كيف تسيطر على مخاوفك؟

يصعب التمييز بين القلق والخوف في حالات كثيرة, وذلك بسبب أوجه الشبه التالية الموجودة بينهما:
فكلٌ من القلق والخوف عبارة عن حالة انفعالية تنطوي على الضغط والتوتر الداخلي ويصحبهما التغيرات الفيزيولوجية المتماثلة. وكلٌ منهما يُستثار بشعور بوجود خطر يهدد الشخص ويدعوه إلى العمل من أجل الدفاع والمحافظة على البقاء. وكذلك يمكن في الخوف أن يكون أحيانا أشد مما يستدعيه موضوع الخطر وأن ينتقل الشخص إلى حالة من القلق ضعيفة أو شديدة, وهو بذلك يشبه القلق.

أما أوجه الإختلاف بين القلق والخوف فهي:
1- يكون موضوع الخوف معروفاًمن الشخص ومدركاً, ولا يكون الأمر على هذا الشكل دائما في حالة القلق. فإذا أخذنا القلق الناجم عن إشارات ذاتية قلنا إنه يتميز عن الخوف تميزاً واضحاً.
2- الأصل في الخوف أن يكون موضوعه موجوداً في العالم الخارجي, ولا يصدق ذلك في كل أشكال القلق. فالمثير في عددٍ من أشكال القلق ذاتي وليس له وجود في العالم الخارجي. لذلك فالشخص القَلِق يخاف من شيء مجهول لا يدرك كهنه ولا يعرف مصدره.
3- إذا صدف وكان القلق من النوع الذي يكون مثيره موجوداً في العالم الخارجي, فإن خطره يكون غامضاً, بينما خطر المثير الخارجي في حالة الخوف يكون محدداً.
4- إن الخوف يكون متناسباً من حيث الشدة مع الموضوع الذي أثاره. أما في القلق, والعصابي منه بشكل خاص, فشدته أعظم من شدة إشارات الخطر أو موضوعه.
5- في القلق يضفي الشخص من نفسه على الموقف أكثر مما يفعل في الخوف. وفي هذا الصدد يقول العالم روبنز: (‘ن القلق استجابة تعبر عن معاني داخلية لدى الشخص الذي يعانيه, وأن الشخص ينزع إلى وصف العالم الخارجي بهذه المعاني الذاتية) .
6- إن الخطر في القلق موجه إلى هذا كيان الشخصية. بينما لا يكون الشعور بالتهديد في حالة الخوف بمثل هذه الشدة والتعميم.
7- يشعر الفرد في حالة القلق بالعجز تجاه المصدر المجهول, ومن هنا ينطلق في محاولة الدفاع. بينما لا يكون هذا الشعور بالعجز منطلقاً في حالة الخوف.
8- إن حالة الخوف تكون عابرة ومؤقتة. والقلق أكثر طولاً في بقائه.
9- تصاحب القلق والخوف تغيرات فيزيولوجية متعددة. ولكن الآثار التي يتركها القلق في الجسد أقوى عمقاً, وقد تكون خطرة...

أخذت من الموضوع ناحية ليست بالبعيدة ولكنها من ضمن السياق بالمفهوم وأحببت أن أتحدث عنها , نوع من القلق قد لا يبدو واضحاً في سن معينة ولكنه يصبح كابوساً بعد حين ويتراكم عبر السنين دون أن نلاحظه لنجده جبلاً كان غير مرئي رغم أننا نمر من جانبه وعبره كل يوم , ولكن نظراً لأن أجساد الشباب اثيرية , فهي تعبره دون أن تصطدم به , بل تتخلله , ولكن مع الأيام تتكاثف تلك الأثيرية لتصبح كتلاً يصعب أن تتخلل صلابة الواقع , بعد أن نفقد ميزة الأثيرية .
خوف الإنسان القديم كان محصوراً في بيئته التي لا تتعدى بضعة أمور معلومة , وبضعة أمور خارجة عن نطاق معرفته وليس من الضرورة البحث عنها إلا لمن يهوى المعرفة لأمور أكثر مما لدى محيطه وعندها يكتسب قلقاً وخوفاً أخرين , لا يعاني منهما إلا حين يتخطى مواضع بيئته , وهو يفعل ذلك بين الحين والآخر بسبب إضطراري أو كنوع من المغامرة الفضولية .
اليوم ثمة مخاوف وأنواع من القلق لا تعد ولا تحصى , وكلها نضطر للمعاناة منها , والمغامرة والفضول هو الصعود إلى أبعد من القمر في الفضاء !!
إننا في عالم مضطرب جداً , متطلباته كثيرة وكبيرة ومتنوعة وكلها من الضروريات , أيسطها السكن الذي يصعب الحصول عليه لكثير من الناس , وبالتالي السكن بالإيجار المرتبط بدوام العمل والقدرة على العمل , وهذا يعني أن التوقف عن العمل لسبب ما , وأقربه هو بلوغ سن يصبح معه العمل صعباً , مما يعني دخل أقل , وبالتالي يصبح الإيجار مرهقاً ......
وعلى هذا نقيس , بالطبع ثمة مخاوف يمكن أن نبعدها ببعض القواعد , ولكن القلق والخوف من أمور كثيرة لا يمكن أن نبتعد عنها إلا من خلال مفهوم إجتماعي , يسهم إلى بث روح الأمان للمستقبل , وصون كرامة الإنسان , بحيث تبقى الهواجس الأخرى تخص كل فرد على حدة ولا تدخل ضمن معاناة الأغلبية . مثل هذا الأمان الإجتماعي يساهم إلى حد كبير في إيصال قدرة الأفراد على أن يعطوا بأقصى طاقاتهم , قبل أن يدخلوا في حيز الأخذ , مما ينبغي أن يشكل فائضاً يدعم تأمينهم حين يكبرون .
أعجبني تعريف الخوف والقلق وتعليق الإبنة الغالية علا .
ولعل مفهوم التكافل الإجتماعي في الإسلام أكمل من أن يترك دون العمل به , وفق التغيرات التي تمس الشكل دون تغير في المفهوم , لأن المفاهيم ثابتة رغم أننا نصر على أنها تتغير عبر الزمن , وما يتغير الأدوات فقط .

الدكتور القدير محمد سرداد:
أشكر لك تقديرك لتليقي رغم انه ليس بتعلق.. هواضافة بسيطة واتمام لموضوع هام وجوهري في حياتنا المعقدة هذه ولتلك الأسباب التي ذكرتها حضرتك آنف الذكر.. أحببت من خلالها أن يطلع قارئ المقال الفرق بين المفهومين الذي شاع الخلط بينهما.. ولكي نكون أكثر دقة في استخدام تعابيرنا عن حالاتنا النفسية حتى نستطيع إيصال رسائلنا التي نريد ايضاحها للأخصائي إن إضطر الأمر.. وحتى يتسنى أن نستدرك مخاوفنا ونحيطها ونحددها من الجهات الأربع كي لايتسرب القلق من هنا أو هناك ويستفحل الأمر.. فالقلق عدو الراحة النفسية الأول وما يجر معه من حالات أخرى كالاكتئاب مثلا..
فنرجو الصحة النفسية للجميع.. والله ولي التوفيق..