استشارات تربوية أسرية اجتماعية estshrat for you
كي تظهر لك جميع المنتديات والمواضيع
و حتى تعم الفائدة
حتى تستفيد وتفيد غيرك
بادر للتسجيل بالمنتدى
وشكرا لك

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

استشارات تربوية أسرية اجتماعية estshrat for you
كي تظهر لك جميع المنتديات والمواضيع
و حتى تعم الفائدة
حتى تستفيد وتفيد غيرك
بادر للتسجيل بالمنتدى
وشكرا لك
استشارات تربوية أسرية اجتماعية estshrat for you
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» قصة قصيرة
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Icon_minitimeالسبت ديسمبر 16, 2023 6:53 pm من طرف Admin

» الناجحون
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Icon_minitimeالسبت ديسمبر 16, 2023 6:51 pm من طرف Admin

» فَوَيلٌ ثُمَّ وَيْلٌ ثُمَّ وَيْلٌ - لِقَاضِي الأرْضِ مِنْ قَاضِي السَّ
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Icon_minitimeالسبت أغسطس 19, 2023 4:41 am من طرف Admin

» لا شيء ينبت هنا بدون جذور
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Icon_minitimeالسبت أغسطس 19, 2023 4:40 am من طرف Admin

» يحكى أن
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Icon_minitimeالسبت أغسطس 19, 2023 4:34 am من طرف Admin

» المفتاح السحري الأساسي للإمساك بخيوط الحل لأية مشكلة
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Icon_minitimeالأربعاء أغسطس 02, 2023 2:43 am من طرف Admin

» شارك الفيديو لطفا
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Icon_minitimeالخميس نوفمبر 03, 2022 6:11 pm من طرف Admin

»  ( ١.٩$ ) بليون دولار .. وتزوجت سائقه ...
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Icon_minitimeالخميس أغسطس 11, 2022 1:20 pm من طرف Admin

» مشكلة وحل (1) الخجل
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Icon_minitimeالجمعة أغسطس 05, 2022 4:56 am من طرف Admin

» لحل اية مشكلة / اساسيات
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Icon_minitimeالجمعة أغسطس 05, 2022 3:25 am من طرف Admin

» زوجات وأزواج يعترفون: هذا أطرف مقلب حصل معنا!
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Icon_minitimeالجمعة أغسطس 05, 2022 3:19 am من طرف Admin

» إنهم أغلى ما في الحياة ، وليسوا بحجارة
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Icon_minitimeالجمعة أغسطس 05, 2022 3:15 am من طرف Admin

» الحكي بيناتنا
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Icon_minitimeالأحد يوليو 31, 2022 3:56 pm من طرف Admin

» كيف نتعرف على الشخصية الصعبة
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Icon_minitimeالأحد يوليو 31, 2022 3:06 pm من طرف Admin

»  ليس مهماً أن تدخل الحمير الجامعة، المهم هو ألا تخرج منها بشهادة جامعي
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 09, 2021 3:35 am من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
د محمد سردار رحمه الله - 3791
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_rcapالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Voting_barالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_lcap 
الاستشاري - 2664
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_rcapالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Voting_barالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_lcap 
غريب الامارات - 1632
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_rcapالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Voting_barالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_lcap 
شام - 1616
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_rcapالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Voting_barالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_lcap 
Admin - 1570
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_rcapالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Voting_barالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_lcap 
ام المجد - 1508
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_rcapالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Voting_barالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_lcap 
المتميز - 883
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_rcapالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Voting_barالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_lcap 
ود - 759
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_rcapالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Voting_barالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_lcap 
شيماء الشام - 733
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_rcapالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Voting_barالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_lcap 
المتمردة - 499
البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_rcapالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Voting_barالبيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Vote_lcap 

أهلا بكم
دعمكم لهذا المنتدى يكون بتبادل الفائدة وابداء الرأي نتمنى أن نتشرف بكم كأعضاء واستشاريين - بوجودكم سيكون المنتدى أجمل
لوحة ترحيب
أهلا بك من جديد يا زائرآخر زيارة لك كانت في الخميس يناير 01, 1970
آخر عضو مسجل زمرد١١فمرحبا بكم


1

https://www.jamalaltaweel.com/
أهلا بكم
دعمكم لهذا المنتدى يكون بتبادل الفائدة وابداء الرأي نتمنى أن نتشرف بكم كأعضاء واستشاريين - بوجودكم سيكون المنتدى أجمل
إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان

    جديد الاعلانات feedburner
    http://feeds.feehttp://feeds.feedburner.com/akbarmontadacom/Bwkxdburner.com/akbarmontadacom/Bwkx

    البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    3 مشترك

    صفحة 1 من اصل 2 1, 2  الصفحة التالية

    اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الأحد فبراير 21, 2010 10:17 pm


    قصص واقعية من الإمارات تنشر كل أحد في ملحق دنيا الذي يصدر عن جريدة الاتحاد الإماراتية .

    للصحفية أو الكاتبة .. سعاد جواد .



    صحيح القصص بتكون منقولة .. بس للفائدة .

    ومثل ما مكتوب .. هي قصص واقعية .
    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الأحد فبراير 21, 2010 10:19 pm

    للحكاية وجهـان ::


    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


    وجهان متناقضان لحكايتي، الوجه الأول قصته عليّ أمي، منذ
    نعومة أظفاري حتى كبرت وأصبحت شاباً واعياً، كل يوم كانت تحكي لي نفس
    الحكاية، زرعتها في كل خلايا مخي، حتى اعتقدت بأنها حقيقة ثابتة، لم اعتقد
    أبداً بأن للحكاية وجهاً آخر اكتشفته بنفسي بعد أن فارقت والدتي الحياة،
    وتركتني لأواجه مصيري وحيداً، إنها حكاية زواج أمي من أبي ومجيئي إلى هذه
    الدنيا، والمصير الأسود الذي ينتظرني فيها. منذ أن كنت طفلاً صغيراً،
    تعودت أن أنام وأنا أسمع والدتي تحكي لي تلك الحكاية، أصابعها الحنونة
    تتخلل شعري، وتمسح على وجهي، وهي تعيد أحداث تلك الحكاية المؤلمة بالنسبة
    لها، أما بالنسبة لي، فقد كانت حكايتي المفضلة التي لا أريد أن أسمع غيرها
    في حياتي.


    ''قالت أمي''

    كنت طفلة في السادسة عشرة من العمر مرت عائلتي بظروف صعبة، أصيب والدي
    بالشلل فجلس مقعداً في البيت، اضطرت أمي للعمل في خدمة البيوت كي تدبر لي
    ولأخوتي الصغار لقمة العيش، كنت أشعر بأن والدي يتمزق من داخله بسبب الوضع
    الذي أصبح عليه، فهو رجل لا يرضى بأن تنفق عليه امرأة، اضطر مع عجزه
    للقيام بأعمال المنزل بدلاً من أمي التي صارت تغيب عن البيت طوال النهار،
    وهي تعمل بتنظيف البيوت، فتعود منهكة مرهقة تسب وتلعن الساعة التي تزوجت
    فيها أبي، ومع كل معاناته إلا أنه لم يقبل أن أترك الدراسة وأتفرغ للعمل
    في البيت بدلاً منه، فكم كان يؤلمني منظره وهو يفعل المستحيل من أجل أن
    ينظف البيت ويطهو الطعام ويغسل الملابس، كنت أتمنى أن أفعل أي شيء كي
    أساعد عائلتي فتجلس أمي في البيت وتترك خدمة البيوت وتتفرغ للعناية بزوجها
    وأولادها، وتريح والدي المسكين من معاناته اليومية الأليمة.

    عادت أمي من عملها يوماً وهي فرحة وكأنها عثرت على كنز يخلصنا من هذه
    المعاناة، استمعت بشغف، أنا ووالدي، أخبرتنا بأنها عثرت على عريس خليجي
    يريد أن يتزوج، وقد كلفها باختيار العروس، ففكرت بأن ابنتها أولى بهذه
    النعمة من غيرها، فتحت فمي غير مصدقة، بصراحة، لم يخطر ببالي الزواج وأنا
    في هذا السن، كل ما كنت أفكر فيه هو التفوق الدراسي والحصول على الشهادة،
    والعمل الجيد الذي يدر عليّ المال، حيث أستطيع الإنفاق على عائلتي، أخبرت
    أمي بذلك فقالت لي: ''يا غبية، إنه طريق طويل، نتائجه غير مضمونة، فهل
    سنبقى على معاناتنا طوال سنين دراستك حتى تتخرجي؟ وبالطبع فإنك عندها لن
    تجدي الوظيفة الجيدة بسهولة ثم بعد أن تجديها، تكونين قد وصلتي مرحلة
    متقدمة من العمر، عندها ستفكرين بالزواج، ولن تستطيعي مساعدتنا، لأن زوجك
    سيكون فقيراً مثلك ولن يرضى بأن تعطي راتبك لأهلك، فكري جيداً فهذه الفرصة
    لن تعوض، وهي اختصار حقيقي للزمن فعندما تتزوجي من هذا الرجل الغني، عندها
    يمكنك مساعدتنا، ومساعدة نفسك''.

    فكرت في حديثها فوجدته معقولاً، وقد أعطيتها موافقتي على الرغم من موقف
    والدي السلبي من هذه القضية، إذ فضل الصمت، وقد ترقرقت عيناه بالدموع، وهو
    ينظر إليّ طويلاً. في اليوم التالي جاءت أمي بالعريس، وبالطبع لم يكن سوى
    رجل كبير في السن، تجاوز الستين من عمره، لم يصدمني ذلك الأمر، لأنني سمعت
    بمثل هذه الزيجات كثيراً، فلن يفكر شاب في مقتبل عمره بالزواج من فتاة من
    غير بلده، بدون حب أو مشاهدة، عموماً، فقد كان الأمر بالنسبة لي تجربة
    جديدة مدهشة تتيح لي السفر والتمتع بالهدايا والأشياء الجميلة التي حرمت
    منها، كما تتيح لي التحدث عن أشياء مبهرة لصديقاتي، حيث سأكون محط
    انتباههن وحديثهن، فلا أكون مجرد نكرة لا أعني للآخرين شيئاً.


    تجربة طيبة


    تزوجنا وعشنا شهر عسل حقيقياً، فعلى الرغم من تقدم زوجي في العمر إلا أنه
    كان يتمتع بروح الشباب، بالإضافة إلى كرمه وسخائه، عندها فكرت بأنني
    إنسانة محظوظة، وأنني بحاجة للرقية من العين والحسد.

    بعد انتهاء أيام العسل جاء موعد السفر، شعرت بأن قلبي يعتصر بشدة، لأول
    مرة في حياتي سأفارق أهلي وبيتي ورفيقات الطفولة والمدرسة، نزلت دموعي
    سخية طوال الطريق حتى وصلت الطائرة إلى هنا، عندها بدأت أفكر فيما ينتظرني
    بعد هذه الرحلة. أسكنني زوجي في شقة مفروشة وطلب مني منحه الفرصة الكافية
    لإخبار زوجته وأولاده بأمر هذا الزواج، وتهيئة المكان لسكني معهم في
    الفيلا، وقد حرص على ألا أجلس لوحدي لفترات طويلة وقد سمح لي بالاتصال بمن
    أريد من أهلي أثناء غيابه.

    بعد أسابيع قليلة أخذني لبيته وقد قام بتغيير أثاث الملحق الذي كان معداً
    لاستقبال الضيوف، ولا أدري كيف تقبلت عائلته خبر زواجه وما هي ردود
    أفعالهم نحو هذا الموضوع الخطير لأي عائلة. الغريب هو أنني بقيت في الملحق
    لا أرى أحداً منهم، ولديّ شعور بأن العيون تتلصص عليّ من وراء الستائر،
    وبعد أن شعرت بالاطمئنان بعض الشيء صرت أتلصص أنا الأخرى من وراء الستائر
    فأشاهد عائلته وهم يركبون سياراتهم في خروجهم ودخولهم إلى البيت، عدد كبير
    من الأولاد، كلهم في سن الشباب وبنات في مثل سني تقريباً. كنت أحسدهم على
    تواجدهم معاً لأنني شعرت بالوحدة، على الرغم من انتظام زوجي في زيارتي
    واهتمامه بي بشكل مستمر، وعدم تقصيره في إعطائي ما أريده، أسعدتني كثيراً
    محاولة إحدى الخادمات في البيت من التحدث معي، كنت بحاجة لشخص يبوح لي بما
    يحدث في البيت الآخر، والخدم يملكون معلومات كثيرة ينقلونها بكل سهولة إذا
    شعروا بالاطمئنان وبعض الإكراميات المادية البسيطة، أخبرتني الخادمة بأن
    الأسرة انقلبت رأساً على عقب بعد أن أخبرهم الوالد بأنه قد تزوج، الكل
    أصبح عصبياً متوتراً، والزوجة صارت تبكي كثيراً، وقد عزلت نفسها وصارت
    ترفض أن تتحدث مع زوجها أو أن يجمعهما مكان واحد، وأن الأولاد قد ضمروا
    الشر للمرأة التي سرقت والدهم منهم. هذا الحديث جعلني أشعر بالخوف، وصارت
    الكوابيس تلاحقني وأنا أتصور بأنهم سيقتلونني في أقرب فرصة مع أن زوجي نفى
    كل هذه الأمور، وطلب مني عدم سماع أو تصديق ما يقوله الخدم، لأنهم يهولون
    ويبالغون في رواية الأحداث، مع ذلك لم يذهب خوفي وبقيت مرعوبة طوال الوقت.


    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    ''الخوف المضاعف''

    حملت وأنجبت طفلي الأول وأنا في حضن الوحدة والغربة والوساوس والخوف
    المستمر، لم يكن بيني وبين العالم الخارجي سوى التواصل مع أهلي عبر
    الهاتف، هذا الشيء كان يريحني للغاية، فقد حرصت على إرسال المساعدات
    المادية لهم، وكنت سعيدة لتحسن الأمور لديهم.

    لم يفكر أحد من عائلة زوجي بالسؤال عني أو النظر إلى أخيهم الصغير الذي
    أنجبته، وبصراحة فقد ازدادت وساوسي وخوفي على طفلي منهم، لأنني فكرت بأنهم
    ربما سيقتلون طفلي انتقاماً لكرامة أمهم. عندما بلغ أبني الثالثة من العمر
    مرض زوجي وبقي في المستشفى، وقد ذهبت لزيارته مع طفلي، والتقيت بأولاد
    زوجي، ولكنهم تحاشوني وانصرفوا بمجرد رؤيتي، شعرت بالكآبة والمزيد من
    الخوف لأنني وجدت زوجي في وضع صحي صعب. عندما عدت من المستشفى بقيت أفكر
    لفترة طويلة ماذا سيحدث لو مات زوجي ؟ بالتأكيد سيقتلون ابني وسيحرمونني
    منه، لذلك اتخذت قراري قبل أن يقع الفأس بالرأس، قمت بأخذ المال الذي وضعه
    زوجي في خزانتنا، وكان مبلغاً لا بأس به، ثم أخذت مجوهراتي وملابسي وجواز
    سفرنا أنا وأبني ثم اتصلت بإحدى شركات الطيران وحجزت تذكرة وسافرت عائدة
    إلى وطني قبل أن تحدث الكارثة. كنت محقة في تصوراتي حيث توفي زوجي بعد
    أيام قلائل من سفري، وقد حمدت ربي لأنني نجوت بنفسي وبأبني مما قد يحدث.


    ''نهاية الحكاية''

    هذه هي حكايتنا أنا وأمي، وقد تربى لديّ الخوف من أخوتي وأخواتي وما يمكن
    أن يفعلوه بي إن فكرت بالذهاب إليهم، وبالطبع فإن والدتي لم تفكر يوماً
    بأن تطالب بحقي وحقها في الإرث لأنها اعتقدت بأن أخوتي قد قدموا شكوى ضدها
    لأنها سرقت أموال والدهم التي كان يحتفظ بها في بيتها، وقد حذرتني تحذيراً
    شديداً من مجرد التفكير بالمطالبة بحقوقي، لأن في ذلك موتي من وجهة نظرها.

    بعد مرض ومعاناة طويلة انتقلت والدتي إلى رحمة الله، وقد سبقها جدي، ولم
    يبق في البيت سوى جدتي وخالتي وزوجته وأولاده، أما الباقين فقد تزوجوا
    واستقلوا في بيوتهم، وقد كان وضعي محرجاً للغاية في بيت صغير مكتظ بالناس،
    خصوصاً وأنني قد أصبحت شاباً في الثامنة عشرة من عمري، لذلك قررت أن أعود
    لبلدي وأن أجرب حظي مع أخوتي.

    بتشجيع من أخوالي وجدتي عدت لبلدي وأنا محمل بالخوف المزروع بداخلي منذ
    نعومة أظفاري، تخيلت بأن أخوتي وحوش بشرية ستنقض عليّ فتقطعني وتمزق جسدي
    بشراسة، تخيلت نفسي أعيش وحيداً منبوذاً في غرفة منعزلة كما عاشت أمي،
    تخيلت أن أقف عند باب بيت والدي وأنا أحمل حقيبتي ولا أحد يقبل أن يفتح
    الباب لي، والمارة يؤشرون نحوي باستهزاء وشماتة، تخيلت كل الأمور السيئة،
    ولم أتخيل أبداً ما حدث في الحقيقة.

    وصلت إلى المطار ولم يكن لديّ سوى رقم هاتف منزل والدي، ليس لديّ عنوان
    أذهب إليه، فقررت أن أسكن في فندق بشكل مؤقت حتى اتصل بأخوتي، أخذني
    التاكسي إلى أرخص فندق موجود حسبما أوصيته، فكانت أجرته عالية بشكل لم
    أتوقعه، مشكلة كبيرة ستقف أمامي لأنني لا أحمل معي سوى مبلغ بسيط، وبحسب
    أجرة هذا الفندق فإنني أستطيع السكن لثلاث ليال فقط دون أن يبقى لديّ شيء
    من المال للأكل والتنقل، لأنني اكتشفت بأن أجرة التاكسي عالية جداً هي
    الأخرى ما جعل حيرتي وخوفي وقلقي تدور من حولي وتغلفني بغلاف قاتم رهيب.

    كان الوقت مساءً، جلست في غرفتي بالفندق وأخرجت رقم الهاتف الذي معي وأدرت
    القرص وأنا أرتجف، رد عليّ رجل، سألته عن الاسم فأعتقد بأني من المعاكسين،
    وقبل أن يغلق السماعة بوجهي قلت له: أنا أخوك فلان جئت لتوي من المطار،
    وأنا أسكن في الفندق الفلاني، أرجوك تعال إليّ لأنني لا أملك المال
    الكافي، وأنني جائع وحزين، استمع إليّ وصمت لفترة غير قصيرة ثم قال لي:
    سآتي إليك إن شاء الله.


    ''الوجه الآخر للحكاية''

    أغلقت السماعة وأنا أشعر ببعض الاطمئنان نزلت إلى مدخل الفندق وجلست
    بانتظاره، مر الوقت طويلاً وقد تأخر في المجيء، ربما لن يأتي، هكذا فكرت،
    وقد اتخذت قراري بالعودة إلى بلد أمي، وسأعمل بأي مهنة لأعيل نفسي هناك
    وأنا معزز مكرم وسط الناس الذين يحبونني، وقد ندمت على مجيئي ندماً
    شديداً. كنت غارقاً وسط أوهامي حتى شعرت بيد تمتد نحوي، قفزت من مكاني
    فوجدت مجموعة كبيرة من الرجال، شخصيات وأعمار متعددة، الكل يسلم عليّ
    بحرارة وكأنهم يعرفونني منذ زمن طويل، يسألون عن أخباري وأموري، ويعتبون
    عليّ لأنني لم اتصل بهم من قبل، كنت حائراً لا أعرف ما ينبغي أن أقول،
    ولكني أخبرتهم بوفاة والدتي وأنه لم يبق لي أحد أتحمل مسؤوليته بعدها.

    طلبوا مني إحضار حقيبتي من الغرفة لأنهم حجزوا لي في فندق لائق، وقد دفعوا
    أجر الغرفة والطعام لشهر كامل، حتى يروا ما يمكنهم أن يفعلوه معي.

    بعد أن تركوني في تلك الغرفة الفخمة في ذلك الفندق الكبير، وجدت بأنه
    ولأول مرة في حياتي يتولد لديّ شعور بالاطمئنان والعزة، تمنيت ألا أكون في
    حلم، وقد جاءني وسواس ليخبرني بأن ما يفعله أخوتي ربما لتغطية استيلائهم
    على إرثي، وأنهم سيعتذرون لي بعد مدة من إكرامي وضيافتي، وسيعطونني مبلغاً
    ثم يطلبون مني العودة للعيش في بلد أمي، ليتخلصوا من وجودي في حياتهم. في
    الأيام التالية، ازدحم جدولي بالزيارات والولائم التي أقيمت للترحيب بي،
    في بيوت أخوتي وأخواتي، والكل كان يرحب بي بحفاوة كبيرة، ويسأل عن أحوالي
    طوال تلك السنين الماضية. كنت بانتظار النهاية، وأنا مقتنع بأنها ستكون
    كما رسمت لي الوساوس، مبلغ من المال وحجز العودة لبلد أمي، ولكن ذلك لم
    يحدث.

    في أحد الأيام مرّ عليّ أخي الأكبر وأخذني للمحكمة. هناك قال لي ستأخذ
    إرثك بالكامل، فنحن قوم نخاف ربنا ولا نريد أكل أموال اليتيم، خذ حقوقك
    وتصرف بها على راحتك، فإن أردت النصيحة والمشورة فنحن مستعدون لها، وإن
    أردت التصرف بنفسك وعلى هواك فأنت حر. فقلت له: في الحقيقة أنا مندهش من
    موقفكم معي، فعندما وصلت إلى المطار كنت أشعر بأنني ضائع ووحيد، وكنت
    أتمنى أن أجد أحداً يشعرني بالأمان، حتى أني فكرت أن لا أبادر بالمطالبة
    بأرثي، وإنما سأطلب فقط محبتكم واهتمامكم، وقد غمرتموني بكل ذلك قبل أن
    أطلبه فأي أناس أنتم ؟ كم أنا سعيد لأن لي أخوة أمثالكم فالكلمة الطيبة
    التي تخرج من قلوبكم هي كل ما كنت أتمنى، فقد عشت سنين عمري وأنا محمل
    بالخوف منكم ومن موقفكم معي، أنتم أخوتي، وأعظم كسبي في هذه الدنيا، أما
    المال فأمره ليس جوهرياً بالنسبة لي لأنه سيذهب ويفنى، أما هذه العلاقة
    الطيبة فهي الكنز الحقيقي الذي أعتز فيه. لم يمنع هذا الكلام الذي قلته
    لأخي من أن يسلمني كافة حقوقي، ويساعدني في شراء بيت خاص بي وتأثيثه، ثم
    ساعدني أخي الثاني بفتح بعض المشاريع التجارية الناجحة، وقد تكفلت شقيقتي
    الكبرى باختيار الزوجة المناسبة لي.

    هكذا أحب أن أشكر أخوتي عبر روايتي لهذه الحكاية، أردت أن أقول لهم ببساطة: يا أخوتي الأعزاء، كم أنا ممتن لكم.
    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الأحد فبراير 21, 2010 10:50 pm

    ||!¤*~`][ سداد الدين .. ][`~*¤!||



    سعاد جواد:

    لكل شيء ثمن··· هكذا علمتني الحياة، فلا تستغربوا إذا عرفتم أنني أم لخمسة
    رجال أفنيت عمري من أجلهم منذ أن كانوا صغارا حتى كبروا وتعلموا فنون
    الحياة والاعتماد على النفس، ثم فانسحب كل واحد منهم ليستقل بحياته
    الأسرية حتى خلا البيت منهم جميعا، ثم تركني والدهم ورحل هو الآخر إلى
    جوار ربه، وبقيت وحيدة ومنسية· فقد انفض الجمع ولم يعد أحد منهم محتاجا
    إلي· قد تسمون ما يفعله أولادي عقوقا··· بالتأكيد هو عقوق· ولكن لماذا
    يعقني جميع أولادي الخمسة بلا استثناء؟ لماذا لم يجعل الله الرحمة في قلب
    واحد منهم على الأقل؟ أتعرفون لماذا؟
    الجواب لدي··· إنه دين، نعم هو دين عليّ أداؤه، قبل أن أترك الدنيا وأرحل
    عنها· أعتقد أن الله سبحانه وتعالى يحبني لذلك عجل لي العقوبة في الدنيا
    على كل ما اقترفته في حياتي· أنا راضية كل الرضا لما يحدث· لست مجنونة ولم
    أخرف بعد على الرغم من وصولي إلى سن الستين· أنا بكامل قواي العقلية، أؤكد
    لكم أنني راضية وسعيدة لأن أولادي لا يسألون عني ولا يكترثون لي· صحيح أنا
    أتأذى من ذلك لأنني أشتاق إليهم كثيراً، ولأنني لم أقصر يوما في الاهتمام
    بهم ورعايتهم وتلبية كافة احتياجاتهم حتى آخر لحظة، ولكن كما قلت لكم···
    فأنا أعتبر جحود أبنائي هو عقاب عادل لي على كل ما فعلته في حياتي الزوجية
    تجاه أهل زوجي·
    الأمر دقيق ومعقد ولكنه واضح ومفهوم· معظم الزوجات يكررن نفس الخطأ تجاه
    أهل أزواجهن··· ولهؤلاء النسوة أروي حكايتي لعلها تكون لهن نبراسا وضوءا
    يكشف لهن الحقائق التي ربما تغيب عن أذهانهن· اسمحوا لي أن أروي حكايتي
    التي تتكرر باستمرار دون أن ينتبه إليها أحد·


    أول الحكاية

    كنت فتاة جميلة ومدللـة· لم أتعلم من أسرتي الكثير قبل الزواج· فقد تزوجت
    في سن مبكر لم أستطع فيه فهم الحياة الزوجية بشكلها الصحيح· كان زوجي وحيد
    أمه وله ثلاث أخوات بنات أكبر منه· والده متوفى، وقد تزوجت أخواته وبقيت
    أمه تحت رعايته ومسؤوليته·
    منذ بداية زواجنا لمست حب زوجي لي وتعلقه بي وانصياعه الكامل لإرادتي، ذلك
    كله جعلني أتصرف معه بدلال شديد· كنت أتصنع الغضب وأسعد كثيراً عندما أجده
    يحاول إرضائي بأي شكل· خططت في أول الأمر لإخراج أمه من حياتنا، واصطنعت
    الحيل الماكرة المتعددة حتى تم لي ما أردت، وذهبت المسكينة لتعيش في بيت
    إحدى بناتها· والله إني أتألم عندما أتذكر يوم رحيلها من عندنا·
    كانت تبكي وهي منهارة ومحطمة، ليس لأنها ستفارق بيتها الذي سيطرت عليه ولا
    لأنني انتزعتها من المكان الذي سطرت فيه ذكريات حياتها مع زوجها وأولادها،
    ولكن لأنها ببساطة كانت متعلقة جداً بولدها، ولا تطيق مفارقته· توسلت إلي
    أن أعقل وأن أبقيها في البيت لتراه ولو من بعيد وهو رائح وغاد، ولكنني
    رفضت ذلك بإصرار· منظرها الكئيب كان يستفزني وإن لم تؤذني، وإن لم تجرح
    مشاعري بكلمة واحدة··· أردت أن تغادر هي البيت لأكون فيه السيدة
    الوحيدة··· يا له من تفكير·
    كم ألوم نفسي على كل ما فعلته··· كم أتمنى أن تسامحني تلك المرأة الطيبة
    رحمها الله· للأسف فإن الزمن لا يعود إلى الوراء أبداً· كم تمنيت لو عاد
    الى الوراء فأحتضنها وأحبها من كل قلبي وأعاملها كما أعامل أمي تماما،
    إنها تستحق كل الخير، فلماذا تصرفت معها على ذلك الوجه القبيح؟ والله لا
    أدري·

    إصرار عجيب

    لم أكتف بما فعلته بها بعد أن طردتها من بيتها وتركتها تعيش في منزل زوج
    ابنتها بدلا من أن تعيش معززة مكرمة في منزل ولدها· لم أكتف بذلك وإنما
    صرت أمنعه من زيارتها والسؤال عنها، إلا في أوقات متباعدة جداً· كنت أحس
    به وهو يتعذب ويشتاق إليها ولكنني كنت أشغله باستمرار حتى لا يفكر إلا بي
    وبأولادنا وبمسؤوليات أسرتنا·
    أصبح لدينا خمسة أولاد· لم أسمح له بأخذهم إلى جدتهم وعماتهم ليتعرفوا
    عليهن··· وكنت آخذهم باستمرار إلى منزل أهلي ليكونوا قريبين من أخوالهم
    وخالاتهم وليتربوا مع أبنائهم··· والويل لهم إن فكروا بالسؤال عن أهل
    والدهم أو رغبوا في رؤيتهم· كان ذلك من الممنوعات أو من المستحيلات·
    كان زوجي باستمرار المحب المجنون والعاشق المطيع الذي لا يفكر أبداً برفض
    أوامري أو بالخروج عن إرادتي· شغلته بي وبأولادنا بشكل مستمر· أدخلته في
    تفصيلات كثيرة في شؤوننا الصغيرة والكبيرة· أدرت رأسه كي لا يفكر بغيرنا·
    أوحيت له بأن رضا الله من رضا الزوجة··· وأن الرجل إذا قصر مع زوجته
    وأولاده فسيكون من أصحاب النار، وأنه مخلوق ومسخر لعائلته وبيته فقط وليس
    للآخرين حقوق عليه، حتى لو كانوا أهله··· أمه وأخواته·
    كنت أختلق المشاكل وألهيه بالتفكير الدائم لإيجاد حلول لها· وكنت أتشاجر
    معه وأفتعل الخصام كي يبقى إحساسه بالتقصير نحوي ونحو أولاده مستمرا· أنا
    المظلومة المسكينة دائما وهو الظالم الذي تتكرر أخطاؤه بحق زوجته وأولاده،
    فيضطر للاعتذار وطلب السماح وهو كسير الخاطر·
    إذا مرضت أمي أتهمه بأنه لا يكترث لأمرها فيركض المسكين ويقف عندها في
    المستشفى ولا يبرحه حتى تشفى· كان يبرها أكثر من أولادها في حين أن أمه
    تمرض وتتوسل كي تراه فأسمح له بالذهاب لرؤيتها لدقائق ثم أتصل به وأستعجله
    حتى يعود بسرعة·
    وكذلك كان يفعل مع إخواني وأخواتي··· فهو شقيقهم الأكبر الذي يساعدهم
    جميعا في حل أزماتهم· لا ينسى مناسباتهم ويقدم لهم الهدايا والهبات، وما
    أكثر الهدايا وما أغلاها تلك التي تقدم لأهلي لإرضائهم وكسب محبتهم··· كل
    ذلك بالطبع على حساب أهله الذين لم يعد يسأل عنهم ولا يؤدي أي واجب من
    واجباتهم على الإطلاق·
    حتى صديقاتي كان زوجي لا يتأخر عن أداء واجبه في الاطمئنان على أزواجهن
    وتقديم باقات الزهور والهدايا في المناسبات وأداء جميع ما يتوجب عليه
    تجاههن·

    الجانب الآخر

    كان أحيانا يستأذنني لمجاملة عائلته· فمثلا عندما تزوج ابن أخته سمحت له
    بالذهاب إلى العرس شرط عدم المكوث طويلاً· وبالطبع فقد أقنعته بأن زوج
    أخته رجل ثري ولا داعي للهدايا، فنحن وأولادنا أولى بذلك المال·
    اتصلت به أمه يوما وطلبت منه الحضور بسرعة· جن جنوني وبقيت متوترة طوال
    الوقت··· ماذا تريد منه؟ إن لديه أسرة ومسؤوليات··· ألا ترحمه؟ ذهب إليها
    وعرف بأن خلافا كبيرا قد حصل بين أخته وزوجها وأنها تريده ان يتدخل لإيجاد
    حل للمشكلة· اتصل بي ليستشيرني- فهو لا يخطو خطوة واحدة دون استشارتي- قلت
    له لا تتدخل أبداً، فلربما جاء تدخلك في غير محله فتتعقد الأمور بين اختك
    وزوجها وتلقى المسؤولية عليك·
    استمع لنصيحتي ولم يتدخل وبقيت المشاكل متأججة بين الطرفين حتى تم الطلاق
    فتزوج الرجل من أخرى وترك شقيقة زوجي مع أولادها في وضع مادي حرج· كان
    زوجي متضايقاً لأنه لم يتدخل لحل مشكلة أخته فأخبرته بأن طلاقها كان أمراً
    محتوماً ومقدراً عليها، وحتى لو تدخل فهو ما كان سيستطيع أن يغير من مشيئة
    القدر·
    عندما مرت أخته في ضائقة مادية طلبت منه المساعدة، فأقنعته بأن وضعنا
    المادي لا يسمح لنا بمد يد المساعدة لها، وأن الأفضل لها أن تطلب المساعدة
    من أختيها قبل أن تتوجه إلينا وهي تعلم حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا·

    اتصلت به أمه يوما وطلبت منه أن يساعدها في إحضار خادمة لها لأنها مريضة
    ولم تعد قادرة على خدمة نفسها، وهي تساهم براتبها الضئيل في سد نفقات أسرة
    ابنتها المطلقة· بالطبع لم يستطع زوجي اتخاذ قراره قبل أن يتصل بي، وما أن
    اتصل بي وعرض علي الأمر حتى رحت أعدد له مضار الخادمة للمرأة المسنة
    وأقنعته أنه من الأفضل لابنتها المطلقة أن تعتني بأمها ما دامت تنفق عليها
    وتساعدها بما تحصل عليه من المال·
    كنت أقنع زوجي دائما بأنني متأثرة كثيرا لما يحدث لأمه وأخته وأمثل عليه
    تمثيلية التعاطف الإنساني، فيقول لي في حنان: كم أنت طيبة يا حبيبتي···
    ليت كل النساء مثلك·
    كان آخر ما فعلته في تلك التمثيلية هو عندما مرضت أم زوجي ورقدت في
    المستشفى· ذهب إليها فأخبره الأطباء بأنها تحتاج لعملية جراحية، والأفضل
    أن تجرى تلك العملية خارج الدولة في مستشفى متخصص وبأسرع وقت·
    اتصل بي ليخبرني بأن شقيقاته قد جمعن المبلغ الذي تحتاجه العملية واقترحن
    أن ترافقه إحداهن في السفر مع الوالدة لأن الإجراءات تحتاج لوجود رجل، وهو
    الابن الوحيد··· وهو أحق من غيره بتلك المسؤولية·
    طلب مشورتي فأخبرته بأن الأطباء يبالغون والأفضل عدم نقلها إلى مستشفى آخر
    وعدم تسفيرها خارج الدولة لأن صحتها لن تحتمل كل ذلك، والأفضل أن تجرى لها
    العملية بنفس المستشفى وبأسرع وقت ممكن·
    استمع إلى نصيحتي وطلب إجراء العملية بنفس المستشفى فصدمت أخواته عندما قام بتوقيع الأوراق لإجراء تلك العملية، وبكين بحرقة وحسرة·
    بعد إجراء العملية توفيت العجوز، فعاد زوجي وهو متألم يبكي موت أمه،
    متأثراً بلوم أخواته له· فصرت أواسيه وأؤكد له بأن عمرها قد انتهى وأنه من
    الأفضل لها أن تموت في بلدها وسط أولادها بدلا من أن تموت في ديار غريبة·
    لم يعد زوجي كما كان وظل حزينا كئيبا لا يتكلم ولا يضحك كما كان يفعل
    سابقا· اتجه إلى التدين وصار يجلس منعزلا يبكي ويصلي طوال الوقت· أصبح
    شخصا آخر غير زوجي الذي عشت معه·
    مرت السنوات وكبر الأولاد وتزوجوا ورحلوا كل إلى حياته· وبالطبع فإنهم في
    بداية زواجهم كانوا يزورونني ويسألون عني ثم تباعدت تلك الزيارات وانقطعت
    الاتصالات حتى لم أعد أعرف عنهم شيئا· وكما قلت لكم فإنني أعرف جيداً بأن
    ما يفعله أولادي بي هو عقاب من الله سبحانه وتعالى لي على كل ما فعلته في
    أيام قوتي وشبابي·
    أصبحت أنظر إلى عيني زوجي الحزينتين وأقرأ ما بهما··· فيتقطع قلبي· كم
    وددت لو أنني امتلكت الجرأة لمصارحته بالحقيقة، وهي أنني نادمة من شعر
    رأسي حتى أسفل قدمي· كنت أتمنى ان أستسمحته قبل أن يرحل· حاولت أن أستجمع
    شجاعتي وأقول له بأنني أخطأت بحقه وبحق والدته وأخواته· حين قررت ذلك كان
    الوقت قد فات ورحل زوجي دون أن يسمع كلمة واحدة من اعتذاراتي وأسفي· رحل
    وهو حزين وكئيب، ولا أدري إن كان قد سامحني أم لا·
    هاأنذا أقضي سنوات عمري وحيدة، حزينة وكئيبة· أجد الناس من حولي يتحدثون
    عن عقوق أبنائي، ويتأسفون لهم، وأنا ساكتة لا أستطيع أن أشرح لهم السبب
    الحقيقي الذي يقف وراء ذلك العقوق·
    سأكون سعيدة لو أن الكثير من نسائنا اتعظن من حكايتي، ولو أن بعض الرجال
    أوقفوا زوجاتهم عند حدهن، وحاولوا إمساك العصا من الوسط، فلا يجعلوا حقوق
    الزوجة تطغى على حقوق الأهل أو حقوق الأهل تطغى على حقوق الزوجة··· ففي
    كلا الحالتين ظلم عظيم
    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الأحد فبراير 21, 2010 10:53 pm


    |--*¨®️¨*--| قـــــــرص المـــــــــــــــــوت .. |--*¨®️¨*--|



    -- سعاد جواد

    ولدت في أسرة فقيرة، وقد ميزني الله تعالى بجمال اخاذ، تقدم لي الكثيرون
    ولكن والدي كان يطمع بأن يظفر من زواجي برجل غني· كلما تقدم شاب فقير
    لخطبتي كان يرفضه وهو يردد: لن تسطيع دفع مهرها، إنها غالية عليك·
    كلما تقدمت السنوات تناقص عدد الخطاب ولم يأت ذلك الرجل المنتظر· تزوجت
    شقيقاتي كلهن إلا أنا· بلغت الخامسة والعشرين ووالدي مصر على موقفه· فجأة
    جاء من الخليج رجل يكبرني بعشرين عاماً تبدو عليه ملامح الثراء ولكنه اسمر
    البشرة· رفضته بشدة ولكن والدي لم يعبأ برفضي واعتراضي وانما قبض المهر
    واسرع بتزويجي ووضعي أمام الأمر الواقع·
    لم اكن أملك حيلة أمام ذلك الإصرار من والدي، فتقبلت الأمر وسافرت مع زوجي إلى بلده·
    وفعلاً ادركت اني قد تركت ورائي حياة الفقر والمعاناة، وانتقلت لحياة الغنى والترف·
    سكنت في فيلا فخمة، وركبت سيارة فارهة ما كنت احلم بها يوماَ· كما اصبح
    لدي خادمة، وصرت اشتري الملابس الغالية والمجوهرات· شعرت بأنني سعيدة جداً
    بكل ما حصلت عليه، ولكن الشيء الوحيد الذي صار ينغص حياتي هو انني اكتشفت
    بأن زوجي انسان سكير عابث يحب اللهو والمجون·
    كان يطلب مني أن اعد له جلسة الخمر وأن اشاركه بها وأن أسليه وأرقص أمامه،
    وكأنني غانيه ولست زوجة· علمت أنه طلق زوجته الأولى لأنها لم تستطع
    مجاراته فيما يطلبه، مما جعلهما في شجار مستمر، وقد كان أهلها يتدخلون
    باستمرار لنصحه واعادته إلى صوابه، فكان يضيق بتلك التدخلات· ولأنها كانت
    عاقرا فقد صبرت على حياتها معه لسنين طويلة، ولكنها كلما كبرت في السن
    شعرت بأنها لا تستطيع أن تتكيف معه، فطلبت الطلاق فطلقها، وقرر أن يتزوج
    فتاة جميلة من بلد بعيد، لكي لا تعارضه فيما يفعل، كما أن أهلها بعيدون
    عنها وبالتالي لن يتدخلوا في حياته مهما فعل·
    مرت السنين وانجبت طفلين كرست كل اهتمامي بهما حتى كبرا ودخلا المدرسة،
    فعاد لي الشعور بالفراغ، فصرت اشارك في النوادي الرياضية للتسلية، فتعرفت
    على مجموعة من الصديقات تعلمت منهن بعض أساليب التسلية وقضاء الوقت بصيد
    المعجبين والتحدث معهم عبر الهاتف، وكن يبررن تلك الافعال بأنها بريئة ما
    دامت في حدود الانضباط بعيداً عن الممارسات الحرام·
    استهجنت ذلك في البداية ولكنني صرت اتقبله يوماً بعد يوم·
    وصل زوجي إلى سن الستين، فظهرت عليه علامات الشيخوخة والضعف، فعجز عن
    مجاراتي واعطائي حقوقي الزوجية، وبدأ يعوض ضعفه أمامي باغداق المال علي·
    اصبحت اقضي معظم وقتي في الأسواق، وصرت اتغيب عن المنزل بحثاً عن اماكن
    الترفيه والتسلية· كنت أحاول تعويض نفسي عن الحرمان المادي الذي عشته في
    طفولتي، وعن الحرمان العاطفي الذي صرت أعاني منه·

