النصيب يحتاج لتنصيب

دق الباب أول خاطب لابنتهم وقابله والد الأبناء واستقبله بالترحاب وبعد الأخذ والرد خرج الخطيب يضرب كفاً بكفٍ فقد كانت مطالب والد الأبناء كبيرة. - بعد مدة من الزمن دق الباب خاطب آخر واستقبله الأب كما استقبل الأول ..
بحفاوة بالغة ودار الحديث بينهما حول الأصل والنسب والعروق المتجذرة .. فخرج الخطيب كما خرج الأول يضرب كفاً بكفٍ فقد وجده الأب غير كفء لابنتنا.. وبعد سنوات دق الباب خاطب ثالث واستقبله الأب بأحسن مايكون الاستقبال وطال بينهما

الحديث وارتفعت ضحكاتهما حتى أن ابنتنا ظنت أنها حصلت على مرادها.. ولكن في النهاية خرج الخطيب من بيتنا يضرب كفاً بكفٍ فقد وجده الوالد خفيفاً على رأيه..
مضت سنوات أخرى.. الأيام تمر والشهور أيضاً تتبعها سنوات..غيرت وبدلت من حال ابنتنا وماعادت تلك الفتاة المرحة اللطيفة الودودة.. بل انقلب حالها وأصبحت عبوساً مكتئبةً قانطة..
- ماذنب هذه الموؤودة التي على قيد الحياة؟
- أما الأصالة فإن الإنسان من حيث يثبت لا من حيث ينبت.. ومن حيث يوجد لا من حيث يولد.. وهاهو المتنبي يقول: مابقومي شرفت بل شرفوا بي وبنفسي فخرت لا بجدودي وهاهو عنترة العبسي يقول:
لايحمل الحق من تعلوبه الرتب ولاينال العلا من طبعه الغضب وإن يعيبوا سوادي فهو لي نسب يوم النزال إذا مافاتني النسب -وإن إرهاق الخطيب بمبالغ ضخمة فإنها وبال على ابنة الوالدلأنها ستعيش عيشة ضنكة لمدة طويلة وهي تفي الدين للمدين- وستشكل نقطة سوداء في قلب الصهر الذي أرهقه أهلها مادياً.. - الحياة جميلة تبنى لبنة لبنة بقلب محب وعقل متقد وعزيمة وإرادة..
- أما المحطة الثالثة في خفة الخطيب فعلينا أن ندرسها بأعمق من ذلك حيث أن الدراسات التربوية الحديثة أثبتت بأن الشخص المرح المتوازن المبتسم المتحرر من العقد هو القادر على تحمل المسؤولية والقيادة أكثر من العبوس المتجهم المقطب الحاجبين.. فلا تجعلوا الورود تذبل قسراً.. ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم)."