من يستهين بشعور طفل تهون عليه أغلى القيم

من يستهين بشعور طفل تهون عليه أغلى القيم

من الغريب في هذه الحياة أن تنجب طفلاً وتحتفظ بالأنانية وحب الذات بنفس الدرجة المطلقة التي كنت عليها قبل الزواج .

والأغرب من ذلك أن تتزوج أصلاً وتبقي درجة تفضيل الذات والأنا في نفس المرتبة العالية التي كانتا فيها ، بل قد تزيد من تفضيل الذات عما كنت عليه قبل الزواج ، لوجود شخص يحبك وتعرف أنه يحبك ويتفهمك ويفضلك عن نفسه .

هذا موضوع أخر ، ولكن قبل الإنتقال إلى الموضوع الأساسي (مع وجود رابط بينهما) شعور الطفل وضرورة إحترامه وتفهمه ووضعه في أولويات الحياة وقبل الذات بمراحل عديدة ،وهنا ، ثمة نقطة لا بد من توضيحها ، ألا وهي من لم يعرف ما معنى أن ينجب طفلاً فليبقى بعيداً عن الإنجاب ، ويعبث تحت ظل آخر ويبحث عن طريقة بعيدة عن تشكيل عائلة بحيث يرضي رغباته المطلقة في منحى هو أدرى به ، ولكن أن يرضي نفسه ويبحث عن إشباع رغباته دون معرفة الثمن الذي لابد من دفعه لقاء السير بطريق صحيح يكفل له إحترامه كإنسان ويشبع نهم الحياة لديه بكل ما في الكلمة من معنى ، فليلقي بالمرآة ويهشمها كي لا يرى صورته المشوهة الحقيقية ، ولكن على شرط أن لا يقرب من موضوع إنجاب أطفال هو غير مؤهل لتربيتهم بشكل صحيح ، ومن لديه رغبة الحياة الجامحة فهو لن يعرف أن أعظم وأحلى وأرق شعور في الدنيا هو أن يكون أمامه طفل يمنحه حباً وإهتماماً مما يفيض به قلبه بدل من أن يتركه ينزلق في غياهب الرمال التي تستقبله بكل الحب الذي لم يستطع هو أن يحس به ولم يستطع أن يمنحه لطفله فأحست به الرمال ، وبكل بساطة تقبل كونك غير أهلاً لمثل هذا الشعور النبيل والذي تعتقد خاطئاً أنك ستمتلكه ، بدلاً من أن تكون أباً فاشلاً بكل قسوة الكلمة ، ولمعرفة ذلك ، أجب بكل صراحة عن بضعة اسئلة بينك وبين نفسك وتصرف .

ترى عندما يأتي طفلي هل سأحس بأن الرضا عن وجودي وبأن الشعور بالنشوة سيكون هو الأجمل على الإطلاق من أي شعور . ؟

إذا كان سيبكي في الليل ليرضع هل سأحس به قبل بكائه أم أنني لن أكترث فإن أمه ستصحو وترضعه ، فأنا ليس لي في الرضاعة من شيء ؟

عندما أحتضنه هل أحس بدفء قلبه النابض الصغير فأذوب مثل قطرة ماء سقطت في بحيرة صافية وإنصهرت فلم يعد يمكن التمييز بينها وبين ماء البحيرة على الإطلاق .؟

لدي القليل من الخبز وأنا جائع جداً وبينما أضع اللقمة في فمي تناولتها أصابع صغيرة ووضعتها في فمها ، فأحسست بالشبع والسعادة التي نادراً ما أحس بمثلهما .؟

طبعا أنت تعرف الإجابة التي توجه تصرفاتك وسلوكك تجاه موضوع الإستعداد لتنجب أم تبقى لذاتك ، وحقيقة وفي كلا الحالتين إحترامك لن ينقص ابداً فأنت حين تقرر بإتباع الرأي الذي رأيت حقيقة أنه الأنسب والأقرب ، إحترمت قانون الحياة الصحيح ولكن كن صادقاً في قرارك ولك أن تغيره عندما تتأكد من تغير المعايير لديك ولكن بشكل مؤكد وثابت وليس بطريقة هوائية ، متقلبة تخدم رغباتك آنياً ، فتشكيل العائلة وظهور الأطفال من الأمور التي تختلف كثيراً عن تغيير لون القميص المناسب للبنطال أمام المرآة ، أجل ، يختلف كثيراً ، وليس لديك الحرية لتقول أريد وبعد قليل ، لا أريد ، هذه الأمور مختلفة تماماً عن باقي الأمور ، فلتتق الله فيها وفي نفسك أولاً .

بالطبع صيغة الكلام تنطبق على الذكور والإناث تماماً وليس لإعتبار أن الأنثى أقدر على أن تعطي الطفل رعاية أكبر ، بل لكليهما معاً فالطفل حاصل إندماجهما وضمن مسئولية متساوية في كل شيء ، خاصة أن عصر الإرضاع بالزجاجة له
زمن لا يستهان به ولعله قديم منذ هابيل وقابيل .