    علاقة محرمة

    انها تجربة أخجل من مجرد تذكرها، ولا أدري كيف طاوعتني نفسي عليها· فقد
    تعرفت على شاب عابث استطاع أن يقهرني بكلماته الحلوة التي لم أكن قد
    سمعتها من قبل، ومنحني الحب الذي كنت افتقده، فاندفعت نحوه بجنون وعشت معه
    علاقة محرمة، اكره أن أتذكرها لأنني أدركت بأنها كانت غير عاقلة تدفعها
    الرغبة الحيوانية فقط، فما الذي يميز أفعال الانسان عن أفعال الحيوان سوى
    العقل والإرادة ؟·
    للأسف لم أكن أملك عقلاً واعياً ولا إرادة حقيقية، فانجرفت في تلك العلاقة
    بشكل سخيف· وللأسف فإن زوجي شعر بما كنت أفعله ولكنه لم يمنعني أو يقف
    موقفاً شديداً معي، بل فضل عدم مواجهتي لخوفه الشديد من فراقي له· كان
    متعلقاً بي على الرغم من كل شيء، و كان خائفاً على أولادنا فلم يكن يريد
    أن يحرموا من أمهم· خوفه هذا دفعه إلى وسيلة حقيرة جداً لمعالجة المشكلة،
    فقد لجأ إلى السحرة من أجل أن يعيدوني إليه فاعود لحبه وعدم التفكير
    بغيره·
    بعد مرور فترة على تلك العلاقة وبعد أن ذهبت شهوة الحب وانطفأت نيرانه،
    احسست بالقرف والملل من كل ما أقوم به· ولأنني واثقة من عدم وجود الحب
    الحقيقي لدى ذلك الرجل، عرضت عليه أن أطلب الطلاق لنتزوج، وكما توقعت فقد
    كانت تلك الكلمات كافية لهربه من حياتي بأسرع من دخوله إليها·
    مررت بفترة متعبة جداً بسبب أعمال السحر التي قام بها زوجي· فكنت في وضع
    غير اعتيادي· كانت الكوابيس تلاحقني في نومي وكان جسدي يؤلمني وشعرت
    بتنميل في أطرافي وانتفاخ غير طبيعي في بطني، حتى شعري بدأ بالتساقط بشكل
    غريب، فاضطررت لقصه ثم حلقه على أمل أن يخرج من جديد، واستخدمت الشعر
    المستعار لفترة طويلة·
    ذهبت إلى المستشفيات الخاصة والحكومية وقصدت الأطباء النفسيين ولكن كل ذلك
    لم ينفع، فلجأت إلى السحرة فأخبروني بأن زوجي قد عمل لي سحراً من أجل أن
    لا أبقى جميلة، فاستمر في خيانته·
    صدمت صدمة شديدة لمعرفتي تلك الأمور، فدفعني غيظي إلى أمر أشد حقارة مما
    عمله زوجي، طلبت منهم أن يدمروه بشكل نهائي لاتخلص من وجوده في حياتي·
    وهكذا استمرت معركتنا بهذا الشكل الغريب وكل واحد منا يسعى لتدمير شريك
    حياته، وبالطبع فإن ذلك كله كان يتطلب أموالاً طائلة أتت على كل ما نملكه·


    الثمن الباهظ

    تراكمت الديون على زوجي وتجمعت الشيكات المرتجعة عليه، وكان دخوله السجن
    وشيكاً، فهرب من البلد إلى بلد خليجي قريب حتى لا يتم إيداعه السجن·
    اضطررت للعمل لإعالة أطفالي، وتحولت حياتي من الغنى والترف إلى الفقر
    والحاجة· وذهبت الفيلا الفخمة وحلت محلها شقة صغيرة مستأجرة بلا خادمة ولا
    أثاث إلا الضروريات فقط· هنا شعرت بمدى فداحة الأخطاء التي ارتكبناها أنا
    وزوجي بحق أنفسنا وبحق أولادنا·
    بعد مدة من المعاناة ومصارعة الحياة، قررت أن اصحح أخطائي وابدأ من جديد
    في البحث عن وسيلة لاستعادة زوجي· فسألت عنه عند اصحابه فاعطوني رقم هاتفه
    فاتصلت به واعتذرت له عن كل ما بدر مني وطلبت منه العودة وتسوية الأمور·
    عاد إلى الوطن ولكن للأسف القي عليه القبض في المطار واودع السجن بعد أن
    حكمت عليه المحكمة بالسجن أربع سنوات·
    زرته في سجنه وكانت دموع الندم تغطي وجهي، فأخبرني بأنه سامحني وأن كل ما
    يمر به هو عقوبة عادلة من الله له على كل سنين العصيان وارتكاب المحارم·
    ثم اخبرني بأنه قد سجل بيتاً باسم الأولاد ولم يفكر ببيعه حتى في احلك
    الظروف لأنه الشيء الوحيد الذي سيبقى لهم· اسعدني حرصه على أولاده وحمدت
    ربي كثيراً على كل شيء، وقررت ان انتظر زوجي حتى ينتهي سجنه فأعوضه عن كل
    ما سببته له من أذى·
    عكفت على عملي وعلى الاهتمام بأولادي حتى اصبحوا من المتفوقين، وكلما
    سألوا عن والدهم كنت اخبرهم بأنه يعمل في دولة خليجية وهو يرسل لهم المال
    ويسأل عنهم باستمرار، وفعلاً فقد كان يتصل بهم كلما سنحت له الفرصة·
    واظبت على زيارته في السجن وتشجيعه على الصبر والتحمل حتى يعود إلينا
    سالماً، ولكن صحته كانت في تدهور مستمر لإصابته بالسكر والضغط وأمراض أخرى
    كثيرة·

    لقاء دافئ

    بعد أربع سنوات خرج زوجي من سجنه، فأخذته إلى غرفة بأحد الفنادق واحضرت له
    ثياباً مناسبة وحقيبة فيها هدايا للأولاد، حتى يقتنعوا بأن والدهم عائد من
    السفر ويرونه وهو بأحسن حال·
    كان اللقاء بينه وبين الأولاد دافئاً وحميماً جداً جعلني اتأثر لدرجة أن الدموع تساقطت من عيني بلا شعور وكأنها المطر·
    بعد عودته أدركت بأنه تغير بشكل حقيقي وصار انساناً مؤمناً لا يفوت فرضاً
    من فروض الصلاة، وكان يحاول جهده أن يعوضنا أنا وأولاده عن حرماننا منه
    بالرعاية والاهتمام الكبير·
    اشتريت له سيارة وحاولت أن أجعله في وضع جيد أمام أولاده وأمام الناس·
    أحس بأنني قد فعلت الكثير من أجله، فأراد أن يقوم بشيء لإسعادي وتعويضي عن
    الحرمان الذي سببه لي· لم يفكر بالضعف الذي يعانيه في جسده، ولم يفكر بأنه
    اصبح كبيراً في السن وان قلبه لم يعد قادراً على مواجهة الانفعالات
    الشديدة، فاجأني بأنه تناول احد الأقراص المنشطة للذكورة فارتعبت، صرخت به
    لماذا فعلت ذلك ؟ ابتسم وهو يقول: ألا تريدينني زوجاً لك ؟ قلت له بلى
    اريدك حياً تعيش معنا وتظلل علينا حياتنا أنا والأولاد، اريد حنانك
    واهتمامك، أريد وجودك، لا أريد شيئاً آخر·
    كان واقفاً أمامي وهو يحمل كوب الماء، وكان يتحدث بانفعال شديد وهو يدافع
    عن نفسه وعن رغبته في اسعادي بشكل متكامل، فجأة سكت عن الكلام وسقط الكوب
    من يده· اسرعت نحوه حاولت أن احتضنه، أن لا اترك له الفرصة للرحيل ولكنه
    سقط ميتاً بين يدي·
    رحل عنا وتركنا أنا وأولاده ونحن بأشد الحاجة لوجوده معنا· ولكن ماذا نفعل، قدر الله وما شاء فعل·
    للأسف··· كانت تصرفاتنا أنا وهو كلها طائشة بعيدة عن العقل والمنطق، فدفعنا ثمنها غالياً·
    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الأحد فبراير 21, 2010 10:56 pm


    «®️°·.¸.•°·.¸.•°®️» اللحظات الأخيرة «®️°·.¸.•°·.¸.•°®️»





    سعاد جواد:

    تذوقت مرارة اليتم وأنا طفلة صغيرة في السابعة من عمري بعد أن رحل والديّ
    رحمهما الله في حادث سير، كنت أرى الناس وقد تجمعوا في بيتنا، وأنا لا
    أدري سبب وجودهم· أسألهم بإلحاح: أين أمي؟ أين أبي؟ فلا يجيبوني، عندها
    أبكي وأحتج وأرفض وجودهم ولكنهم لا يكترثون لما أفعل ويبقون جالسين بوجوه
    حزينة كئيبة لا تبعث على الطمأنينة·
    أنظر إلى وجه عمي المكفهر، أبحث فيه عن ابتسامة حانية، أتمنى أن يمد يديه
    يطلب احتضان خوفي وبكائي، ولكنه لا يفعل ويكتفي بالنظر إلي من بعيد وهو
    يطلق حسرة التأفف لهذه المسؤولية التي لا يريدها لنفسه، إنه عمي الوحيد
    ولا أحد لي في هذا العالم سواه·
    كان صعبا علي وأنا في ذلك السن أن أتقبل فكرة موت أمي وأبي فبقيت لفترة
    وأنا في حالة المرض والمعاناة حتى استوعبت ما حدث وتقبلت كل شيء على مضض·
    انتقلت للعيش في منزل عمي وهو رجل بخيل لا يحب أن ينفق المال بسهولة، فلا
    يفكر بزوجة أخرى خوفا من زيادة المصاريف ولا يفكر بإحضار خادمة فتطلب
    راتبا شهريا وطعاما ومصاريف لا يطيقها· مع أنه يعمل مدرسا ولديه راتب لا
    بأس به إلا أنه يعشق المال عشقا غريبا لا تفسير له·
    تحملت مسؤولية بيت عمي وأنا طفلة صغيرة، قمت بأعباء كثيرة كانت أكبر من
    طاقتي بأضعاف مضاعفه ومع ذلك فقد التزمت بدراستي وكنت متفوقة ليس لأنني
    أحب التفوق ولكن لأنني كنت أخاف من عقوبة عمي ومن محاسبته لي ذلك الحساب
    العسير إن جاءت علاماتي على غير ما يرضيه· بالمقابل كان ابن عمي ولدا
    فاشلا متمردا لا يطيق المسؤولية ولا يحب الالتزام ولا يخشى العقوبة، يبدو
    أنه من كثرة ما تعرض للضرب أصبح جسده خاليا من الإحساس وعقله خاليا من
    الشعور، ونفسه خالية من الكرامة·
    لقد حوله الضرب والقسوة إلى مخلوق تافه يشكل عبئا على مجتمعه، وقد كنت
    أكرهه ولا أطيقه لكثرة تحرشه بي وضربه لي بسبب أو بلا سبب· يأكل طعامي
    ويسرق حاجياتي ويؤذيني بشكل لا يطاق·

    الأمل الوحيد

    تحملت تلك الحياة الصعبة القاسية وكنت أتأمل الفرج عندما أتخرج من الجامعة
    وأعمل ويكون لي راتب خاص بي أستطيع من خلاله الاعتماد على نفسي والإنفاق
    على احتياجاتي، وقد فكرت بإحضار خادمة وإجراء تغيير لهذا الأثاث المتعفن
    وتعديل وصيانة منزل عمي المتهالك·
    كانت أحلامي كبيرة وطموحاتي متعددة، ولكن للأسف فإن عمي قد قتل أحلامي
    ودفن فرحتي في اليوم الذي استلمت فيه الراتب الأول بعد تعييني في سلك
    التدريس· أتدرون ماذا فعل عمي؟ لقد قرر تزويجي من إبنه الفاشل الذي ترك
    الدراسة منذ المرحلة الإعدادية وهو يعيش حياة الذل والإهانة ليحصل على
    مصروفه من والده على الرغم من اقترابه من سن الثلاثين، فهو بلا عمل وبلا
    طموح وبلا شخصية·
    لم يسألني عمي عن رأيي بهذا الزواج فهو وليي الشرعي والذي يحق له أن
    يزوجني متى يشاء ولمن يشاء· شعرت بالاضطهاد والعبودية وفكرت أن أتخلص من
    حياتي، ولكني تراجعت في اللحظات الأخيرة خوفا من عقاب ربي· ولكني أخيرا
    قررت التكيف مع هذا الواقع المفروض علي وأن أسيّر حياتي نحو مرافئ الرضا
    والقناعة بهذا النصيب· وفكرت بإنجاب الأطفال الذين سيعوضون عليّ كل ما
    فاتني من الحب والسعادة في هذه الدنيا· وفعلا فقد أنجبت ولدا وبنتا صارا
    بهجة أيامي، أنسى تعبي معهما وأشعر بأن الحياة طيبة وحلوة كلما نظرت
    إليهما، وأحمد ربي لأن الدنيا لا زالت بخير مادام فيها هذين الطفلين·

    تحول سيء

    للأسف فإن المنغصات من حولي تأبى إلا أن تفرض نفسها لتحرمني من تلك
    السعادة البسيطة· فقد أحيل عمي إلى التقاعد وجلس في المنزل متفرغا لأذيتي
    والتسلط علي بالإضافة لولده الذي يعيش عالة علي· منذ اليوم الأول لتقاعده
    امتلأ المنزل بأجواء التوتر والعصبية وصار عمي يطالبني بدفع إيجار المنزل
    الذي نسكن فيه· وعندما أخبرته بأنني أفكر في استئجار بيت خاص بأسرتي هددني
    بأنه سيأخذ الأطفال مني بعد أن يطلقني من ابنه وسأطرد إن فكرت بالخروج من
    المنزل وصار يتهمني بالعقوق وبأنني ناكرة للجميل لأنه رباني وأنفق علي
    طوال تلك السنين· وبالطبع فإنني لم أتجرأ وأسأله إن كان والدي قد ترك مالا
    أم لا، لأنني أحاول دائما أن أتجنب إثارته·
    أذعنت لمطالبه وصرت أعطيه مبلغا كبيرا من راتبي كإيجار ولتسديد فواتير
    الماء والكهرباء والهاتف فلا يبقى إلا الشيء القليل· لم يضايقني كثيرا
    حصوله على ثلثي راتبي ولكن ما كان يضايقني هو تدخله المزعج في كل صغيرة
    وكبيرة في حياتنا أنا وأطفالي، ففكرت بأن أتخلص من هذه المشكلة واقترحت
    عليه أن يفتح مشروعا يكسب منه بدلا من الجلوس في المنزل طوال الوقت· راقته
    الفكرة واتخذ قراره بفتح مدرسة خاصة تدر عليه مبالغ لا بأس بها ويستثمر
    فيها خبراته الطويلة في التدريس· وليتني لم أشجعه على ذلك·
    بعد أن قام بفتح المدرسة أمرني بتقديم استقالتي من عملي والتفرغ للتدريس
    بمدرسته وإدارتها معه، وعندما رفضت الفكرة عاد لتهديدي مرة أخرى بتطليقي
    من ولده وأخذ أطفالي· وبالطبع فإنه قرر أن يحول البيت الذي نسكنه إلى
    مدرسه بعد إعادة بنائه لأنه لا يريد أن يدفع الإيجار الباهظ وقد استأجر
    لنا شقة صغيرة تتكون من غرفتين وصالة لنسكن فيها معه· وليس هذا وحسب وإنما
    حول الغرفة المخصصة له إلى سكن للمدرسات اللاتي أحضرهن من بلاد مختلفة
    وصار هو ينام في الصالة·
    ولم يكتف بذلك وإنما أحضر أحد أقاربه ليعمل في المدرسة وأسكنه معنا بنفس
    الشقة لينام معه في الصالة، فتخيلوا الحياة التي أعيشها· أنا وزوجي
    وأولادي في غرفة، أربعة معلمات في الغرفة الثانية وعمي ورجل غريب في
    الصالة·

    شقاء دائم

    أعمل في المدرسة طوال النهار وأعود للشقة فأعمل أيضا في تجهيز الطعام
    والتنظيف وغسل الملابس وكيها ورعاية شؤون أطفالي· تمر الأشهر ولا أستلم
    فلسا واحدا من الراتب المزعوم وعندما أطالبه بالمال فإنه يقول بأنه يدفع
    إيجار الشقة ويشتري متطلبات المنزل وهو ينفق علي وعلى أسرتي فلا يبقى من
    الراتب أي شيء·
    تحولت حياتي إلى سلسلة بغيضة من التعب والإرهاق والضغوط النفسية الصعبة·
    أرتدي الحجاب في البيت طوال الوقت وفي المساء أدخل غرفتي وأنا في غاية
    الإرهاق والتعب فيأتي زوجي الذي كان نائما طوال النهار أو مسترخيا أمام
    شاشة التلفاز فيطالبني بحقوقه الزوجية وإن لم أستجب له أتعرض للضرب والشتم
    أمام الصغار فأحاول ترضيته منعا للمشاكل·
    توسلت إلى عمي كي يعفيني من مهمة التدريس فأجلس في منزلي وأتفرغ للعمل فيه
    ورعاية الأطفال، واقترحت عليه أن يأخذ زوجي ويكلفه بأي عمل في المدرسة
    ولكنه رفض فهو يعلم بأن ولده إنسان فاشل لا يتحمل المسؤولية وهو لا يريد
    أن يدفع راتبا لمدرسة أخرى تعمل بدلا مني وهو أيضا لا يريد أن يدفع أجور
    خادمة تتحمل مسؤولية التنظيف والطبخ بدلا عني·
    الدنيا تضيق بي ولا أدري ماذا أفعل مع هذا العم الذي تحجر قلبه على الرغم
    من التزامه بالصلاة والصوم والعبادة وكأنها أمور اعتاد على القيام بها منذ
    طفولته دون التفكير بمغزاها الحقيقي·
    حاولت إقناعه باستئجار شقة ثانية ليقيم فيها هو والعاملون لديه ولكنه رفض
    ذلك وعاد ليتهمني بالجحود والرغبة في طرده مع أنه قد رباني وأنفق علي منذ
    أن كنت صغيرة حتى تخرجت وصرت معلمة· أسكت وأبتلع دموعي وحسرتي وشعوري
    بالظلم والقهر·

    متنفسي الوحيد

    كانت لدي صديقة أتصل بها وأحدثها عن متاعبي، وهي على إطلاع بكل تفصيلات
    حياتي منذ بدايتها· كانت تنصحني باستمرار بأن أرفض استغلال عمي بأي شكل من
    الأشكال وتحت أي ظرف· كانت تقول لي: ضعفك هو السبب الوحيد الذي جعل عمك
    يستغلك، كوني قوية وحددي مصيرك بنفسك·
    كنت استمع إليها ولا أعرف كيف أصبح قوية فالخوف الذي زرعه عمي بداخلي منذ
    طفولتي كان قويا لدرجة تمنعني من الوقوف بوجهه ومنعه من استغلالي بهذا
    الشكل· لم أفكر يوما بكسر هذه القيود إلا بعد أن ضاقت حلقاتها وأحسست
    بأنها ستقتلني، لذلك قررت أن أتمرد على وضعي كله·
    اتصلت بصديقتي وأخبرتها بقراري فرحبت به فسألتها إن كانت على استعداد
    لتتحملني أنا وأطفالي لبعض الوقت فأكدت لي رغبتها التامة في مساعدتي·
    أخذت أطفالي وتسللت هاربة من سجني وذهبت إلى منزل صديقتي التي تعيش مع أمها والتي فرحت بي وبأطفالي واستقبلتنا بشكل طيب·
    بعد مدة بسيطة شجعتني صديقتي على رفع قضية أطالب فيها بالطلاق للضرر،
    وساعدتني للعودة إلى عملي السابق فتنفست الصعداء وشعرت بأنني أولد من
    جديد·
    بعد تركي المنزل غضب عمي غضبا شديدا، وقرر أن يزوج ابنه من إحدى المعلمات
    انتقاما مني، وأن يتركني معلقة لفترة حتى أتأدب ثم قام برفع قضية نشوز
    دعاني فيها لبيت الطاعة، وقد رفضت دعواه بعد أن تم الكشف على الشقة
    والظروف المعيشية غير اللائقه لسكن الزوجة والأطفال·
    وأخيرا فقد حصلت على حكم بالطلاق فتحررت بشكل نهائي من تلك العبودية البغيضة التي دامت لأكثر من عشرين عاما·
    بعد ثلاث سنوات من طلاقي عرفت بأن زوجة طليقي إنسانة شريرة وقاسية لعبت
    دورا كبيرا في حياتهم وكانت السبب في فشل المدرسة وسوء سمعتها مما أدى إلى
    إغلاقها، وقد أصيب عمي بأمراض متعددة وعرفت بأنه قد ندم على كل ما فعله
    بي، وأنه أصبح يعاني سكرات الموت·
    أرسل إلي طالبا رؤيتي ورؤية الأطفال فأخذتهم إليه وأنا مترددة وخائفة···
    تصورت بأنه ربما قد هيأ لي فخا ليعيدني إلى عبوديته، ولكن ما سمعته من
    أخبار ضعفه ومرضه وقلة حيلته شجعني على دفع التردد وحسم الموقف·
    لم أصدق عينيّ··· هل هذا هو عمي نفسه؟ لم يفت على فراقي له سوى أعوام
    قليلة··· فكيف شاخ في هذا الوقت القصير؟ انكسر جبروته وولت هيبته وقوته،
    هزل جسده، ونحف وجهه بشكل كبير فبدا أنفه بارزا وعيناه غائرتان تحيط بهما
    هالة سوداء، وكأنه قد مات منذ زمن· لولا صوته و حركت عينيه الذابلتين لما
    تأكدت من أنه لازال حيا· بصراحة لا أدري هل سقطت دموعي لحبي له وتعاطفي
    معه؟ أم سقطت بسبب ذكريات الظلم التي داست على طفولتي وشبابي؟
    لم اقترب منه كثيرا واكتفيت بإرسال أولادي ودفعهم للسلام عليه، أخذ يبكي
    وهو ينظر إلي قائلا: سامحيني يا ابنتي لقد آذيتك· قلت له: سامحتك يا عمي·
    ولم أزد على ذلك شيئا· فمد يده وأعطاني شيكا فيه مبلغ كبير من المال وقال:
    هذا مالك الذي تركه لك أبوك·
    أخذت أولادي وعدت لبيتي وأنا أفكر به، وأقول لنفسي: إن سامحته أنا فهل
    سيسامحه ربه؟ ألم يفكر بمثل هذه الساعة؟ لماذا ظلمني؟ لماذا حبس مالي كل
    تلك السنين؟ لماذا بخل علي وحرمني من كل شيء؟ لماذا تركني أعيش الذل
    والحاجة وأنا تحت جناحه يتيمة وضعيفة لا حول لي ولا قوة؟ ألم يفكر بأن
    الله سيحاسبه على كل ذلك؟ ما فائدة التوبة الآن··· قبل الموت وقبل الرحيل
    وفي لحظات الضعف الأخيرة هل تقبل التوبة؟
    [/size]
    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الأحد فبراير 21, 2010 11:09 pm


    §¤°~®️~°¤§ مُـــــــــجرد سحــــــــــــــــــابة .. §¤°~®️~°¤§



    سعاد جواد:

    شبح مخيف يطاردني، لا أدري هل هو جني أم شيطان، أم هو وهم وخيال نسجته
    نفسي المريضة؟ في كل ليلة يأتيني، يجلس أمامي، يحدثني، ثم يختفي·
    حاول أن يكسب حبي ورضاي ولكني بقيت أكرهه، وأرفضه كلما عاودني· إنه كابوسي
    المدمر الذي يحرق سنين عمري وهي في عزها وأوجها، فلا زلت في عز الشباب·
    أما قلبي فإنه تحول إلى قلب عجوز في السبعين وكل ذلك بسببه·
    أهلي تعبوا من شكواي، والأطباء احتاروا في أسباب أمراضي المتعددة التي
    تأتي وتختفي بلا تفسير معقول· صرت زبونة دائمة لعيادة الأمراض النفسية·
    لا أحد يعرف الحقيقة كما أعرفها، أنا وحدي أعلم من أين جاء هذا الشيطان، وكيف تجرأ عليّ· أعرف كل شيء ولكن كيف أستطيع أن أتخلص منه؟
    لم أكن أقدر حتى وجدته، فارس أنقذني من بئر وأوقعني في بئر جديدة فأصبح هو
    منقذي ومغرقي بنفس الوقت· قصة عجيبة وغريبة تستحق أن تعرف·
    عندما كنت طفلة في السابعة من عمري كانت لي صديقة مقربة إلى نفسي، نلعب
    معا، نذاكر دروسنا معا، أذهب إلى بيتها وتجيء إلى بيتي، كنا معا طوال
    الوقت·
    في أحد الأيام كنت أذاكر معها في بيتها· أمها لم تكن موجودة، أخذت الصغار
    والخادمة إلى الجمعية للتسوق، دخل أخو صديقتي علينا بشكل مفاجىء، وهو شاب
    في السادسة عشر من عمره، نظر إلى أخته نظرة لم أفهم معناها فتركتنا لوحدنا
    وانصرفت· كنت في حالة ذهول لا أدري ما يحدث، هجم علي بسرعة واغتصبني وأنا
    أصرخ مستغيثة ولا أحد يسمعني حتى بح صوتي وصرت مثل الخرقة لا أحس بأي عضو
    من أعضائي· فعل فعلته وخرج من الغرفة مسرعا، عادت صديقتي وكأنها لا تدري
    عن شيء، ثم صارت تمثل دور المتفاجئة مما حدث، وحاولت أن تواسني ولكني
    دفعتها عني بقوة، ولملمت نفسي وخرجت من عندهم وأنا محطمة تماما·

    سكوت وألم

    لم أستطع أن أخبر أحدا بما حدث لي لأنني كنت خائفة· أعلم أن أسرتي متشددة
    ولن يتفهموا أبدا بأن ما حدث لي كان مجرد حادثا مؤلما لم أكن السبب في
    حدوثه·
    منذ ذلك اليوم وأنا إنسانة أخرى تماما· طفولتي ذبحت وأحاسيسي كلها انقلبت
    إلى الحزن والألم فأصبحت أعيش وأنا مقتولة· جسدي يتحرك، وقلبي ميت ونفسي
    كئيبة لا تعرف الفرح والضحك واللهو واللعب· كل شيء أصبح أسودا، اختفت
    الألوان كلها وصرت أكبر وأشيخ ولا أحد يدري ماذا حل بي·
    في لحظات الحزن القاتل والضعف والإحساس بالانكسار ولد ذلك الشيطان· في
    البداية كان يظهر ويختفي، ثم استقوى علي وصار يطيل البقاء معي وهو يعلم
    جيدا كم أكرهه وكم أخاف منه، ولكنه كان يزداد قوة كلما ازددت خوفا ورعبا
    حتى تمكن مني تماما، وصار يأتيني بلا خوف كلما شاء·
    لم أكشف هذا السر أيضا وبت مغتصبة مرتين، مرة من أنسي متوحش ومرة من جني ظالم·
    تركت دراستي لكثرة شكواي وانعزلت في غرفتي· أجلس وحيدة طوال الوقت لا هدف في حياتي ولا أمل جديد انتظره· أعيش الموت وأنا حية·
    حاولت أختي التي تكبرني أن تساعدني وتخرجني من وحدتي فعلمتني المحادثة عن
    طريق الانترنت وقالت لي: تعرفي على الناس، تحدثي معهم، قولي لهم كل ما
    يجول بخاطرك، إنهم لا يعرفونك وستجدين في مشاركتهم لك شيئا مسليا يخفف عنك
    الكآبة التي تشعرين بها بلا سبب معقول·
    سمعت كلامها ودخلت إلى هذا العالم الغريب· صرت أختلط بعقول الناس وأتجول
    في أفكارهم وفلسفتهم، وجدت أن العالم كبير جدا وأنني لا أشكل إلا نقطة في
    بحر· الكل لديه هموم ومشاكل، والكل لديه معاناة وأمراض نفسية وجسدية،
    والحياة تمضي، والأيام تمر ولا أحد يكترث لأحد، الكل على قناعة تامة بأن
    الصعوبات تنتهي والأيام الحلوة أيضا تمر، والكل يسير إلى النهاية عاجلا أم
    آجلا·

    الفارس المنقذ

    تعرفت عليه، شاب مثقف فاهم لديه أفكار حلوة· تحدثت معه طويلا وقد ارتاحت
    له نفسي وأحسست بصدقه وبمعاناته، فهو يعاني من الفقر بسبب عمل والده كفراش
    في إحدى المدارس· كنت أستمع إلى تلك المعاناة باستغراب كبير وأنا غير
    مصدقة، إنهم يأكلون الرز والعدس لأيام عديدة دون أن يذوقوا طعم اللحم أو
    السمك أو الدجاج، وهم يلبسون ثيابا قديمة بشكل متواصل لا يفكرون بشراء
    غيرها إلا في الأعياد· ومن أغرب ما أخبرني به هو أنه يأكل بقايا الطعام
    التي يتركها الزملاء في كافتيريا الكلية، ويضطر أحيانا للسير على قدميه
    لساعات لأنه لا يملك ثمن أجرة السيارة، وأنه يبقى في كليته طوال النهار
    ليتمكن من استخدام الكمبيوتر الموجود فيها لأنه ليس لديه خدمة انترنت في
    المنزل·
    أشياء كثيرة وغريبة كان يتحدث عنها· أحيانا كنت أتصور بأنه يكذب وأعود
    فأصدقه لأنه صادق فعلا وهذه هي الحقيقة التي يعيشها بلا زيف· فماذا تفعل
    الثلاثة آلاف درهم التي تتبقى من الراتب التقاعدي الذي يستلمه أبوه مع
    عائلة مكونة من زوجتين وخمسة عشر فردا من إخوته وأخواته· حتى الإخوة الذين
    كبروا وحصلوا على عمل لم يستطيعوا حل الأزمة· فكل واحد منهم اشترى لنفسه
    سيارة ثم تزوج وانصرف بحياته بعيدا عن اسرته·
    تقاربت افكارنا وفتحت له قلبي وحدثته عن مأساتي فوجدته متفهما ومتعاطفا
    معي، أخبرني بأن ما حدث لي هو مجرد حادث مقدر ومكتوب، فكثيرا ما يتعرض
    الإنسان لحوادث يفقد فيها أحد أعضاء جسده، لذا يتوجب علي أن أحمد ربي
    لأنني فقدت شيئا مختفيا لا يشكل عائقا كبيرا في حياتي·
    سعدت كثيرا لرجاحة عقله وطريقة تفكيره الناضجة، ثم تجرأت واخبرته عن
    مشكلتي الأخرى وهي وجود ذلك المخلوق الغريب وتأثيره السيء على حياتي· أيضا
    تفهم وضعي وأخبرني بأن ذلك المخلوق هو شيطان كافر استغل ضعفي وخوفي·
    بدأ بمساعدتي على التخلص من ذلك الشيطان عن طريق التقرب إلى الله والصلاة
    وقراءة القرآن الكريم ووضع أشرطة القرآن طوال الوقت وسماعها بشكل مستمر في
    غرفتي، فالشيطان لا يدخل المكان الذي يقرأ فيه القرآن، وبالفعل فقد تخلصت
    منه ولم يعد يأتيني أبدا·

    الوقوف المتعادل

    بعد أن خلصني من مشكلتي طلب مني مساعدته في حل مشاكله، وما هي تلك المشاكل؟
    المشكله الأولى هي أنه قام ببعض العلاقات مع فتيات أكبر منه وهن يعملن
    ولديهن رواتب، كان يوهمهن بالحب من أجل الحصول على بعض المساعدات المادية·
    وقد أظهر ندمه الشديد على هذا السلوك وهو يريد التخلص من تلك العلاقات
    والتي صار يحس وكأنها قيد معلق في رقبته·
    صدقته ووقفت إلى جانبه أهيئ له الخطط ليتخلص من تلك الارتباطات بأقل الخسائر النفسية التي قد يتسبب فيها لهن·
    بعد أن انتهت مشكلته الأولى فاتحني بمشكلته الثانية وهي حاجته لمبلغ شهري
    بسيط يساعده لحين إتمام دراسته، فهو في سنته الأخيرة ويحتاج إلى المال حتى
    يتخرج ويجد لنفسه عملا·
    لم يكن الأمر سهلاً، ليس لأنني لا أملك المال، فالمال متوفر ولله الحمد،
    ولكن الطريقة التي أوصل له بها ذلك المال كانت صعبة، فوضع عائلتي المتشدد
    لا يسمح لي بالخروج من المنزل والتحرك بحرية، لذلك فقد أعطيته عنوان بيتنا
    وصرت أترك له المال في كيس أضعه تحت صخرة عند باب البيت·
    مرت الأيام والشهور، كان خلالها نعم الصديق والأخ والحبيب، وقد وعدني بأن
    يكون لي نعم الزوج الذي يحقق لي أسباب الراحة والسعادة وأن يعوضني عن سنين
    المعاناة والقهر التي عشتها بسبب ما حدث لي·
    كان صادق الوعد، فبمجرد أن تخرج وعمل بوظيفة طيبة، تقدم لخطبتي بلا تردد·
    لم يكن من السهل إقناع الأهل بالارتباط بشخص هو أقل من مستوانا الاجتماعي،
    ولكن أنا بالذات تختلف معي المقاييس، فقد أيقن الأهل بأن زواجي هو شيء من
    المستحيلات، فقد تقدم لي في الماضي أكثر من شخص ولكن أهل الخاطب وبمجرد
    رؤيتي يغيرون رأيهم· فهم يجدون بأنني أصبحت بشعة جدا في تلك اللحظة، حتى
    أن أهلي يستغربون لما يحدث ولا يجدون له تفسيرا· ثم إنهم وجدوا بأن حظي في
    الزواج شبه معدوم بسبب كآبتي الدائمة وانعزالي وعدم خروجي إلى الأعراس
    والحفلات الاجتماعية التي تلتقي فيها النساء ويتم فيها اختيار العرائس· كل
    ذلك جعل أهلي يوافقون على هذا الخاطب وبلا تردد كبير·
    ثم عقد القران وتوطدت العلاقة بيننا بعد أن شاهدنا بعضنا البعض، فأخبرني
    بأنني أجمل مما تصور، وأنا وجدته وسيما وجذابا للغاية فأسعدني ذلك أيما
    سعادة· كان عطوفا معي لأبعد الحدود فكسب قلبي وروحي واندفعت في حبه ونسيت
    الماضي كله وكأن شيئا لم يكن·
    حاولت أن أكون في الصورة التي يتمناها لزوجته فالتزمت بصلاتي وصرت أطيعه
    في جميع أفكاره··· حتى أني تنازلت عن إقامة العرس والتكاليف التي ستترتب
    عليه، وقد أعنته في شراء شبكتي وقدمت له جزءا كبيرا من المهر الذي طلبه
    أهلي منه وأنا أعلم بأن إمكانياته لا تساعده على إيفاء ذلك المبلغ· فعلت
    كل ذلك وأنا في أشد السعادة والرضا·

    حياة جديدة

    في عرس بسيط ضم الأهل والمقربين زففت إليه وأنا في أوج تألقي وفرحي، في
    الليلة الأولى شعرت بلسعة الألم مرتسمة على وجهه، فقلت في نفسي إنها سحابة
    سوداء لا بد أن تمر وسينساها بالتأكيد·
    صرت له الزوجة الحنونة المخلصة وتحملت نفقات استئجار وفرش شقتنا التي
    انتقلنا إليها بعد زواجنا بأشهر قليلة، فلم يكن مناسبا أن أزاحم عائلته في
    ذلك البيت الصغير فاقترحت عليه أن نترك لهم الغرفة التي نحتلها لنخفف
    عنهم، وبالطبع فإنني لم أقصر معهم في مساعدتهم ماديا فامتلأ بيتهم بالخير
    والنعمة·
    كبرت سحابة التغيير التي خيمت على وجهه منذ ليلتنا الأولى، وصار يهرب مني
    متحججا بعمله وانشغاله· حاولت أن أستعيده إلي ولكنني كنت أعجز عن ذلك·
    طلبت منه تفسيرا يبرر هروبه مني فبقي ساكتا ثم قال: لم استطع أن أتقبل
    وضعك فأعذريني·
    قلت له: أنت تعلم بأنني لست المسؤولة عما حدث لي، فلا يمكن لإنسان أن
    يتعذب طوال حياته ويتحمل نتيجة حادثة وقعت له· ألا تتذكر قولك بأنها مجرد
    حادثة؟ ألم أكن صريحة معك منذ البداية؟ قال: نعم·· كنت مقتنعا ولكن
    الشيطان يطلق برأسي أفكارا متعبة لا طاقة لي على احتمالها· أعرف أنك نعم
    الزوجة المخلصة الوفية وأنك كنت ولازلت تقفين إلى جانبي طوال الوقت، ولن
    أنسى جميلك علي وعلى أهلي، ولكني أتعذب بسببك، فكلما رأيتك تنتابني
    الأفكار الغريبة فأهرب منك· صدقيني أنا لست مسؤولا عما يحدث، فما يحدث هو
    شيء غريب لا يمكنني استيعابه·
    في هذه اللحظة أدركت بأن المسألة هي نوع من التهرب، فالتناقض واضح في
    كلامه· قلت له: لقد تفهمت وضعك وأنا أقدر لك كل ما تفعله لأجلي وسأتقبل
    فكرة الانفصال لأنها الحل الوحيد الذي سيريحك كما أعتقد· وكأنه لم يتوقع
    مثل هذا الموقف الحازم، نظر إلي باستغراب فأكملت حديثي قائلة: ماذا تظنني؟
    إنسانة غبية أم جاهلة؟ إنك تحاول أن تستعين بما حدث لي في الماضي وتجعله
    كنقطة ضعف لأبقى في حياتك كزوجة على الهامش، تخرج وتلهو وتعبث هنا وهناك
    وكلما جادلتك تجلس أمامي لتذكرني بأنني لم أكن زوجة كاملة لتكون لي الحقوق
    الكاملة·
    لن أرضى لنفسي حياة من هذا النوع· لقد علمتني كيف أكون أقوى من ضعفي ومن
    الشيطان الذي كان يحاصرني فصرت قوية كما أردت، فلا مجال لعودتي إلى الحالة
    الصعبة التي كنت عليها· لقد أحببتك بكل ذرة من كياني وسأكون مخلصة لك طوال
    حياتي وأنت تعلم صدقي، فإن كنت تريدني زوجة كاملة فلنستمر معا··· وإن كانت
    لك أفكار أخرى فليذهب كل منا في طريقه ·

