيب والتأديب والمجاهدة وإخضاعها
لأوامر الدين الحنيف القويم الرشيد .
إذن ما إريد الطرح له :
ماهي قيمة ذاتي الأخلاقية في :
1- الأقوال . 2- الأفعال . 3- المعاملات.
وينطوي تحت هذه المظلة العريضه قيمنا الذاتية في كل تفاصيل الحياة في
الأكل والشرب والحديث في النوم واليقضة والحل والترحال مع القريب والغريب
في الشدة والرخاء والسراء والضراء .
وأذكر من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حّذر من الزلل في القول حتى
على الطفل إن وعدته بشئ ، وإن كان بقصد أن يسكن إن لم تؤدي له ما وعدته ،
فإنها تكتب عليه كذبه وإن ماطلته فإن ذلك من موازين الباطل وإنتهاك حرمات
الذات وقد تختل من إثر ذلك شخص الطفل وإحترامه لذاته ، وربما أصبح في وضع
نفسي لا يحسد عليه لان من فطرته الصدق وهو يتفاجأ بالضد فلا يجد مبررا
عقليا في الغالب لهذه الخطيئة ، وذلك يزيد ذاته أظطراباً وعّلة ، وتتضائل
القيمة الذاتية للأخر في نظر الطفل فلا يقيم لذات صاحب الوعد الذي لم يؤدي
ما وعد أي قدر ولا يحترمه بالقدر اللائق وتتطاير قطرات الود والحب من قلب
ذلك الطفل حتى يغدو مثلا حيا مليئا بعفن سوء الأخلاق من جراء كدمات الوعود
الكاذبة والزلل في التعاملات والأقوال فإما أن ينقل عدواه فيمن حوله من
أقرانه أو يكون عرضه لتنمر الأطفال عليه فلا يستطيع دفع السوء عن نفسه
بمقدار ذرّة .
إذن لا بد من سؤال نفسي أولا :
هل أنا على قيمة مجزية لذاتي في التعاملات والأقوال والأفعال ... إن كنت
كذلك _ وقلما يكون – فإني على قدر من الأخلاق السامية والدرجات الرفيعة من
الفضيلة الراقيه وأستحق أن أكون من النبلاء. وإن زادت تلك القيمة نحو
الإيجاب فإني أسعى للرقي بذاتي عن بقعة البشر السوداء متجها لعالم ملائكي
، وإن تضائلت قيمتي وأنحدرت سلبا فإني أهوي لعالم الشياطين .
أعرف تماما أن الصعود يكلّف المرء جهدا وصبرا ووقتا هي له أول ثمار العُلى
أن عرف نفسه فستخلصها واستحث المسيرة على ذلك النمط من الجذب والدفع في
رتم المصابرة على خطى السير . أما التحدر للعالم السفلي من الأخلاق
والرذيله فهو مهيئ للجميع وقد يتغالب على ذلك الأشقياء متناسين أن درجات
العلى التي يخسرون هي في الحقيقة خلاصة ما قد بذلوا من ذي قبل ولكن أغتروا
بالأمل وأن الوقت ما زال فيه متسع للحياة الفضيلة بعد قضاء أوطار الهوى من
الزلل والزيغ والتيه والطيش .
الصبر هو قوت العزائم ووقود الهمم فليت شعري لمن قالوا فأكثروا الحديث أين الفعل والطلب الحثيث .
صبر سنة من الصعود الشاق والتقويم البطيئ يخسره الظالون في غظون دقائق وتذهب أنفسهم عليهم حسرات .
خلاصة القول :
ما بعث رسولنا الكريم إلا ليتمم مكارم الأخلاق ، ويقاس قربنا أو إبتعادنا
عنه صلى الله عليه وسلم بمقدار أخلاقنا وأحاسننا أخلاقا يوم القيامة هم
أولى الناس به وبالقرب منه . ورحم الله القائل :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
فالوصاية أن نتعاهد الذات بالتهذيب والترتيب والمحاسبة و لنتحلى بالشجاعة
في مواجهة ذواتنا بمرأة الصدق حتى نخلص بذات قويم وقلب سليم ....