الآن أتي للموضوع الأساس النجمة المشعة في الحياة ، أقصد الطفل ، والمحرك الأول للطموح والعطاء الذي يجعل الطاقة مستمرة ودائمة كدفء الشمس في فصول السنة كلها . ألا من حقه أن يحظى بكل الرعاية والإهتمام ممن أتوا به إلى الحياة ، ليأخذوا منه مصادر تغذية الروح كي يستمروا في الحياة ، بالمقارنة أجيب نعم وبكل قوة نعـــم.

كل خير يستحق ، فهل رايتم الخلل الذي يسببه عدم إستقرار الطفل وحصوله على مستلزمات مراحله العمرية بالسخاء الذي يترك له الآمان لينموا فيه عقلياً وجسدياً ليقف على بداية الطريق ، وينطلق مزوداً بالحب ، تلك الطاقة التي سيعيش عليها مستقبله كله ويمنح أبناؤه بسخاء كما أخذه من أبويه ومحيطه ، أليس هذا الطفل من نعول عليه أن يأخذ بيدنا حين نعود أطفالاً مشاكسين ونفقد قدرتنا على الإستيعاب الديناميكي ، ونحتاج للرعاية والحب كي نرحل بنفس النقاء الذي خرجنا به من جوف وعتمة رحم أمهاتنا . بالمناسبة كيف تحملين ايتها المرأة رحماً ينتج وينسج أجمل ما يمكن من ألوان وقصائد غزل في الدنيا ، ولا تزالين مرئية ، أستغرب أن لماذا كل هذه الشفافية ويمكن رؤية تفاصيل الأنا ، ثم ، أنت يا آدم لديك بذاراً لا بعدها روعة وجمالاً وعلمك الله كيف تودعها في تربتها التي ابقاها الله مرئية لتراها دائماً وتنتظر تسعة شهور لترى قمة الإبداع في البرعمة وتملأ حياتك تلك الزهرة التي كنت سبباً في وجودها ، كما ستكون سبباً في معنى حياتك ، ألست مستعداً للذوبان في بحر حب التراب والزهور ، ينبغي لكما التفكير بذلك ، كلاكما أيها الزارع وأيتها التربة .

الزهرة ، الطفل الذي ينمو ويعيش في كنف أبويه ومحيط العائلة ويحصل على الحنان والحب من هذا المحيط ينموا سوياً ليعطي مستقبلاً إنساناً صالحاً إن خرج عن الصلاح مرة سرعان ما يعود إلى طيب المنبت ، فهو يخجل الإستمرار في السلوك الخطأ ، ويتقبل النصيحة ، ويرفض إلحاق الضرر بسمعة نشأته ،الطيبة إنها موروثات ومورثات وصفات مكتسبة تنحى إلى الإتجاه الموروث الطيب .

الطفل يتأثر بكل شيء ويتعلم منه ليصقل ما لديه من مواهب تنمو معه وتشكل كيانه في المستقبل ولا يعيب أحد الوالدين أبناؤه بالغباء أو بالجهل أو باي صفة كانت فلهما حصة متساوية فيه 50% منه ومثلها منها والباقي تشجيع لظهور مكتسبات ايضا منهما معاً فلا يقل أحدكما أن هذا الولد محدود القدرات فإن لديه من غباء أحدكما 50% فلتخجلا . وأكثر ما يتأثر به الطفل الإحساس بالآمان والإستقرار وهما عاملان إن لم أقل أنهما اساسياًن في تشكيل العائلة فإنهما كل شيء في الحياة .يتأتيان من علاقة الوالدين وأهلهما ، وفقدانهما يعني ظهور كل ما يقوض أسس التربية الصحيحة .

ماذا يحتاج الطفل ، حب ورعاية وقدوة يمتثل بها ، وهذا يتواجد في والديه وجديه وأقاربه ، بالطبع الأساس في والديه . هل أدركنا كم هي أهمية أن نكون على مستوى التربية وأن من الضروري أن نكون على إستعداد لتقديم كل ذلك قبل التفكير بإنشاء عائلة . إن فقدان الإستقرار والآمان يأتي من أمور كثيرة ، مثل فقدان أحد أفراد العائلة وخاصة ممن لهم علاقة جيدة بالطفل ، أو حتى فقدان قطة أو عصفور ، ينبغي أن نفهم الأثر الذي تتركه هذه المشاعر والأحاسيس الحزينة على سلوك الطفل ومشاعره والتعامل معها بشكل إيجابي ، مثل هذا الخلل في حياة الصغير ، ينبغي التعامل معه بكل جدية وإحترام ومحاولة شرح الحدث كما لو أننا نتحدث مع شخص بالغ بلغة يفهمها ، لا أن نقول كلاماً نريد فيه إغلاق الموضوع والتخلص منه بشكل أو بأخر .