    قال لي : أيتها الذكية ··· كنت أختبرك فقط ولن أعيش بدونك ·
    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الأحد فبراير 21, 2010 11:31 pm


    |؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛|الدرس المـــــــــــــــــــر ..|؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛|


    سعاد جواد:

    لم تكن الدنيا تسعني من الفرحة في تلك اللحظة الفريدة، عندما هاتفته
    وأبلغته بموافقتي على خطوبتي لأبن جيراننا، وأعلمته بأن الأمر سيتم خلال
    أيام قلائل· افهمته بأنني قد اتخذت قراري، لأنني عقلت·
    هذه هي الحقيقة· فما فائدة العلاقات التي تبقى مختفية تحت جنح الخوف
    والظلام ؟ هل يمكن اعتبارها حباً حقيقيا ؟ ام هي مجرد عبث ؟ عبث لا يرضى
    به الدين والمجتمع، وهو غالباً ما يوصل إلى نهايات مؤلمة تذبح فيها القلوب
    الصادقة·
    فكرت وقررت، ولكن! هل الغاية تبرر الوسيلة ؟ وهل رغبتي في تقدم ذلك الشاب لخطبتي كافية لتبرير ما فعلته ؟·

    عريس مريض

    لقد وافقت فعلياً على طلب إبن الجيران لخطبتي· لم اكن أرغب بالارتباط به·
    كنت أعلم بأنه يحبني منذ زمن طويل، وأنه شاب ممتاز لا يعيبه شيء، متعلم
    ومثقف ومن عائلة طيبة، وجميع أفراد أسرته يحبونني أيضاً، وهم يتطلعون إلى
    يوم ارتباطي بولدهم بفارغ الصبر· انهم متيقنون بأن موافقتي ستعني لولدهم
    الكثير، فهو مريض مرضاً لن يمهله طويلاً، وكانوا يتمسكون بالخيط الوهمي
    الذي يعتقدون بأنه حبل نجاة ربما ينقذه من ذلك المرض، وأنا كنت أعلم بكل
    تلك التفاصيل، وعلى الرغم من ذلك فقد أعلنت موافقتي الأكيدة على ذلك
    الارتباط·
    لا أدري لم تصرفت بهذا الشكل الغريب· ففي قرارة نفسي كنت أعرف بأن الهدف
    من موافقتي هو الضغط على الشاب الآخر ليتخذ قراره بسرعة ويتقدم لخطبتي،
    وبالفعل فقد تحقق لي ما أردت·
    فقد ذهل الشاب عندما سمعني· هل يعقل أن توافقي على الارتباط بغيري ؟ هل هذا معقول؟
    يا الهي! لقد انتصرت· حققت ما أريد وها هو يصدم بالخبر صدمة زلزلته· لقد
    استطعت أن اشعل النار في قلبه، وبالتأكيد فأنه سيفاتح أهله ويقنعهم
    بالتقدم لي· صدق حدسي، وفاتح أمه وهي بدورها قامت بمصارحة الأب، فرحب
    الوالد بهذا الخبر وبارك الخطوة وقرروا التقدم في أقرب وقت·
    اتصل بي في نفس اليوم وأخبرني بأن أهله سيزوروننا للتعرف علي وعلى أسرتي، وأنني سأكون له بعد فترة بسيطة·
    لم تكن الفرحة تسعني، أخيراً سيتحقق حلمي بالارتباط بمن اختاره قلبي، وسأكون أسعد عروس في هذا العالم ولكن···!
    صحوت على صوت أمي وهي تقول: ما بك ؟ لماذا تبتسمين بسعادة ؟ ما الذي
    تفكرين فيه ؟ قلت لها بتردد: أمي حبيبتي··· أريد أن اصارحك بالحقيقة،
    أرجوك افهمي وقدري موقفي، فانا أريد أن افسخ خطبتي من إبن الجيران· شهقت
    أمي وهي غير مصدقة وردت بدهشة: ما هذا··· ما الذي تقولينه ؟ هل جننتي ؟
    قلت لها: لقد تسرعت بالموافقة عليه، وأريد أن أتراجع في الوقت المناسب
    وقبل اتمام ذلك الزواج·
    ردت علي وهي غاضبة: أنت مجنونة، ألا تقدرين مدى الأذى الذي ستسببينه لذلك
    الشاب المريض ولأهله ؟ وهل قدرتي مدى الإحراج الذي ستضعينا فيه معهم ؟
    انهم جيران العمر، فهل سنخسرهم بسببك ؟ عموماً، لن أناقش هذا الموضوع معك،
    والأفضل أن يتصرف والدك في معالجة أفكارك المجنونة·

    بإنتظار أبي

    انصرفت والدتي وهي في ذروة غضبها وتركتني في حيرة من أمري· على أن أبذل كل
    ما استطيعه كي لا أخسر فرصتي الوحيدة في السعادة، مهما كلفني ذلك، ولا
    يهمني أبداً ما ستؤول إليه الأمور مع أولئك الجيران·
    جلست انتظر قدوم والدي من عمله مساءً، والأفكار تعصف برأسي· الذكريات تفرض
    نفسها علي، تذكرته في أول مرة التقيته في محل الزهور، كنت ذاهبة لاختيار
    باقة ورد بمناسبة خطوبة صديقتي، رأيته··· كان جذاباً للغاية· سمحت لنفسي
    أن اتلصص للنظر إلى تلك الوسامة الفريدة· انه الكمال بعينه··· ضبطني وأنا
    انظر إليه، تسمرت في مكاني بخجل ارتبكت بشدة، أبتسم لي، حاولت أن اتماسك
    وتشاغلت عنه باختيار الباقة·
    يا الهي لقد حضرت لاختيار باقة لصديقتي ولم أتوقع بأن يخبئ لي القدر أجمل
    باقة لعمري كله· فوجئت بيده تدس بطاقته الخاصة بين زهور الباقة التي
    اخترتها· انتظرت رحيله والتقطت البطاقة بسرعة، وأنا في شدة الخوف والقلق·
    مرت ثلاثة أيام وأنا أقلب تلك البطاقة بين أصابعي حتى كادت تهترئ، أخيراً قررت أن اتصل به وليكن ما يكون·
    لم يصدق حينما سمع صوتي، هتف بلهفة: انتظرتك طويلاً، لماذا لم تتصلي؟ كاد صبري أن ينفد، عموماً فأنا أشكرك على هذا الاتصال·
    تسلل الفرح إلى قلبي، لقد كان ينتظر اتصالي· يبدو أنه من النوع الذي لا
    يعبث ولا يملك عدداً كبيراً من المتصلات· طال حديثنا واصبح يطول أكثر
    وأكثر· صرنا نتحدث عن المستقبل وأخبرني بأنه صادق في رغبته بالارتباط بي
    ولكنه متردد في مفاتحة والده·
    شعرت بأن قراره يحتاج إلى خطوة مني لاستثارته، فلست راغبة في علاقة هاتفية
    طويلة لا تحمد عاقبتها، وأردت إنهاء الأمر بسرعة ولو على حساب ذلك الانسان
    المريض·
    عاد أبي من عمله متأخراً فوجدني بانتظاره· استغرب وقال لي: لازلت مستيقظة
    يا ابنتي؟ هل هناك شيء؟ شعرت ببعض التردد، كيف ابدأ ؟ وماذا أقول؟ اخذتني
    دوامة التفكير السريع وصرت أفكر بالتراجع عن مفاتحته، عندما وجدني مرتبكة
    قال لي: ماذا هناك يا ابنتي؟ حدثيني ولا تخفي عني شيئاً·
    وما أن قال تلك العبارة حتى انهمرت دموعي، انها سلاحي الذي استخدمه معه
    لأنني أعلم جيداً مدى تأثير تلك الدموع عليه، ضمني إلى صدره وقال: يبدو أن
    المسألة كبيرة، خففي عنك واخبريني ماذا حدث يا حبيبتي؟
    أجبته وقد اختلطت الدموع بالكلمات: أرجوك يا أبي، اريد أن أفسخ خطبتي من
    إبن الجيران، لقد تسرعت بالموافقة، كنت اشفق عليه ولم أكن أشعر نحوه
    بالمودة· سامحني يا أبي، أنا أسفة لأنني لا استطيع أن اتزوجه، ولأنني
    سأضعكم في موقف محرج مع الجيران·
    سكت قليلاً وكأنه لا يستوعب ما يسمع، ثم قال: لقد نصحتك في البداية وبينت
    لك بأن الموافقة على ذلك الزواج هو مجازفة لا تحمد عقباها لأنه مريض ومهدد
    بالموت، ولكنك كنت مصرة على الموافقة، والآن تتراجعين عن موقفك بكل سهولة
    وكأن الموضوع مجرد لعبة·
    ازددت في البكاء والنحيب، مما جعل والدي يتأثر بشدة فقال لي: عموماً يا
    ابنتي نحمد الله انها مجرد خطبة ولم يتم عقد القران، وقد جعلت الخطبة فترة
    للتفكير وإعادة الحسابات· عموماً، سوف أحاول حل الموضوع بطريقة لا نجرح
    بها مشاعر أحد·

    زواج وإنتقام

    كانت كلمات والدي كالماء الذي يطفئ جمرة كانت تحرق قلبي بشدة، فودعته بقبلة وذهبت لأنام·
    في الصباح توجه أبي إلى والد الشاب ودار بينهما حوار العقل والمنطق، فتفهم
    الرجل حساسية الموضوع ولم يلق باللوم على أحد لأنه يعرف تمام المعرفة مرض
    أبنه وحالته، وهو لا يريد لبنات الناس الترمل باكراً·
    كان وقع الخبر كالسيف على الشاب وعلى بقية أهله · فقد تقطعت قلوبهم
    جميعاً، وبشكل خاص قلبه الذي تجرع الألم بمرارة · لم يكن قادراً على
    التحمل بسبب ذلك المرض الذي كان يفتك به، بعد أن أضفت بحماقتي ألماً
    نفسياً قاسياً من الصعب أن يتحمله إنسان طبيعي لا يشكو من علة، فكيف بهذا
    الإنسان العليل؟
    بعدها بأيام قليلة تمت خطبتي للشاب الآخر وتم الاتفاق على عقد القران
    وبدأت التجهيزات· الفستان، الحناء، الورود، أريد أن أكون أجمل فتاة في
    العالم، وجاء عقد القران فكنت كالزهرة في فصل الربيع· بعدها بخمسة أشهر تم
    زفافناً، وكان قلبي يخفق فرحاً، فقد كان حقاً ألطف وأرق مخلوق على وجه
    الأرض وكنت أسعد عروس في الكون كله·
    بعد فترة بسيطة توارد إلي خبر وفاة أبن الجيران بعد أن دخل في غيبوبة طويلة·
    رفض العلاج بعد أن تدهورت حالته النفسية لأبعد الحدود· تأثرت كثيراً وحزنت
    ولكن لم يكن لذلك الحزن مكاناً كبيراً في حياتي المليئة بالحب والسعادة·
    مرت الأيام والأشهر وبدأ زوجي يتغير· صار يغضب لأتفه الأسباب، يصرخ بوجهي،
    ويتطاول علي بالضرب بلا سبب· لقد حول حياتي إلى جحيم لا يطاق· يترك المنزل
    بلا سبب معقول ولا يعود إلا في ساعات الصباح الأولى· ما الذي حدث، والله
    لا أدري ؟·
    بكيت وعانيت بصمت، لم أشأ اخبار أهلي لأنه اختياري أنا ولم يجبرني عليه أحد·
    مرت شهور قاسية من المعاناة علمت بعدها بأنني مصابة بمرض خبيث، صدمت وشعرت
    بأن الدنيا كشرت عن أنيابها، وها هي تذيقني الوجه الآخر البشع الذي تملكه·

    بدأت رحلة العلاج المريرة وتحولت إلى شبح، سقط شعر رأسي وحاجباي ورموش
    عيني ولولا الصلاة وقراءة القرآن لكنت في حالة لا يعلمها إلا الله·
    وقف زوجي وأسرته معي وقوفاً انسانياً طيباً وسافر بي إلى الخارج للعلاج
    وقد عاد لطيبته وتعامله الرقيق معي· أظهر لي المودة والعطف وعلمني الصبر
    على المرض حتى عدت للوطن، وقد تحسنت حالتي وعادت صحتي فشكرت ربي على تلك
    النعمة·
    لقد مضى على زواجنا أكثر من عشرة أعوام ولم أرزق بطفل، ربما ذلك هو السبب في تغير زوجي وعودته من جديد إلى معاملتي بشكل سيء·
    تمر الأيام قاسية وصعبة علي فأتذكر أبن الجيران وأقول لنفسي: هل ما حصل
    معي هو عقاب من الله على ما فعلته به ؟ تذكرت موقفي الدنيء منه··· لقد
    استخدمته كطعم لاصطياد من أحب·
    لقد حطمت قلبه وكرامته، كان مريضاً بحاجة للأمل ولكني قضيت على كل ما بقي له من عزيمة·
    الحياة تعلمنا دروساً قاسية ولكن في النهاية لا يسعنا إلا أن نقول قدر الله ما شاء فعل·
    قصة جميلة ومعبرة أرسلتها لي إحدى القارئات، فقررت نشرها كما هي لروعتها مع بعض التعديلات البسيطة ·


    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الأحد فبراير 21, 2010 11:33 pm


    [§¤°^°¤§] الحب لا يكفي .. [§¤°^°¤§]


    سعاد جواد:

    كنت الزوجة الثانية، احبني زوجي بجنون، وبذل المستحيل
    ليتزوجني· عشنا معاً حياة زوجية مليئة بالحب والغيرة العمياء· كان يخبرني
    دائماً بانني حبه الأول والأخير· الأولى هي أم العيال، لها المال والخير،
    وانا لي الحب والمشاعر كلها· اعتقدت أنها قسمة عادلة، ولم أكن اريد شيئاً
    سوى ان ابقى حبيبته، ولا احد في قلبه غيري· ولكن هل هذا ما حدث فعلاً؟
    اجدني الخاسرة الوحيدة في هذه المعادلة! لا اعرف كيف اتصرف، ولم اكن اتوقع
    ان اكون يوماً في مثل هذا الموقف·
    بصراحة··· مازلت غير مصدقة لما يحدث لي· اجد نفسي وقد صحوت من غفوة طويلة
    وكأنني كنت مخدرة طوال الوقت· صحوت على حقيقة مرة وقاسية، وواقع صعب لا
    يمكنني احتماله··· فأين ذهب ذلك الحب؟ وأين اختفت المشاعر؟ وأين حقوقي
    المادية انا وأولادي؟ والله انني مذهولة·
    كنت في الحادية عشرة من عمري، مجرد طفلة تروح وتغدو إلى المدرسة وتحلم
    بالمستقبل الدراسي، وكان هو جارنا، رجل متزوج ولديه طفلان· كان يتابعني
    بنظراته بشكل غير مريح· تقدم لخطبتي، وكانت المفاجأة كبيرة وغير محتملة
    لوالدي، صرخ قائلاً: ماذا تقول انها مجرد طفلة··· هل جننت؟ انت رجل متزوج،
    لديك اطفال· ابنتي بسن أولادك، وحتى لو فكرت بأن أزوجها يوماً فلن تكون
    لك، فهل يعقل ان ازوج ابنتي لرجل متزوج ولديه اطفال؟
    طرده والدي من بيتنا، وصار يوصلني بنفسه إلى المدرسة ويعيدني منها مع انها
    لا تبعد عن بيتنا سوى بضعة أمتار، ولكنه شعر بالخوف من ذلك الرجل المتربص
    بابنته، واعتبره مريضاً نفسياً لأنه يلاحق طفلة في مثل سني·
    مرت السنون، ولم يعجز ذلك الرجل، ولم يكف عن تكرار المحاولة في كل عام
    تقريباً· يلتقي بوالدي ويقول له: لقد كبرت البنت وانا متعلق بها، فأرجوك
    زوجها لي· كان والدي يكرر رفضه ويطرده من بيتنا شر طردة، فصار يهدد بأنه
    لن يسمح لأحد بالارتباط بي وسيمنع ذلك بأي ثمن· وفعلاً فقد فعل المستحيل
    لإفشال مبادرات من هنا وهناك لخطبتي، حتى لم يعد احد يجرؤ على التفكير
    بالتقدم لخطبتي·

    خلو الساحة

    عندما بلغت الخامسة والعشرين توفي والدي ولم يعد لي احد سوى اختي الكبرى
    وهي متزوجة، وأخي الذي يصغرني وكان في السادسة عشرة من عمره· فكرت بأن
    أقبل بهذا الرجل الذي تمسك بي طوال تلك السنين ومنع غيره من الارتباط بي،
    على الرغم من انه قد اصبح أباً لثمانية اطفال، ولكن اصراره لم يتغير وانما
    ازداد عاماً بعد عام، مما جعلني اقتنع بأنه لا مفر من الارتباط به والرضا
    بالأمر الواقع·
    تزوجنا وعشت معه في سعادة كاملة· فقد احببته كما احبني واصبح هو حياتي كلها·
    لم تكن زوجته الأولى تعلم بزواجنا، وعندما علمت به غضبت غضباً شديداً
    واصبحت تهدده بترك الأولاد وطلب الطلاق، فصار يحاول مرضاتها باعطائها كل
    ما تطلبه· استولت على كل ما يملك من أجل الا تترك لي شيئاً أبداً· فهي
    تعتقد بأنني قد خططت لخطف زوجها من أجل ماله، لذلك فقد قررت ان اترك لها
    المال الذي يشغلها وهو كل ما تحبه في زوجها وان اكتفي بالحب وحده، لذلك لم
    اعترض عندما قام بتسجيل املاكه باسمها ولم يبق لي شيئاً· كنت أقنع نفسي
    بأنني حبيبته، وانني احصل على مشاعره كلها صافية نقية، لا تشوبها شائبة·
    كان غيوراً علي بشكل مبالغ فيه، أحياناً كان يؤذيني بتلك الغيرة الشديدة،
    ولكني كنت اصبر نفسي وأبرر موقفه بأنه وضع طبيعي لحبه الشديد لي·
    رزقت بولد واحد بعد زواجنا مباشرة، وبعد سبع سنوات قررت إنجاب طفل آخر لأن
    ولدي كان يشعر بالوحدة طوال الوقت، فياحبذا لو اصبح له أخ يسانده ويشاركه
    في هذه الحياة أو أخت يسعد بها ويأنس لوجودها· كان حملي صعباً جداً، مررت
    بظروف نفسية وصحية قاسية بسبب تأخري في الحمل لمدة سبع سنين·
    ولدت طفلي الثاني وانشغلت به كثيراً ولم انتبه إلى انني تركت موانع الحمل،
    فحملت مرة اخرى بطفلي الثالث وكان حملاً صعباً أعقبته ولادة قيصرية· على
    مدى سنتين من التعب المتواصل نسيت نفسي ولم انتبه لما يحدث من حولي، ولم
    أدرك بانني بدأت افقد زوجي·

    صحوة متأخرة

    بعد ان افقت من أزمتي لاحظت أن زوجي قد تغير· لم يعد نفس الشخص الذي
    اعرفه· لم يعد يكترث بي كما كان يفعل من قبل· صار يتغيب عن الحضور
    والاتصال كما كان يفعل في السابق· حاولت ان اعرف ما يشغله، سألته فأخبرني
    بأنه مشغول بعمله وبمشاكل أسرته الأولى، فقد كبر الأولاد وازدادت مشاكلهم·
    حاولت ان اجد له الأعذار ولكن كان الأمر يزداد سوءاً، وبحاسة الانثى شعرت
    بان شيئاً ما يحدث من وراء ظهري·
    بذلت جهداً كبيراً في البحث والتقصي لمعرفة الحقيقة، فعرفت اشياء مروعة
    ليتني لم اعرفها· اكتشفت بان زوجي على علاقة بأخرى، وانه يخطط للارتباط
    بها· واجهته بما عرفته فلم ينكر وقال: انا حر أفعل ما أريد ولا يمكنك
    اجباري على شيء·
    يا الهي! هل هذا معقول؟ لقد رضيت بالحب وحده في حياتي الزوجية وتنازلت عن
    حقوقي المادية كلها، حتى المنزل الذي اسكنه مسجل باسم زوجته الأولى، فأين
    سأذهب ان استحوذت عليه الأخرى وهجرني؟ وماذا سأفعل ان طالبتني زوجته
    الأولى بإخلاء المنزل؟ اجدني الخاسرة الوحيدة في هذه الحياة الزوجية
    العجيبة، كيف كنت أفكر من قبل؟ وكيف استطيع ان اجد الحل لأزمتي هذه؟
    مر على بالي شريط الماضي وكأنه فيلم سينمائي· كان متلهفاً علي، كان
    يطالبني بألا اغيب عن ناظريه لحظة واحدة، عندما يكون في بيتي· وعندما يذهب
    لبيته الآخر كان يتصل بي متلهفاً مشتاقاً في كل لحظة وفي كل ثانية· أتذكر
    بأنه طلب مني ان اقود السيارة وآتي قرب منزله ليراني ولو للحظات وانا مارة
    من أمامه· كان رومانسياً معي لدرجة لا يمكن تخيلها، وكان غيوراً علي حتى
    من الهواء الذي اتنفسه· يا الهي، هل يعقل انه كان يكذب طوال الوقت؟ هل
    يمكن للحب الصادق الحقيقي ان ينتهي وان يتغير بحسب الظروف؟ اكاد لا اصدق
    ما يحدث، فهل يعتبر انشغالي عنه بالحمل والولادة مبرراً كافياً لينسى كل
    شيء ويبحث عن اخرى غيري؟ هل هذا يعقل؟
    أنام واصحو وانا في هذه الدوامة المؤلمة· فقدت شهيتي للطعام وبدوت شاحبة وكأنني مصابة بمرض خبيث·

    مرحلة القرار

    بعد فترة هذيان ومرض وتعب نفسي توصلت إلى قرار حاسم لأتخلص من وضعي التعس
    الذي وجدت نفسي فيه· اتصلت به واخبرته بأنني أرغب بالطلاق· كما توقعت فقد
    جن جنونه· فالحب لا يموت نهائياً وانما بذوره في الأعماق ولربما تمر بفترة
    سبات ولكنها عندما تجد الظرف الملائم لها فإنها تعود لتنمو من جديد·
    جاءني بسرعة، طلب مني التفاهم، أخبرته عن مشاعري وبأنني خاسرة وأن هذا
    الإحساس يؤلمني، فاذا اراد مصلحة أولاده وان بقي لي بنفسه شيء من الود
    فليطلقني وليشتري منزلاً ويسجله باسم أولادي يضمن لهم عدم التشرد ان حدث
    له مكروه·
    اقتنع بفكرة شراء المنزل ولم يقتنع بفكرة الطلاق· قال لي: لم تريدين
    الطلاق؟ هل تفكرين برجل آخر؟ تذكرت غيرته العمياء فأردت ان استغلها، فسكت
    ولم أجبه على سؤاله· صعد الدم الى رأسه وصرخ بصوت مرتفع: هل هناك احد في
    حياتك؟ اجبته بأن لا شيء مستحيلا في هذه الدنيا، فانت استاذي ومعلمي ومثلي
    الأعلى، منك اتعلم دروس الحياة، ومنك آخذ الخبرة·
    ازدادت نسبة الغضب في داخله وصار لونه ارجوانياً من شدة الغيظ، صرخ
    قائلاً: لن اطلقك أبداً، وسوف اجعلك معلقة مدى الحياة· خرج من بيتي وهو
    غاضب، لم يعد يهمني رضاه أو غضبه، المهم انني فعلت شيئاً لإثارته·
    من جهة اخرى، حاولت معرفة بعض المعلومات عن الفتاة التي ارتبط بها، فعرفت
    انها انسانة لعوب تفكر باستغلاله للحصول على المال، فهي شابة صغيرة وجميلة
    تتقن النصب والاحتيال لكسب المزيد من المال، استخدمت طرقي الخاصة لأوصل
    لها معلومات حقيقية عن ممتلكات زوجي وانها مسجلة باسم زوجته وانه لا يملك
    في الحقيقة إلا القليل·
    كما توقعت فانها كانت الجذوة التي اشعلت نيران المشاكل بينهما· فقد صارت
    تطالبه بأن يشتري لها بيتاً وسيارة ومهراً كبيراً ومجوهرات، فاتهمها بأنها
    طامعة في ماله وانها غير صادقة في مشاعرها معه، فأخبرته بصراحة انها ليست
    غبية لترتبط برجل مسن دون ضمانات لحقوقها· صدمته الحقيقة فتخلى عن تلك
    العلاقة وعاد لنفسه من جديد·
    بعد أيام من الانعزال والتفكير عاد إلي بوجهه الذي عرفته به من قبل نادماً
    على كل ما بدر منه· طلب مني ان اسامحه، مؤكداً لي بانه لو بحث في الدنيا
    كلها فانه لن يجد انسانة مخلصة وصادقة مثلي·
    نظرت إليه باستغراب وقلت له: بل قل انك لن تجد انسانة ساذجة وغبية مثلي·
    عموماً فان موسم الغباء قد انتهى ولن اتراجع عن حقوقي في امتلاك بيت لي
    ولأولادي يحميني من تقلبات العواطف غير الصادقة، ومن نوازل الزمن·
    بذل جهداً غير عادي لجمع مبلغ مناسب لشراء ذلك البيت وصار يفعل المستحيل من أجل ان يستعيد حبي له وثقتي به·
    لأول مرة في حياتي أحس بأنني فعلت شيئاً جاداً لمصلحتي، لأنني طبعاً وبعد
    تجربتي المريرة اكتشفت بأن الحب وحده لا يكفي وان للحياة مقومات اخرى
    نحتاج الاستناد عليها عند حدوث العواصف
    ·
    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الأحد فبراير 21, 2010 11:45 pm


    ][][§¤°^°¤§][][ من يدفع الثمن ...؟؟؟ ][][§¤°^°¤§][][



    سعاد جواد:

    قد لا تكون قصتي ذات عقدة شائكة ولكنها من وجهة نظري تجربه هامه تستحق
    الانتباه، فالإنسان يتعلم من أخطاء غيره وهو بحاجة للإطلاع على تجارب
    الآخرين في كل وقت وزمان·
    أنا شابة في العقد الثالث من العمر· شخصية متزنة، عقلانية· بالطبع هذا هو
    رأي الآخرين بي وليس رأيي أنا بنفسي، لأنني إنسانة قابلة للمرور فوق
    الخطوط الحمراء كباقي البشر·
    أسرتي تعتبرني المثل الأعلى الذي يحتذى به، فهم يضربون بي المثل كأبنة
    بارة ملتزمة، فهل أنا بارة فعلا ؟ وهل أنا ملتزمة ؟ هذا ما أريد أن أبوح
    به، وهذه هي تجربتي التي أضعها بين يدي قراء هذا الباب القريب إلى نفسي
    كثيرا·
    على فكرة - أنا لم أتزوج لحد الآن على الرغم من الخطاب الكثر الذين طرقوا
    بابي· قد يكون السبب هو عقدة قديمة بقيت في نفسي· فذاكرتي لا تعي في
    طفولتي المبكرة سوى المشاكل والمشاجرات التي كانت تشتعل باستمرار بين
    والديّ·
    كلما دب الخلاف بينهما تحدث موجات من العنف والشر تجتاح طفولتنا بقوة، ثم
    تهدأ الثورة قليلا لنكون نحن - أنا وإخوتي - مرسالا للحديث بينهما بعد
    المقاطعة والجفاء، وبالطبع فإن كل الغيظ الذي يحملانه نحو بعضهما لا
    يتحرجا من الإفصاح به أمامنا· صحيــــــح أننا لا نعي كل ما نسمعه، ولكن
    قلوبنا الصغيرة تبقى مثــــــقلة بالهـــــــم والخوف والحزن بشكل يفوق
    طاقتنا على التحمل·
    ربما لم يدرك أبويّ يوما مدى تأثير تلك الذكريات المريرة على نفوسنا، فأنا
    بالذات لم أستطع أن أتخلص من إحساسي بالخوف وعدم الاطمئنان حتى بعد أن
    كبرت ووعيت أمور الحياة وأبعادها·

    عقدة الزواج

    هل أنا معقدة ؟ لا أدري ··· ولكن كلما تقدم لي أحدهم اضطربت وبكيت بيني
    وبين نفسي ثم تبدأ الأفكار المؤلمة بالهجوم على رأسي، ماذا لو كان عصبيا؟
    ماذا لو كان متشددا معي؟ ماذا لو ضربني؟
    تساؤلات كثيرة تحتل رأسي وتجعلني في حالة توتر وانفعال حتى يتم انصراف ذلك الخاطب فتعود نفسي لهدوئها وتوازنها·
    استغرب وأنا أجد صديقاتي وهن سعيدات كلما تقدم أحد لخطبتهن، فتزوجن
    الواحدة تلو الأخرى، وأنا أتحسر على ما يفعلنه بأنفسهن وعلى ما سيجدنه من
    معاناة مع أزواجهن· ولكن ذلك لم يحدث، وكانت كل واحدة منهن تؤكد لي مدى
    سعادتها مع زوجها، فأقول في نفسي: إنها تخفي الحقيقه خوفا من الإحراج·
    أخاف من الخاطب الغني أن تكون أمواله سببا في تعاستي، ومن الفقير أن يصب
    همومه علي، ومن صاحب النفوذ والمركز أن يستغل كوني من أسرة عادية فيعاملني
    بقسوة، وغيرها من الخواطر السلبية التي لا أول لها ولا آخر·

    أفراد العائلة

    لي سبع أخوات وأخين من الذكور، وقد تزوجت كل أخواتي ما عداي وأخت واحدة أصغر مني· إخوتي أيضا تزوجوا ولديهم أبناء·
    علاقتي بإخوتي وأخواتي أكثر من جيدة· فعلى الرغم من المشاكل التي لم تنقطع
    بين والديّ والتي كانت سببا في نفور أكثرهم من البيت، إلا أن الأمر تغير
    بعد أن هد المرض والدي فأصبح يعتمد على أمي المسكينة في كل الأمور لتقوم
    بدور المرأة والرجل معا، وتكافح من أجل تربيتنا ورعايتنا·
    طفولتي كانت مشحونة بذكريات المعارك الطاحنة والشجار المستمر بين والديّ،
    وعندما بلغت سن المراهقة كنت أتمنى الانفصال عن هذه الأسرة والهرب من هذا
    البيت لأنعم بشيء من الهدوء·
    في الجامعة وجدت ضالتي حيث صرت أقضي في سكن الطالبات معظم أيام الأسبوع،
    فكان هذا الانسلاخ عن أسرتي وجوها المشحون هو خير ما تمنيت لنفسي· نسيت أن
    أذكر بأنني كنت طفلة هادئة جدا· أما في مراهقتي فكنت خجولة لأقصى حد،
    ولكني تغيرت تماما في المرحلة الجامعية وتخلصت من إحساسي بالخجل والخوف
    والانطواء لأنعم بالمرح والحيوية·
    تصادقت مع عدد كبير من الزميلات وصارت لي شلة خاصة أنتمي إليها، وبالطبع
    فإن هذه الشلة كانت متهمة دوما بعدم الاهتمام بالمذاكرة· وقد انصب
    اهتمامنا في تفريغ الطاقة الكامنة بدواخلنا عن طريق اللهو واللعب· فكانت
    الحفلات والمقالب والخطط الكثيرة لملئ أوقات الفراغ وغير الفراغ، وكانت
    تلك المرحلة هي أسعد مراحل حياتي تقريبا·
    مرت سنين الدراسة سريعا، وحان موعد التخرج· بصراحة··· كنت أتمنى أن لا
    أتخرج أبدا، ومن الطريف أنني حصلت على درجات متدنية، ورغم ذلك فقد كنت أول
    من حصل على عمل بمجرد تخرجي، مع أني لم أكن جادة في رغبتي بتحمل مسؤولية
    العمل·

    تغير وتبدل

    كما كانت الصحبة لها دور في حياتي الجامعية وفي ضياع اهتمامي بدراستي، كان لها الدور الكبير في هدايتي وعودتي لوعيي·
    تعرفت بحكم العمل على زميلة، فتاة مؤدبة متزنة، أعجبت بشخصيتها وصرت أراقب
    أقوالها، أفعالها، تصرفاتها، فأجدها قدوة في كل شيء، فصرت أقلدها دون وعي
    فانصلح حالي كثيرا· ساعدتني تلك الصديقة على توسيع آفاقي في الثقافة
    والتفكير وصارت تشجعني على الإطلاع والقراءة وحضور المحاضرات والمناقشات
    في مواضيع الدين والحياة بمختلف جوانبها، فقد كنت راغبة بأن أكون مثلها
    إنسانة واعية ومثقفة تعيش بوعي وإدراك لتفهم الحياة بشكل صحيح·
    بالطبع فإن كل ذلك انعكس على شخصيتي في البيت· فقد تعلمت الاعتماد على
    النفس في كل شيء لأكون عضوة فعالة فيه، فصرت في نظر الجميع مصدرا للحكمة
    والمعرفة والإلمام بجميع التفاصيل· فكان دوري كبير في تحضيرات الزواج
    لإخوتي وأخواتي ومساعدتهم على تثبيت أركان ذلك الزواج بشكل صحيح وجيد·
    وحتى هذه اللحظة لم ينتهي دوري حيث أجد أبناء أخوتي وأخواتي وهم يتحلقون
    حولي ويطلبون مني كل ما يريدون· أجد نفسي في كثير من الأحيان ك''بابا
    نويل'' ، لا أستطيع الخروج لمشوار إلا وقد تعلق بي أحد الأطفال· لا أنكر
    بأن هذا الشيء يشبع شعوري بالأمومة التي أتوق إليها وأتمناها·

    رحيل الوالد

    من وقت قريب توفي والدي رحمه الله فحدثت صدمة كبيرة بداخلي بعدها اكتشفت
    مدى حبي له· وعلى الرغم من عصبيته التي أثرت على حياتي كلها، إلا أنه في
    السنين الأخيرة مرض وضعف وانهارت قوته وذهب جبروته·
    في كثير من الأحيان، ألوم نفسي· هل قصرت معه؟ هل كنت عاقة؟ كنت أقربهم إليه في أيامه الأخيرة، فهل أعطيته حقه؟
    لأول مرة أكتشف بأن وجوده بيننا كان له وزنا كبيرا· فبعد موته اختلت
    موازين البيت وكأنه هو العمود الذي كان ممسكا به· حتى أمي تغيرت· الحزن
    على فراقه عصف بها فابتعدت بروحها بعيدا عنا· صرت أبحث عن حنانها فلا أجد
    له أثرا، وكأنها صارت جسدا بلا روح·
    أتذكر والدي وهو يصلي ويقرأ القرآن ليلا ونهارا وأتمنى أن يجمعني الله وإياه في فردوسه الأعلى·
    صرت أعذره في شدته وقسوته وأبحث له عن المبررات، فهو حريص على جعلنا نلتزم
    بالأخلاق والدين· أنني أفتقده ··· أفتقده كثيرا، وأتمنى لو كان أقل تشددا
    أثناء طفولتي وأنه منحني حضنه وجعلني أشعر بالأمان طوال عمري·

    غلطة العاقل

    اعترف بأنني أخطأت ··· نعم ··· هذه هي الحقيقة· أنا الواعظة، الناصحة،
    العاقلة، دفعني الإحساس المؤلم بفقدان الوالد، وأنه لم يعد في حياتي رجل
    اعتمد عليه، على الرغم من وجود إخوتي فلكل منهم واجباته الأسرية· هذا
    الإحساس دفعني إلى عالم ''التشات''· فمن عجائب الأقدار أني أنا من وقع في
    هذا الشرك، أنا الإنسانة الناضجة أقع فيه ؟!! فما بالك بالمراهقين وصغار
    السن؟!
    بدأت قصتي في ردة الفعل النفسية على بعض المشاكل التي حصلت في الأسرة بعد
    رحيل الوالد، فكان تأثيرها شديدا عليّ· لجأت الى الإنترنت واصبحت مدمنة
    على الجلوس طوال اليوم أمام شاشة الكمبيوتر، أدخل المواقع المفيدة وغير
    المفيدة· حتى دخلت موقعا للزواج، وصرت أتحدث مع بعضهم، وفي الحقيقة لم يكن
    لدي نية للزواج بهذه الطريقة لأني لا أؤمن بها، لكني كنت أحتاج لمن يسمعني
    دون أن يعرفني·
    استمرت أحاديثي هذه لأكثر من أسبوع وكانت محاوراتي كلها محترمة لأبعد
    الحدود، ثم قررت عدم الاستمرار لأن إحساسي بالمهانة منعني من عرض نفسي
    للزواج بهذا الشكل·
    لم يتوقف إدماني على ''التشات'' فصرت أدخل كل يوم لأتحدث مع أناس لا
    أعرفهم من دول مختلفة، وكلما كانت البلاد أبعد أطمأن قلبي أكثر· اكتشفت
    عالما غريبا لم أعهده، عالم فيه الكثير من التفاهات والضياع الذي يعانيه
    شبابنا هذه الأيام· كل هذا وعذاب الضمير كان مرافقا لي طوال الوقت· ففي كل
    يوم أغلق الجهاز وفي نيتي إلا أعود ''للتشات'' مرة أخرى لأجد نفسي في
    اليوم التالي أجلس أمامه وأتحدث مع الناس دون توقف·
    كنت حريصة على أن يكون كلامي محترما، وكنت أتهرب من الحديث مع الأشخاص
    الذين يستخدمون الألفاظ السوقية، ولكن إحساسي بالذنب صار يكبر يوما بعد
    يوم، حتى صرت أشعر وكأنني أرتكب جريمة كبرى، لأفيق بعد ما يقارب الشهر على
    نفسي وأنا ألومها على خيانة الأمانة، وخيانة أهلي الذين يعتبرونني المثل
    الأعلى في الأخلاق والاستقامة، وخيانة صديقتي المقربة التي علمتني
    الالتزام بالدين والخوف من الله في كل وقت·
    كيف أستطيع أن أسامح نفسي على هذه الغلطة؟ قد تكون غلطتي هذه صغيرة من وجهة نظر البعض، لكني أجدها كبيرة وكبيرة جدا في نظري·
    هاأنذا أعيش مرة أخرى حياتي التي تعودتها دون العودة لتلك التجربة· ولكن
    بداخلي تساؤل كبير· ترى هل كان لطفولتي التي عشتها وسط أجواء مشحونة
    بالشجار العائلي أثر على كل ما مررت به في حياتي؟
    إذا كان الجواب··· نعم، فإنني أدعو كل أب وأم إلى التفكير ألف مرة قبل أن
    يجعلوا بيوتهم جحيما تشتعل فيه نيران الخلافات، فالأبناء هم من يدفع الثمن
    ·
    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف د محمد سردار رحمه الله الإثنين فبراير 22, 2010 12:26 am

    القصص جميلة جداً وفيها
    إمتاع للقارىء . وأقول لك الصدق كنت مندمجاً فيها ومعها إلى حد أنني لم أستطع أن
    أترك القراءة , إلا حين وصلت إلى أخرها وكان الخط صغيراً جداً فقلت سوف اقوم
    بنسخها ثم تكبيرها إلى حيث تصبح حروفها مناسبة .



    لقد كان زخماً قوياً
    وطويلاً وممتعاً , ويستغرق وقتاً طويلاً ولكنه لذيذ .



    سلمت يداك لهذا
    الإنتقاء الموفق , وسوف أعلق الآن على القراءة بشكل عام .



    القصص كلها واقعية ,
    صحيح وهي تدور على الأخطاء التي نصر على إرتكابها نتيجة خوف مبهم أو مسايرة لوضع
    معين , أو نتيجة غباء , وقد لاحظت أن الأهل دائماً يقفون مواقف ليست بإتجاه الصحيح
    رغم توفر قناعات ولكن هناك مسايرة لأبنائهم ولو على حساب مستقبلهم , ألعله الرغبة
    في عدم الخوض في نقاش لن يغير من رأي الأبناء شيء أم أنه رؤوية ضبابية لما قد يحدث
    ولا يريدون التنبؤ بشيء قد لا يحدث فيكون موقفهم صعباً .



    إنها الحياة , والعبر
    منها ويا ليتنا دائماً ممن يعرفون تجنب الأخطاء القاتلة , حيث لا ينفع الندم . من
    الملاحظ أيضاً أن الندم هو العنصر الحاسم لكل الحزن والألم في هذه القصص , واي ندم
    بعدما فات الآوان وقربت نهاية المطاف , فمن يرجع النضارة لوردة ذبلت وتهدلت وبدأ
    زمن التحلل بأخذ مكانه في بقية اللحظات الأخيرة .



    سوف أعود لقرائتها
    واحدة واحدة والتمتع بقرائها ومعايشة معاناة أبطالها . أسلوب سردها جميل ناعم .
    فشكرا لك مرة أخرى
    د محمد سردار رحمه الله
    د محمد سردار رحمه الله
    مستشار المنتدى وكبير المشرفين
    مستشار المنتدى وكبير المشرفين

    ذكر عدد المساهمات : 3791
    العمر : 71
    تاريخ التسجيل : 24/12/2008
    السٌّمعَة : 259

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المستشارة الإثنين فبراير 22, 2010 1:39 am

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
    المستشارة
    المستشارة
    مشرف قسم
    مشرف قسم

    انثى عدد المساهمات : 339
    العمر : 59
    تاريخ التسجيل : 21/06/2009
    السٌّمعَة : 12

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الإثنين فبراير 22, 2010 9:37 pm

    ألف شكر على مروركم
    وتشجيعكم

    وسنتابع تلك القصص الواقعية
    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الإثنين فبراير 22, 2010 9:38 pm


    ×?° مطـــــية اللســـــــــــان .. ×?°


    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    سعاد جواد:

    لا أدري لم يتهمني الناس اتهامات باطلة· في الحقيقة، لا أحد يترك الآخر في حاله، الكل لديه فضول شديد يأكل القلوب·
    يقولون إنني لا أدع أحدا بحاله· لا أدري لم يطلقون علي مثل هذه الإشاعة!
    فأنا رجل بسيط، لا علاقة لي بأحد، ولم أتسبب يوما في إيذاء أحد· لماذا إذن
    يستعيذون بالله من لساني؟ هل لأنني أقول الحقيقة؟ يبدو أن الذي يقول
    الحقيقة مكروه في هذه الايام·
    البلاء كله من زملائي في العمل، إنهم يشيعون عني الأقاويل، ومديرنا
    يصدقهم· هذا الإنسان الغريب··· إنسان معقد، لم يحببني أبدا، و منذ أن رآني
    أول مرة كرهني··· ولا أعرف السبب·
    يقولون عنه - والله أعلم- بأنه قد تزوج امرأة لا يحبها ولا تحبه· أمه هي
    التي اختارتها له· ويقال إنه امتنع عنها لثلاثة أشهر بعد العرس، ثم حملت
    منه وأنجبت له ولدا معاقا يقال إنه مات بمجرد ولادته· ويقال أيضا إن
    المرأة أصيبت بعد ولادتها بمرض غريب بسبب حمى النفاس وفقدان الولد وعلمها
    بأنه معاق ويقينها بأنها مفروضة على زوجها فرضا· كل ذلك أدى إلى إصابتها
    بالجنون· ويقال أيضا بأن الرجل -وهو مديرنا طبعا- ونتيجة لكل تلك الأحداث
    الغريبة في حياته أصبح معقدا لا يحب أحدا ولا يريد مساعدة أحد· وقد أصبح
    غليظ القلب لا يرحم موظفيه الطيبين البسطاء أمثالي·
    ولا أخفيكم القول فإنني لست مقتنعا مئة بالمئة بما قيل عنه· فقد شاهدته
    بنفسي في أحد الأيام وهو يلاعب أطفاله في قسم الألعاب بأحد المراكز
    التجارية· وكانت زوجته إلى جانبه يتجاذبان الحديث بانسجام كامل·
    في الحقيقه كلام الناس لا ينتهي وأنا أعتقد أنه قد تزوج هذه المرأة بالسر،
    وهي ليست زوجته الأولى· فهو لا يريد أن تعرف أمه أنه تزوج من أخرى غير تلك
    المجنونة التي اختارتها له بنفسها·
    قلت في نفسي: عيب أن أشاهد مديري خارج نطاق العمل فلا أذهب وأسلم عليه، حتى لو حاول تجاهلي فالأصول هي الأصول·
    توجهت نحوه فاتحا ذراعي لاحتضنه والسلام عليه بحرارة تليق بمركزه، ولكنه
    تجاهلني وكأنه لا يعرفني· حاول أن يدفع زوجته وأولاده للخروج وصار يتصرف
    بارتباك شديد، كأنه قد فعل فعلة شنيعة يخاف منها· أسرع بالابتعاد عن
    المكان بعد أن رآني فأيقنت ساعتها بأنه إنسان غير سوي يقوم بتصرفات غريبة·


    المواجهة

    في اليوم التالي طلبني مديري إلى مكتبه· كان متجهما معي وقال لي بعصبية·
    ما هذه القصص التي قمت بتأليفها عني؟ كيف تتحدث عني أنا مديرك أمام جميع
    الموظفين بهذا الشكل؟ هل تعرفني؟ هل تعرف أسرار حياتي؟ من أطلعك عليها؟
    أنت والله إنسان عجيب·
    أكدت له أنني لم أتحدث عنه بشيء وإن من نقل له كلاما عني هو كاذب وأنا على استعداد تام لمواجهته·
    اتصل بأحد زملائي وطلب منه الحضور· أسرع هذا الأخ بالمجيء فورا سعيدا ومنتشيا· إنها فرصته التي ينتظرها للتقرب من المدير·
    عندما دخل هذا الموظف سأله المدير عن كل ما تحدثت به اليوم أمام زملائي
    فأعاد عليه الشريط كله، فشعرت بالإحراج وحاولت تكذيبه ولكن المدير كان ضدي
    على طول الخط·
    خرج الموظف وعلى وجهه ابتسامة شماتة كبيرة، نظر إلي المدير نظرة شر أحرقتني بلهيبها فشعرت بالخوف يتسرب إلى جميع أوصالي·
    قال لي بعصبية: لن تفلت من عقابي أبدا· اذهب من أمامي الآن وسأجد طريقة مناسبة لمعاقبتك كي لا تعود لتلفيق الأقوال على غيرك·
    خرجت من عنده أضرب يدا بيد· ليس ذنبي إن تحدث ذلك الموظف بهذا الشكل· هذا
    الموظف بالذات يقال عنه - والله أعلم - بأنه منحوس··· أي نعم··· فقد خطب
    أكثر من عشرين فتاة، أو ربما أكثر من ذلك، ولم تقبل به أي واحدة منهن·
    يقال بأنه مسحور، ويقال بأنه كان على علاقة بفتاة، وكان يحبها بشدة، وبعد
    ثلاث سنوات من الحب اكتشف أنها رخيصة تبيع جسدها لهذا وذاك وتقبض الثمن···
    ومن ساعتها كره النساء كرها شديدا·
    منذ ذلك اليوم أصبح منحوسا ومعقدا، فهو عندما يذهب لخطبة فتاة ما يلح في
    السؤال عنها حتى يمل منه أهلها ويطردوه· ويقال أيضا إنه كان عاقا بوالدته
    وقد دعت عليه بالنحس وعدم التوفيق، وهاهو لم يحصل على أية ترقية طوال فترة
    عمله، كما أنه لم يوفق في الحصول على زوجة على الرغم من وصوله إلى سن
    الثلاثين، وقد امتطى مطية النحس وتمسك بها·
    خرجت من مكتب المدير وأنا متضايق جدا لأنه هددني، ولا أدري هل سينفذ
    تهديده لي أم لا··· وماذا يمكن أن يفعل بي؟ ربما سيطردني من العمل، أو
    ربما سيخصم مبلغا من راتبي، فهو رجل قاسي القلب، ويقال إنه قد ورث القسوة
    عن أبيه، وإن والده كان يضرب أمه بوحشيه حتى ماتت المسكينة، عندها ندم
    الأب ونصح أولاده بعدم القسوة، فسمعوا كلامه إلا مديرنا، فقد تمكنت القسوة
    من أعماقه فامتطاها وجعلها مركوبه المفضل طوال الوقت·

    مواساة

    إحدى زميلات العمل وجدتني متجهما، مكفهر الوجه، فسألتني عن السبب، فبقيت
    ساكتا أخشى أن أتكلم بشيء فيساء فهمي، فتذهب هذه الزميلة بقول جديد يزيد
    من اشتعال فتيلة غضب المدير ضدي· فهذه الزميلة ليست هينة أبدا··· يقال
    بأنه قد تركت بلدها وجاءت إلى هنا سعيا وراء الثروة، وعندما دارت ولفت في
    أرجاء الدولة لم تجد من يتولاها بالإنفاق، فهي لا تملك رصيدا من الجمال،
    واضطرت للقبول بوظيفة بسيطة لا تحقق أيا من طموحاتها·
    ويقال أيضا إنها لا تسأل عن والدتها المريضة وإخوتها الصغار، وهي تعلم
    جيدا بأن لا مصدر لهم للرزق سواها، بعد أن مات والدها وتركهم أيتاما· كما
    يقال، بأنها تنفق راتبها على أدوات التجميل وعمليات الشد والمد من أجل أن
    تشتري الجمال الذي ستمتطيه إلى الثروة التي تحلم بها·
    كما يقال أيضا··· بأنها رسمت على مديرنا خططها ورمت شباكها ولكنه لم يكترث
    لها لأنه غير معجب بشكلها· عموما، فهي على الرغم من كل الأقاويل، طيبة بعض
    الشيء، وهي الوحيدة التي تسأل عني، لولا مطيتها التي تمتطيها باستمرار وهي
    البحث عن الجمال والثروة·

    طلبات وعقوبة

    كنت متوترا وأنا أفكر بكل هذا الذي يحدث اليوم، والعقوبة التي سأتلقاها من
    مديري· ناديت الفرّاش كي يجلب لي كأسا من الشاي لأعدل به مزاجي المتعكر·
    هذا الملعون، لماذا يتلكأ دائما بالاستجابة لطلباتي؟ لا أدري لم يتصرف معي
    أنا بالذات بهذا الشكل، مع أنني لم أفعل له شيئا· يقال عنه - والله أعلم-
    بأنه لم ينجب إلا بنتا واحدة وهو يربي أولاد أخيه وهو يدعي بأنهم أيتام·
    إنه يجمع المساعدات من الموظفين من أجل الإنفاق عليهم· ويقال إن كل ذلك
    خداع وإنه لم يتكفل بأحد من الأيتام وإنه يجمع المال من عندنا ليبني له
    عمارة في بلاده· هؤلاء الناس يضحكون على ذقوننا ويبتزون إنسانيتنا
    وتعاطفنا وحبنا للخير· والله أنا لم أعطه فلسا واحدا··· فليذهب إلى
    الجحيم· ما أدراني إن كان صادقا في كل ما يدعيه؟ إنه يستدر المشاعر بإحضار
    صور أولاد أخيه الأيتام ·· لربما كانت صورا لأطفال جيرانه؟ فقد قيل بأن
    فراشنا هذا يتحول إلى ''دون جوان'' ولديه علاقات مع نساء متزوجات وغير
    متزوجات· عموما مالي أنا وما لهذا الإنسان، المهم أن يحضر لي الشاي بسرعة
    فرأسي يكاد ينفجر·

    آخر النهار

    انتهت ساعات الدوام المملة وعدت الى منزلي كي أرتاح من هؤلاء الناس الذين
    لا يعرفون الرحمة أبدا· كنت أمني نفسي بأكلة شهية تعدها زوجتي ولكني وجدت
    بأن المنزل خال منها فلا أحد سوى الصغار، وعندما سألتهم عن أمهم أخبروني
    بأنها ذهبت لعيادة أمها المريضة· المشاكل لا تنتهي أبدا· في العمل وفي
    البيت··· سأنفجر من شدة الغضب··· كيف تنسى نفسها هذه المرأة وتبقى عند
    أمها كل هذا الوقت؟ هل نسيت بأن عليها مسؤوليات وأنني أعود من عملي مرهقا
    أحلم بوجبة شهية وجلسة هانئة ونوم مريح؟
    بالطبع لا شيء من هذا سيحدث· فكيف أنام وأنا أشعر بالجوع بهذا الشكل؟
    زوجتي هذه بليدة جدا· قبل أن أتزوجها نصحني الناس وحدثوني عن شدة غبائها·
    قالوا إنها لم تستطع أن تنهي أية مرحلة دراسية بنجاح وأنها كانت تعتمد على
    الغش طوال دراستها ولولا الواسطة لما أكملت الإعدادية· كما قالوا إنها لا
    تجيد الاعتناء بنفسها وهي تبدو غير نظيفة وغير مرتبة باستمرار· للأسف فقد
    استمعت لكل هذه الأقاويل وأصررت على الارتباط بها وهذه هي النتيجة· لقد
    بقيت متمسكة بغبائها وجعلته مطية لها تمتطيها طوال الوقت· وعلى الرغم من
    تجاهلي لإهمالها المستمر لمظهرها ولبيتها وأولادها إلا أنها تتمادى بلا
    أدنى شعور بالمسؤولية· كل ذلك بسبب الغباء· كيف لم تفكر بي و بأولادها
    وتبقى عند أمها كل هذا الوقت؟
    الهاتف يرن بصوته المزعج فيزيد من توتري· ترى من يتصل في مثل هذا الوقت؟
    إنها زوجتي··· آه يا إلهي··· إنها تنبئني بموت والدتها··· رحمها الله· هي
    امرأة مسنة ومريضة، الموت راحة لها··· الأفضل أن أسرع لأداء ما يتوجب علي
    للمساعدة في دفنها· ياللكارثة··· علي أن أطلب إجازة من عملي للوقوف في
    العزاء··· ترى هل سيوافق مديري على الإجازة؟
    سأخبره بأن عمتي هذه هي بمثابة أمي، وأنها تعني لي الشيء الكثير، على
    الرغم من أنها كانت رحمها الله سليطة اللسان، لا ترحمني أبدا· لقد هجرها
    جميع أولادها بسبب لسانها الطويل وأصبحت كخرقة بالية مكومة على فراشها لا
    تدري عن الدنيا· كل شيء فيها معطل إلا لسانها، تلذع به كل من يمر من
    أمامها· يقال إنها اضطرت للعمل كبائعة في السوق بسبب هجر زوجها لها، وكانت
    تصرخ طوال الوقت لتهش الأذى من حولها ولتزين نفسها بالقوة لتحافظ على
    سمعتها بين الناس· ويقال إن أولادها عندما كبروا منعوها من البيع في
    الأسواق وأجلسوها قي دارها معززة مكرمة ولكنها اعتادت على هذه المهنة
    فأخذت تبيع البضائع سرا في بيوت الجيران· بقيت العجوز محافظة على لسانها
    السليط وصراخها وجعلت العصبية مطيتها· لقد رحلت وتركت المطية واقفة
    بانتظارها في العالم الآخر·
    أما أولادها فيقال إنهم كرهوا السمعة التي تأتيهم من اشتغال أمهم بالبيع
    والشراء فغادروها ليعملوا بعيدا ويتحججوا بانشغالاتهم فلا يزورونها إلا في
    المناسبات· ويقال أيضا بأنهم اعتمدوا على أنفسهم باختيار الزوجات وأنهم
    أقاموا أعراسهم بلا تدخل منها، وقد أخبروا أنسباءهم بأنهم أيتام وأن أمهم
    قد رحلت بعد رحـــيل والدهم مباشرة وأنهم اعتـــمدوا على أنفسهم في العمل
    والدراسة حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه·
    لم يبرها أولادها في حياتها ولا أعتقد بأنهم سيبرونها عند موتها··· وسأكون وحيدا في جنازتها··· ماذا أفعل؟
    يقولون اعمل المعروف وألقه في البحر· لكل منهم مطية يمتطيها وأنا مطيتي
    هذا اللسان الذي أمتطيه كل وقت فتذهب أعمالي كلها هباء بسببه·
    أنا إنسان طيب ولكن لساني يتحرك في كل صوب فينقل الكلام هنا وهناك فتأتيني
    المصائب التي لا قبل لي بها··· ماذا أفعل؟ هذه مطيتي التي تعودت على
    امتطائها ولا مطية لي غيرها·

    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الإثنين فبراير 22, 2010 9:40 pm



    *·~-.¸¸,.-~* تحــــــــــــــبه وتكـــــــرهه .. *·~-.¸¸,.-~*



    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


    سعاد جواد:

    لأول مرة في حياتي أعرف حياة زوجية بهذا الشكل! هل هما يحبان بعضهما؟ أم
    هما ممن لا يطيق أحدهما الآخر؟ والله لا أدري· فحياة ابنتي وزوجها من
    العجائب التي لا يمكن فهمها أو تفسيرها· فإذا كانت تحب زوجها وهو يحبها،
    لماذا لا يعيشان معا في بيت واحد؟ وإذا كان يكرهها وهي لا تطيقه لماذا إذن
    لا يتطلقان ويريحا نفسيهما ويريحاننا معهما ؟ المشكلة في وجود طفلتين···
    ما ذنبهما؟ هاتان المسكينتان لم تعرفا الحياة الأسرية مع والديهما· ومن
    كثرة المشاحنات والعراك الذي يسود هذه العلاقة الزوجية الشاذة، فالبنتان
    معي طوال الوقت· حتى أنهما لا تنادياني جدتي وإنما تنادياني يا أمي·
    لقد تعبت مع ابنتي ولا أعرف سبيلا لإصلاحها ولا أدري من ألوم· هل ألومها
    هي أم ألوم زوجها؟ إنه ابن عمتها، تربيا معا، وهو يكبرها بثلاث سنوات، كنا
    نسكن قريبا من بيت أخت زوجي، وكنا مرتبطين بهم بعلاقة طيبة حتى أنها عندما
    ولدت ابنتي هذه قالت ضاحكة ستكون هذه البنت عروسا لولدي·
    كبر الأولاد، وهم يلعبون معا بانسجام، إلا هذا الولد، فهو مختلف عن جميع
    الأطفال، مشاكس، عنيد، متوحش، يضرب ويؤذي غيره ولم ينفع معه لا القسوة ولا
    اللين ولا النصح· وكلما كبر زادت مشاكله وأذاه حتى كرهه الجميع، خصوصا
    ابنتي هذه التي اختارتها أمه لتكون عروسته في المستقبل· كان يضربها ويخرب
    كل ما تملكه من ألعاب وأشياء حتى أصبحت تفزع من مجرد وجوده في بيتنا وتظل
    تبكي حتى يتم إخراجه من المنزل، وهي لا تذهب إلى بيتهم خوفا منه·
    عندما أدخل المدرسة ذاع صيته من كثرة مشاكله وصار الكل يشتكي منه، معلموه،
    زملاؤه وإدارة المدرسة والفراشون· لم يكمل دراسته بسبب رسوبه المستمر
    ومشاكله وطرد من المدرسة عدة مرات، حتى المدارس الخاصة لم تتحمله وتم طرده
    منها أيضا· آخر مرحلة وصلها كانت الإعدادية· هذا الولد كان هو السبب الذي
    جعل زوجي يفكر ببيع البيت بعد أن طلب نقله إلى منطقة بعيده ليسلم أولادنا
    من شره ومن أذاه·

    لقاء بعد حين

    مرت السنوات وانقطعت أخبارهم عنا، فلم نعد نراهم إلا في المناسبات
    المتباعدة وقد سمعنا بأن ولدهم هذا قد تركهم وذهب إلى العاصمة كي يعمل
    هناك·
    عندما أصبحت ابنتي في الثالثة والعشرين من عمرها وهي تدرس في السنة
    الجامعية الرابعة مررنا بظروف مادية صعبة بسبب تقاعد زوجي وتراكم بعض
    الديون علينا وكنا في وضع لا ندري ما نفعل، فالتزامات العائلة ومصاريفها
    في تزايد مستمر وليس لنا اى دخل إضافي نعتمد عليه غير الراتب، والأولاد
    كلهم لازالوا في مقاعد الدراسة· فكرنا عندها بطلب المساعدة من أخت زوجي
    لأن وضعهم المادي كان جيدا كما عرفنا·
    لم يكن سهلا على زوجي أن يفاتح أخته في مثل هذا الأمر فتكفلت أنا بالمهمة
    واتصلت بها لأخبرها بأننا في حاجة شديدة لمبلغ معين لنسد به دينا عاجلا
    وسنعيده في أقرب فرصة إن شاء الله· لم تقصر معنا ووعدتني بإرسال المبلغ
    إلينا بأسرع وقت·
    بعد أيام من ذلك الاتصال جاءنا شاب وسيم لم نتعرف عليه في البداية فعرّفنا
    بنفسه فإذا به هو نفسه أبن أخت زوجي، ذلك الصبي المزعج الشرير· لقد تغيرت
    وتبدلت ملامحه وأصبح رجلا يملأ العين تماما·
    بعد جلسة طويلة معه عرفنا بأنه يعمل في مجال العقارات والأسهم وأن وضعه
    المادي جيد جدا، ثم أعطى لخاله ظرفا يحتوي على المبلغ الذي طلبناه من أمه،
    فشكرناه على مجيئه وإحضاره المال في الوقت المناسب·
    اعتذر وانصرف وهو بغاية اللطف والأدب، ثم أصبح يتردد على خاله ويجالسه
    لفترات طويلة وقد كان من الواضح أنه قد بدأ بمساعدته ماديا، وأقترح على
    خاله فتح مشروع صغير يتكسب منه بدلا من جلوسه في المنزل بعد التقاعد·

    ثورة ابنتي

    كل هذه الأمور كانت جيدة من وجهة نظرنا أنا وزوجي، ولكنها اعتبرت سيئة جدا
    من وجهة نظر ابنتي· فهي منذ اللحظة الأولى التي دخل فيها الشاب إلى بيتنا
    عاشت في حالة توتر شديد وعصبية لا معنى لها· ما الذي جاء به ؟ ماذا يريد
    منا ؟ هل سيقدم لنا إحسانا ؟ لا نريد من هذا المخلوق أي شيء ؟ ألا تذكرين
    أفعاله ؟ شخصيته البشعة ؟ تصرفاته المجنونة ؟ هل يعقل أنه أنقلب رأسا على
    عقب كما يدعي؟ إنه كاذب، يبدو أنه يعمل في الخفاء أعمالا غير شريفة ···
    ربما يسرق، أو أنه يتاجر بالمخدرات· ماله كله حرام في حرام ··· كيف يقبل
    والدي مثل هذا المال الحرام ؟ لماذا لا يتأكد من مصدر المال ؟ لماذا يعطيه
    فرصة للمجيء عندنا كل يوم؟ إنه يستغل ظروفنا المادية، وهو يرسم ويخطط· إنه
    يفكر في عقد صفقة مع والدي··· أنا متأكدة، وسأكون أنا الثمن· هذا هو
    بالضبط ما يحدث الآن، لن أقبل بهذه المهزلة، يجب أن أوقفه عند حده·
    هذا الشريط كانت ابنتي تعيده وتكرره يوما بعد يوم حتى مللت من سماعه وكثرة
    ترديده، ولم يفد معها دفاعي عن الشاب فكانت مصرة على اتهامه بأسوأ
    الاتهامات طوال الوقت· أخيرا قلت لها : حسنا ··· هيا أتصلي به وأخبريه بكل
    ما تفكرين فيه وضعي حدا لأفكارك السوداء·
    اتصلت به وكانت في غاية الانفعال ثم صارت تحكي وتحكي وهو يستمع إليها
    ببرود حتى أنهت كل ما لديها من أفكار وختمت حديثها بقولها: لا تحلم أبدا
    بأنني سأقبل بك زوجا··· أنت آخر مخلوق أفكر فيه ·· سأنتحر إن أجبروني على
    الزواج منك·
    أجابها ببرود تام: ومن قال لك أنني أفكر بالزواج منك ؟ أنت تحلمين، ما
    الذي يجعلني أرتبط بإنسانة ضيقة الآفق، محدودة، أوسع ثقافة تملكها هي
    الكتب المدرسية والمجلات، وعالمها محصور في شاشة التلفاز، لا تعرف كيف
    تخطو خارج عالمها خطوة واحدة· انسانة هشة غير متماسكة لا حظ لها إلا في
    الشهادة الجامعية، ولا تحلم إلا بزوج يعمل مدرسا أو موظفا براتب محدود
    تنجب الأطفال ولا تعرف من أين تنفق عليهم، فراتبها وراتبه لا يكفيان لشيء
    في زمن السرعة والتطور· أريحي نفسك يا ابنة الخال فأنا لا أفكر بالارتباط
    بواحدة مثلك·

    انقلاب عجيب

    بعد تلك الحادثة احترقت البنت وانطفأت ثم احترقت وانطفأت وصارت كالمجنونة
    لا تدري كيف تسترد كرامتها المنهارة ولا كيف تستعيد توازنها وعقلها· لقد
    أصبحت محطمة تماما تحت مطرقة كلماته تلك التي عبث فيها بكبريائها
    واعتدادها بنفسها·
    حاولت مساعدتها على تخطي هذه الأزمة وطلبت منها أن تنسى الموضوع كله وأن
    لا تجعله عقدة نفسيه تؤثر على شخصيتها، أكدت لها بأنه بالتأكيد لا يقصد كل
    ما قاله وأنه فقط أراد أن يدافع عن نفسه ضد هجومها الغير مبرر عليه، فليس
    من الحكمة أن نحكم على شخصية الإنسان من تاريخه كطفل، فنحن نسمع باستمرار
    عن شخصيات ناجحة ومتميزة كانوا في طفولتهم فاشلين أو مشاكسين أو غير ذلك
    من الصفات التي يتميز بها بعض الصبية وسرعان ما كبروا وصنعوا لأنفسهم
    كيانا جيدا في المجتمع·
    لم تستطع البنت أن تتقبل ما حدث بسهولة، فقد تغيرت تصرفاتها وأصبحت إنسانة
    منغلقة على نفسها ساهية معظم الوقت ولا أدري ما الذي يشغلها ويجعلها
    مكتئبة·
    بعد مدة بسيطة أخبرني زوجي بأن أبن أخته قد فاتحه بفكرة زواجه من ابنتنا·
    استغربت كثيرا لهذا، فكيف يقول لها بأنه لا يفكر بها وكيف يتقدم لخطبتها؟
    إنه تناقض غير مفهوم، وقد توقعت طبعا بأنها سترفضه بلا مناقشة أو جدل، ألم
    تكن تردد دائما بأنها لن تتزوجه وأنها ستنتحر قبل أن تجبر على ذلك؟
    الشيء الغريب هو أنها لم ترفض وبقيت ساكتة وهي تخفي ابتسامة الرضا والخجل·
    فسألتها وأعدت سؤالي عدة مرات كي أتأكد: هل توافقين على الزواج من ابن
    عمتك؟ هو نفسه، هذا الذي كنت تقولين عنه كذا وكذا ؟ قالت باستحياء: ربما
    تسرعت في حكمي عليه· ألم تقولي لي بأن لا أتسرع في حكمي عليه··· ألم تقولي
    لي بأن لا أتسرع في إطلاق الأحكام؟
    تزوجت ابنتي وسافرت مع زوجها في رحلة شهر العسل، وقد كان متوقعا أن تمتد
    تلك الرحله إلى شهر أو أكثر، ولكن ما حدث هو أنهما عادا بعد أسبوعين وكان
    كل منهما غاضبا بشكل كبير·

    زواج عجيب

    جاء بها إلى بيتنا وأنزل حقائبها وكاد أن ينصرف، طلب منه زوجي أن يفسر لنا
    ما يحدث· لماذا عادا بسرعة من رحلة شهر العسل؟ ولماذا لم يذهبا إلى
    شقتهما؟ فأجابه بعصبية: لا أريدها إنها إنسانة مشاكسة تحب العناد، تريد أن
    تذلني، قضيت معها أسوأ أيام حياتي، إنها لا تحبني···تزوجتني لتؤذيني
    ولتنتقم مني·
    قال كلماته وتركها وانصرف· أما هي فقد بكت كثيرا واتهمته بقلة الذوق والأنانية والبخل وأعلنت ندمها الكامل لأنها تزوجته·
    كان الموقف صعبا علينا جدا، فكيف نتصرف مع ابنتنا وهي لم تعرف كيف تساير
    زوجها حتى في شهر العسل، وهل يمكن أن يطلقها؟ إنه أمر في غاية الصعوبة·
    ماذا سيقول الناس لو طلقها زوجها وهما لا يزالان في شهر العسل؟
    مرت ثلاثة أيام هدأت البنت وارتاحت أعصابها فاتصلت بزوجها وتحدثت معه
    طويلا· كانت في بداية الحديث تصرخ بانفعال ثم في النهاية خفت حدة عصبيتها
    وصارت تضحك حتى أغلقت الخط ثم بدأت تتزين وترتب أغراضها وهي تقول: سيأتي
    زوجي ليأخذني إلى شقتنا·
    منذ ذلك اليوم بدأت قصة هذه الحياة الزوجية الغريبة، تذهب ابنتي لبيتها
    ليوم واحد أو يومين ثم تعود وهي تبكي وتشتكي وتبقى في بيتنا لفترة ثم تتصل
    به أو يتصل بها فيتحدثان طوال الوقت حتى يتراضيا فتحمل أشياءها وتعود
    لبيتها فلا تمكث فيه إلا لفترة يسيرة لتعود بعدها مرة أخرى·
    على هذا الحال أنجبت طفلتيها وقد مرت سبع سنين وحال هذه الأسرة لا ينصلح أبدا·
    بعد أن أنهت دراستها توظفت وانشغلت لفترة بأجواء العمل الجديدة وهدأت في
    علاقتها مع زوجها وبقيت في بيتها ستة أشهر متواصلة ولكنها بعد أن اعتادت
    على أجواء الوظيفة عادت إلى أسلوبها الاستفزازي معه· تغار عليه غيرة
    عمياء، تستجوبه طوال الوقت، تتابعه وتسبب له الإحراج مع الناس فيتعارك
    معها ويغضبها فتعود إلينا وهي تبكي وتنتحب·
    حاولنا نصحها ولكنها لا تستمع للنصيحة ولا تتأثر بأقوالنا وملاحظاتنا· لا
    تريد أن تهنأ بحياتها مع زوجها وهي تفضل الخصام والزعل والبعد عن بيتها
    بدلا من الاستقرار والاطمئنان·
    بالنسبة لنا أنا ووالدها فإننا قد استلمنا مهمة تربية البنتين فتعلقنا
    بهما تعلقا شديدا واصبحتا بهجة حياتنا فلم نعد نكترث لابنتنا مادامت لا
    ترغب في الاستقرار فتركناها تتصرف كما تشاء مع زوجها·
    الغريب هو أنه لازال متمسكا بها ولا يطلقها ولم يفكر بأن يتزوج عليها، وهو
    شبه راض بكل ما تفعله به· وهو يتركها تخرج وتعود لبيتها كما شاءت ولا
    يجبرها على البقاء ولا يهددها بالطلاق· ربما كان يحبها، وربما تحبه ···
    والله لا أدري·
    فجأة أجدها تتزين وتلبس أجمل ما لديها وتتصل به فتخبره بأنها تريده لأمر
    هام وأنها تنتظره في شقتهما فتذهب إلى هناك وتلتقي به ثم تبقى معه يوما أو
    يومين وتعود وهي ساخطة عليه تسبه وتلعنه ولا تجد فيه خيرا ولكنها ترفض
    مجرد التفكير بالطلاق·
    ترسل له ''المسجات'' الرقيقة وتهدي له الأغنيات وكأنهما عاشقان، وهو يرسل
    لها باقات الورد وقصائد الشعر الغزلية ··· يفعلان كل ذلك ولكنهما لا
    يستطيعان العيش تحت سقف واحد· أليس هذا عجيبا؟
    لقد فقد هذان الزوجان المعنى السامي للزواج وهو أن يكون سكنا لها وتكون هي
    سكن له، السكن هو الإحساس بالاستقرار والطمأنينة في بيت الزوجية· إنهما
    يعيشان حالة التشرد الزوجي وكأنهما عازبان، والضحية في هذا الوضع المقلوب
    هما الطفلتان اللتان لم تحسا بالاستقرار النفسي مع والديهما· للأسف فإن
    الزمن قد تغير وأصبح زمنا للعجائب ·
    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الإثنين فبراير 22, 2010 9:42 pm


    *·~-.¸¸,.-~* أشرعة الهوى .. *·~-.¸¸,.-~*


    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]سعاد جواد:

    يوما ما سأجد نفسي· سأستعيد قوتي· سأنبذ الظلم الذي حولني إلى إنسانة
    مسحوقة متوجعة تخاف من نفسها ومن قراراتها· سأنبذ الضعف وأقف امامك يا
    زوجي العزيز لأخبرك بالحقيقة· لقد ظلمتني··· دست على مشاعري ودمرتها
    كلها··· لم يعد بداخلي شيء حي يجبرني على التواصل معك· ياوالد بناتي···
    أيها الغالي الذي اختاره القلب ليكون شريك الدرب· للأسف اسأت العشرة···
    ونسيت المعروف· اقتلعت جذور المودة والرحمة وزرعت بدلا منها أشواك
    الخيانة· أعجبتك اللعبة· اللعبة التي تحولك الى طائر بلا عش··· تطير كما
    تشاء بلا أدنى تفكير·
    عرفته عبر كلمات جميلة انسابت من أصابعه عبر ''المسنجر''· كان بالنسبة لي
    كالعالم المجهول الساحر··· شدني اليه وجذبني بتأثيره الشديد فأصبحت أسيرة
    عالمه الخيالي الجميل، مع أنني لم اره ولم اسمع صوته ولا أدري إن كان
    صادقا ام كاذبا· المهم انني صدقته في كل كلمة طبعها بأصابعه فانتقلت
    حرارتها إلي· حاول ان يهاتفني فرفضت ذلك· أخبرته بأنني لا أجيد تلك
    الفنون، ولايمكنني العبث· ظروفي لاتسمح بأكثر من حدود الكمبيوتر فقط·
    أخبرني بأنه جاد ايضا ولا يرغب بالعبث معي وأنه يريدني زوجة له· فأخبرته
    حقيقة اسمي وعنواني فأحضر والدته لخطبتي· أعجبني صدقه ووفاءه بالوعد فقررت
    ان أقبل به شريكا لحياتي·
    سأل الأهل عنه، وحين عرفوا عنه كل خير وطيب تمت الموافقة وتم الزواج بعد ستة اشهر من الخطبة·

    بداية حلوة

    كنت أسعد مخلوقة على وجه الأرض· سأتزوج ذلك الانسان الرائع الذي اختاره العقل قبل القلب وفعلا كانت أيامي كلها سعادة·
    هو وحيد أمه وكان لايزال طالبا يدرس في الجامعة مع راتب وظيفي من الجيش، وكنت انا ايضا طالبة جامعية ولم أنهي دراستي بعد·
    بعد عودتي من رحله العسل أخذني الحماس والنشاط في بيتي الجديد· أردت ان
    أثبت لعمتي بأنني شاطرة وغير كسولة فقمت بحملة تنظيف وترتيب شاملة· لم اكن
    ادري بأنني حامل فكان ذلك الجهد سببا في فشل حملي الاول· شعرت بالحزن
    لأنني فقدت طفلي فأخذت احتياطاتي الكافية في الحمل الثاني وأنجبت طفلتي
    الاولى بسلامة ولله الحمد·
    بعد زواجي بمدة بسيطة اكتشفت بأن وضع زوجي المادي حرج للغاية· فقد دخل في
    مشروع تجاري ثم خسره· وترتبت عليه ديون بنكية دخل على اثرها السجن لمدة
    بسيطة ثم أخرج منه بقرار من الشيخ زايد رحمه الله··· وتم تقسيط المبلغ
    ليقضي على ثلثي الراتب تقريبا· لم يؤثر علي ذلك الوضع المادي الصعب،
    وتحملت كل شيء برحابة صدر كأي زوجة مخلصة ومتفانية من أجل زوجها·
    كانت الامور كلها طيبة تقريبا ولكنها تبدلت مع دخول الانترنت الى حياتنا
    من جديد· فقد صار زوجي مدمنا لتلك الشبكة العنكبوتية وصار يدخل غرف
    المحادثة ليبحث عن العلاقات وليمارس هوايته القديمة في إثارة مشاعر الحب
    والحنين· أخبرته بأن هذه المرحلة انتهت بالزواج واختيار الشريك المناسب
    ولكنه لم يكترث وبقي يضرب بأصابعه على ازرار الحروف وينسج علاقات مليئة
    بالكذب··· وكلما اكتشفت علاقته بإحداهن وواجهته يعتذر ويتراجع عن تلك
    العلاقة حفاظا علي·
    كان في البداية يحسب لرضاي حسابا ولكنه بدأ بالتغير تدريجيا·