إن إنفصال الزوجين هو من أخطر الأشياء التي تحدث نوعاً من التشويش اللا متزن والحزن الذي لا يمكن أن تغطيه الإنفعالات من قبل الأبوين ، بالرغم من محاولات التغطية لهذا الألم الذي يعصر كل أفراد البيت حتى النباتات والجدران والبلاط ، ولكننا نتصور أن الجماد لا يحس وأن الألم يخص فرداً واحداً فقط . وفي حال حدوث الطلاق رغماً عن إرادة الزوجين أحدهما أو كلاهما لظرف يقترب من إستحالة الإستمرار فيه ، فما هو واجب الوالدين تجاه هؤلاء الأطفال الذين لا ذنب لهم على الإطلاق في الحدث . ماذا سيخبرون الصغار ، كلمات فارغة جوفاء عائمة ، لا قيمة لها إلا إضفاء الوهم على الموضوع وجعله أكثر ضياعاً مما هو عليه . أصلاً أضاعا نفسيهما فهانت عليهما أنفس الغير حتى أطفالهما ، أنانية مطلقة من كليهما .

يقول المختصون في علم سلوك الأطفال أن الصغير بعمر الخمس إلى تسع سنوات يبدأ بالتفكير بطريقة تتشابه إلى حد بعيد مع الكبار لذلك ينبغي على الكبار أن يتجابوا مع الأحداث ضمن هذا المفهوم ويتعاملوا على أساسه في شرح أبعاد الحدث الذي أحدث الخلل في حياة البيت ولكن بإستخدام تعابير مباشرة وبسيطة وبكثير من الحب والعاطفة الصادقة ، وأركز على العاطفة الصادقة فالصغير يستطيع إكتشاف زيف صبرك ومحبتك المصطنعة ، فهو نقي وذكاؤه فطري لا يقبل الخداع .

هل هذا كثير على أبوين وصلا إلى طريق مسدود في علاقتهما ، نعم فلو لم يكن ، لما وصلوا إليه ، ( إن لم يكن للخيانة من سبب في الطلاق فإنهما لا يستحقات لقب والدين) فعلاً لا اريد أن يقال عني قاس ، وغير منطقي ، وأنني أحب أن أبدو مثالياً في تفكيري ، ولكن لن أقول حرفاً لا أحس بمصداقية تجاهه ولن ألقي لائمة على تصرف إنساني دون أن أعرف مداه ، وأحس بكل ما حولي وأتفاعل معه . كل ما يصدر هو من ألمي لرؤية دموع طفل لا ذنب له فيما يحدث حوله من مجاعات أو حروب أو خلاف والديه ، هذا كل ما في الأمر وإلا لماذا كل هذه الأبحاث في علم النفس والطاقة والمورثات والمصادر المائية والتبجح بأنها لمصلحة ورفاهية الإنسان ، هذا كذب إن لم أستطع أن أصون طفل واحد على الأقل ، حتى لو كان طفلي أنا من العيش في مأساة من هذه النوعية . ما فائدة الثقافة والعلم لأبوين لم يستطيعا التنازل عن شهواتهما لصالح الأخلاق وعهود الزواج والمحافظة عليه ، ثم الولاء لأطفالهما بعد ذلك . من مثل هذين الأبوين يفرض إحترامه على المجتمع بعد ذلك بحجة أنه متعلم ومثقف ، لا ، هو ليس كذلك ، لأنه وبأبسط العايير ليس أهلاً لحمل المسئولية .

من طرف **Admin** الأحد مايو 17, 2009 3:58 am

كم هي رائعة تلك الكلمات
كم رائع موضوعك يا مستشارنا لمن يقرأ ويفهم تماما ما بين السطور

لن اقول أكثر من:
جعلنا الله بوعيك وبمعرفتك
وبوركت يا صديقي
موضوع رائع يستحق التثبيت
"ما فائدة
الثقافة والعلم لأبوين لم يستطيعا التنازل عن شهواتهما لصالح الأخلاق
وعهود الزواج والمحافظة عليه ، ثم الولاء لأطفالهما بعد ذلك"
؟؟؟؟
إن إنفصال
الزوجين هو من أخطر الأشياء التي تحدث نوعاً من التشويش اللا متزن والحزن
الذي لا يمكن أن تغطيه الإنفعالات من قبل الأبوين ، بالرغم من محاولات
التغطية لهذا الألم الذي يعصر كل أفراد البيت حتى النباتات والجدران
والبلاط ، ولكننا نتصور أن الجماد لا يحس وأن الألم يخص فرداً واحداً فقط
. وفي حال حدوث الطلاق رغماً عن إرادة الزوجين أحدهما أو كلاهما لظرف
يقترب من إستحالة الإستمرار فيه ، فما هو واجب الوالدين تجاه هؤلاء
الأطفال الذين لا ذنب لهم على الإطلاق في الحدث .
؟؟؟؟
أصلاً أضاعا نفسيهما فهانت عليهما أنفس الغير حتى أطفالهما ، أنانية مطلقة من كليهما .

من يستهين بشعور طفل تهون عليه أغلى القيم
صدقت يا سيدي

من طرف **خسرانة** السبت يونيو 13, 2009 5:49 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

من يستهين بشعور طفل تهون عليه أغلى القيم

من يستهين بشعور طفل تهون عليه أغلى القيم

رد: من يستهين بشعور طفل تهون عليه أغلى القيم

رد: من يستهين بشعور طفل تهون عليه أغلى القيم