    بداية الخراب

    تعرف على فتاة ولم تكن سهلة· عرفت كيف تستولي على مشاعره وصارت تتحدث معه
    عبر الهاتف· اخذت رقمها من هاتفه واتصلت بها لأخبرها بأنني زوجته وانه من
    العيب عليها ان تحدث رجلا متزوجا، فأخبرتني بأنها تعرف بأنه متزوج وقد
    أخبرها بأنه لا يحب زوجته وانها فرضت عليه فرضا من قبل الأهل··· وان زوجته
    قبيحة الشكل و همجية في تصرفاتها· صدمت بشدة لما يفعله زوجي بحقي· وبكيت
    كثيرا تألما وحسرة واخبرتها بالحقيقة فأخبرتني بأنه لا مجال للتراجع عنه
    بعد ان تم عقد القران بينهما··· ياالهي! لماذا فعل ذلك؟ هل قصرت معه في
    شيء؟ ألم يحبني؟ ألم يخترني بنفسه؟ ألم نكن سعداء في حياتنا الزوجية؟ ألم
    انجب له الاطفال؟ ألم أصبر على وضعه المادي الحرج؟ ماذا فعلت حتى يتزوج
    غيري؟
    كنت احدثها وانا أبكي بحرقه فدخل علي بشكل مفاجىء، وادرك بأنني عرفت
    الحقيقة· حاول الاعتذار ولكنني كنت منهارة· سألته لماذا تفعل بي هذا؟ قال:
    الشرع أباح لي الزواج بأكثر من واحدة· فقلت له: ولكنك غير مقتدر ماديا؟
    قال: أهلها يعرفون وضعي المادي، وهم لايكترثون· فهم يشترون الرجال
    ولايكترثون للمال·
    قلت له: وهل الرجولة هي ان تتزوج من اخرى بلا سبب او تقصير من الاولى؟ هل
    الرجولة هي ان تتركني بلا اي اهتمام وبلا مراعاة للمشاعر وتذهب ببساطة
    لترتبط بأخرى؟ قال: لن استطيع التراجع فقد كتبت على نفسي مؤخرا كبيرا
    للصداق·
    أسرعت الى صندوق مجوهراتي، سلمتها له قلت له خذ هذه المجوهرات وبعها وادفع
    لهم ما يريدون وتخلص من ذلك الارتباط من اجلي ومن اجل ابنتك··· فسكت ولم
    يجب·
    كنت وقتها حاملا بطفلتي الثانية فساءت حالتي الصحية بشكل كبير· اخبرت احد
    عمومتي وهو اقربهم الي في السن وفي القدرة على التفاهم فذهب للتحدث مع
    زوجي ولكنه أنكر كل شيء واتهمني بالهذيان و الوسواس·
    بعد سنة ونصف من تلك العلاقة تخلت عنه الفتاة بعد ان تقدم لها من هو أفضل
    منه ماديا· أخبرته بأنه ليس أهلا للثقة··· وان الرجل الذي يخون زوجته
    الاولى ويفكر بغيرها لن يترك تلك الفعلة بعد زواجه من الثانية وسيبقى يبحث
    عن الحب لأنه مريض نفسياً·

    ردة الفعل

    أحس بالطعنة في كبرياءه فأراد ان ينتقم لنفسه من جميع الفتيات فصار يقيم العلاقات السريعه بلا ادنى تفكير بمشاعري·
    قلت في نفسي انها مرحلة حرجة سيمر بها وسينصلح حاله بعد مدة، ولكن ذلك لم
    يحدث· فسرعان ما اكتشفت بأنه مقدم على الزواج من اخرى أوهمها بأنه مطلق·
    عندما عرفت بذلك واجهته وتشاجرنا شجارا عنيفا طلقني على أثره فذهبت الى
    منزل اهلي مع طفلتيّ وانا منهارة تماما·
    لأول مرة اتحدث عن مشاكلي مع زوجي امام ابي واخوتي· فقد كنت حريصة قبل ذلك
    على عدم تشويه صورته امامهم وتركتهم يعتقدون بأنني اعيش حياة سعيدة تكاد
    تخلو من المشاكل· ذهلوا ولم يصدقوا ثم قال لي أبي: اذا ندم وعاد اليك
    فسنعطيه فرصة اخرى وان لم يفعل فسأذهب الى المحكمة لأثبت الطلاق·
    بعد اسبوعين من الانتظار جاءني معتذرا ووعدني بأنه سيصلح حاله من اجلي ومن اجل ابنتيه فصدقته وعدت معه·
    فترة بسيطة مرت علينا ونحن نعيش كأسرة سعيدة، نخرج سويا ونتعشى خارج
    المنزل ونقصد المجمعات واماكن الترفيه والتسلية· كان يعود الى المنزل
    مبكرا ويعتني بي وببناته ثم اخبرني بأننا سنسافر خلال اجازة الصيف الى
    مصر· كنت سعيدة سعادة لا توصف واعتقدت بأنه صادق معي ولكن ما حدث بعد ذلك
    اثبت لي العكس·

    بلوى جديدة

    كنا نستمع سويا لإذاعة محلية· كانت المذيعة تتغنج بصوتها اثناء إلقاء
    قصائد شعرية··· فامتدح صوتها، ثم ارسل ''المسجات'' التي تكلف عشرة دراهم
    لكل ''مسج''، فاستغربت لتصرفه وهو في وضع مادي سيء، حتى انه لايستطيع شراء
    سيارة لنفسه وهو يستخدم سيارتي باستمرار·
    قلت له: انت واسرتك اولى بهذا المال الذي تدفعه ثمنا للرسائل الكثيرة التي
    ترسلها الى تلك المذيعة· انزعج من حديثي وأصر على إرسال الرسائل حتى جاءته
    الفاتورة آخر الشهر وهي تحمل رقم اربعة آلاف درهم·
    تضايقت بشدة لفعلته ولكني لم اشاء ان اناقشه واستثيره حتى لا أكدر صفو
    العلاقة بيننا· لم اكن ادري ان ذلك التصرف كان ضمن مخططاته للتأثير على
    تلك المذيعة وإيقاعها في شباكه·
    سافرنا في الإجازة الى مصر وكنت معتقدة بأننا سنقضي أوقاتا عائلية حميمة
    هناك· الا انه بمجرد وصولنا صار يتركني لوحدي مع البنات ويذهب هو لقضاء
    الوقت مع اصدقائه كما يقول· رحله تعيسة بمعنى الكلمة· فقد اكتشفت بعدها
    بأنه كان متواعدا مع تلك المذيعة ليتعرف الى اهلها تمهيدا لخطبتها منهم···
    وهو يقضي وقته ليلاً ونهارا معهم·
    عدنا من تلك الرحلة فوجدت ارقاما غريبة موجودة على هاتفه وهاتف المنزل·
    المتصل من مصر· اتصلت على الرقم فلم يرد· ثم اتصلت فتاة تسألني عمن اتصل
    بها فأخبرتها بأنني زوجة فلان·
    دهشت الفتاة وقالت: ولكن فلان مطلق··· فأخبرتها بأنه كاذب، وقلت لها بأنني
    كنت معه في مصر وكان يتركني مع بناتي طوال الوقت لوحدنا ويذهب هو معهم·
    اكدت لي بأنها لن تستمر معه مادامت قد اكتشفت كذبه وخداعه·
    عندما علم بأنني اطلعتها على كل شيء جاءني مهددا وقال لي: انت تستحقين
    العقوبة لأنك افشلت كل ما كنت أخطط له· صرخت بانفعال: انا استحق العقوبة؟
    ماذا فعلت لأستحق العقوبة؟ قال: انت غير مطيعة لزوجك والشرع يأمرني بهجرك
    لأنك غير مطيعة وسأحرمك من زيارة اهلك وسأحرمك من استخدام الموبايل
    والسيارة··· واذا خالفت أمري فسأطلقك الى غير رجعة·

    حيرة وعذاب

    ياإلهي ماذا أفعل مع هذا الانسان الغريب؟ أنا حائرة· أهلي ينصحونني
    بالصبر· فكيف اصبر؟ وعلى ماذا اصبر؟ انا في السابعة والعشرين من عمري···
    أحتاج للحب أحتاج للمسة الحنان··· احتاج لوجود زوجي في حياتي··· ماذا
    افعل؟ انا حائرة·
    أحيانا اشتاق اليه فأدخل ''المسنجر'' وأحدثه تحت اسم مستعار، استجدي منه
    كلمات الحب والغزل· كم اتمنى لو كانت تلك الكلمات موجهة لي انا··· انا
    زوجته ام بناته· انه لا يفكر بي ولا ببناته· لايحرص على التواجد معنا·
    يأتي متأخرا في الليل ويخرج مبكرا في الصباح لعمله· انسحب من دوره كزوج
    وكأب وصارت حياته كلها مركزة على اللهاث وراء العلاقات مع هذه وتلك· انه
    لايحس بأي متعة اخرى سوى متعة الهوى· لقد افرد أشرعته وتركها لتطيح بها
    الرياح في كل اتجاه· لايريد العودة لمرساه· لايريد ان يريح نفسه ويريح
    اسرته··· فماذا افعل معه؟ هل أصبر على هذا الوضع ام أرفضه؟ والله لا أدري·

    تحدثت مع بعض صديقات ''المسنجر'' عن مشكلتي فنصحنني بالطلاق وأكدن لي بأن
    الرجل الذي يعاني من هذه الحالة لا فائدة من إصلاحه، ولن يكفيه الزواج
    الثاني، وانه بعد ان يتزوج الاخرى وتصبح حياته الزوجية الثانية روتينية
    سيعود لهوايته المفضلة وسيبقى في حالة بحث دائم عن الحب··· فهو شبه مريض
    نفسي· إنني حائرة لا أستطيع ان اتخذ قراري بسهولة، خصوصا وانني لست
    الوحيدة المتضررة في هذا الوضع وانما تشترك بناتي فيه·
    قررت اخيرا كتابة قصتي في هذا الباب ولدي إحساس قوي بأن مشكلتي ستحل بعد
    نشرها فلربما وجدت من ينصحني نصيحة استعيد بها زوجي واحافظ فيها على
    اسرتي، فليس سهلا ان اخسر كل شيء جميل في حياتي·
    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الإثنين فبراير 22, 2010 9:46 pm


    ^&)§¤°^°¤§(&^ ريـــح الفــــــــــواجع .. ^&)§¤°^°¤§(&^


    سعاد جواد:

    كنا أسرة بسيطة طيبة، نجتمع دوما على الخير والمحبة أنا وأمي وأبي وأختاي
    وأخي، نرتبط كلنا برباط عاطفي قوي وضع أساسه والداي رحمهما الله، فهما
    مثال للعطاء اللامحدود والطيبة اللامتناهية، لم يقصرا معنا في الرعاية
    والحنان وتوفير كل ما نحتاج إليه في حدود إمكاناتهما الضيقة وبالطبع فإننا
    لم نكن نطلب الكثير، لأننا تربينا على القناعة والرضا بالمقسوم مع الحمد
    والشكر على النعمة·
    أختي الكبرى متزوجة ولها طفلان جميلان، ولحسن حظنا أنها تسكن قريبا من
    بيتنا فتأتي لزيارتنا كل يوم تقريبا مع أولادها فنهنأ بهم ونسعد بوجودهم
    بيننا·
    أخي الأوسط معاق ذهنيا، استحوذ على كل حبنا واهتمامنا منذ أن كان صغيرا،
    فقد أدركنا بأنه إنسان مغلوب على أمره لا يستطيع الاعتماد على نفسه وهو
    يحتاج إلى التركيز والاهتمام من قبل جميع أفراد الأسرة· وهو على الرغم من
    تصرفاته اللاواعية إلا أنه ظل محبوبا ولطيفا إلى أبعد الحدود، حتى أنه إذا
    أصيب بأي مرض ولو بسيط فإننا نتأذى بشكل كبير ولا نرتاح إلا بعد أن نطمئن
    إلى شفائه وعودته لوضعه الطبيعي·
    أختي التي تصغرني، كانت طالبة في الأول الثانوي، رقيقة وخجولة، متفوقة في
    دراستها وهي تفيض بالحب والحنان للجميع على الرغم من صغر سنها، وقد ميزها
    الله بجمال ساحر يجذب الأنظار، وقد خطبت وهي في الخامسة عشرة من عمرها إلا
    أننا لم نشأ أن نزوجها قبل أن تنضج ويشتد عودها وتفهم طبيعة الحياة
    الزوجية ومسؤولياتها·
    وأنا كنت طالبا في كليات التقنية العليا في السنة الثالثة، الرجل الثاني
    في العائلة بعد والدي، وقد استحوذت على الحب والتقدير من قبل الجميع·
    كنا نجتمع دائما في أجواء عائلية جميلة، نتحدث عن أحلامنا وطموحاتنا بسعادة وفرح، ولم نفكر يوما بما تخبئه الأقدار لنا·


    موسم الفواجع


    بشكل غير متوقع هبت علينا ريح الفواجع فاقتلعت أركان بيتنا وزعزعت
    استقراره· إنها ريح الاختبارات الإلهية التي يتعرض فيها المؤمن لامتحان
    صبره وصدقه مع ربه، ولكن للأسف لم نكن أهلا للاختبار وكادت حياتنا الأسرية
    أن تنهار تماما لولا أنني تداركت الأمر وعدت الى رشدي كي أعيد توازن
    الجميع ولأثبت أركان حياتنا لتستقر من جديد·
    لم يكن الأمر سهلا بالطبع ولكن الأمور عادت إلى نصابها بعد الخسائر
    الجسيمة التي منينا بها كلنا بلا استثناء· المهم في الأمر هو أننا عدنا من
    جديد كأسرة متحابة متماسكة يحسدنا الناس على قوة تماسكنا وحبنا لبعضنا·
    الفاجعة الكبرى التي أصابتنا هي رحيل الوالد بشكل مفاجئ وغير متوقع، على
    غير شكوى أو مرض· كان في عمله ثم أحس بألم في رأسه فعاد إلى المنزل
    ليستريح، تناول بعض الحبوب المسكنة ونام ولم يستيقظ بعدها أبدا·
    كانت الصدمة عنيفة· لم نستوعب ما حدث· جزعنا، بكينا، صرخنا، رفضنا أن يرحل
    والدنا بهذا الشكل المفاجئ· نسينا أن الحياة والموت هما قدران محتومان على
    جميع الخلق· نسينا أن نستعين بربنا ونطلب منه منحنا الصبر· نسينا كل ما
    تعلمناه في حياتنا· حولتنا الصدمة إلى أناس مختلفين، لا نحب أن نجتمع، ولا
    يريد أحدنا أن يخفف عن الآخر، ولا يطيق أحدنا البيت·
    الضحية الأولى كان أخي المعاق· فقد وجد نفسه ضائعا بلا اهتمام أو رعاية
    ففر إلى الشوارع، يجري وسط الخطر، يوقف السيارات ويستجدي الدراهم عند
    محطات الوقود، ينام في باحات المساجد· يذهب إلى الجمعية التعاونية ويشتري
    زجاجات البيبسي بدراهمه التي يجمعها ثم يرجها ويفتح الغطاء فينطلق السائل
    ليغطي رأسه وثيابه· أصبح منظره مخيفا مقززا ورائحته نتنة وكأنه من حيوانات
    الشارع الضالة·
    أختي الصغرى هي الأخرى نبتت لها أجنحة ففرت هي الأخرى إلى صحبة الصديقات
    اللائي قدنها بسهولة إلى عالمهن المليء بالعلاقات مع الشباب والحياة بلا
    هدف غير مكترثات بالسمعة السيئة وكلام الناس·
    تلك الفتاة البريئة الرقيقة الطيبة أصبحت تشبه الشياطين وهي تضع المساحيق
    والألوان على وجهها وتهرب من بيتها إلى عالمها الجديد· ولم يمض الوقت
    طويلا حتى جاءنا خبر إصابتها بحادث سيارة وهي برفقة شاب مخمور كان يقود
    بسرعة جنونية أدت إلى انقلابها عدة مرات فتوفي الشاب وقطعت ساقا أختي
    فأصبحت مقعدة على كرسي متحرك·
    أما أختي الكبرى فقد طلقها زوجها وأرسلها إلينا مع طفليها بعد فضيحة أختنا الصغيرة وسيرتها السيئة التي لاكتها الألسن بشكل لا يرحم·
    أما أنا فإنني بعد وفاة والدي صرت أتردد على أماكن سيئة، فتعرفت على
    إحداهن وقد أوهمتني بأنها تحبني فعشقتها وتزوجتها وأحضرتها لتعيش معي في
    بيتنا دون الاكتراث لحال أمي المريضة أو لأختي المطلقة أو الأخرى المقعدة·

    بدأت هذه المرأة عملها منذ أول يوم من وجودها في زرع الشر والأحقاد وإثارة
    الفتنة والأذى ، وكان هدفها هو إبعاد الجميع لتستحوذ على البيت وتحوله إلى
    مقر جديد لنشاطاتها·



    فاجعة أخرى


    لم تحتمل أمي المسكينة كل ما كان يحدث من حولها، ففقدت النطق منذ رحيل
    الوالد ولم تستطع أن تتحدث من جديد، وبقيت تستمع وتشاهد كل ما يحدث من
    حولها ولا تملك حياله شيئا سوى ذرف الدموع حتى صارت طريحة الفراش طوال
    الوقت·
    وفي إحدى المعارك التي حدثت بيني وبين أختيّ إثر فتنة أشعلتها زوجتي، حملت
    أمي جسدها المرهق وخرجت من غرفتها ثم صرخت بصوت مخيف وسقطت عند الباب
    وماتت·
    موت أبي كان السبب في كل ما حدث لنا لعدم قدرتنا على استيعاب الصدمة···
    أما موت والدتي فكان الصدمة التي أعادتنا إلى وعينا، خصوصا أنا· صحوت من
    غفوتي وفتحت عينيّ على كل ما يحدث من حولي، ولمت نفسي كثيرا· لمتها لأنني
    لم احتضن أسرتي بعد رحيل الوالد ، ولأنني تركت نفسي للحزن وللشياطين تعبث
    بي· نظرت إلى أختي المطلقة وهي تصرخ بلوعة وألم، ذهبت إليها واحتضنتها،
    قلت لها: لا تبكي ولا تجزعي ولا تخافي، فالله معنا·
    نظرت إلي وهي لا تكاد تصدق· أهذا هو نفسه أخي الذي أراد أن يطردني أنا وأولادي إلى الشارع ليرضي زوجته؟
    قلت لها : لقد صحوت ··· أعدك بأن أعيد كل شيء إلى مكانه الطبيعي بإذن الله·
    ثم قمت بطرد امرأة السوء التي أحضرتها من الشارع وسلطتها على أهلي، طردتها بعد أن طلقتها بالثلاث·
    دفنت أمي وعدت ورأسي مثقل بهذه المسؤولية وهذا الحمل الكبير· أخت مطلقة
    معها طفلان، أخ معاق، وأخت مقعدة ومعقدة نفسيا··· وقررت التوكل على الله
    في أموري كلها·
    أعدت أخي إلى البيت وصرت أتابعه بنفسي، وشجعت أختّي على العمل في المنزل
    واستغلال مواهبهما في التصميم والخياطة· وجدت لنفسي عملا لائقا وجمعت بين
    العمل والدراسة حتى أكملتها فتعدل وضعي نحو الأفضل·
    استطعت بفضل الله تثبيت أركان أسرتنا وأجهدت نفسي لتعود الألفة والمحبة
    بين أفرادها· لم يكن الأمر سهلا، ولكن لله الحمد فقد وفقت لإعادة
    الابتسامة لتلك الوجوه الشاحبة فبدأ الجميع يشعر نحوي بالامتنان، وعدنا
    لنجتمع في أحاديث جميلة تنسينا كل ما عانيناه من ألم وحزن·



    أمل جديد

    بعد أن أنهيت دراستي وجدت عملا أفضل ثم بدأت الحياة تبتسم لي من جديد، فقد
    صارت أختي تحدثني عن ابنة الجيران، إنها فتاة جميلة ومؤدبة طالبة في السنة
    الجامعية الثانية· عرضت علي أن أتقدم لخطبتها فترددت· اعتقدت بأنها سترفض
    الارتباط برجل مثلي، ارتبط بامرأة من الشارع وطلقها· وهي بالتأكيد تستحق
    شابا لم يسبق له الزواج، لكن شقيقتي صارت تلمح لي بأن البنت تكن شعورا
    خاصا نحوي منذ زمن بعيد وقد أصيبت بالإحباط والمرض عندما علمت بزواجي·
    وعندما فشل ذلك الزواج كانت سعيدة للغاية وهي لشدة حيائها لم تستطع البوح
    لأختي عن مشاعرها سابقا مع أنها من صديقاتها المقربات· والشيء العجيب هو
    أن أختي بادرت فعلا بمفاتحة أهل الفتاة ووجدت عندهم الرضا والقبول، كل ذلك
    وأنا آخر من يعلم· في الحقيقة لم أتضايق مما فعلته أختي لأنني متأكد من
    حسن نيتها، وأن الدافع الأقوى الذي دفعها لتقوم بكل ذلك هو حبها لي
    ورغبتها القوية في إسعادي·
    لم أترك الأمور لتطول مادام كل شيء مرتبا على هذا الشكل فأقمت إجراءات
    الزواج بسرعة، وكان العرس بسيطا والمهر معقولا والأمور كلها ميسرة ولله
    الحمد·
    سعدت بزوجتي لأنها طيبة وقد أحبت أهلي وانسجمت معهم، وقد رزقت منها بطفلة
    جميلة رائعة· كل هذه الأمور الطيبة التي أكرمني الله بها لم تملأ بداخلي
    شعورا غريبا ظل يتحكم بي وبجميع تصرفاتي· فبدأت أتغير نحو الأسوأ من جديد·

    لا شعوريا صرت عصبيا متوترا طوال الوقت، لا أجيد التعامل مع زوجتي ولا
    أستمتع بحب طفلتي ولا أرغب بالاجتماع بأسرتي· صرت مكتئبا، حزينا بلا سبب،
    أهرب إلى أماكن مختلفة، أجلس لوحدي بلا هدف ودون فكرة محددة، أشعر بأن
    الكون ضيق وأن قلبي صار كالعصفور السجين الذي ضاق بسجنه وهو يفكر بالطيران
    من عشه فيحلق بعيدا في الفضاء· وما هو ذلك الفضاء ؟ إنه فكرة شيطانية ظلت
    تلح على رأسي، رغبة جامحة قوية في رؤية طليقتي· رفضتها، حاربتها، أبعدتها
    عن رأسي ولكنها تلح وتلح حتى قادتني إليها أخيرا·
    ذهبت إلى وكرها وشيء بداخلي يصارع شيئا آخر يحاول إعادتي إلى أسرتي·
    عندما شاهدتني ضحكت ضحكة فاجرة من أعماقها وقالت : لقد تأخرت··· كنت أنتظر مجيئك·
    لا أدري كيف أصف مشاعري؟ إحساس بالقرف، إحساس بالمهانة، إحساس بالخوف من
    الله، كلها أحاسيس ترفض ما أقوم به، ولكني فعلت ما فعلت وخرجت من عندها
    وكأنني مخلوق وسخ لا تكفي بحار الدنيا كلها لتطهيره· كرهت نفسي كرها شديدا
    واحتقرتها احتقارا رهيبا، وصرت حائرا لا أدري ما أفعل؟·
    عادت بي قدماي إلى بيتي، كانت زوجتي بانتظاري· حاولت التهرب منها ولكنها
    كشفتني بسهولة، فتلك الساقطة تركت آثار أصباغها على ثيابي، وكأنها تقصد
    بذلك الفعل تخريب حياتي من جديد·
    أخبرت زوجتي بحقيقة ما يعتريني من مشاعر غريبة لا أقوى على مقاومتها مع
    إحساسي الشديد بالاشمئزاز والخزي مما أقوم به فتعاملت معي بمنتهى العقل
    والحكمة· طلبت مني الاغتسال والصلاة وطلب المغفرة من الله ثم دبرت مسألة
    ذهابنا لأداء فريضة العمرة·
    في تلك الأرض الطاهرة اغتسلت بدموعي وبماء زمزم من تلك الآثام، وتطهرت من
    تلك الأفكار وذبحت شيطاني بتوبتي الصادقة وعدت من جديد وكأنني إنسان جديد
    ولد مرة أخرى·
    يا إلهي أشكرك على تسامحك معي، فكم أنا خطّاء وكم أنت غفور رحيم· إذا
    أعطيتنا فجرنا وإذا اختبرتنا نيأس ونكفر فكم نحن ضعفاء، وكم نحن بحاجة
    لعفوك وكرمك ·
    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الإثنين فبراير 22, 2010 9:50 pm


    *·~-.¸¸,.-~* بين أبي وأمي .. *·~-.¸¸,.-~*



    سعاد جواد:

    استجمعت كل طاقتي، وكل ما أملك من شجاعة متحدية ضعفي وخوفي، ثم اتصلت
    بوالدي لأخبره بما يعتلج بداخلي قائلة: يا والدي·· لنا أنا وأخي وأختي
    حقوقاً عليك· لقد كبرنا ··· احتياجاتنا كثرت ومطالبنا تعددت وأنت لا تسأل
    عنا·
    لم يسمعني طويلاً وصرخ بي قائلاً: لسانك أصبح طويلاً· صرت مثل أمك، وهي لا
    تعرف كيف تربيك لتحترمي أباك· ثم إن هذا الاختيار هو اختياركم ··· ألم
    تفضلوها علي؟ أنتم اخترتم العيش معها في بيت رجل غريب هو زوجها، ورفضتم أن
    تبقوا معي، إذاً فلتتحملوا نتيجة هذا الاختيار، ولا زال بيتي مفتوحاً
    أمامكم، إذا عدتم لبيتي فلن أقصر معكم في شيء·
    انعقد لساني·· لم استطع أن أنطق بالحقيقة لأقول له: يا أبي هذا ليس بيتك،
    بل بيت زوجتك بالدرجة الأولى، وأنت لا تدري ما تفعله تلك الإنسانة بنا
    عندما لا تكون موجوداً·
    كتمت كلماتي وأغلقت السماعة وأنا لا أدري ماذا أفعل·
    لست صغيرة على استيعاب ما حدث لأسرتنا· صحيح أنني لازلت في السابعة عشرة
    من عمري، إلا أن الحياة القاسية التي عشتها علمتني أن أنضج وأشيخ وأفهم كل
    ما يدور من حولي· أريد أن أتمرد يوماً، وأن أصرخ بوجه أبي قائلة: يا أبي··
    كفاك إيذاءً لنا، نحن أبناؤك، فلذات كبدك·· ما ذنبنا إن لم تنسجم مع أمنا
    ؟ ما ذنبنا إن طلقتها؟ ما ذنبنا في كل ما حدث بينكما لندفع الثمن بهذا
    الشكل ؟


    بداية الحكاية

    تزوجت أمي وهي في الرابعة عشرة من عمرها، وكان والدي في العشرين، زواجاً
    تقليدياً لأنهما من الأقارب· لم يرزقا بالذرية في بداية زواجهما وقد دام
    الانتظار خمس سنوات· مع ذلك فقد كان والدي يحب والدتي حباً كبيراً لا حدود
    له، يدللها ويشتري لها كل ما تريده، وكانت هي سعيدة بهذا الحب سعادة لا
    توصف·
    كان والدي الابن الأصغر والوحيد لجدي وجدتي، ولد بعد عدد كبير من البنات،
    وقد كبرت البنات وتزوجن الواحدة تلو الأخرى، ولم يبق في البيت سوى جدي
    وجدتي· ثم توفيت جدتي بعد زواج والدي بسنين قليلة فصارت أمي هي سيدة
    المنزل الذي بقي مفتوحاً لاستقبال الجميع·
    بعد خمس سنوات رزقت أمي بي ثم أنجبت أخي فأصبح البيت مكللاً بالسعادة
    والفرح والحب حتى مجيء عمتي إليه· كانت تلك العمة تعاني من مشاكل كثيرة في
    حياتها الزوجية وكانت تأتي غاضبة وهي تبكي وتشكو زوجها وطباعه السيئة
    ومعاملته الغير لائقة لها·
    أثناء وجودها في بيتنا لاحظت كثرة اهتمام والدي وحبه وتدليله لوالدتي مما
    أثار حسدها وغيرتها فصارت تحاول جاهده أن تخرب هذا الكيان الجميل بشتى
    الوسائل· راحت تزرع الشك بقلب والدي وتوهمه بأن زوجته غير مخلصه له· كانت
    تحاول قلب الصورة الجميلة التي يراها في أمي إلى صورة قبيحة لتكرّهه بها
    بأي شكل، وصارت تقنعه بأن إظهار الحب للزوجة وتدليلها هو السبب في
    إفسادها·
    في البداية لم تستطع التأثير على والدي، وكان يروي لأمي كل ما كانت تقوله
    أخته عنها، وكانت أمي توضح له أي لبس أو إشكال، مدافعةً عن نفسها ضد
    اتهامات أخته· ولكن والدي صار يتغير بالتدريج، فلم يعد يكلمها أو يخبرها
    بما تقوله أخته عنها، وصار عصبياً ضيق الخلق عكر المزاج، كلما تحدثت معه
    ثار بوجهها وعنفها وأسمعها كلاماً جارحاً لا يليق بها، ثم صار يمد يده
    ليضربها لأتفه الأسباب، ثم أخذ يهرب من البيت· ووجد لنفسه جماعة من أصدقاء
    السوء الذين دلوه على مسالك الحرام فسلكها، وابتعد عن أسرته وصار يسافر
    إلى بلدان العالم يبحث لنفسه عن المتع والملذات ونسي كل ما عليه من
    مسؤوليات نحو والده وزوجته وأطفاله·

    تبدلات جديدة

    بعد أن عاد من إحدى سفراته لاحظت أمي تبدلات جديدة طرأت عليه، ولكنها قررت
    عدم إثارته خوفاً منه· ولكن عمتي صارت تهمز وتلمز لها بأنه قد تزوج امرأة
    أخرى لتغيظها وتحطم أعصابها· تجرأت والدتي وفتحت إحدى الحقائب التي أحضرها
    فوجدت بداخلها ملابس نسائية وهدايا وعطور، فسألته عنها فأخبرها بأنها لا
    تخصه وإنما هي لصديقه اشتراها لزوجته ولأن حقيبته امتلأت اضطر لوضعها في
    حقيبته·
    ازداد ابتعاده عن بيته وأسرته وكان جدي غاضباً عليه وقد طرده من البيت بعد
    مشاجرة حدثت بينهما· مرض جدي على إثرها ثم انتقل إلى رحمة الله ولم يعلم
    والدي بموت أبيه إلا بعد يومين من الوفاة·
    صارح والدي أخته بأنه قد تزوج من أخرى وطلب منها عدم إخبار أمي بالأمر،
    فصارت تستفز أمي وهي واثقة بأن لديها السر الذي سيدمر حياتها إلى الأبد
    فكانت أمي تتجاهلها ولا تكترث لها لأنها تعلم بنواياها الغير طيبه نحوها·
    حملت أمي للمرة الثالثة بأختي فأخبرت والدي بحملها، وبدلاً من أن يسعد
    ويفرح كما كان يفعل سابقاً، وجدته غاضباً متضايقاً، ثم طلب منها أن تسقط
    الحمل وتتخلص منه فحزنت أمي حزناً شديداً لما آل إليه وضعها مع زوجها
    ورفضت أن تسقط الحمل فطلقها أبي لعنادها ثم ردها إليه ثم طلقها مرة أخرى
    وردها في أجواء مليئة بالمشاكل والخلافات والصراخ والضرب والأحقاد·

    مجرد طفلة

    كنت في الخامسة من عمري، أعي كل ما يحدث من حولي، وقد قضت المشاكل على
    طفولتي وحطمتها فحفرت تلك المشاهد بداخلي صوراً لا يمكن أن أنساها أبداً·
    أصبت بمرض غير معروف شخصه الأطباء على أنه اختلال بالغدة الدرقية، أجريت
    لي عمليات عديدة، ثم قرر أحد الأطباء أن العملية الأخيرة خطيرة جداً ونسبة
    نجاحها قليلة، ان لم تجر لي تلك العملية سأموت وإن أجريت سأفقد النطق إلى
    الأبد·
    كان الموقف صعباً· اتصلت بوالدي حتى يتخذ القرار الخطير بهذا الشأن فجاء
    وكان قراره هو إجراء العملية، ففقدان النطق أرحم من الموت· ولم يناقش
    الأمر كثيراً ثم وقع الأوراق لإجراء العملية ومضى إلى حال سبيله·
    جن جنون والدتي، كيف يتخذ قراراً مصيرياً بهذه السرعة· إنها ابنتنا التي
    انتظرناها خمس سنوات كاملة· ذهبت أمي إلى مدير المستشفى وتوسلت إليه بعدم
    إجراء العملية، فنصحها الرجل أن تتصل بأحد الأخصائيين القادمين من الغرب
    وتستشيره· ذهبت أمي إلى الأخصائي وعرضت عليه التقارير فطلب نقلي إلى
    مستشفى آخر ثم أجرى لي عملية أخيرة ساهمت في إنقاذي من الموت ومن البكم·
    بعد نجاح العملية كنت لا أزال في المستشفى أمر بفترة النقاهة، فولدت أمي أختي الصغرى فوضعونا بغرفة واحدة·
    جاء والدي لزيارتنا، وأثناء وجوده معنا رن هاتفه وسمعنا صوت امرأة تصرخ
    بصوت مرتفع من خلال سماعة الهاتف، وهو متلعثم يقول لها: حاضر·· سآتي حالاً
    ·· ثم أغلق الخط· سألته أمي: من هذه؟ قال: هذا صديق·
    كانت الضغوط النفسية التي عاشتها والدتي في الفترة الأخيرة شديدة عليها ما
    جعلها تتصرف بعصبية معه وطلبت منه أن يخبرها بالحقيقة إن كان متزوجاً من
    غيرها وصارت تصرخ فقام بضربها حتى أغمي عليها· كنت أراقب كل ذلك وأنا
    أرتعد خوفاً، حتى شعرت بأنني لم أعد أحب والدي وانه مخلوق مخيف مؤذ لا
    يحبنا ولا يفكر بنا إطلاقاً·
    بعد هذا المشهد حدث الطلاق الثالث الذي لا رجعة بعده فارتاحت عمتي وسعدت بالنتيجة التي أوصلتنا إليها·
    بعد أن حدث الطلاق تقرر توزيعنا على الاثنين فكنت أنا من نصيب والدي، وأخي
    وأختي الرضيعة من نصيب أمي· بالطبع فإن الأمر تم بلا محاكم ولا قوانين
    شرعية، فمن العيب عند الأسرة، أن يلجأ المتخاصمون إلى المحاكم فيساء إلى
    سمعة الجميع إذا طبق القانون، فهم يضعون قوانينهم بأنفسهم ولا حاجة للشرع
    والقانون ليفصل بينهم، بهذا المنطق المتخلف تم تقسيمنا·
    أخذني والدي الى بيته· وجدت امرأة تجلس أمام التلفاز تأكل المكسرات بغير
    اكتراث، قال أبي: هذه أمك·· من الآن أنسي أمك السابقة· نزلت دموعي بلا وعي
    مني توسلت إلى أبي·· أريد أمي·· هذه ليست أمي· ثم بدأت صفحة جديدة من
    حياتي·


    المرحلة الصعبة

    مع تلك المرأة عرفت وجه الشر وملامحه وتكويناته، عرفت المنافقين وصفاتهم،
    عرفت الشيطان وفنونه· أمام والدي تعاملني بمنتهى الرقة والطيبة وبمجرد أن
    يخرج تتحول إلى وحش ظالم يذيقني صنوف العذاب والمهانة· كانت تهددني وتقسو
    علي حتى صرت أخاف منها خوفاً كبيراً فلا أستطيع أن أخبر أحداً بما يحدث لي
    عند غياب والدي· من شدة خوفي كنت أفزع في الليل فلا أنام، وفي النهار
    أتقلب على جمر العذاب وأنا مجرد طفلة في السادسة من العمر·
    أمي تزوجت من رجل كبير في السن لديه أولاد وبنات كبار متزوجون وانتقلت
    للعيش في بيته· كانت تلح في رؤيتي وكنت أتمنى أن أعود لحضنها، فتدخل عمي
    زوج أمي لإعادتي إلى أمي فأفلح في مسعاه بعد سنتين من وجودي عند أبي
    فانتقلت إلى بيت أمي وكنت خائفة من أن يكون عمي مثل زوجة أبي قاسي القلب
    متحجر المشاعر، ففوجئت بعد بقائي عندهم بأنه إنسان طيب، رحيم، يخاف ربه
    ويخشاه ويعاملنا أحسن معاملة جزاه الله عنا كل الخير·
    بقيت عند أمي لمدة سنتين ثم عاد أبي يطالب عمي بعودتنا إلى بيته، فالعيب
    كل العيب أن يتربى أولاده في بيت زوج أمهم وهو مازال على قيد الحياة· ليته
    يفكر بنا بشكل حقيقي ليعرف ما سنعانيه على يد زوجته، ولكنه أعمى البصيرة،
    أخذنا أنا وأخي بالقوة إلى بيته مرة أخرى وبقيت أختنا الصغيرة عند أمنا·
    عدت لأجد زوجة أبي على حالها من التوحش والقسوة، فأذاقتنا أنا وأخي صنوف
    العذاب، حتى امتلأت أجسادنا الصغيرة بعلامات الضرب والعض والتعذيب التي
    مارستها تلك الشريرة بحقنا· كنت أصبر وأسكت ولا أخبر أبي بما يحدث ولكن
    أخي كان يخبره بكل ما تفعله تلك المرأة معنا·· فماذا كان يفعل ؟ كان
    يواجهها فتنكر فيصدقها ويكذب أخي لأنه هو الضعيف وهي القوية المتسلطة التي
    لا تخاف ربها ولا تخشاه·
    بقينا لمدة سنتين عند والدنا فأصبحت حالتنا الصحية والجسدية سيئة للغاية
    فعطف علينا والدنا وأعادنا لأمنا علنا نتعافى هناك· أعادنا على شرط أن
    نبقى عند أمنا في فترة الدراسة وفي الصيف نذهب إليه لنقضى ثلاثة أشهر من
    العذاب والجحيم عنده·
    عندما أذهب إلى بيت أبي تلبسني أمي الذهب والملابس الجميلة فتأخذها زوجة
    أبي وتخفيها وتعطيني ملابس قديمة لألبسها، وإذا أعطاني أبي شيئاً من المال
    فإنها تأخذه منا وتحذرنا بأن نخبر والدنا· كنا نمرض فيتصل أبي بأمي
    فتأخذنا مرة أخرى· ثم قللنا زياراتنا لمنزل أبي حتى قطعناها بشكل نهائي·
    ولكن المشاكل استمرت بين أبي وأمي بسببنا، فهو يريدنا أن نعود للعيش عنده
    ويرفض أن ينفق علينا، وهي محرجة بسبب تحمل عمي كافة نفقاتنا لوحده وهو رجل
    مسن متقاعد راتبه محدود، يضطر للاقتراض من أبنائه لينفق علينا·
    مرت السنون ووصلت إلى السنة النهائية في المرحلة الثانوية وأنا أتمنى من
    كل قلبي أن يحس والدي بمسؤوليتنا، يعطينا ما نحتاج إليه، يسأل عنا،
    يزورنا، يحسسنا بوجوده في حياتنا·
    حتى الزيارات القليلة التي كنا نراه فيها أو الاتصالات القليلة التي تجري
    بيننا كان يتحدث فيها عن أمنا كلاماً جارحاً لا نقبله ويعطينا مبلغاً
    بسيطاً لا يتناسب مع احتياجاتنا الحقيقية· ولا يتناسب مع وضعه المادي
    الجيد الذي يعيش فيه هو وزوجته بلا مسؤوليات وبلا أطفال·
    أخي بدأ يضيع منا· أهمل دراسته وصار يتعرف إلى أصدقاء السوء، فالحياة
    الغير مستقرة التي عاشها أثرت على سلوكه وجعلته قلقاً لا يعرف ماذا يريد·
    وأنا أجهد نفسي كي أحصل على شهادة تؤهلني للعمل والاعتماد على النفس
    وتعويض أمي عما عانته من أجلنا· ولكن الزمن بطيء لا يمر بسهولة ولا زالت
    السنوات الجامعية طويلة أمامي كي أتخطاها وأحصل على عمل· ماذا لو أن والدي
    أحس بنا وبما نعانيه؟ ماذا لو أعطانا بعض المال فلا يقع العبء كله على زوج
    أمنا ؟ ماذا لو سأل عنا وجعلنا نشعر بأهميتنا لديه ؟ هو يعتقد بأن
    مسؤوليته الوحيدة هي أن يستبقينا في بيته، ولكن ألا يعلم بأن مصلحتنا
    تستقضي وجودنا في مكان آمن نجد فيه الحب والرحمة ؟ ماذا لو تفهّم الوضع
    على حقيقته ولم يتخل عن مسؤوليته تجاهنا سواء أكنا في بيته أو في بيت عمنا
    ؟ ماذا لو اتقى ربه فينا؟

    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الإثنين فبراير 22, 2010 9:53 pm


    *·~-.¸¸,.-~* شـــــموخ إمــــــــــــرإه ...!! *·~-.¸¸,.-~*




    سعاد جواد:

    عشت في بيت أهلي مدللة، ما أطلبه أجده أمامي، وكل ما أحلم به كان يتحقق لي
    بأسرع وقت ممكن، في بيئة مستقرة صالحة لا تعرف الحسد ولا النفاق· لم أتصور
    أبداً بأن خارج أسوار الأهل توجد حياة أخرى وأناس مختلفون، كل همهم في
    الحياة هو إثارة الفتنة والتفرقة بين المتحابين، بأي شكل وبأي ثمن· إنه
    مجتمع غريب لم أستطع ان أتقبله بسهولة، ولولا نصائح أمي ووصاياها الغالية
    لهربت من ذلك الجحيم منذ زمن بعيد·

    إن أصعب ما في الزواج هو أن تنتقل البنت من البيئة التي تعودت عليها إلى
    بيئة جديدة مختلفة كل الإختلاف، مع أناس لا يستطيعون تقبلها بينهم بسهولة،
    ولا يعاملونها بحب كواحدة منهم، وانما يعاملونها وكأنها عدوة لهم، فهم
    يفكرون بقهرها وتحطيمها وإذلالها بكل الطرق·

    كان زواجي تقليدياً من أحد الأقارب· بعد الزواج اكتشفت بأن زوجي إنسان طيب
    ولطيف يستحق الحب، فأحببته بقوة وصار هو محور حياتي وتفكيري· إنه الرجل
    الوحيد الذي التقيت فيه عدا والدي وأخوتي، فعائلتي لا تسمح للبنات
    بالالتقاء بالرجال، حتى لو كانوا من الأقارب، على عكس عائلة زوجي التي
    تتيح لأولاد الخالة وأولاد العمة بالسلام على قريباتهم والتحدث معهن·

    زوجي وحيد أمه وله أخت واحدة مطلقة تعيش في نفس المنزل· اعتقدت بأنها
    ستتقبلني وتحبني كأختها، ولكنها ناصبتني العداء بلا مبرر معقول وكأنني
    شريكتها ولست زوجة أخيها· تأخر حملي لمدة سنة وثلاثة أشهر، فأشعلت أخت
    زوجي نار الكلمات الجارحة وصوبتها نحوي بلا رحمة، ولم تردها عمتي ـ أم
    زوجي ـ عن ذلك وكأنها مؤيدة لها في كل ما تقول وما تفعل·

    فكانت تقول مثلاً: ليس العيب في أخي، إنه رجل ولا يعيبه شيء، العيب في
    المرأة التي ابتلى بها· هذا وغيره من الكلام الذي لا تسعفني ذاكرتي على
    إسترجاعه، فهي لم تكف عن معايرتي الى ان فتح الله علي أخيراً بالخير
    والنعمة من عنده، فصرت أحمل وألد الأطفال عاماً بعد عام حتى أصبح لدي خمسة
    أطفال ولله الحمد، فهل أسكتها كل ذلك؟ بالطبع لا·

    فلم يكن همها أن يرزق أخاها بطفل ولكن كان همها هو أذيتي وتدميري·

    وهكذا بقيت مصرة على ان أخيها سيء الحظ لأنه ارتبط بامرأة متوسطة الجمال
    مثلي، ثم صارت تجلب له الصور وتصف له حسن وجمال الفتيات اللاتي تشاهدهن في
    الأعراس وتطلب منه ان يتزوج مرة أخرى، فما العيب في أن يتزوج من إثنتين؟
    فهو ميسور الحال وقادر على الإنفاق على زوجتين·





    ألم وحرقة

    كنت أتمزق وأنا أستمع إليها وهي تحاول اقناعه بفكرة الزواج، وأتضايق جداً
    عندما تقوم بوصف بنات الناس أمامه بهذا الشكل· إنه شيء حرام ولا يقبله
    الدين، فلماذا تفعل كل ذلك؟ ولماذا لا تتركنا في حالنا؟ هو سعيد معي وأنا
    سعيدة معه، أعتني به وألبي كل طلباته، فلماذا تصر أخته على تزويجه من
    غيري؟ لم أكن احتمل سماع ومشاهدة كل تلك البلاوي القاسية أمامي، فكنت أذهب
    إلى والدتي أفرج عن همومي وأسكب دموعي الحارة وأنا اشكو لوعتي مما تفعله
    أخت زوجي بي· كانت أمي تخفف عني وتنصحني بالصبر والتجلد، وتطلب مني عدم
    الضعف والإنهزام، وأن أبدو قوية واثقة من نفسي، وأن لا أنطق بكلمة واحدة
    تخلف المزيد من الإستفزاز والتوتر بيننا، وفي النهاية فإن الله سيعوضني
    خيراً ولن أظلم إلى الأبد، والله مع الصابرين دائماً·

    أخيراً تم لها ما أرادت، فتزوج زوجي من فتاة اختارتها له بنفسها بيضاء
    طويلة· وفي نفس أسبوع ولادتي الخامسة كان عرسه، جاء الناس يباركون لي على
    ولادتي ويباركون له على الزواج·
    كنت حريصة على تطبيق نصائح الوالدة، فبدوت بأحسن حال من الزينة وبرودة
    الأعصاب، حتى أن الناس كانوا يتساءلون بينهم: ترى أي واحدة منهن العروس؟
    كنت ممسكة بأعصابي ولا أبدي أي تصرفات طائشة أو مجنونة، كان هذا أمام
    الناس، أما بيني وبين نفسي، فإنني كنت أبكي بحرقة وألم ليس لهما مثيل·فهذا
    زوجي حبيبي مع أخرى، فهل نسيني؟ هل أخرجني من قلبه؟ هل سيحبها أكثر مني؟
    أسئلة وأفكار مؤلمة تجعلني أتقلب على الجمر طوال الليل، وفي النهار أتماسك
    من جديد وأضع إبتسامتي الباردة على وجهي لكي لا يشمت بي أحد·

    من شدة إحساسي بالظلم، تفجرت لدي موهبة الشعر، فصرت أنظم القصائد، كلمات
    حية متدفقة من أعماقي تعبر عن أحاسيسي ومشاعري المعذبة تجاه كل ما يدور من
    حولي، كلمات عن الظلم والقهر الذي أتعرض له، عن حرماني من زوجي بلا سبب،
    وعن الإحساس المؤلم الذي تحسه به المرأة عندما تشاركها امرأة أخرى في
    زوجها·




    استفزاز مستمر


    سكنت شريكتي في فيلا مقابلة للفيلا التي أسكنها، فكانت بلكونة غرفتها تطل
    على بلكونة غرفتي، عرفت هي ذلك فصارت تتعمد استفزازي، فتخرج إلى البلكونة
    بملابس أنيقة وتقوم بحركات الدلع لإغاظتي وتذكيري بأنها أجمل مني·

    لم أترك ذلك يؤثر على علاقتي بزوجي وإنما على العكس تماماً، صرت أعامله
    بحب وحنان أكثر من السابق، ولم أمنع نفسي من التعبير عن مشاعري نحوه· فقد
    كنت أخجل من الصراحة في التعبير قبل ذلك، ولكن ما مررت به جعلني أكثر قوة
    وقدرة على التعبير، فصار يهوى أسلوبي في الحديث معه، وكانت هي تنام في
    الصباح ولا تنهض مبكراً، فكان يخرج من عندها ويأتي إلي ليأخذ حمامه، فأدخن
    ثيابه واعطره وأتناول معه الفطور، وأتحدث معه في أمور كثيرة لأنني انسانة
    واعية وأهتم بثقافتي عبر قراءة الكتب ومتابعة الأخبار، فكان مرتاحاً لذلك
    وراح يتهم زوجته الأخرى بالتفاهة والبلادة·

    مرت السنوات وأصبح لدي ثمانية أطفال وقد رزقت الأخرى بأربعة·

    حدثت بينهما المشاكل التي لم أشأ أن أتدخل فيها، لأنني لست طرفاً أساسياً
    بينهما، فلم تكن أخته تحب الزوجة أيضاً، وصارت تنتقدها باستمرار، وبالطبع
    لم تصبر المرأة على ذلك الوضع، فخرجت إلى بيت أهلها· زوجي لم يكن متعلقاً
    بها كثيراً، لذلك فإنه لم يتردد في تطليقها، وقد اشترى لها بيتاً منفصلاً
    وأسكنها مع أولادها وصار يرسل لها نفقتها بشكل مستمر، الى ان صارت تدعي
    بأنه قد ردها إلى عصمته، وهي في الحقيقة تكذب لأنه لم يدخل بيتها اطلاقاً·

    سارت الأمور لفترة على أحسن حال ولكن ما تخبئه الأيام كان صعباً للغاية·




    أزمة جديدة


    في إحدى رحلات زوجي إلى المغرب، تعرف على فتاة كان لها تأثير غريب عليه·
    أحس فجأة بأنه لا يستطيع الاستغناء عنها، وانه متعلق بها لدرجة انه صار
    ينفذ لها كل ما تريد بلا تردد· بات اسيراً لها، لا يسمع لغيرها ولا يرى
    سواها في هذا العالم· تزوجها وبقي معها لفترة طويلة وهو لا يريد مفارقتها·
    أنجبت منه ولداً هناك، ولكنه صحا من غفوته وأراد أن يستعيد توازنه، فطلقها
    وأعطاها جميع حقوقها، وطالبها برعاية الولد في بلدها ونصحها بعدم اللحاق
    به وإثارة الفضائح والمشاكل وهددها بعدم الإعتراف بالولد إن هي فعلت ذلك،
    فزواجهما كان سرياً ولم يعلم به أحد·

    كنت وقتها أحس بأن زوجي في خطر، وإنه قد تخلى عني بشكل غير ارادي· لم أفعل
    شيئاً سوى الصبر والدعاء له بالفرج حتى عاد إلي واعتذر مني وأخبرني بكل
    الحكاية، وهو متألم لأنه قد اخطأ بحقي مرة أخرى، وقد علل ذلك بأنه لم يكن
    بوعيه الكامل وانما كان شبه مخدر أو منوم مغناطيسياً·

    لم تتوقف المرأة عند ذلك الحد ولم تكترث لتهديداته لها، وانما صارت تتحرك
    للضغط عليه وابتزازه بشتى الطرق· كانت تتصل بي وتتحدث معي عن علاقته بها
    لتستفزني بغرض خلق مشكلة بيني وبين زوجي، ولكني واجهتها ببرود وعدم
    اكتراث، وأخبرتها بأنني على علم بكل شيء قد حدث بينكما، وإنني أعرف أيضاً
    بأنه لم يكن في وعيه الكامل، ولولا ذلك لما تقرب إليها أبداً، فالحب
    الحقيقي لا يمكن أن يحدث إلا بالوعي الكامل ودون تأثيرات شيطانية أو
    غيرها· كما أخبرتها بأنني متأكدة من أنها لا تعني له شيئاً بعدما هداه
    الله وافاقه من ذلك التأثير الشيطاني اللعين الذي قامت به معه·

    للأسف، عرفت اخت زوجي بأمر تلك المرأة فتبنتها تبنياً كاملاً لغرض إثارتي
    ومحاربتي كما تعودت أن تفعل دائماً· ساعدتها على الحضور إلى البلد وصارت
    تأخذها معها إلى بيوت الأهل والأقارب وتعرفهم بها على أنها زوجة أخيها
    الجديدة·

    علم زوجي بما يحدث، فغضب من تصرفات أخته، وتعجب من صبري عليها وهي تحاول
    إيذائي بهذا الشكل، ثم قام بتسفير المرأة بعد أن أعطاها المال لتبتعد عنه،
    وعاتب أخته على تصرفاتها الغريبة·
    بعد مدة بسيطة عادت المرأة مرة أخرى وقامت برفع دعوى قضائية ضده، فهي تريد
    إحضار ابنها لتبقى على كفالته، ولتحصل على فيلا ومصروف شهري لها ولإبنها·

    رفض زوجي ذلك وخيرها بين التنازل عن حضانة الولد ليعيش معنا أو التكفل به
    وهو في حضانتها هناك في بلدها، فرفضت التنازل عن حضانة إبنها وأخذت مبلغاً
    من المال وانصرفت· ندم زوجي كثيراً على كل ما سببه لي من آلام ومواقف
    نفسية مؤذية أدت إلى أذيتنا جميعاً وكان يردد دائماً (انا اللي جبته
    لنفسي)·

    احمد الله كثيراً ان عاد لي زوجي وايقن بأنني حبه الوحيد، وأنني صابرة
    وصامدة من أجل ذلك الحب الذي يمتلكني بصدق حقيقي لا زيف فيه، فمن أحلى ومن
    أغلى من شريكة العمر، النقية الطاهرة التي في قلبها نهر من العاطفة
    والعطاء الصابرة التي تغفر وتنسى وتصفح، والتي تبقى شامخة لا تنحني أبداً
    أمام رياح المؤامرات والدسائس، أم الأولاد الثمانية، بهجة الروح وهبة
    الخالق العظيمة· لست نادمة على صبري وتضحيتي فمن يحب بصدق لابد ان يضحي
    حتى النهاية·

    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الإثنين فبراير 22, 2010 10:01 pm


    |--*¨®️¨*--| حُـــكم مـــــــــــــــــــــــــؤبد .. |--*¨®️¨*--|


    هو شاب في الثامنة عشرة من عمره، تعرف على فتاة روسية
    شقراء ناصعة البياض، أحبها بقوة وانقاد وراءوها انقياداً كاملاً بلا أدنى
    تفكير· كانت متزوجة من رجل من جنسيتها ولكنها كانت على خلاف مستمر معه
    وتفكر بالخلاص منه لتبقى على حريتها· استخدمت الشاب العاشق لتحقيق غرضها،
    فقامت بالتخطيط معه لقتل الزوج، ثم نفذت الجريمة وهي معتقدة بأن لا أحد
    يمكن أن يكشفها أبداً، ولكن عدالة السماء هي التي أدت إلى كشف الجريمة وتم
    الحكم على تلك المرأة وعشيقها الشاب المواطن بالسجن المؤبد ·


    فما هي حال أسرة الشاب؟ وما هو وضعه بعد أن خسر مستقبله وحياته وأصبح
    سجيناً بين أربعة جدران؟ انه الإختيار الصعب الذي اختاره لنفسه، فليذق إذن
    ما جنته يداه على نفسه وعلى عائلته كلها·
    عندما تعرف عليها، سلبت لبه وأطارت صوابه· هي امرأة جميلة بشكل غير معقول،
    وهو إنسان بعيد عن جادة الخوف من الله· لقد تعود على سكة الحرام فهو يقضي
    معظم أوقاته يرتع في ساحاتها ويغتنم الفرص السانحة لتجربة كافة أنواع
    المحرمات المطروحة في أسواق الرذيلة ·


    منذ أن بلغ الخامسة عشرة من عمره صار لديه مجموعة من أصدقاء السوء
    يساعدونه على تنفيذ أفكاره البشعة· هو ولد مدلل، قلب أمه متعلق به بشكل
    غير اعتيادي، لأنه البكر وقرة العين، الغالي الذي جاء بعد إنتظار عدة
    سنوات· صحيح انها ولدت بعده خمسة من الأولاد والبنات، إلا انه كان يحتل
    مساحة في القلب لا ينازعه عليها أحد· ما يطلبه يجده بسهولة، وما يتمناه
    يحصل عليه على الرغم من أن عائلته ليست غنية، فوالده إنسان بسيط لا يملك
    الكثير ·


    كان والده يحبه أيضاً ولكنه كان يخاف عليه من كثرة التدليل، فهو ولد مندفع
    يرمي بنفسه نحو الخطر دون لحظة تفكير، يركض لاهثاً وراء المتع المحرمة
    ويتلذذ بالممنوعات منذ نعومة أظفاره، يدخن ويشرب الخمر ويقود السيارة بدون
    رخصة، ويفعل أشياء كثيرة تؤدي به في النهاية إلى الهلاك ·


    عملية تحكم
    كانت تربية هذا الولد عملية شاقة· فبصعوبة استطاع والداه ان يتحكما به،
    حتى لا يترك الدراسة ويكمل الثانوية، ولكنه لم يدخل الجامعة وفضل أن يعمل
    بتلك الشهادة فقط ·

    قام والداه بتزويجه وهو في هذا السن المبكر من أجل أن يبتعد عن الحرام
    ويكتفي بما لديه من حلال طيب· أراد والده ان يسبر غور اندفاعه بهذا الزواج
    بوضعه أمام المسؤولية خصوصاً وانه تعهد له بالإلتزام وترك المنكرات· ولكن
    للأسف فإنه بعد الزواج بستة أشهر فقط عاد الى دروب الشيطان وتعرف على هذه
    المرأة الغريبة وأقام علاقة محرمة معها وهو يعلم بأنها امرأة متزوجة وتقيم
    مع زوجها، ثم قام بتطليق زوجته بناء على رغبتها وإرضاء لها لأنها كانت
    تغار عليه من زوجته·
    هي انسانة خبيثة أدركت مدى تأثيرها على ذلك الشاب الطائش، فأقنعته بأنها
    تحبه حباً جنونياً، وانها لن تستطيع العيش بدونه· فطلق زوجته المسكينة
    التي لا ذنب لها وتفرغ لتلك الغريبة التي قادته إلى السجن والدمار ·

    طلبت منه أن يستأجر لها بيتاً خاصاً يلتقيان فيه بعيداً عن الرقباء،
    يتناولان فيه المسكرات والمخدرات ويمارسان الخطيئة، ففعل ما أرادت لأنه لا
    يستطيع أن يرفض لها طلباً ·


    الزوج المخدوع

    كانت علاقة تلك المرأة بزوجها متوترة جداً، فبعد أن أحضرها معه إلى هنا
    أذهلتها الحياة المرفهة وأحبت أن تعيش على راحتها في البلد، تتمتع بحريتها
    كما تشاء، فدبت الخلافات بينهما وصار يهددها بالتسفير من البلد لأنها على
    كفالته وهو يعمل مهندساً بإحدى الشركات الخاصة· عندها خططت للتعرف على شاب
    مواطن يضمن لها البقاء الشرعي في البلد· بسهولة بالغة حصلت على ما تريد
    وأصبح ذلك التعس كالخاتم بين يديها· كان على استعداد تام للذهاب معها إلى
    بلدها والإرتباط بها والعودة معاً بعد أن تحصل على طلاقها ·

    لقد خططت لكل شيء ولكن الزوج علم بنواياها الخبيثة، فقرر ان يسفرها ولا
    يطلقها لتحقيق ما تريد، لذلك اقترحت على عشيقها الشاب أن يساعدها على
    التخلص من زوجها ليتسنى لهما العيش سوياً· كان الشاب خاضعاً لها بشكل
    جنوني فوافقها على ما أرادت وشاركها في جريمتها البشعة ·

    قامت المرأة بإعداد مادة مخدرة وضعتها للزوج في العصير وقدمتها له بعد أن
    تناولا الطعام معاً وأوهمته بأنها لازالت تحبه وهي نادمة على أخطائها التي
    اقترفتها بحقه· صدقها زوجها وشرب كأس العصير ثم غاب عن الوعي تماماً· فتحت
    الباب وأدخلت صديقها الشاب وطلبت منه أن يقوم بطعن الزوج في قلبه· كان
    الشاب خائفاً مرتجفاً، فلم يتمكن من طعنه بشكل مناسب فأخذت السكين من يده
    وطعنته في أماكن متعددة من جسده فمات تحت تأثير تلك الطعنات· ثم قاما بلف
    الجثة وربطها جيداً وحملاها معاً إلى السيارة وانطلقا إلى أرض خالية ثم
    حفرا حفرة عميقة ألقيا فيها تلك الجثة الضخمة وغطياها بالتراب، واعتقدا
    بأن الأمور سارت كلها على أحسن حال وأن جريمتهما ستبقى مختفية عن الأنظار،
    ولكن عدالة السماء كشفت تلك الجريمة بشكل غير متوقع ·


    كشف الجريمة

    بعد أن نفذت العملية عاد الشاب إلى منزله، فكان منهاراً بشكل غير طبيعي،
    حاول أن ينام فلم يقدر فخرج من بيته وذهب إلى الوكر الخاص وتناول المسكر
    والمخدر ثم عاد الى منزله لينام نوماً مؤلماً تخللته كوابيس· انتابته حالة
    من الحمى والهذيان فصار يروي حكايته أمام أهله وهو لا يدري ما يقول· عرف
    الوالد بأن ابنه شارك في جريمة بشعة، وان حياته انتهت وأن مستقبله قد ضاع
    تماماً، فبقي حائراً هل يبلغ عنه، أم يسكت؟

    توسلت الأم زوجها أن لا يفعل شيئاً، فربما أصيب الولد بنوع من الهلوسة من
    تأثير المخدرات، وهو يقول أشياء غير حقيقية· توسلت الأم زوجها أن لا
    يحرمها من ولدها لمجرد الشك، فاضطر الأب للسكوت، ومنع ابنه من الخروج من
    المنزل حتى بعد ان تحسنت حالته·

    اعتقدت المرأة بأن عشيقها الشاب قد انهار واعترف بالجريمة لأنه غاب عنها
    واختفى فجأة ولم يعد يتردد عليها في وكرهما ولم يعد يرد على اتصالاتها
    المتكررة له· أحست بالخطر وصارت تخطط لإلباسه التهمة لتخرج هي منها
    كالشعرة من العجينة كما يقولون·

    كان للقتيل صديق من نفس الجنسية وهو على اطلاع كامل بجميع الخلافات بين
    الرجل وزوجته، وعرف أيضاً بأنها تخونه وانها تخطط للخلاص منه· قام ذلك
    الصديق بإبلاغ الشرطة عن اختفاء صديقه المفاجئ واتهم زوجته بأنها ربما قد
    دبرت شيئاً للتخلص منه ·

    قامت الشرطة بإستجواب المرأة فاعتقدت بأن من قام بالتبليغ عنها هو عشيقها
    الشاب، فاعترفت بأنه هو من دبر الجريمة وهو من قام بتنفيذها· هنا استطاعت
    الشرطة معرفة ما حصل للزوج بالاستعانة بالمعلومات التي اعترفت بها الزوجة،
    ثم قاموا بالبحث عن الشاب وتوصلوا إليه بسهولة ·

    عندما جاءت الشرطة لتلقي القبض على الشاب اعتقدت الأم بأن زوجها هو الذي
    قام بالتبليغ عن ولده، فاصيبت بصدمة كبيرة أدت إلى إصابتها بالشلل ·


    الإنهيار التام

    تم إيقاف المتهمين على ذمة التحقيق لمدة سنتين حتى تم إصدار الحكم بحقهما
    وهو السجن المؤبد لكليهما، المرأة بتهمة القتل العمد والشاب بالمشاركة
    بالجريمة·
    أثرت تلك الحادثة في أسرة الشاب تأثيراً سلبياً كبيراً· فالأم باتت
    مشلولة، وتم فسخ خطبة الأخت الكبرى بعد أن تراجع خطيبها عن الإرتباط
    بشقيقة مجرم· الأهل والجيران كلهم قاطعوا العائلة، وازدادت أزمة الوالد
    ولم يستطع تحمل ما حدث لعائلته فأصيب بأزمة قلبية مات على أثرها·
    لم تكن جريمة ذلك الشاب عقاباً له وحده وانما انعكست آثارها على جميع
    أفراد أسرته، هو نادم ندماً كبيراً الآن، ولكن للأسف فإن ندمه لن يفيده
    بشيء ·


    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الإثنين فبراير 22, 2010 10:08 pm


    ~*¤ô§ô¤*~ الرائحة الممــــــــــيزة .. ~*¤ô§ô¤*~



    عندما فكرت بالزواج والاستقرار، فاتحت والدي ووالدتي ففرحا
    وشجعاني على المضي قدما نحو حالة الاستقرار واستكمال نصف الدين كما
    يقولون، وبالطبع فإنني وكلت موضوع اختيار العروس إلى الوالدة وشقيقاتي
    المتزوجات ·
    بعد بحث وتقصي تم اختيار العروس المناسبة من وجهة نظرهن، فهي من بنات إحدى
    العائلات المعروفة، وهي تتميز بخفة الروح وطيبة القلب ودماثة الأخلاق،
    وبما أن عائلتها محافظة بعض الشيء فلم يسمح لي برؤيتها فاعتمدت على حسن
    اختيارهن ولم أشأ حتى أن أطلب صورتها ثقة بذلك الاختيار ·
    تمت جميع الخطوات من خطبة وعقد قران وتم تحديد العرس· وبالطبع فإنني قمت
    بالاقتراض من البنك مبلغا ضخما لتغطية كافة النفقات، مما أثر على الراتب
    القليل الذي استلمه، فأنا موظف بسيط أحمل شهادة الدبلوم التقني· وبالنسبة
    لمنحة صندوق الزواج فإنها تتأخر كثيرا وتتطلب الصبر الطويل·
    عموما ·· كل شيء يهون أمام الرغبة الحقيقية في الاستقرار وتكوين أسرة هانئة وسعيدة·
    كلما اقترب موعد العرس كلما ضاقت دائرة الديون حول رقبتي ، فالطلبات كثيرة
    لا أول لها ولا آخر، ونفوس الحريم مفتوحة على الشراء واقتناء ما يلزم وما
    لا يلزم لإظهار الأسرة بمستوى مادي أعلى من مستواها الحقيقي ··· وهذا
    بالطبع من دواعي ( الخقة ) التي تتميز بها حريمنا بشكل خاص وبلا منازع·
    عموما ··· فإنني سكت ولم أعترض لأنني كلما فتحت فمي لأقول شيئا ، صرخت
    الوالدة بوجهي قائلة : من يريد الزواج عليه أن ينفق ··· فلسنا أقل من
    عائلة فلان وعلتان، ألم تكن أعراسهم مكلفة ؟ أنت لست أقل منهم·
    أعود للرضا والسكوت وأصبر نفسي، فالجميع هنا يدفعون ما أدفع ويتحملون مثلي أوزار التكاليف التي تفرضها حريم الأسرة وليس رجالها·



    الدخول المحرج

    انتهت الاستعدادات وبدأت حفلة العرس ، وجاء موعد دخولي إلى القاعة والجلوس
    على الكوشة إلى جانب عروسي التي لم أكن قد شاهدتها من قبل · دخلت بخطوات
    سريعة وعيون الحريم تبحلق بي وكأنني مخلوق جاء من الفضاء· إنها لحظات
    ثقيلة وصعبة تمنيت لو أنها تلغى أو تمحى من مراسيم الأعراس، لا أدري من
    الذي شرعها أو فرضها، فماذا سيحدث لو أن العرس يقتصر على دخول العروس ثم
    خروجها لوحدها إلى سيارة العريس وينتهي الأمر ؟ فما الحاجة إلى هذا
    الاستعراض السخيف الذي جعلني أتصبب عرقا مع أن القاعة باردة· عموما فقد
    فكرت بأنه لا فائدة من الاعتراض والأفضل أن أستمر بخطواتي السريعة نحو
    الكوشة متحاشيا تلك العيون الفاحصة والمسلطة علي·
    لم أنتبه لعدد درجات السلم الذي يرفع الكوشة عن أرض القاعة، تعثرت وكدت أن
    أسقط ولكني تداركت الأمر بسرعة واستعدت توازني قبل أن أصبح مهزلة لجيش
    العيون التي تلاحقني· وصلت أخيرا إلى الكرسي المخصص لي وبعد أن استعدت
    أنفاسي نظرت إلى عروسي ولأول مرة·
    صدمت ···ما هذه المخلوقة التي تجلس إلى جانبي؟ هل هذه هي زوجتي التي سأعيش
    معها كل سنين عمري؟ هل هذا يعقل؟ مستحيل! لماذا كذبوا علي؟ لماذا امتدحوها
    أمامي؟ قالوا إنها تتميز بالجمال والرقة والعذوبة؟ أين الجمال؟ وأين الرقة
    ؟ وجه كبير مليء بالكتل اللحمية ··· أنف عريض ومسطح ··· عيون خالية من
    الجاذبية ·· ·شفاه عريضة ، جسد غير متناسق ··· هل هذه هي عروسي؟ فكرت
    بالهرب من أحد الأبواب الجانبية القريبة من الكوشة، ولكني تراجعت خوفا من
    أن تصاب أمي بسكتة قلبية إن أحرجتها بهذا الشكل، صرت ارتجف من شدة الغيظ
    وصار العرق يتصبب من جميع أجزاء جسدي حتى انتهت التمثيلية وخرجنا إلى
    السيارة المخصصة لنقلنا إلى المنزل·
    لم أتحدث معها بكلمة واحدة ··· فماذا أقول لها ؟ هي ليست مذنبة ··· الذنب هو ذنب والدتي وشقيقاتي سامحهن الله ·
    أوصلت عروسي إلى المنزل وأدخلتها الغرفة ثم تركتها وخرجت· كنت بحاجة للتنفس في الهواء الطلق، كنت أشعر بالاختناق·
    تمشيت على ساحل البحر وأنا أفكر بهذه البلوى التي ابتليت بها، مستحيل أن
    أتقبل مثل هذه المرأة في حياتي ··· إنها لا تشبه الصورة التي رسمتها
    لشريكتي· لمت نفسي لأنني لم أصر على رؤيتها الرؤية الشرعية التي أجازها
    الدين حتى يؤدم بين القلوب ويكون الزواج صحيحا بلا مفاجآت مهلكة·



    المواجهة

    قبل موعد أذان الفجر عدت للبيت فوجدت الجميع بانتظاري وهم مستغربين خروجي
    في مثل هذه الليلة· قلت لهم بصراحة: هذه المرأة لا تعجبني، ولا يمكن أن
    أتقبلها كزوجة·
    شهق الجميع من المفاجأة، ثم بذلوا جهودا مضنية لإقناعي بتغيير موقفي ولكني
    لم أتراجع عن عودتها لمنزل أهلها بأقرب وقت· توسلت أمي لإبقائها لمدة
    بسيطة منعا للفضائح فقبلت بشرط ألا يجمعني بها مكان واحد ·
    لم أعط لنفسي أية فرصة لمعرفة شخصية الفتاة، طباعها، أفكارها، سلوكها، كل
    ما كان يهمني هو شكلها فقط وكانت هذه هي غلطتي الكبرى بحق نفسي وبحق هذه
    المسكينة التي لا ذنب لها في كل ما حدث·
    بعد أسابيع طلقتها فهاج كل من حولي ووصفوني بأنواع الصفات السيئة فلم
    أكترث لهم وعدت لحياة العزوبية من جديد وأنا غير نادم على خسارتي المادية
    وسوء السمعة الذي سحبته ورائي·
    مرت خمس سنوات أتممت خلالها دفع كل ما علي من ديون، وقد نسي الناس قصتي
    وتغيرت مواقفهم نحوي، وعاد الأهل في إلحاحهم علي بالزواج وعدم البقاء
    وحيدا بلا زوجة وأطفال وحياة أسرية أقضي معها بقية العمر · كان حديثهم
    منطقيا قادني إلى التفكير بتكرار التجربة مرة أخرى خصوصا وأنني قد استعدت
    توازني المادي· لذلك قررت إعادة المحاولة من جديد ، وبالطبع فإنني لم أطلب
    المساعدة من أمي لأنها لازالت غاضبة من موقفي وقد حلفت ألا تتدخل في موضوع
    زواجي مرة أخرى لما سببته لها من إحراج كبير مع تلك العائلة· قررت
    الاعتماد على نفسي وعلى أصدقائي المقربين مشترطا رؤية الفتاة قبل البدء
    بالأمور الرسمية· أحد زملاء العمل تحمس لموضوعي بشكل واضح وصار يحدثني عن
    المواصفات التي يجب أن تتوفر في شريكة العمر وعن ضرورة التأكد من تلك
    المواصفات فالاختيار هو أصعب العقبات التي ترافق عملية الارتباط· سألته عن
    تلك المواصفات التي يقصدها، بما أنه قد سبق له الزواج ولديه تجربة ناجحة،
    فقال لي: الأمر الأول هو أن تكون الفتاة جميلة تنشرح النفس لرؤيتها ،
    ثانيا أن تكون سيدة منزل تعرف كيف تعد الطعام بنفسها لزوجها وأولادها وألا
    تعتمد على الخادمة، ثالثا أن تكون لطيفة المعشر مبتسمة لا تعرف النكد
    وليست لديها طلبات كثيرة حتى لا تحمل الرجل فوق طاقته ··· يا سلام ···عز
    الطلب ··· ولكن أين تتوفر مثل هذه الفتاة ؟ قال بحماسة واضحة : ولا يهمك
    سأكلف زوجتي بالبحث عنها وتأكد بأنك ستوفق إليها بإذن الله ·
    مرت أسابيع قليلة وأنا في انتظار مقلق استعجل صديقي لأعرف ماذا فعلت
    زوجته، وقد كان يلاحظ لهفتي فيردد ··· أصبر ··· الصبر خير· ثم جاءني بعدها
    يبشرني بأن زوجته قد عثرت على الفتاة المطلوبة وأنها رتبت مع أهلها موعدا
    لزيارتي لهم ولرؤيتها الرؤية الشرعية التي اشترطتها من قبل·



    تجربة جديدة

    تهندمت وتعطرت وبدوت بأحسن حال، ثم ذهبت للموعد المحدد، قابلت والدها فرحب
    بي ترحيبا طيبا ثم جاءت البنت لتسلم علي فوجدتها غاية في الرقة والجمال
    والأدب، جلست معنا لدقائق ثم استأذنت وانصرفت· تحمست كثيرا بعد رؤيتها
    وفاتحت والدها برغبتي في الارتباط بها، رحب الوالد وطلب مني مهلة للرد،
    بالطبع سيتم خلال تلك المدة السؤال والاستفسار عني وعن أحوالي· بعد
    أسبوعين أتصل بي صديقي ليزف إلي النبأ السعيد بالموفقة على ذلك الزواج·
    بدأت الاستعدادات اللازمة للعرس، ولم يكن الأمر معسرا كما حدث في زواجي
    الأول لأنني أعطيتهم مبلغا محددا وأخليت مسؤوليتي من جميع الالتزامات
    والتفصيلات، وكان في ذلك القرار راحة مادية ومعنوية لي· جاء موعد العرس
    وحانت لحظة دخولي إلى قاعة العرس لرؤية العروس· تلك اللحظات التي لا أحبها
    أبدا، عموما فقد كانت هذه المرة أخف وطأة من الأولى بعد أن أصبحت لي خبرة
    في هذا الموضوع· دخلت إلى عروسي فوجدتها بغاية الروعة والجمال فشكرت ربي
    على هذه النعمة·
    بعد الزواج بأشهر تيقنت بأن زوجتي سيدة منزل من الطراز الأول ··· تحب
    العناية ببيتها وتحب أن تطهو الطعام بيدها، ولا تحب وجود الخادمة· كل ذلك
    جميل وطيب ولكن! هذه الإنسانة تعتني بكل شيء إلا نفسها ··· إنها تقضي معظم
    وقتها في المطبخ والتنظيف فتكون رائحتها غير طيبة· رائحتها مزيج من
    إفرازات العرق والطبخ، وهي لا تستحم بعد المطبخ بحجة شعورها بالتعب· فتدخل
    سريرها وتلك الروائح التي لا تطاق تفوح منها· حتى إذا فكرت بأخذها معي إلى
    زيارة الأهل فإنها لا تغير ملابسها وتلبس العباءة فوق ثيابها الوسخة، ولا
    تبالي بإلحاحي عليها بتغيير تلك الملابس ووضع بعض العطور· صار جميع الأهل
    يغلقون أنوفهم إذا دخلت عليهم· وأنا بالطبع أبقى في حالة إحراج شديد حتى
    كرهت الخروج معها إلى أي مكان·
    نبهتها عدة مرات إلى هذا الخطأ الذي يقف حائلا بيني وبينها، حاولت أن تغير
    أسلوبها ولكن الرائحة الكريهة لم تشأ مغادرتها، فالملابس المعلقة في
    الخزانة وأجواء الغرفة والأثاث كله صار مغلفا بتلك الرائحة الكريهة التي
    صارت تبعدني عن منزلي وتنفرني منه ومنها ·
    تولدت بداخلي حاسة غريبة هي ملاحقة كل من تنبعث منها رائحة العطر والبخور
    ثم ما ألبث أن أتذكر بأن ما أفعله هو حرام فأستغفر ربي· قررت مع نفسي
    بأنني يجب أن أفكر بالزواج مرة أخرى لكي لا أقع في الحرام·


    مفاجأة غير متوقعة

    كنت في زيارة لمنزل أختي، جلست وأنا غارق في أفكاري وكانت نفسيتي متعبة ،
    استأذنتني أختي لأن لديها ضيفة ستودعها ثم تعود إلي· سمعت أصواتا عند
    الباب قبلات وسلام، ثم انصرفت المرأة فجاءت أختي واصطحبتني إلى المجلس·
    كانت رائحة البخور والعطر تملأ المكان، سألت أختي مستفسرا: ما هذه الرائحة
    الجميلة؟ ، قالت : إنها فلانه ما أن تدخل البيت حتى يمتلئ المكان برائحتها
    المميزة ··· فلانة! من هي فلانة؟ ذلك الاسم ليس غريبا علي ؟! نظرت أختي
    إلي باستغراب وقالت: هل نسيتها؟ إنها تلك الإنسانة التعيسة التي طلقتها
    دون سبب· ماذا؟ ماذا تقولين؟ هل هذا معقول؟ يا إلهي! إنه درس إلهي لتأديبي
    ··· لقد رفضت الفتاة وطلقتها لمجرد أن شكلها لم يعجبني ولم أعط نفسي
    الفرصة لمعرفة حسناتها وميزاتها· خجلت من نفسي وسألت أختي ··· لماذا
    تزورك؟ قالت: لقد ارتبطت بي بصداقة قوية على الرغم من كل ما حدث ، إنها
    مسكينة ···حظها قليل مع أنها بنت ناس ولديها صفات رائعة ·
    اتخذت قراري في الحال وأخبرت أختي بأنني أخطأت في تطليقها وأنني سأتزوجها
    من جديد لأكفر عن خطئي بحقها· جاءني الرد سريعا بالموافقة، فأخبرت زوجتي
    بقراري فانهارت وبكت واتهمتني بالظلم لأنها لم تقصر معي في شيء وأنها
    تتفانى في خدمتي ليل نهار · قلت لها : أنا لم أردك خادمة في بيتي ···
    أردتك زوجة تعتني بنفسها وبنظافتها، أردت أن أستنشق العبير الجميل منك·
    لقد أخبرتك وحذرتك مرارا ولكن كل ذلك لم ينفع معك فماذا يفيدني جمالك وأنا
    لا أستطيع التمتع به مع تلك الرائحة العجيبة التي صارت جدارا يفصل بيني
    وبينك ·

    بكت وتألمت ولكنها عادت للرضا وانهمكت مرة أخرى في حركة لا تكل ولا تمل
    وهي تعتني ببيتها ومطبخها وتعد وجبات الطعام المتعددة لنا ولجميع الجيران
    والمعارف· أما أنا فوجدت السعادة الحقيقية مع زوجتي الأولى التي تعرف كيف
    تكون أنثى حقيقية لشدة اهتمامها بي وبنفسها· فهي التي تتابعني بمكالماتها
    المليئة بالشوق واللهفة، وهي التي تستقبلني بحرارة كلما عدت من عملي وبنفس
    الشوق تودعني وبالعطر والبخور تلف المكان فأشعر وكأنني في حلم جميل لا
    أريد له أن ينتهي ·
    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الإثنين فبراير 22, 2010 10:14 pm


    |--*¨®️¨*--| صحوت أخــــــــــــــــــيراً .. |--*¨®️¨*--|


    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    سعاد جواد:

    كنت بحاجة لمثل هذا الموقف الصعب لأصحو من غفوتي؟ موقف شائك امتزج فيه
    الغش والكذب من جانبي والكثير من العبث من جانب ذلك الشاب الغريب، انه لا
    يدري بانه يتحدث مع امرأة متزوجة ولها ثلاثة أطفال، فهو قد أحب أختي،
    واستطعت ان اخدعه وأجعله يعتقد بانني انا هي، موقف غريب كشف لي حقيقة ذلك
    الشاب، وكشف لي حقيقتي أيضاً، الوضع السخيف الذي وضعت فيه نفسي كان هو
    السبب في إنقاذ أختي من براثن ذلك الماكر، ولحسن حظي فقد صحوت أخيراً·
    نعم، لقد افقت على حقيقة حياتي التي اعيشها، على تفكيري العقيم، على رغبتي
    في إنهاء حياتي، كدت ان أقدم على عمل يخلدني في نار جهم بمنتهى الجدارة
    والاستحقاق·· يا الهي، كم انا غبية· لا أدري من هو الجاني الحقيقي في
    قضيتي·· هل هو أبي؟ ذلك الانسان القاسي الذي كان يعاملني بمنتهى الوحشية؟
    أم هي أمي تلك الانسانة الضعيفة السلبية والتي لم تحاول يوماً ان تدافع
    عني وقد كنت بالنسبة لها مجرد عبء ثقيل تفكر في التخلص منه بأسرع وقت؟ أم
    ان الجاني الحقيقي هو نفسي التي تتمرد باستمرار ولا تتقبل الأمر الواقع
    ولا تتعايش معه؟ والله لا أدري· حكايتي معقدة بعض الشيء ولكنها ليست
    غريبة، انها تتكرر باستمرار في اماكن كثيرة، زواج فاشل ثمرته ثلاثة أطفال،
    ربما تتساءلون· لماذا اعتبره فاشلاً على الرغم من عدم حدوث الطلاق لحد
    الآن؟ صدقوني لا أدري لم يستمر هذا الزواج على الرغم من الفشل الذي يحيط
    به من جميع الجوانب·

    بيئة قاسية

    والدي رجل غني، انعم الله عليه بالكثير من الخير والنعمة، ولكنه انسان
    بخيل، غليظ القلب، خشن الطباع· كان يضربنا انا وأخوتي باستمرار ولاتفه
    الأسباب، نحن خمسة، ثلاثة أولاد يكبرونني وبنت واحدة تصغرني بثلاث سنين·
    ذاق اخوتي الثلاثة مر العذاب على يد والدي حتى تركوا له المنزل ورحلوا
    بعيداً عنا، لم يكملوا تعليمهم وتعلقوا بأذيال العمل المرهق في مناطق
    بعيدة لينجوا بأنفسهم من جوره وظلمه وأهاناته بعد ان رحل اخوتي لم يبق
    سوانا انا واختي، فتفرغ الوالد لكرهنا وتحقيرنا وضربنا لكل صغيرة وكبيرة،
    كان لأمي نصيب لا بأس به من الضرب على الرغم من كونها مطيعة ولا تطلب
    شيئاً، وتحاول إرضاءه بأي شكل· كنت أحب أجواء المدرسة، أجد فيها ما افتقده
    في بيتي، الحب، الاهتمام، الإلفة، كنت متعلقة بزميلاتي ومعلماتي بشكل
    كبير، كنت متفوقة وموهوبة، أشارك بأنشطة كثيرة، الكل يحبني، كنت اتمنى ان
    لا ينتهي اليوم الدراسي أبداً، فلا أريد العودة إلى بيتي الكئيب من جديد،
    كنت اصبر نفسي وانا في البيت على أمل ان تشرق شمس الغد فاذهب إلى المدرسة
    لاقضي فيها ساعات ملؤها السعادة والفرح· كنت احلم ان أنهي دراستي وان أعمل
    ويكون لي راتب، وان اختار شريك حياتي بعقل ناضج وإدراك كامل، ولكن والدي
    أراد غير ذلك، لقد وأد أحلامي كلها عندما قرر تزويجي، كنت في السادسة عشرة
    من عمري، ولست مهيأة للزواج في ذلك السن المبكر، ماذا أفعل؟ فقد طرق الباب
    رجل سيئ الحظ يريد الارتباط بي، فلم تنفع توسلاتي وبكائي أمام وحشية
    الوالد وضربه لي وتوسل أمي، فرضخت أخيراً وانتقلت إلى زنزانتي الجديدة·

    تزوجت رجلاً لا أدري هل هو ضحيتي أم انا ضحيته؟ لم احبه، على الرغم من
    طيبته وحبه لي، لم اتقبله يوماً، لم ابتسم له، ولم ارض عنه، فصارت علاقتنا
    الزوجية مبنية على مبدأ الاغتصاب المستمر· أنجبت اطفالي الثلاثة وانا في
    أسوأ حال من التوتر والإرهاق النفسي، فكرت يوماً ان اتصالح مع حياتي
    الزوجية، فطلبت منه ان يسمح لي بإكمال تعليمي، فرفض بحجة ان اطفالي صغار
    وهم بحاجة لوجودي معهم، لا أدري ماذا يشكل ذلك الوجود وانا لا اكترث لهم،
    أبعدهم عني قدر المستطاع وانغلق على نفسي في دوامة يأس وإحباط· لم اجد لي
    متنفساً سوى الورق والأقلام، فصرت أرسم وجوهاً مشوهة تحيطها الأشواك
    والدبابيس، ولوحات مخيفة مرعبة لم تعجب احداً أبداً· تركت الرسم وبدأت
    بكتابة الروايات، والقصص والأشعار، كلما تائهة ضائعة كلها تدور حول محور
    واحد وكأنها دوامات مجنونة لا تنتهي·

    قرار النهاية

    لم اجد في كل ما قمت به متنفساً حقيقياً يخفف من درجة الاحساس المر
    بالرتابة والموت، ففكرت بان يكون موتي حقيقياً، فما دامت الأحاسيس كلها
    ميتة فلماذا يبقى الجسد حياً؟ هكذا فكرت وقررت ان أنهي حياتي باسرع وقت
    ممكن· صرت أفكر باسهل الطرق التي تضمن لي الموت السريع بلا ألم، فلم أعد
    احتمل المزيد من المعاناة، بالطبع لم يكن الأمر سهلاً أبداً، فالموت
    السريع وبلا ألم يحدث في الأفلام فقط وليس في الحقيقة· وأنا في وسط تلك
    الدوامة المحزنة رن الهاتف·· من المتصل يا ترى؟ وفي مثل هذا الوقت؟ ذلك
    الجهاز الميت طوال الوقت، كيف عادت له الحياة؟ لا احد يكلف نفسه مشقة
    الاتصال بي، فمن يا ترى ذلك الذي يلح رنينه بهذا الشكل؟ شدني الفضول
    لمعرفة آخر مخلوق سأتحدث معه قبل موتي، ترى من سيكون له ذلك الشرف؟ انه
    رقم غريب، ضغطت على الزر فجاءني صوت دافئ جميل احدث زلزلة في كياني كله·
    صوت مليء بالغموظ والغرابة، على الرغم من حرارته، إلا انه تسلل إلى أعماقي
    فاصابني بالبرد والارتجاف· الو·· ارجوك ردي علي·· انا اتلهف لسماع صوتك،
    لا تحرميني منه، لم استطع ان اتحدث، اردت لذلك الصوت الاستمرار بتأثيره
    الساحر الذي اعادني للحياة من جديد· لماذا انت ساكته؟ تكلمي ارجوك· اجبته
    بصوت يشبه اللهاث، وهل تعرفني؟ أجاب: اعرفك اكثر مما اعرف نفسي، انت الحلم
    الذي انتظرته طويلاً· قلت له: يبدو انك اخطأت بالرقم، قال: كيف اخطئ وانت
    من اعطاني هذا الرقم، هل نسيتي؟ عندها تذكرت بان اختي كانت قد اخبرتني
    بقصة شاب يلاحقها بنظراته باستمرار، وقد احست بالانجذاب نحوه، لذلك فقد
    تجرأت واعطته رقم هاتفي انا، لانها لا تملك هاتفاً، وتوسلت إلي ان اسمح
    لها بالمبيت عندي الليلة لتتحدث معه، رفضت فكرتها ووبختها على تصرفها غير
    المسؤول، ولم اسمح لها بالمبيت في بيتي لانني كنت اخطط لنهايتي في هذه
    الليلة التي يبيت فيها زوجي خارج المنزل بحكم عمله· لا أدري كيف نسيت هذا
    الأمر كله ولم أعره الاهتمام·

    رواية جميلة

    اقنعت نفسي بان التحدث مع هذا الشاب هو أقل جرماً من فكرة الانتحار، فسمحت
    له بالاستمرار في محادثتي في الأوقات التي حددتها له أثناء عدم وجود زوجي·
    لا أدري لم اعجبتني الفكرة كلها وبقيت مستمرة في ايهامه بانني نفس الفتاة
    التي كان متعلقاً بها ولم أخبره بانها اختي، بصراحة كنت اشعر وكأنني غريق
    وجد قشته التي يريد ان يتعلق بها من أجل النجاة، فكانت حكايته مثل رواية
    جديدة فرضت نفسها علي وهي رواية تنبض بالحياة والاحاسيس المنعشة· تواصلت
    معه في الحديث، يوماً بعد يوم دون ان اخبر اختي، وصرت اتغير من الداخل،
    شعرت وكأنني أولد من جديد، نسيت بانني زوجة وأم لثلاثة اطفال، عدت لكوني
    مراهقة تترنح خدراً لكلماته العذبة الساحرة· بصراحة كانت كلماته اكثر من
    رائعة، كنت احلق معها في سماء السعادة والفرح، وكلما تذكرت حقيقتي والكذبة
    التي اخدع بها نفسي عدت لحزني وألمي، فهذا الشاب يتحدث مع فتاة اخرى هي
    اختي، فإلى متى ساستمر في خداعه وخداع نفسي وخداع اختي؟ شعرت بالغيره
    الشديدة منها، انها أفضل حظاً مني، فها هي تبلغ الثامنة عشرة من عمرها ولم
    يجبرها والدي على ترك الدراسة ولم تقنعها أمي بالزواج، ربما لانه لم يتقدم
    احد لطلب يدها، وإلا لكانت لاقت نفس مصيري بكل تأكيد، لديها فرصة لتعيش
    قصة حب رائعة مثل هذه، ولكن·· كيف يمكن ان تعيشها؟ انها شبه سجينة، لا
    يسمح لها بالخروج أو استخدام الهاتف، حتى عندما تذهب إلى المدرسة، فإن أمي
    تخرج معها في انتظار الباص ولا تعود إلا إذا تأكدت من جلوسها فيه، وعند
    عودتها من المدرسة فانها تقف في انتظارها، حتى هذا الشاب الذي احبها، لم
    يستطع ان يتحدث معها على الرغم من محاولاته المستميتة ومتابعته لها طوال
    الوقت، ولولا جرأتها في كتابة رقم هاتفي والقاءه من نافذة الباص لما
    استطاع ان يجد وسيلة للتحدث معها· انها متضايقة لانها تعتقد بانه قد تخلى
    عنها، فلم يعد يقف بسيارته في انتظارها عندما تذهب إلى المدرسة، وهو أيضاً
    لم يحاول الاتصال بها، وانا صرت انصحها بنسيانه لانه من الصعب عليها ان
    تعيش قصة حب وهي تحت الحراسة المشددة طوال الوقت· على الرغم من وخزات
    الضمير التي بقيت تلاحقني، إلا انني لم اكشف لها عن الحقيقة، واستأثرت به
    لنفسي·

    الخطوة التالية

    بعد مدة من ذلك الحديث الهاتفي احس الشاب بمدى التشاؤم الذي يخيم على
    أفكاري، فصار يشجعني على رؤية الحياة بشكل مختلف والتمتع بكل ما لدي فيها،
    فلم افهم مقصده ولم احس يوماً بان لدي اشياء تستحق التمتع· مرت فترة كافية
    وانتهت جاذبية الكلمات وصارت مكررة وعلى وتيرة مملة، فاخبرته بذلك فتشجع
    وطلب مني ان نخطو الخطوة التالية حتى لا تضيع الكلمات الجميلة وتعود
    لرونقها الدافئ، اعتقدت بانه سيفاتحني برغبته في الارتباط وهيأت نفسي لكشف
    الحقيقة، فلو كان صادقاً في مشاعره لقدر كل شيء واعطاه حقه، فاذا تمسك بي
    فانا على استعداد لفعل المستحيل من أجل الحصول على الحرية للارتباط به،
    وان حدث انه تمسك بحبه لاختي لشجعته على ذلك ولضحيت من أجلها، فما هي
    خطوته التالية يا ترى؟ انها على غير ما توقعته، فقد بدأ يلح علي لنلتقي،
    فاستغربت لذلك وسألته عن السبب· فقال لي باننا يجب ان نغترف من ينابيع
    السعادة الحقيقية معاً، هنا صدمتني الحقيقة المرة، هذا الانسان يهدف إلى
    التمتع فقط، وهو غير جاد في عواطفه، انه صياد ماهر يعرف كيف يختار فرائسه
    من بين الحواجز والحدود، مسكينة اختي، لو كانت هي المتحدثة معه لصدقته
    ولانجرفت بتياره الذي سيؤدي بها إلى الهلاك· هنا افقت من غفوتي وعرفت
    الحقيقة، ان الحب الذي اعتقدت بانني قد حرمت منه ما هو إلا عبث وأوهام
    يستخدمها مثل هؤلاء الشباب للوصول إلى غاياتهم الدنيئة فقط· للمرة
    الأخيرة، حاولت اختباره، فقلت له: سأعطيك فرصة لإثبات حسن نيتك، والتقدم
    للارتباط بي بعيداً عن العبث، فرد علي بمنتهى الوقاحة قائلاً: لست اؤمن
    بالزواج، انه قيد ثقيل يقيد الناس بلا فائدة، انه يقتل الحب والمشاعر
    الجميلة ألا تدركين ذلك، فالمرأة لن تحب زوجها ولن تعشقه مهما فعل، وكذلك
    الرجل· انه محق·· فهذا الرجل الذي تقدم وتزوجني دون لف أو دوران ودون عبث،
    لم أشعر بحبه وقيمته، ولو كان يلهو ويعبث لكنت اسيرة عشقه وحبه، انه أمر
    عجيب، لماذا لا نعرف قيمة ما اعطانا الله إلا بعد ان نمر بتجارب قاسية؟
    احمد ربي اني افقت من غفوتي وعرفت بان لي زوجاً طيباً يستحق الحب واطفال
    رائعين يستحقون الاهتمام، مزقت تلك الصفحة الطائشة من حياتي وبدأت أحيا من
    جديد·
    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الإثنين فبراير 22, 2010 10:19 pm



    |--*¨®️¨*--| " أبـــــا " .. بيـــــت |--*¨®️¨*--|



    سعاد جواد:

    الأفكار المفترسة تنهشني، ذئاب الحقد تعوي في أعماقي، تدعوني إلى طريق
    الحرام· انها تكبر كل يوم وتنمو كلما مضى يوم جديد في حياتي التعسة، وكلما
    زادت معاناتي زاد صوت الشر وارتفع بقوة·
    يا الهي··· كم أشعر بالظلم! هل استحق ما اعانيه؟ يا رب أنا مظلومة وليس لي
    سواك· إبعد هذا الصوت من رأسي· الشيطان يستغل ضعفي ويوسوس لي بأفكاره
    الخبيثة التي تتردد باستمرار· أنت غير ملامة··· الإنسان يجبر على سلوك
    الرذيلة،عندما يفقد قدرته على الاحتمال··· عندما تكون ظروفه أقوى منه···
    عندما لا يرحمه المجتمع··· ماذا يفعل؟ هل تقبلين أن تتمرغ كرامتك في الوحل
    من أجل المال؟ يمكنك الحصول على المال بطرق سهلة فلماذا تترددين؟ ولماذا
    تخافين؟·
    هذا الشيطان اللعين لا يكتفي بتوزيع مثل هذه الأفكار على مساحة يومي كله
    وإنما يعيد لي مشهداً أكرهه بشدة، مشهد وقوفي أمام صاحب المنزل وهو ينتصب
    أمامي صارخاً ومهدداً ومطالباً بدفع الايجار، ورأسي مطأطئة··· وصوتي
    مختنق، اتوسل إليه أن يمهلني حتى اتدبر الأمر· يضرب يداً بيد، وهو يعلم
    جيداً أنني لا أستطيع تدبير الأمر، فيقول: اسمعي··· لقد صبرت عليكم
    كثيراً· لا تبكي أمامي ولا تشتكي، فكلنا فقراء··· ما ذنبي أنا؟ أريد حقي·
    لديّ مسؤوليات··· ألا تفهمين؟ ولتعلمي جيداً بأن مبلغ الايجار قد ارتفع
    ولم يعد كما كان سابقاً، خمسة وعشرون ألفاً فقط··· في العقد الجديد سيكون
    خمسة وثلاثين ألفاً، فهل أنت مستعدة لدفع مثل هذا المبلغ؟ انصحكم أن
    تتركوا هذا المنزل وتبحثوا عن مكان رخيص يناسب امكانياتكم، ولن أصبر عليكم
    أنت واخوتك أكثر مما صبرت، فلكل شيء حد، هل فهمت قصدي؟
    ثم يدير ظهره راجعاً وهو يسب ويلعن الساعة التي أجر لنا فيها هذا المنزل·
    تنهمر دموعي مثل السيل الجارف، فهذا الذي يسميه بيتاً ليس سوى ملحق صغير
    يتكون من غرفة واحدة وصالة ضيقة، فأين أجد مكاناً أصغر من هذا وأبعد منه؟
    يا الهي! ألا يحس بنا أحد؟ ألا يفكر بنا أحد؟ ألا ينقذنا أحد؟ لسنا غرباء
    على هذه الأرض، فنحن أبناؤها، وكل ذرة من أجسادنا فيها من مائها وترابها،
    فهل يعقل أن نعاني كل هذه المعاناة لأننا لا نملك شبراً عليها؟

    صراع لا ينتهي

    روحي تفور ويصعد الدم إلى رأسي ويكاد يخرج من عيني، عليّ أن أفعل شيئاً·
    يجب أن اتصرف· يجب أن أجد حلاً· الوقت يمضي وموعد نهاية عقد الايجار
    يقترب··· ماذا أفعل؟ الشيطان يدعوني لطريق الانحراف، وهو مفتوح أمامي على
    مصراعيه، فتاة شابة في الثامنة والعشرين من العمر، لماذا لا تنبذ كل هذه
    المعاناة وتخطو خطوة واحدة لتحصل على كل ما تريد؟ لن يلومها أحد···
    المجتمع هو الذي ظلمها وهو الذي يتحمل الأثم كله·
    لعنة الله على أبليس وأفكاره اللعينة مثله· لن أرضى لنفسي ذلاً أكبر وأقسى
    من الذل الذي اعانيه بسبب الفقر والحرمان، لن أعيش حياتي وأنا أكره نفسي
    واحتقرها· السقوط لا يرتكبه إنسان سوي شريف، ولن أنسى نصائح جدتي الطيبة،
    بطاعة الله والابتعاد عن الحرام وعن طرق الشيطان· قيم كثيرة زرعتها في
    أعماقي لا يمكنني التخلي عنها مهما وصلت حالتي، فماذا أفعل إذن؟
    شمرت عن ساعد الجهد والاجتهاد وخرجت للمطالبة بحقي في الحصول على سكن
    حكومي· قصدت الدوائر الحكومية المسؤولة عن سكن المواطنين، قدمت الطلبات،
    فسقطت في ظلمة الأدراج بلا رجعة، وكلما اتصلت للسؤال عنها قيل لي··· سيأتي
    دورك··· انتظري··· اصبري ان شاء الله يصير خير، كلمات كثيرة تعبت من
    سماعها حتى بت مقتنعة بأن هذا الباب لا يأتي منه الفرج أبداً·
    اتصلت بإحدى الصحف المحلية وحكيت لهم حكايتنا أنا وأخوتي، اسرعوا إلينا،
    قاموا بتصوير البيت، واطلعوا بأنفسهم على وضعنا المادي السيىء، تم نشر
    الموضوع فتبعته ضجة كبيرة وردود أفعال كثيرة، أناس يتصلون ويتساءلون، هل
    هذا معقول؟ مواطنة تعاني كل هذه المعاناة مع أخويها دون أن تجد حلاً؟ هل
    هذا يعقل؟ نعم يا أهل الخير··· كل ما نشر كان صحيحاً مئة بالمئة، فماذا
    ستفعلون؟ لا شيء··· ابتعدت الأصوات وبهتت الاتصالات ونسي الأمر وكأن شيئاً
    لم يكن· لم يعد هناك من يكترث لهذه الإنسانة التي تتمرغ على جمر الحاجة·
    امرأة محسنة اتصلت، هي الوحيدة التي أثمر اتصالها عن موقف إنساني نبيل،
    تفضلت مشكورة بدفع ايجار سنة كاملة··· اسكتت ذئاب الخوف لفترة لا بأس بها،
    ولكن··· ما أن اقترب موعد نهاية العقد حتى عادت تلك الذئاب من جديد وصارت
    تنهش أعصابي وتدمرني وتقتلني في اليوم ألف مرة·
    ماذا أفعل ومن أين أدبر الايجار اللعين؟ واذا تركنا هذا المنزل···الى أين
    سنذهب؟ وفي أي مكان نعيش؟ تساؤلات تعذبني بقوة فلا استطيع أن أجد لها
    جواباً شافياً·

    ها هي حكايتنا

    عشنا أيتاماً أنا وأخواي، ذقنا الحرمان منذ طفولتنا بعد أن تسلط الداء
    الخبيث على أمي وأبي وجدتي فسلمهم للموت واحداً تلو الآخر· توفي والدي
    وأنا في الثانية عشرة من عمري بعد أن نهش السرطان امعاءه· تركنا نحن
    الثلاثة أيتاماً··· أخي الكبير الذي ولد معاقاً، وأنا وأخي الأصغر· ثم لحق
    الداء بأمي وانتشر في صدرها، ولم تنفعها العمليات التي أجريت لها، ولم
    تسعفها العلاجات والاشعاعات الكيماوية، فرحلت هي الأخرى وتركتنا لجدتي
    التي لم يبق لنا سواها في هذه الدنيا· وما أن كبرنا قليلاً حتى مرضت هي
    الأخرى بنفس الداء الذي هاجمها في حنجرتها فبقيت تعاني الآلام التي لا
    تطاق· كنت خائفة من رحيلها هي الأخرى فتركت دراستي وتفرغت للعناية بها،
    معاناة قاسية وسنين مؤلمة مرت عليّ وأنا أحاول جهدي استبقاءها بعيداً عن
    الموت· أخذتها إلى مستشفيات خاصة بعد أن أخبروني في المستشفيات الحكومية
    أن لا أمل في شفائها، اقترضت المال كي يعملوا لها عملية على يد أحد
    الاخصائيين الأجانب، وكنت اتشبث بالأمل كي لا ترحل عنا هي الأخرى ولكن لم
    أستطع أبعاد شبح الموت عنها فأخذها لترتاح في عالم بعيد عن شقاء الدنيا
    وآلامها وبقيت أنا وأخوتي لوحدنا·
    لم أترك الحزن يدمر حياتنا وقررت تحمل المسؤولية، فما ذنب أخوتي اذا لم
    افعل؟ صرت لهما الأم والأب والأخت، اعتنيت بأخي المعاق وساندت أخي الأصغر
    كي لا يضيع·
    أحرقت الأحزان وأشعلت شمعة الفرح والسعادة من لا شيء· تحديت الفقر، تحديت
    اليتم، تحديت كل الظروف من حولي وجعلت بيتنا سعيداً بأحاديث مفرحة اخترعها
    من أجل اسعاد أخوي بأي شكل·
    بلغ أخي الصغير الثامنة عشرة من عمره والتحق بالعمل العسكري في العاصمة،
    وصار يغيب عنا معظم أيام الاسبوع ويأتينا في نهايته فتمتلىء حياتنا
    بالبهجة والآمال الحلوة التي نحلم بتحقيقها في يوم من الأيام·
    ما يتقاضاه أخي صار يتوزع على الديون والقرض البنكي الذي أخذناه في فترة
    علاج الجدة ودفع الايجار المتأخر علينا، ولسد قسط السيارة التي تأخذه إلى
    عمله، ولمصاريفه الخاصة، فلا يتبق إلا القليل الذي لا يكفي لسد الايجار،
    فاختفت الفرحة بعمله وظهر شبح الايجار المخيف الذي دفعني للتفكير بأية
    وسيلة أعين بها أخي·
    بحثت عن عمل ولم أحصل عليه بسهولة، فماذا يمكن لفتاة ليس لديها شهادة ان تعمل؟ لقد تركت الدراسة في المرحلة الابتدائية، فماذا أفعل؟

    محاولات أخرى

    قررت العودة لمراجعة الجهات الحكومية المختصة بمنح سكن للمواطنين فوجدت
    الوعود والكلمات نفسها لا تتغير والموضوع يتطلب انتظاراً عقيماً لا أمل
    فيه·
    تلك المراجعات كانت تتطلب مني مصاريف كثيرة، فأنا أقيم في إمارة قريبة من
    إمارتي لأن الايجارات فيها أرخص، وبالطبع فإن التنقل بين الإمارتين يتطلب
    مبلغاً ضخماً بالنسبة لي، فكلما كنت أركب سيارة الأجرة، أجلس وعيني على
    العداد، وضربات قلبي تتسارع مع تكاته· انه جهاز عديم الرحمة يتحرك بسرعة
    ويحرق قلبي وأعصابي وكل ما في جيبي، وعندما يصل إلى مبلغ معين هو كل ما
    أملك، اطلب من سائق سيارة الأجرة التوقف، فأنزل وأكمل مشواري مشياً على
    الأقدام·
    اتطلع في وجوه الناس، هل كلهم مثلي فقراء ومتعبون؟ أنظر إلى الفلل الكبيرة
    الفخمة، يالسعادة من يعيش بداخلها، ليت لي مكاناً بسيطاً يظللني أنا
    وأخوتي، يكون ملكاً خالصاً لنا، لا يطردنا أحد منه، ولا يطالبنا أحد
    بالإيجار· ليتنا نملك غرفة واحدة نقضي فيها حياتنا بأمان بلا خوف وبلا
    تفكير وقلق· هل هذا حلم خيالي؟ هل هو شيء يصعب تحقيقه؟ والله لا أدري·
    قصدت إحدى الجمعيات الخيرية فقاموا بدراسة لحالتنا دراسة مستفيضة ثم قرروا
    صرف مبلغ خمسائة درهم كمعونة شهرية لنا، والله لست بحاجة لأي مبلغ··· أنا
    مستعدة أن اجوع وأن ابقى في ثيابي القديمة أعواما متواصلة، ومستعدة لأي
    شيء ولتحمل كل ما يمكن أن اتحمله، فقط أريد سكناً يؤوينا أنا وأخويّ·

    سؤال حائر

    لمذا لا تتزوجي؟ سؤال يكرره الكثيرون عليّ باستمرار· الزواج يوفر لك
    الاستقرار، يكون في حياتك رجل يعينك وينهي مشاكلك· فأقول لهم: وهل يعقل أن
    اترك أخويّ؟ أخي المسكين المعاق الذي ليس له في هذه الدنيا سواي، لا أحد
    يعتني به، كيف اتخلى عنه؟
    سيضيع إن فعلت، فهل يعقل أن أكون أنانية وأفكر بنفسي وسعادتي ولا أفكر به؟
    ثم ان أخي الثاني لازال صغيراً، هو في العشرين من عمره، لم يقف على قدميه
    بعد، لم يتزوج وكيف يتزوج وهو لا يملك المال الكافي وليس لديه سكن؟ هل
    اتركه هو الآخر وأبحث لنفسي عن الاستقرار بعيداً عن المشاكل؟ لقد نشأنا
    نحن الثلاثة معاً، ذقنا اليتم، ذقنا الجوع والحاجة معاً وارتبطنا برباط
    المحبة والاخلاص، وهذه نعمة نحمد الله عليها، لذلك فإنني لن أفكر بالزواج
    والتخلي عن أخوتي حتى لو اقتضى الأمر بقائي عانساً مدى الحياة·

    محاولة أخيرة

    نصحني الناس بالاتصال بالمسؤولين الكبار لحل مشكلتي· حصلت على بعض أرقام
    الهواتف، اتصلت وتحدثت مع بعض الموظفين العاملين لديهم فاعتذروا بحجة أن
    المسؤولين لديهم انشغالات كثيرة ووعدوني بأنهم سيتصلوا بي قريباً، فانتظرت
    ولم يتصل أحد، فعدت للاتصال بهم من جديد فسمعت نفس الاعتذارات، فأيقنت بأن
    الأمر لن يصل إلى أسماع المسؤولين وسيبقى بعيداً عنهم·
    أخيراً قررت اللجوء إلى هذا الباب، فقد اخبرني البعض بأنه باب مفتوح لكل
    الهموم، فالله أمرنا بأخذ الأسباب ولربما كان في نشر حكايتي سبباً في حل
    أزمتي ومشكلتي الخانقة·

    تساؤلات بسيطة

    ماذا لو تم بناء مساكن بسيطة بتكاليف قليلة ومساحة معقولة تغطي احتياجات
    الفقراء من ذوي الدخل المحدود، فتوزع حسب الأسبقية بلا تدخلات أو واسطات
    بعيداً عن أصحاب النفوس المصابة بالفجع والتي تسيطر على كل شيء ولا تفكر
    بغيرها ولا ترحم·
    لا نريد بيوتاً ضخمة ولا نريد مساحات شاسعة ولا نريد قروضاً نعجز عن
    سدادها، فالأرض التي نحصل عليها تحتاج للمال حتى تبنى ونحن لا نملك ذلك
    المال، كل ما نحتاج اليه هو بيت صغير ومعقول بلا أية ديون أو قروض· ماذا
    لو تم بناء شقق يستعين بها أمثالنا على مصاعب الحياة والايجارات
    المرتفعة؟، نحن فئة ضعيفة مغلوبة على أمرها والدنيا من حولنا تشتعل بلهيب
    الغلاء الذي لا يرحم، فكيف نقي أنفسنا جحيمه؟ إن المستقبل أمامنا مجهول
    ومخيف·
    لسنا حالة نادرة أو خاصة وإنما يوجد من أمثالنا الكثير، ولو تمت دراسة
    أحوال الناس لعرفت حقائق عجيبة وغريبة لا يمكن ان تصدق· عموماً··· أرجو أن
    لا أكون قد أطلت عليكم بهذياني، فما كتبت القصة لأتفلسف عليكم فكل ما
    أريده هو بيت··· يا جماعة افهموني·· أبا بيت·


    عدل سابقا من قبل المتميز في الإثنين فبراير 22, 2010 10:32 pm عدل 1 مرات
    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الإثنين فبراير 22, 2010 10:27 pm


    ][®️][^][®️][ بعيداً عن التجبر .. ][®️][^][®️][



    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    سعاد جواد:

    كان زواجي الأول عبارة عن صفقة تم عقدها بين زوجي ووالدي، وكنت مجرد طفلة
    في الثامنة عشرة من العمر، أبهرتني الهدايا والسيارة الفاخرة والمجوهرات
    فاعتقدت أنني أسعد إنسانة على هذه الأرض· ولكن بعد رحلة شهر العسل التي
    قضيتها في جولة رائعة لم أكن أحلم بها تكشفت لي الحقائق كلها، فزوجي
    تزوجني ليؤدب زوجته التي يعشقها فتعود لرشدها وتترك عنادها وتعود إليه،
    وبالفعل فقد تحقق له ما أراد· جاءتنا تلك المرأة وهي في كامل زينتها
    وكأنها ذاهبة إلى عرس· كانت جميلة جدا· صعقت عندما رأيتها، إنها أجمل مني
    وأنضج· بدوت أمامها كطفلة بلهاء لا أجيد التحدث والتصرف·

    ارتباك شديد

    جلست أمامي ونظرت إلي من عليائها وقالت أأنت زوجته الجديدة ؟ بدوت متلعثمة
    لا أدري ماذا أفعل؟، قلت لها بارتباك شديد: لم أكن أعلم أنه متزوج من
    امرأة جميلة بهذا الشكل· أدارت وجهها نحوي وقالت بازدراء: بل تعرفين أنت
    وأهلك كل شيء ولكن أمثالكم يبيعون أنفسهم بالمال· إحمر وجهي غضبا، انعقد
    لساني لفترة، ثم فكرت بأنني إن لم أرد عليها فإن النار ستأكلني فأجبتها
    بعد صمت طويل: أنا لم أخطف زوجك، لم أكن أعرفه ولم أسمع به من قبل، ولكن
    النصيب· أسكتتني بإشارة من يدها وقالت: لقد تركته لأؤدبه فقام هو بتأديبي،
    لقد تعادلنا وسيعود إلي وأنت ستكونين الخاسرة في جميع الأحوال، ثم تركتني
    وانصرفت·
    بعد أن خرجت من بيتي بكيت كثيرا، خصوصا وأن زوجي كان يختبئ خلف الباب
    ليسمع ما يدور بيننا، وعندما ذهبت فتح الباب وهو سعيد ومنتش بما حققه من
    انتصار· لم يكترث لدموعي وجرح كرامتي وكل ما كان يهمه هو النظر إلى الهاتف
    وترقب اتصالها لتبلغه بأنها راضية عنه وأنها عادت إلى منزلها مرة أخرى·
    وفعلا فقد تم له ما أراد واتصلت به واعتذرت منه وطلبت منه العودة إلى
    بيته· فما كان منه إلا أن أخبرني بأن أحمل أمتعتي التي لم يتسن لي ترتيبها
    في بيت الزوجية وأعود لمنزل أهلي، ووعدني بأنه سيعوضني ماديا عن كل ما
    لحقني بسبب هذا الزواج· هكذا بكل بساطة تم اللعب بي كورقة تافهة تم
    الاستعانة بها لفترة ثم الاستغناء عنها بعد أن إنتهت الحاجة إليها·
    تورمت عيناي من البكاء ولكنني تماسكت بعد أن شعرت بأن والدي مرض من شدة
    تأنيب الضمير، فخشيت أن أخسره وأخسر كل شيء· استعدت نفسي وقررت ان أنسى كل
    شيء وسألتحق بالجامعة لألحق بزميلاتي اللاتي سبقنني إليها· وعلى كل حال
    فقد حصل والدي على مبلغ لا بأس به يستعين به على تسديد ديونه التي عجز عن
    تسديدها بعد إحالته إلى التقاعد·

    زواج ثان

    مرت أربع سنوات، كنت منهمكة خلالها في الدراسة وقد أبعدت فكرة الزواج عن
    رأسي تقريبا لأنني أصبحت مطلقة وهذا اللقب كفيل بإبعاد الراغبين في
    الزواج· لكنني فوجئت يوما بوالدتي وهي تدخل علي مستبشرة، أخبرتني بأن هناك
    خاطبا يريد الارتباط بي· أكفهر وجهي واظلم قلبي، تملكني الخوف من أن تتكرر
    المأساة وأكون أداة جديدة يلعب بها رجل آخر لقضاء مصلحة ما·
    شعرت أمي بما يعتلج في صدري فطمأنتني إلى أن الأمر مختلف هذه المرة،
    فالخاطب هو شاب وسيم لم يسبق له الزواج· ما الذي يدعوه إذن للارتباط
    بامرأة مطلقة ؟ لابد أن في الأمر سرا لا أعرفه، والأفضل أن لا أرفض وأحاول
    أن أكسب الوقت لأعرف أكثر عن الأسباب التي جاء من أجلها لخطبتي أنا
    بالذات·
    طلبت أن تطول فترة الخطبة· وبعد محادثات هاتفية ولقاءات عائلية بيننا
    تأكدت من أنه شاب لطيف وطيب ودمث الأخلاق ولا يعيبه شيء، فقلت في نفسي:
    الأفضل أن أترك تجربتي الماضية وراء ظهري فقد عوضني الله خيرا بعد تلك
    التجربة الفاشلة التي مررت بها·
    بدأت أستعد لزواجي الجديد بعد أن أنهيت دراستي الجامعية بحسب الاتفاق الذي
    تم بيننا، وكلما اقترب موعد العرس كنت أشعر بالخوف أكثر وأكثر، فهل سيتغير
    معي ؟ وهل سيتخلى عني؟·
    تزوجنا وقضينا شهر العسل ولم يحدث ما توقعته، بل العكس فإنني وجدت بأنه
    كان إنسانا رائعا بمعنى الكلمة· لذلك أحببته بكل ما في الكلمة من معنى
    وتفانيت في إسعاده، ومساعدته في كل صغيرة وكبيرة في حياتنا· كان يعتذر مني
    لأن راتبه لا يكفي لسد جميع احتياجات الأسرة فوضعت راتبي تحت تصرفه، ألسنا
    نكمل بعضنا البعض؟

    نعم ···ولكن

    أنجبت ثلاثة أطفال وانشغلت بهم، ولكني لم أنس لحظة واحدة الاهتمام بنفسي
    وبزوجي الذي تطور في مجال عمله وتدرج في المناصب حتى أصبح مسؤولا كبيرا،
    وبالطبع فإن زيادة راتبه انعكست على حياتنا كلها، فانتقلنا إلى فيلا جميلة
    وراقية قمنا بشرائها وتأثيثها بأحسن الأثاث، كما أصبح لدينا خادمتان بدلا
    من واحدة· فشكرت ربي على هذه النعم وتفانيت أكثر وأكثر بالعناية بزوجي
    وأولادي·
    مرت عشر سنوات وأنا في سعادة لا توصف ولكن لاحظت بأن زوجي بدأ يتغير في
    الفترة الأخيرة، فقد صار يغيب عن المنزل بحجة العمل والمجاملات التي
    يقتضيها المنصب، وازدادت سفراته فصار يقضي أسابيع طويلة بحجة الارتباطات
    والمسؤوليات التي توكل إليه· وعندما يعود بعد غياب طويل فإنه لا يبدي شوقا
    أو لهفة لنا أنا وأولاده ويتحجج دائما بالتعب والإرهاق·
    حاولت أن أتكيف مع هذا الوضع الجديد إلا أن الوساوس كانت تملأ رأسي
    باستمرار فتمنع عني النوم والراحة· كيف أتأكد من أن زوجي مشغول فعلا بعمله
    كما يدعي وأنه ليس على علاقة بامرأة أخرى ؟ إنه أمر صعب علي لأنني لم
    أتعود أن أبحث في أشيائه أو أن أراقبه وأتتبع خطواته· كنت أثق به ولم أترك
    مجالا للشك لدخول قلبي ونفسي، ولكن الوضع الجديد الذي فرض نفسه على حياتنا
    يدعوني للتأكد·
    قررت أن أغير أسلوبي وأن أبدأ حملة بحث ومتابعة كي أصل إلى ما يريحني· قمت
    بتفتيش أشيائه كلها، الأوراق، الحقائب ذات الأرقام السرية، الجاكيتات·
    بحثت بدقة ولم أعثر على شيء· عندها قررت متابعته والمشي وراءه حتى أتيقن
    من عدم خيانته لي·
    خرج في مساء أحد الأيام بعد أن اعتنى بلباسه عناية فائقة وتعطر وتبخر
    وانطلق بسيارته الجديدة· خرجت وراءه، وبالطبع فإن الازدحام الخانق الذي
    ملأ الشوارع لم يعطني فرصة لمتابعته فضاع مني وسط الزحام وعلقت في الشارع
    وبصعوبة شديدة عدت لمنزلي وأنا حائرة ماذا أفعل وكيف أتصرف؟

    رجل آخر

    قررت الذهاب إلى مكان عمله والتعرف على بعض الموظفات العاملات تحت إدارته
    لمعرفة ما يدور من أحاديث عنه، فلربما وصلت إلى الحقيقة عن طريقهن·
    لم يكن صعبا الوصول إلى ذلك الهدف، فبعد زيارة بسيطة لأحد المكاتب تعرفت
    على موظفة يبدو من شكلها أنها ثرثارة تتحدث بكل سهولة دون أن أحتاج لجهد
    كبير لجرجرتها في الكلام· سألتها عن مديرها وكأنني قد جئت باحثة عن عمل
    لديهم ففاجأتني بقولها: إنه رجل لئيم وخبيث، يصعب التعامل معه، وأن جميع
    من في المؤسسة لا يطيقونه· قلت لها مستغربة: ولكن هذه الصفات لا تناسب
    مظهره، إنه وسيم ولطيف· قالت: من قال لك ذلك ؟ الوسامة لا تمت إليه بصلة
    وهو بعيد كل البعد عن الطيبة· إنه كالذئب تماما، ينظر إليك بنظراته الحادة
    فتموتين رعبا وخوفا منه، بصراحة أنصحك بعدم التفكير بالعمل في مؤسستنا،
    فمثل هذا المدير لا يرحم الموظفين، خصوصا الجدد منهم·
    لم أصدق نفسي هذه المرأة تتكلم عن زوجي ؟ هل هذا معقول ؟ إنه طيب وغاية في
    الإنسانية هل ما أسمعه حقيقي ؟ سألتها عن اسمه لأتأكد من أنها تعني الشخص
    نفسه، فأكدت لي بأن الأسم صحيح، فسألتها مرة أخرى، وهل هو ممن يقيمون
    العلاقات مع النساء؟ قالت: ومن هي تلك الغبية التي تفكر بإنسان مثل هذا ؟
    إنه ممقوت من قبل الجميع، وهو ليس من النوع الذي يكترث للنساء، إنه تركيبة
    غريبة، أعان الله زوجته عليه·
    لم أصدق كل ما سمعته، وقلت في نفسي: إن هذه المرأة ثرثارة، وهي ربما تكرهه
    لموقف حدث بينهما، وربما هي تنتقم لنفسها منه عن طريق تشويه سمعته·
    أردت أن أعرف رأي شخص آخر غيرها فذهبت إلى أحد المسؤولين في المكتب المختص
    بالتوظيف، فاستدرجته بالكلام ونقلت إليه ما تحدثت به تلك الموظفة دون أن
    أذكر اسمها، فاكفهر وجهه وأطلق كلمة شتم في زوجي ثم قال: مثل هذا الإنسان
    لا يستحق إلا هذه الكلمة، إنه إنسان ظالم لا يتق الله فيمن يعملون تحت
    إمرته·
    تعجبت لما سمعت، كنت ذاهبة للبحث عن أسرار زوجي وعلاقاته مع النساء
    فاكتشفت الوجه الآخر الذي يعرفه الناس به فتعجبت، كيف يمكن لإنسان أن يكون
    له مثل تلك الشخصيتين المتناقضتين، فطوال العشر سنين التي مضت من زواجنا
    ما وجدت منه إلا الطيبة وجمال الشخصية وجميع الصفات الحسنة، وهاأنذا أكتشف
    بأنه يعيش بشخصية أخرى خارج بيته، فكيف يمكنني استيعاب مثل هذا الوضع؟

    الخيانة والطلاق

    ركبت سيارتي بنية العودة إلى البيت، رن الهاتف فوجدت رقم زوجي·· غريبة! هو
    لم يتعود الاتصال بي في الفترة الأخيرة· ترى هل عرف بوجودي في مكان عمله ؟
    إنه موقف محرج ماذا أقول له لو سألني: ماذا تفعلين ؟ ولماذا تتجسسين علي ؟
    تغلبت على ارتباكي ورددت على مكالمته فأخبرني بأنه سيتغدى خارج المنزل·
    عاودني الإحساس بالشك فقررت العودة إلى نفس المكان ومراقبة سيارته
    ومتابعتها لأتأكد من المكان الذي سيذهب إليه·
    حالفني الحظ هذه المرة واستطعت ملاحقة السيارة بسهولة· فقد كانت الشوارع
    شبه خالية· الغريب أنه لم يذهب إلى أحد المطاعم أو الفنادق وإنما ذهب إلى
    بناية سكنية، ركن سيارته ودخل إلى تلك البناية، فتبعته بسرعة حتى لا
    تفوتني معرفة الطابق الذي صعد إليه، طلبت مصعدا آخر وصعدت وراءه بنفس
    الطابق وانتظرت هناك بتوتر شديد، توجد شقتان فقط في هذا الطابق، فهل أضرب
    الجرس لأتأكد من كل شيء، أم أنتظره حتى يخرج ؟ أم ماذا أفعل؟
    انتظرت قليلا فقطع ترددي خروج عائلة من إحدى الشقتين، إذن فهو في الشقة
    الثانية· وقفت أمام الباب وأنا ارتعد من شدة الانفعال، ضربت الجرس فلم
    يفتح الباب، ضربت الجرس مرة أخرى ولا أحد يرد علي، ثم وضعت يدي على الجرس
    ولم أرفعها حتى فتح الباب فظهرت امرأة، دفعتها من أمامي ودخلت· بحثت عنه
    في كل مكان فلم أجده، فاعتقدت بأنني أخطأت الطابق ولكن نظرة المرأة هي
    التي جعلتني أتيقن من أنها تعرف عن ماذا أبحث، إنها تبتسم بسخرية وكبرياء
    وهي تنظر إلي من طرف عينها·
    تلك النظرة ذكرتني بنفس الموقف الذي مر علي في زواجي الأول، نفس النظرة
    الحقيرة، كنت وقتها صغيرة وضعيفة، لم أكن قادرة على مواجهتها، أما الآن
    فلست كذلك· أنا في موقع القوة، هي أخذت مني زوجي فلتســتحي من نفســـــها
    ولتنكسر عينها·
    واجهتها، قلت لها: هل أنت زوجته أم عشيقته ؟ قالت لي بنفس الكبرياء: بل
    زوجته، صعقت وتزلزل كياني كله، ولكني تماسكت· كم أكره هذه المواقف·
    قلت لها: أين هو؟ قالت أبحثي عنه في أحد الدواليب، أو تحت السرير·
    لم أشأ أن أرى زوجي وحبيبي وهو في وضع شائن ومهين، لذلك قررت أن أتركه لها
    وأعود الى بيتي· يكفيني كل ما سمعته عنه وكل ما عرفته، فهذا الإنسان أحقر
    من أن يكون زوجي؟
    عدت الى بيتي وكل شيء بداخلي متصدع، روحي، قلبي، نفسي، كل أجزائي انهارت وتوجعت·
    أغلقت باب غرفتي وبكيت كبركان ثار أخرج كل ما في جوفه· مرت أيام ولم يعد
    إلى المنزل ولم يتصل ولم يرد على اتصالاتي، فبعثت له ''بمسج'' أطالبه فيه
    بالطلاق فأرسل لي ''مسجا'' آخر يقول فيه: أنت طالق·
    كان ذلك ''المسج'' قاسيا ومؤلما على الرغم من أنني أنا التي طلبت الطلاق
    ولكني لم أتوقع أن يصل به الحال إلى تطليقي بهذه الطريقة الغريبة· لم
    أستطع أن أخبر أهلي ولا أولادي بكل ما حدث بيني وبين زوجي، وقررت الانتظار
    حتى نهاية مدة العدة قبل أن أعلن للجميع نبأ الطلاق· كنت أفكر كثيرا بحال
    أولادي، والتأثير النفسي السيء الذي سيتركه هذا الأمر عليهم وكنت حائرة·

    عودة الزوج الضال

    بعد مضي شهر واحد على الطلاق، عاد زوجي إلى البيت وكانت حالته مزرية، طلب
    مني أن نتحدث فأعطيته تلك الفرصة فأخبرني بأنه طلق الأخرى وأنها مجرد نزوة
    عابرة في حياته، طلب مني مسامحته وعدم تقويض أركان أسرتنا بسبب ذلك الخطأ·

    أخبرته بصراحة بأنه قد سقط من عيني وأعلمته بالبغض الذي تركه لدى موظفيه
    لمعاملته اللا إنسانية لهم، واجهته بكل ما قالوه عنه· صدمته تلك الحقائق
    وبدا ضعيفا خائرا ذليلا· لا يدري ما يفعل، صعب علي فهو أولا وآخرا زوجي،
    حبيبي، والد أبنائي، سامحته شرط أن يتغير ويعود لإنسانيته بعيدا عن التجبر
    والظلم·

    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الإثنين فبراير 22, 2010 10:36 pm


    >> أمـــــــام المِـــــــــــرآة .. <<


    سعاد جواد:

    إنها تقف أمام المرآة ساعات طويلة بلا ملل، لا أدري لم هي معجبة بشكلها
    إلى هذا الحد؟ تدلل نفسها بنفسها، فلا أحد يكترث لها· بعد أن تنظر في
    المرآة طويلا وتقوم بحركات مختلفة تردد: فديتني ··· ما أحلاني· أمرها
    عجيب، لم تفلح في دراستها، وقد أعادت السنة الثانوية الأخيرة بسبب رسوبها
    في الدور الثاني ثم نجحت بمعدل بسيط لم يساعدها على دخول الجامعة·
    إنها أختي الوحيدة، وأنا أحبها، ولكنها تتصرف بشكل يثير توتري باستمرار·
    لا تحب المذاكرة وبمجرد أن تمسك كتابا تبدأ بالضجر والتأفف، وكأن هموم
    الدنيا حطت على رأسها، وسرعان ما تلقيه بعيدا عنها وتعود إلى متعتها
    المفضلة وهي الوقوف أمام المرآة·
    ترفع شعرها وتعقصه، تفكه وتربطه، ثم ترسم عيونها بالكحل والظلال حتى تبدو
    مثل الشيطان، ثم تبدأ بطلاء وجهها بالأصباغ المختلفة ثم تعاود التغني
    بجمالها وهي معجبة بنفسها إعجابا لا حدود له· بعد ذلك تنظر إلي بدلع
    لتستفزني وهي تقول: انظري إليّ··· ألست جميلة؟ وبالطبع فإنني أكون مستغرقة
    في مذاكرتي لأنني أدرس في السنة الجامعية الثانية ولا وقت لدي أضيعه معها·
    معظم وقتي أقضيه في الجامعة وعندما أعود فإنني لا أجد وقتا كافيا لإتمام
    واجباتي، فالمواد كلها صعبة وتحتاج مني إلى الجد والتركيز، وكيف يتم ذلك
    وأنا مضطرة للتعايش مع أختي التي تختلف عني اختلافا جذريا·
    عندما تجدني منهمكة في مذاكرتي وغير مكترثة لها، تفعل أمورا كثيرة
    لاستفزازي واستثارتي، فهي تستهزئ بي وبجديتي وتحاول إقناعي بوجهة نظرها
    قائلة: نحن خلقنا لنعيش معززات مكرمات في منزل الزوجية· لم نخلق لمثل هذا
    الهراء· أحاول إقناعها بأنني أرغب في الحصول على الشهادة لأنها ستكون
    سلاحي الذي أخبئه لتقلبات الزمن· وإنني أحب العلم وأشعر بأنني سأخدم
    مجتمعي بمهنة الصيدلة التي أدرسها، فتسكتني قائلة: أرجوك لا تتمادي في
    محاضراتك المملة··· فأنا لا أفكر مثلما تفكرين·
    تعود للانهماك بأمورها السخيفة فتقوم بطلاء أظافرها، ثم تفتح دولاب
    الملابس وتبدأ بحشو جسدها في ثياب كلها أصغر من حجمها، فهي تحب الملابس
    الضيقة، حتى أن معظم الثياب التي تشتريها تتمزق عليها بعد اللبسة الأولى،
    ولا أدري لم لا تريح نفسها بلباس واسع خصوصا في البيت·
    هوايتها الثانية هي الخروج للتنزه، ففي كل ساعة تخطر على بالها فكرة جديدة
    تقترحها علينا للذهاب إلى هذا المكان أو ذاك، وبالطبع فإن كل خططها تلقى
    المعارضة من أمي التي تعود من عملها منهكة ولا تحب الخروج من المنزل إلا
    في الإجازات·
    عندما ترفض أمي مقترحاتها تتذمر وتردد كلمات كثيرة مللنا من سماعها، ثم
    تبدأ هوايتها الثالثة وهي اللجوء إلى الهاتف والتحدث المتواصل مع
    صديقاتها· أحاديث سخيفة مملة لا أول لها ولا آخر·

    شعور مؤلم

    كنت أحيانا أشعر بالظلم لأنني مضطرة للتفرج على هذه المهزلة اليومية، فأنا
    أشاركها نفس الغرفة ولا مفر لي من التعايش مع هذا الوضع المزعج·
    على فكرة··· نسيت أن أذكر إحدى هواياتها الهامة في حياتها· إنها الأكل···
    ففمها لا يمل من المضغ ولا يخلو أبدا· مكسرات، تشيبس، حلويات· تفتح
    الثلاجة ولا تسأل لمن هذا الطعام بل تنهشه بلا تفكير، فلا أحد يحق له
    إخفاء وجبة طعام، خصوصا إذا كانت من أحد مطاعمها المفضلة، البيتزا،
    والهامبرغر·
    أما من الناحية الدينية فهي تصلي فروضها في آخر لحظة قبل انتهاء الوقت،
    ولا تصلي إلا إذا تم تذكيرها لمرات متعددة بقرب فوات الوقت، ومعظم صلواتها
    قضاء·
    كنت أدعو ربي بصدق أن تتزوج بسرعة مع أنها أصغر مني، لأنها تعيش بلا هدف·
    فلا دراسة جامعية ولا عمل، حلمها الوحيد الذي تسعى إليه هو الحصول على ابن
    الحلال الذي يحقق لها رغباتها المتعددة التي عجزت أسرتنا عن تحقيقها·
    أتمنى من كل قلبي أن يتحقق حلمها الوحيد فتتزوج وتذهب بعيدا عني· ولكن
    يبدو أن هذا الحلم لن يكون قريبا لأنها مازالت في الثامنة عشرة من عمرها·
    تردد دائما بأن أمي تفرق بيننا، أنا وهي، مدعية بأنها تحبني أكثر منها،
    وبالطبع فإن ذلك لم يكن صحيحا، لأن أمي تحبنا نحن الاثنتين بنفس القدر،
    ولكنها غير راضية عن تصرفات أختي وطريقة تفكيرها، وهي تنتقدها باستمرار
    بسبب عدم اهتمامها بالمذاكرة، وبسبب إلحاحها الكبير للحصول على أشياء
    كثيرة ترهق ميزانية الأسرة، فهي تحب التسوق والتنزه والسفر، وبالطبع فإن
    في كل ذلك تكاليف كثيرة لا تطيقها أمي·

    المواجهة الحادة

    في أحد الأيام حدثت بيني وبينها مشادة كلامية حادة فأسمعتها رأيي فيها
    بصراحة· أخبرتها بأنها إنسانة فاشلة تعيش بلا هدف، والأفضل لها أن تفكر
    بطريقة أكثر فاعلية فلا تشكل عبئا على والدتنا المسكينة التي تتحمل
    نفقاتنا لوحدها بعد أن طلقها والدنا وتزوج غيرها ولم يعد يسأل عنا، لا من
    قريب ولا من بعيد·
    أمنا المسكينة تتحمل صعوبات وضغوطات كثيرة لتؤمن لنا احتياجاتنا، وعلينا أن نكون جادتين في مساعدتها وعدم تحميلها أكثر من طاقتها·
    نظرت إليّ أختي نظرة حزينة وقد تأثرت بكل كلمة قلتها لها وقالت: ماذا
    تقترحين عليّ أن أفعل؟ قلت لها: كوني جادة وابحثي عن عمل واشغلي به نفسك
    بدلا من الوقوف أمام المرآة والتحدث الممل في الهاتف وتناول الطعام طوال
    الوقت· فمن يضمن لك مجيء الخاطب بعد عام أو عامين أو أكثر، إن انتظارك
    للزواج سيطول كثيرا إن أصبح هو شغلك الشاغل في الحياة، انسي هذا الأمر
    وابحثي عن عمل·
    دمعت عيناها من صراحتي وقالت: أين سأجد العمل؟ قلت لها: إن خالتي تملك
    محلا لخياطة وبيع العباءات، اطلبي منها أن توظفك لديها فهي لن تعارض تلك
    الفكرة وسترحب بها· قالت: اخبريها أنت وسأطبق ما ترينه مناسبا· قالت تلك
    الكلمات ثم انصرفت إلى شأنها·
    أعرف أنني كنت قاسية عليها، ولكن كان لابد من تلك القسوة لتصحو وتستيقظ من خدرها وتفعل شيئا لصالحها·
    كان تفكيرها جادا هذه المرة، فقد تحدثت بنفسها مع خالتي وأبدت رغبتها في
    العمل عندها فرحبت خالتي بالفكرة وبدأت أختي مرحلة جديدة من حياتها·

    حياة مختلفة

    العمل في المحل ليس سهلا، عليها أن تنهض بشكل مبكر وتبقى طوال اليوم هناك،
    تتلقى اتصالات الزبائن وتأخذ المقاسات وتكتب الفواتير· أرادت أن تتراجع عن
    الفكرة ولكنها خشيت أن نتهمها بالفشل في كل شيء فواصلت عملها بنشاط وحيوية
    وصارت تلتقط الزبونات باسلوبها اللطيف ووسائلها الجيدة في الإقناع
    والتأثير عليهن· حاولت أن تكسر قاعدة الفشل التي لازمتها في سنين الدراسة
    وارتسمت على وجهها علامات السعادة والرضا· وبالطبع فهي لم تنس أبدا هدفها
    الرئيسي الذي تسعى إليه بجدية وهو البحث عن ابن الحلال الذي يخلصها من
    مشقة العمل ويريحها في بيت الزوجية·
    راحت تبحث عن أم أو أخت لشاب مناسب من بين زبوناتها، وبالطبع فإن معظم
    الزبونات كن من الشابات المتزوجات أو غير المتزوجات، ولم يكن من السهل
    إفهامهن بأن الموظفة التي يتعاملن معها تبحث عن ابن الحلال·
    المحل الذي كانت تعمل فيه يقع في أحد مراكز التسوق وقد شاهدت نماذج مختلفة
    من الشباب المختلفين في الأصول والأجناس والمستويات المادية· حاول البعض
    منهم استدراجها بهدف التسلية وإقامة العلاقات التي لا هدف لها، ولكنها
    كانت ذكية تعرف ما تريد· رفضت تلك العروض وبقيت تنتظر·
    بعد سنة واحدة من عملها أحست بأنها متورطة، ذلك لأن حلمها أصبح شبه مستحيل، فمن يفكر بالارتباط بفتاة تعمل بائعة؟
    ولأنها لا تحب أن تعمل، وكل ما تحلم به هو أن تكون زوجة لرجل يضمن لها
    عيشا مريحا في بيت مستقل، تصحو من نومها متى شاءت وتتصل به ليسمعها كلاما
    جميلا وفي المساء يأخذها إلى التنزه في مراكز التسوق والمطاعم والأسواق،
    ولا يبخل عليها ويدللها فتنجب له البنات والبنين··· تركت العمل وجلست في
    البيت مرة أخرى·
    شعرت بالغيظ الشديد منها وصرت أتعامل معها بعصبية شديدة· حاولت أن
    تستميلني للتعاطف معها والاقتناع بوجهة نظرها، ولكني فكرت بمدى المضايقة
    التي ستسببها لي وهي تمارس هواياتها البغيضة المزعجة لي في الوقوف أمام
    المرآة والتغني بجمالها، وفي التحدث الطويل المزعج عبر الهاتف، وفي الجلوس
    أمام شاشة التلفاز والتهام الأطعمة بلا تفكير·
    حاولت أن تغير من سلوكها كي لا تغضبني، فصارت تفتعل السكينة، تمسك كتابا
    أو مجلة، تضغط على نفسها كي تقرأ قليلا، ولكنها تقلب الصفحات بسرعة ثم
    تبدأ بالتثاؤب وتترك ما بيدها وتنام·
    أجبرت نفسها على تغيير نظام النوم، حيث صارت تنام في فترات مذاكرتي، وتصحو
    عندما أذهب للنوم، فتغلق علي باب الغرفة وتجلس في الصالة أمام التلفاز،
    تضع إلى جانبها الهاتف وفي حضنها صينية الطعام· بقيت لفترة على هذا الحال
    الذي لم يعجب الوالدة، فنهرتها ومنعتها عن السهر طوال الليل، فعادت
    لنظامها القديم بعد أن نسيت الموضوع كله·
    لم تعد تكترث لي، وعادت لممارسة هواياتها كلها دون أن تعطيني وقتا للمذاكرة أو الراحة، فماذا أفعل؟

    البحث عن حل

    قررت مفاتحة خالتي في هذه المعاناة التي تسببها لي أختي، فخالتي هي أقرب
    الناس إلى نفسي، وهي تملك الحكمة والعقل الراجح، أستأنس برأيها وأحب
    نصائحها وكلماتها· أخبرتها بكل ما تفعله أختي ومدى تأثير ما تقوم به علي،
    فابتسمت وقالت: يا ابنتي··· إن تواجدكما معا أنت وأختك هو تواجد مؤقت،
    ستشتاقين إليها كثيرا في المستقبل، فهي ستكبر وتنضج وتتغير وستتزوج وتكون
    لها أسرة تنشغل بها· وأنت أيضا ستكون لك مشاغلك وحياتك الخاصة، ستشتاقين
    لها وتتذكرين كل ما كانت تقوم به، وما تعتبرينه الآن مضايقة كبيرة لا صبر
    لك عليها، ستضحكين منه لاحقاً··· وسيصبح كل الذي تحسينه نحو أختك مجرد
    ذكريات تبتسمين عندما تمر بخاطرك· الزمن يا ابنتي يغير الأحوال ولا شيء
    يبقى على حاله أبدا، وكلما مرت السنين فإننا ننسى آلامها ومتاعبها ونتذكر
    فقط ما هو جميل فيها·
    سكتت خالتي وبقيت سارحة والابتسامة مرتسمة على وجهها، فسألتها: بماذا تفكرين يا خالتي؟
    قالت: تذكرت حياتنا أنا وأمك عندما كنا في نفس عمركما أنت وأختك· كانت أمك
    المدللة عند والدتي وكنت أتضايق كثيرا منها لأنها تفضلها عني في أشياء
    كثيرة·
    كنت اعتقد بأنني لا أحبها بسبب ذلك التفضيل، ولكن بعد مرور الزمن أدركت
    بأنني أحب أختي حبا عميقا وكبيرا يجعلني قلقة عليها باستمرار، أفكر بها
    كما أفكر بنفسي، أفرح لفرحها وأحزن لحزنها· أنت أيضا سيكون هذا إحساسك نحو
    أختك في المستقبل فاصبري على ما تفعله معك، فلكل إنسان طبيعة وشخصية ميزها
    الله بهما، فلربما تكون أختك زوجة ناجحة وربة بيت ممتازة مادامت لا تملك
    مواهب في اكتساب العلم والتحصيل الدراسي·
    أعجبتني كلمات خالتي، وصرت أنظر لأختي بعين الحب والتفهم، وأراها وهي تقف
    أمام المرآة تدلل نفسها··· فأبتسم من قلبي، تستغرب هي وتحاول استفزازي
    ولكني ابتسم لها وأعود للاستغراق في المذاكرة التي أحبها·
    أحمد ربي كثيرا أن ميولي غير ميول أختي وأن رغباتي غير رغباتها وإلا لكنت الآن أتنافس معها على المرآة الوحيدة الموجودة في غرفتنا·


    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    البيوت أسرار ..  سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة Empty رد: البيوت أسرار .. سلسلة قصص واقعية من الإمارات للعبرة

    مُساهمة من طرف المتميز الإثنين فبراير 22, 2010 11:05 pm


    ][ من المســـــــــــــــؤول .. ][




    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


    طرقات خفيفة على باب غرفتي أعلنت تردد صاحبها· كنت قد رجعت
    للتو من عملي وبالكاد أغلقت باب غرفتي علي· عاد الطارق يدق بابي من جديد
    بذات الخفة ونفس التردد· قلت: تفضل·
    فتح الباب ببطء ثم تبينت أن والدتي هي صاحبة الطرقات لكنها كانت مترددة في
    الدخول وعلى وجهها قلق واضح· قلت: خير إن شاء الله يا أمي··· أقلقتني''·
    دلفت إلى الغرفة بدون أن تقول شيئاً· أغلقت الباب وجلست قبالتي على السرير
    تتجنب النظر في عيني· أقلقني منظرها· أعدت السؤال: ''خير إن شاء الله''·
    أمسكت بيدي محاولة إخراج الكلمات من حلقها··· أفزعتني طريقتها، فقد عاشرت
    أمي ما يزيد على الثلاثين عاماً ولا أذكر أنني رأيتها بهكذا حالة· توسلتها
    أن تتكلم··· أخيراً قالت: ابنتي العزيزة··· أنا أعلم أنك ابنة بارة عاقلة
    قنوعة راضية بما قسم الله لك· وأدرك جيداً بأنك مؤمنة أنه لو كان لك نصيب
    لتتزوجي لتزوجتٍ ولو وقفت كل الدنيا في وجهك''·
    ماذا تعني أمي بتلك الكلمات؟! ومنذ متى أصبحت تتحدث بهذه الصراحة؟! ولم
    تتكلم بهذا وهي تعلم جيداً بأن ذلك يؤذيني؟! وهل أيقنت أخيراً بأنها هي
    وأبي وضعوا آلاف العقبات دون تزويجي لذا جاءت تعتذر؟!
    أردفت أمي قائلة: اسمعي يا ابنتي··· لقد تقدم لأختك شاب لا يمكن رفضه· شاب
    رائع بكل المعايير· خلوق، متدين، ابن عائلة ومقتدر، وبصراحة تحدثت مع
    والدك ووافق على الموضوع··· فما رأيك أنتِ؟·
    أحسست بثقل الدمعة التي تجمعت في عيني وأبت لكبريائي أن تسيل· قلت: على
    أساس أنكم لا تقبلون بتزويجنا ونحن لازلنا على مقاعد الدراسة··· وما زال
    أمام أختي أكثر من سنتين لتتخرج من الجامعة!· قالت: ''بصراحة، لا نريد أن
    نكرر ذات الغلطة''·
    سكتت برهة كأنها لا تريد أن تخوض في التفاصيل أكثر متجنبة النظر إلى عيني·
    ثم قالت: أختك أيضاً وافقت وإن تسهلت الأمور فسيكون كتب الكتاب قريباً إن
    شاء الله··· كوني مستعدة''· قالت كلماتها تلك وأسرعت بالخروج من الغرفة
    تهرب بملامح وجهها عني··· أما أنا فتركتني خلفها منقبضة القلب·

    موجات الألم

    أحسست بقسوة كلماتها رغم كل محاولاتها إظهار حنانها·· أحسست بأن كلماتها
    كانت كضربات سياط متلاحقة لا ترحم·· إذن كنت أنا فأرة التجارب·· وبعد كل
    هذا العمر جئتم لكي تهدونني صك العنوسة مجاناً·· وأنتم تعلمون جيداً كيف
    ينظر مجتمعنا لمن تتجاوز الثلاثين من عمرها دون زواج بل وكيف ينظرون إلى
    من يتجاوزها الزواج إلى من تليها خصوصاً وإن كانت في هذا العمر·· لست
    أعترض على قضاء الله تعالى، بل أعترض وأستغرب من هذا الانقلاب المفاجئ··
    فطوال سنوات دراستي تقدم لي خطاب من أفضل الشباب، وكنتم ترفضون بحجة إتمام
    دراستي·· وبعد التخرج أيضاً كانت حجتكم أنه لا بد لي من أن ''أعيش حياتي''
    و''أعمل'' قبل أن أتزوج·· وأنتم تعلمون جيداً أنني لا أرغب بالعمل، إلا
    أنني خرجت إليه مرغمة كي أساعد في مصاريف البيت الذي أهمله والدي برغم
    ثرائه، والذي كنت أحسب أن وظيفته الوحيدة تجاهي هو أن يغلق بابي أمام
    الخطاب بقوله: ''لا·· هي ما زالت صغيرة!!''·· وهكذا انفرط عقد شبابي وأنا
    أنتظر ذلك الوقت المناسب من وجهة نظركم لكي توافقوا على تزويجي·· وبدأ عدد
    الخطاب يتناقص تدريجياً حتى لم يعد يطرق بابي طارق·· وتحول الجميع من بابي
    إلى أبواب أخواتي اللاتي تصغرني أكبرهن بأكثر من عشر سنوات·· والآن لم يعد
    قانوناً أن تنتظروا إتمام الدراسة أو العمل·· والآن تخافون عليهن أن
    يصيبهن ما أصابني من عنوسة وقهر·· والآن أيقنتم أن ما جنته يداكم تجاهي
    كان خطأً·· والآن لا يمكنكم رفض هذا القادم لأنه قد لا يتقدم لأختي أفضل
    منه·· سبحان الله!!!

    تلك حياتنا

    كان أبي دائم السفر والترحال بحكم عمله·· لذا لم يكن يقيم عندنا كثيراً
    ولم يكن بيننا ذلك الارتباط العاطفي أو المعنوي المفترض أن يكون بين الأب
    وأولاده·· وكانت أمي هي المسؤولة مسؤولية مباشرة عنا·· وربما لشعورها بثقل
    تلك المسؤولية صارت تعاملنا بتسلط كبير·· فالممنوعات كثيرة·· والمحظورات
    أكثر·· وصرت أحلم باليوم الذي أنطلق فيه بعيداً عن سياج هذا البيت إلى
    أسوار بيت جميل صغير دافئ يحتضنني مع زوج يحبني ويحميني وأبناء أربيهم بما
    يرضي الله - عز وجل- ويسلونني ما بقي لي من عمر·· لكن هذا لم يتحقق·· بل
    ويبدو أنه لن يتحقق أبداً··
    جاء اليوم الذي كنت أخشاه·· فاليوم يوم زفاف أختي إلى عريسها·· كنت قد
    عاهدت نفسي أن تضبط كل انفعالاتها وأن تكتم دموع الحسرات والحزن·· كنت أحب
    أختي هذه حباً كبيراً·· والله كنت أتمنى لها السعادة من كل قلبي·· لكنني
    كنت أرثي لحالي وأعلم بأن عرسها هذا يعني قتلاً لآخر روح للأمل لدي·· فأنا
    اليوم سأحمل لقب العانس بجدارة·· العانس التي ينبذها المجتمع بطريقة
    قاسية·· العانس التي ينظر لها الآخرون على أنها بائر وبأنه لو كان فيها
    خير لما تجاوزها الخاطبون·· العانس التي لا بد لها وأن تتجرع في اليوم
    آلاف المرات مرارة الأسئلة السخيفة الممزوجة بسخرية قاتلة: مدام أم آنسة؟
    كم صار لديك من الأولاد؟ كم عمرك؟ لم لم تتزوجي بعد؟ ألا يتقدم إليك أحد؟
    إذن لماذا أنت مضربة عن الزواج؟
    وفي الحفل كان الجميع حريصاً على مراقبة كل تحركاتي·· فإذا ما انزويت
    لأعدل زينتي سمعت همسات ولمزات خبيثة وضحكات تشير إلى أنني انزويت لأبكي!!
    يا إلهي!! ألا يرحمون يأسي؟!! ألا يتركوني في حالي؟!! سبحان الله·· كم
    يستلذ البعض بالصيد في المياه العكرة··
    عدنا إلى البيت بعد أن انتهى ذلك الحفل الذي كان رائعاً بكل المعايير··
    فأختي كانت في قمة جمالها وتألقها وسعادتها وهي تجلس إلى جوار زوجها الذي
    بدا هو الآخر سعيداً أيما سعادة·· وقد التقيت بزميلات الدراسة وكل منهن
    كانت تصطحب أطفالها الذين بدأ بعضهم في الدخول إلى المدارس·· أما أنا··
    آآآآه وألف آه! كل آه أقولها تحرق أنفاسي حرقاً·· تقطعني·· تمزقني·· حتى
    آخر آمالي انساب من بين يدي انسياب الماء·· ألقيت بنفسي الجريحة على سريري
    واحتضنت وسادتي وأغرقتها بدموع كسيرة لم تطفئ شيئاً من حرقة صدري·· ولا
    أدري كم من الساعات أمضيت على هذه الحال حتى أشفق علي النوم واستسلمت له··


    آخر من يعلم

    بعد ذلك اليوم تزوجت أخواتي تباعاً·· كان الموضوع صعباً على والدتي في أول
    مرة·· وبعدها لم تعد تكترث بمشاعري أو تهتم بإعلامي إلا بعد أن يرتبوا كل
    شيء·· ربما اعتقدَت أنني فقدت الإحساس·· لكنني أبداً ما فقدته·· ففي كل
    حفلة زفاف أحضرها كانت تتجدد لدي مشاعر الحسرة وأنا أنظر إلى العروس في
    فستانها الأبيض الملائكي·· شيء آخر قد تغير في حياتي·· أبي الذي كنا
    بالكاد نعرفه هاجمته أمراض الكبر·· فترك أعماله ولزم فراشه·· ولأنه كما
    ذكرت لم يكن يرتبط بنا عاطفياً فقد أهمله الجميع·· إلا أنا·· فقد حباني
    الباري بحنان فياض·· ولأنني حرمت من نعمة الزوج ونعمة الولد فقد أفرغت على
    والدي جرعات حناني الكبير·· كان ينظر إلي وأنا أسهر الليالي إلى جواره
    وأهب في مواعيد دوائه لكي أعطيه إياه بيدي فينظر إلي ودموع في عينيه لا
    أدري إن كانت دموع شفقة أو ندم·· المهم أنني لم أكن أفارقه إلا للذهاب
    لعملي·· فقد أصبح هو كل دنيتي وحياتي·· وفي اليوم الذي غادرنا فيه كانت
    آخر كلماته لي: ''سامحيني يا ابنتي فقد ظلمتك''·· بعدها فاضت روحه إلى
    بارئها وسط دموعي ودموع إخوتي وأمي·· وتجرعت آلامي من جديد ولملمت بقايا
    الأمل المسكوب وسجلت انكساراً آخر في تاريخ انكساراتي··
    وفي عرس آخر أخواتي كنت قد بدوت كأمها، فقد تراكمت علي الأحزان وتسلل
    الشعر الأبيض إلى رأسي وانهارت قوة الاحتمال لدي ولم يعد هناك داعٍ من
    المكابرة أو المداراة، فالكل كان يقرأ خطوط الحزن العميق في لمحات عيوني
    وحركاتي وانقباضاتي·· وهكذا انقضى العرس وعاد كل إلى بيته وعدت أنا إلى
    حجرتي التي أجتر فيها كل يوم مرارة أيام حياتي··

    أين مكاني؟

    توفيت أمي بعد ذلك بسنين·· ومرة أخرى تجرعت مزيداً من الألم والعذاب بعد
    أن أصبحت في هذه الدنيا وحيدة أقاسي مرارة الوحدة والتشرد·· فلم أعد
    أستطيع السكن وحدي لغلاء المعيشة فاضطررت إلى الإقامة في بيوت أخواتي
    تباعاً·· كنت أشعر بأنني عالة على الجميع·· فلا مكان لي في بيت إحداهن··
    فالكل مشغول والكل لديه أطفال والكل لديه خصوصيات·· أما أنا فلا انشغال
    ولا خصوصية كما يقولون·· لذا فقد كنت أعمل طوال النهار خارجاً وفي الليل
    تخرج أخواتي مع أزواجهن ويوكلن لي مهمة الاعتناء بأطفالهن·· لم أكن أكره
    ذلك بل بالعكس·· فقد كان حبي للأطفال عميقاً·· لكنني كم تمنيت أن يكون لي
    واحد! لكن هذا لم يحصل·· بل ما حصل هو أن حياتي ما عادت مستقرة أبداً··
    في يوم من الأيام وقد كنت أبيت في بيت أختي التي تليني مباشرة عدت من عملي
    مرهقة·· تبعتني أختي إلى الغرفة التي كانت تخصصها لي كلما جئتها للمبيت··
    قالت: ''عندي لك خبر رائع''·· قلت: ''خير إن شاء الله''·· قالت: ''أكيد
    خير·· تقدم لك رجل للزواج''·· ياه·· نظرت إليها نظرة الجريح الساخر من
    الأحزان ولم أعلق·· قالت: ''ألن تسألي عنه؟'' قلت: ''لا يهمني·· فقد مضى
    عهد الزواج، ولم يعد له بهجة·· ولم يعد في العمر بقية''·· قالت: ''حرام
    عليك·· لا تستبقي الأحداث ولا تحملي نفسك أكثر مما تحتمل·· اسمعي·· هو
    زميل قديم لوالد زوجي·· أرمل ولديه أبناء·· يعاني من الوحدة بعد أن تزوج
    أبناؤه ومن بعض الأمراض و··'' قاطعتها: ''ويحتاج ممرضة تواسيه في عجزه
    ومرضه وكبره·· أليس كذلك؟؟ ألهذا الحد صرت عالة على الجميع وأصبحتم جميعاً
    تريدون التخلص مني؟ ألست أقوم على خدمتكم وخدمة أبنائكم؟ اسمعي·· سأخرج
    محاولة إيجاد مأوى لي حتى وإن كان مأوى العجزة والمسنين·· وإن وجدت مكاناً
    سأعود مساءً لآخذ حاجياتي وأرحل''·· قلت كلماتي تلك مندفعة نحو باب الشقة
    تتبعني أختي ذاهلة تحاول تهدئتي إلا أن محاولاتها لم تفلح، فقد خرجت فعلاً
    وركبت سيارتي منطلقة بسرعة لكنني لا أدري إلى أين·· مسكينة أختي·· أفرغت
    في وجهها كل الشحنات المكتومة في قلبي منذ سنين·· لا أدري لم فعلت ذلك وهي
    لا ذنب لها·· بل بالعكس هي آوتني وأشركتني في حياتها وبيتها وأطفالها وقد
    ظنت بسؤالها ذلك أنها قد تنهي معاناتي لكنها كانت كمن داس جرحي بحذاء أسود
    ثقيل فانفجرت في وجهها كل الآهات··
    همت على وجهي في الطرقات وأنا أفكر·· غلطة من هذه؟ هل هي غلطة والديّ
    -رحمهما الله- اللذين وقفا عائقاً أمام كل من جاءني خاطباً بحجج واهية··
    أم هي غلطة المجتمع الذي يعتبر كل ''مختلف'' منبوذاً ويعامله ككائن غريب··
    أم هي غلطتي أنا لأنني لم أستطع خلال كل تلك السنين أن أتعايش مع العنوسة
    وأتكيف معها ومع وحدتي وحسرتي ولم أستطع مقاومة غرائز الأمومة لدي؟؟
    لا أدري·· كما أنني لا أدري إلى أين أرحل···
    المتميز
    المتميز
    مستشار معتمد
    مستشار معتمد

    ذكر عدد المساهمات : 883
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 11/04/2008
    السٌّمعَة : 22

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

    صفحة 1 من اصل 2 1, 2  الصفحة التالية

    الرجوع الى أعلى الصفحة

    - مواضيع مماثلة

     
    صلاحيات هذا المنتدى:
    لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى