المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
د محمد سردار رحمه الله - 3791 | ||||
الاستشاري - 2664 | ||||
غريب الامارات - 1632 | ||||
شام - 1616 | ||||
Admin - 1570 | ||||
ام المجد - 1508 | ||||
المتميز - 883 | ||||
ود - 759 | ||||
شيماء الشام - 733 | ||||
المتمردة - 499 |
أهلا بكم
دعمكم لهذا المنتدى يكون بتبادل الفائدة وابداء الرأي نتمنى أن نتشرف بكم كأعضاء واستشاريين - بوجودكم سيكون المنتدى أجمللوحة ترحيب
أهلا بك من جديد يا زائرآخر زيارة لك كانت في الخميس يناير 01, 1970
آخر عضو مسجل زمرد١١فمرحبا بكم
أهلا بكم
دعمكم لهذا المنتدى يكون بتبادل الفائدة وابداء الرأي نتمنى أن نتشرف بكم كأعضاء واستشاريين - بوجودكم سيكون المنتدى أجملإعلانات تجارية
لا يوجد حالياً أي إعلان
جديد الاعلانات feedburner
http://feeds.feehttp://feeds.feedburner.com/akbarmontadacom/Bwkxdburner.com/akbarmontadacom/Bwkxظاهرة الطلاق في العالم
صفحة 1 من اصل 1
ظاهرة الطلاق في العالم
ظاهرة الطلاق في العالم
د. محمود سالم جدّور
قسم علم الاجتماع ، كلية الآداب بالزاوية
جامعة السابع من أبريل
تمهيد
تثار في وسائل الإعلام على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي العديد من القضايا : السياسية ، الاقتصادية ، المعرفية ، الطبيعية ، والاجتماعية التي تمس مباشرة الفرد والأسرة والمجتمع . ومن الأمثلة على ذلك : الثقب في طبقة الأزون ، غزو الفضاء ، الديمقراطية ، الأمل القومي ، الانقلابات ، الإرهاب ، الفقر ، المخدرات ، الإيدز ، أنفلونزا الطيور ، التهاب الكبد الوبائي ، جنون البقر ، العولمة .. الخ . ومع إثارة هذه القضايا وغيرها فإننا قليلاً مانسمع بل ومن النادر مايتردد الحديث عن ظاهرة لاتقل أهمية عن تلك القضايا ألا وهي ظاهرة الطلاق ، التي باتت تهدد كيان المجتمعات الإنسانية بسبب معدلاتها المرتفعة والتي تمتد بجذورها في بعض الدول إلى العقود الأولى من القرن المنصرم . ولاتقف خطورتها عند الأفراد والأسر بل وتطال النظم الاجتماعية الأخرى بما في ذلك النظام الاقتصادي . ففي برطانيا على سبيل المثال قدرت كلفة الخسائر المالية المترتبة عنها عام 1990 م بحوالي (1.4) بليون جنيه إسترليني منها : (120) مليون جنيه صرفت على الإعانة السكنية ، (191) مليون صرفت على المنافع الأخرى ، (72) مليون صرفت على المساعدة القانونية ، (805) مليون على دعم الدخل . و(27) مليون صرفت على العناية بالأطفال ( G.o,donnell : 2002:56 ) ومن خطورتها أن بعض الدول تحجم عن الإفصاح عن الحالات المسجلة بها . والسبب في تقديري يرجع إلى أبعاد سياسية ، ذلك أن ارتفاع معدلاتها بهذه الدول يتعارض مع الشعارات والوعود التي يطلقها المترشحون في حملاتهم الانتخابية التي تعد بتحسين الظروف الاجتماعية بعامة والاهتمام بالأسرة بخاصة كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية . إذ تظهر التقارير السنوية الصادرة عن الأمم المتحدة المتعلقة بالسكان أنه منذ عام 1999 م وحتى الآن لاتوجد أية بيانات عن الظاهرة بهذه الدولة بالرغم من إفصاحها عن حالات الزواج المسجلة بها .لرصد هذه الظاهرة عالمياً وبيان اتجاهاتها والوقوف على أسبابها ، اقتضت المعالجة أولاً : تحديد مفهوم الطلاق لغة وفقهاً وعند علماء الاجتماع ، ثانياً . أعطاء فكرة عن المعالجة الدينية للطلاق وبخاصة في الديانات الثلاث: اليهودية ، المسيحية ، والإعلام. ثالثاً : توصيف للظاهرة على المستوى الدولي . رابعاً : توصيف للظاهرة على مستوى الوطن العربي . خامساً : تحديد الاتجاه العام لهذه الظاهرة من حيث الزيادة أو النقصان على المستويين العالمي والعربي . سادساً : بيان الأسباب العامة المؤدية إلى هذا الاتجاه . وأختم هذا البحث بمحاولة لتحديد رؤية مستقبلية لظاهرة الطلاق مع طرح بعض التوصيات المقترحات .
أولاً : الطلاق لغة وفقهاً وعند علماء الاجتماع :
دون الدخول في تفاصيل كثيرة الطلاق لغة : هو رفع القيد مطلقاً . وفقهاً : رفع قيد الزواج في الحال أو المآل بلفظ ذلك صراحة أو كتابة أو بما يقوم مقام اللفظ في الكتابة أو الإشارة . أما علم الاجتماع فأن الطلاق يشير إلى الإنهاء القانوني لزواج معترف به رسمياً (W.la verne Thomas,R.J.anderson : 1977: 457 ) ويشير جوردون مارشال G.MARSHALL إلى إختلاف الشروط اللازمة لإنهاء العلاقة الزوجية بالطلاق اختلافاً بعيداً من ثقافة إلى أخرى . ومازالت حقوق كل من الرجال والنساء في إيقاع الطلاق شديدة التباين في بعض المجتمعات ، وإن كان يلاحظ أن المجتمعات الغربية أخذت تتحول نحو قبول فكرة أن انهيار الزواج على نحو لايمكن إصلاحه يعد مبرراً كافياً لإيقاع الطلاق . وأن من الظواهر المتنامية باضطراد في المجتمعات الغربية أن أصبحت واقعة الطلاق مسبوقة بفترات انفصال كلا الزوجين في حياة مستقلة ، وبلغ من تأثير تلك الممارسة أن أصبحت تجعل الدخول في الإجراءات القانونية للطلاق أمراً قليل الأهمية ( جوردن مارشال . 200 : 916 ) .
ثانياً : الطلاق في الديانات السماوية :
الطلاق في الديانات السماوية الثلاث : اليهودية ، المسيحية ، والإسلام البحث فيه يطول والحديث عنه لاينقطع ، وتجنباً للإطالة فإنني أقدم فكرة مختصرة عن رؤية هذه الدينات للطلاق وكيفية معالجتها له .ففي الديانة اليهودية الطلاق مباح ، ومن حق الرجل وحده وبالإرادة المنفردة ، ولهو الحق في تطليق زوجته بدون عذر وإن كان بعذر أفضل ، والأعذار المرخص بها للطلاق عندهم تشمل : الطلاق للعيوب الخلقية كما هو الحال في العقم أو المرض ، والطلاق للعيوب الخُلقية كما هو الحال في الزنا والضرب ، أما إجراءات الطلاق عندهم فتبدأ بكتابة الزوج ورقة يثبت فيها الطلاق ثم يسلمها إلى مطلقته باليد ، وأخيراً يطلب منها مغادرة البيت ، ومن الملاحظات العامة على الطلاق في الديانة اليهودية : أن المرأة إذا تزوجت بزوج أخر لاتستطيع العودة إلى زوجها الأول مرة ثانية : وليس للمرأة فترة انتظار أي (العدة) لبراءة الرحم ( شبلي : 1990 : 51-52 ) بالرغم من وجود اختلاف بين طائفتي : الربانيين ، والقرائيين فيما يتعلق بأحقية الرجل وحده في الطلاق وكذلك فيما يتعلق بمبرراته : إلاّ أنهما تتفقان في الحالات التي يتم فيها الحكم للزوجة بالتطليق منها : هجر الزوج لزوجته ، الخيانة الزوجية ، مرض الزوج وبخاصة البرص والصرع ، عقم الزوج ، العنة ، فقر الزوج ، تكدر المعيشة والتشدد في الإنفاق ، عيوب الزوج ،والطلاق في الديانة المسيحية غير مباح من حيث المبدأ ، بالاستناد إلى ماجاء في انجيل مرقص على لسان المسيح : ".. ويكون الاثنان جسداً واحداً ، وإذن ليس بعد اثنين ، بل جسداً واحداً فالذي جمعه الله لايفرقه إنسان ". ومع ذلك أباحت الانفصال بين الزوجين مع بقاء الصفة الشرعية للزواج ، ويجوز للزوج والزوجة الاتفاق على الانفصال شريطة تثبيت ذلك في المحكمة ( شبلي : 1990 : 53 ) ولقد اختلفت المذاهب المسيحية الثلاث في مسألة إباحة الطلاق ، فالمذهب الكاثوليكي يحرم الطلاق مطلقاً وحتى الخيانة ليست سبباً كافياً للطلاق ، ولكنه أباح الانفصال لأسباب محددة منها : زنا أحد الزوجين ، انتماء أحد الزوجين لمذهب غير كاثوليكي ، الهجر ، والمرض والعقم جنون أحد الزوجين والخروج عن الديانة المسيحية . أما المذهب الأرثوذكس : فقد أباح الطلاق للخيانة الزوجية والمرض والعقم ، جنون أحد الزوجين والغياب مدة طويلة ، الهجر ، السجن لمدة لاتقل عن سبع سنوات ، والرهبنة ، الخروج عن الدين ( سيركس : 1985 : 172- 178 ) أما الطلاق في الدين الإسلامي فإنه مباح وهو أبغض الحلال عند الله ، ولقد عرف العرب في الجاهيلية الطلاق ، إذ كان من حق الزوج أن يطلق زوجته مايشاء ، وكان للمرأة عدة بعد الطلاق ، وكان لديهم طلاق الظهار ، وطلاق الإيلاء ، وإذا كان الطلاق في الديانة المسيحية عقوبة ، فهو في الديانة الإسلامية علاج ، والدين الإسلامي بالرغم من أنه جعل من الطلاق حق للرجل وحده إلا أنه لم يهمل حق المرأة في طلب الطلاق من القاضي إذا وقع عليها ضيم أو ضرر لاتستقيم معه الحياة ، والطلاق في الإسلام إما رجعي أو بائن . الرجعي وفيه يرجع الزوج زوجه إلى عش الزوجية من غير عقد جديد ما دامت في العدة . البائن وهو نوعان : البائن بينونة صغرى فهو الطلاق الذي لايستطيع الزوج إعادة زوجه إلى بيت الزوجية إلا بعد عقد ومهر جديدين ، البائن بينونة كبرى ، فهو الطلاق الذي لايستطيع الزوج إجاع زوجه إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره زواجاً صحيحاً وتنقضي عدتها منه ، ولقد حددت الشريعة الإسلامية عدة خطوات للإتمام الطلاق الأساس فيها اتفاق الطرفان ، أما في حالة عدم الاتفاق بين الطرفين فيتم اللجؤ إلى التقاضي وعندها تتبع الإجراءات التالية : اختيار حكمين أحدهما من أهل الزوج والأخر من أهل الزوجة للإصلاح ، فإذا فشلا ، فإن المحكمة تعقد جلسة سرية للإصلاح ، فإذا فشلت تحكم بالتطليق . والتطليق للضرر حالات كثيرة منها : عدم الكفاية : عدم الإنفاق ، الإيلاء ، الهجر ، النشوز ، العيوب ، غيبة الزوج ، السجن ، المخالعة ، اللعان ، الظهار ، الخروج عن الدين ، والضرر وسوء العشرة .إن الأسئلة التي يمكن طرحها هنا بعد هذا العرض المختصر هي : ماهي اتجاهات هذه الظاهرة على المستوى العالمي ؟ وما هي اتجاهاتها على مستوى بعض المجتمعات العربية بعامة المجتمع الليبي بخاصة ؟ ماهي الأسباب الكامنة وراء هذه الاتجاهات ؟ وأخيراً ماهي الرؤية المستقبلية لهذه الظاهرة بعامة ؟. قبل الإجابة عن هذه الأسئلة أود التأكيد مسبقاً على عدة نقاط : أولها ، أن البيانات والإحصاءات الواردة بهذا البحث المتعلقة بالبلدان الأجنبية والعربية حصل الباحث عليها من تقارير الأمم المتحدة وبخاصة منها الإصدارات الثلاث للكتاب السنوي للسكان ( Ibid : 1998 : 365-367 , 2003 : 598-604 ) البيانات المتعلقة بالمجتمع الليبي حصل عليها من الاحصاءات الحيوية الصادرة عن الهيئة العامة للمعلومات والاتصالات ( الهيئة الوطنية للمعلومات والتوثيق : 200 : 13-15 ، الهيئة العامة للمعلومات والاتصالات : 2004 : 15-17 ) أن معدلات الطلاق لكل بلد تم استخراجها عن طريق حساب عدد حالات الطلاق في سنة مالكل ألف حالة زواج للسنة ذاتها . رابعاً ، مقارنة متوسط معدل الطلاق لكل بلد في عقد التسعينات من القرن المنصرم ، بموتوسط معدل الطلاق خلال الفترة من 2000-2004 م لغرض تحديد اتجاهات الظاهرة من حيث الزيادة والنقصان .
ثالثاً : ظاهرة الطلاق على المستوى العالمي :
يتعرض النظام الأسري في ظل ايقاع التغير السريع والتطورات العلمية المذهلة من بديات عصر التنوير وحتى الآن إلى تقلص في أداء وظائفه الأساسية التقليدية ، وبخاصة منها التعليم الذي انتقل إلى المدارس ، التنشئة الاجتماعية والرعاية التي تتولاها مؤسسات دور الحضانة ورياض الأطفال ومؤسسات رعاية المسنين . النشاط الاقتصادي والعمل الذي انتقل إلى المصانع والمؤسسات الخدمية . الاستقرار العاطفي وما يتضمنه من معاني السكنى والمودة بين الذكر والأنثى التي صار بالإمكان تحقيقها ولو جزئياً من خلال الصدقات والنوادي والمقاهي وأخيراً بالدردشة (Chat) من خلال غرف المحادثة الإلكترونية على شبكة المعلومات الدولية ( Internef ) وظيفة التناسل ( Reproduction ) والحفاظ على النوع التي صار اليوم بالإمكان إتمامها في مختبرات بعيداً عن تلك العلاقة المشروعة التي تتفق والطبيعة البشرية ، وتقرها المجتمعات في إطار البحث عن الشبيه والإنسان المثالي ( Superman ) وما تجارب الاستنساخ التي تجري الأن ببعيدة عن الأذهان . ولم يتوقف الخطر الداهم الذي يعصف بالأسرة التي تعد ركيزة أي مجتمع إنساني وتقدمه عند هذا الحد بل تجاوزه إلى انتشار ظاهرة الطلاق على أوسع نطاق ليطال تقريباً كل المجتمعات الحاضرة المتقدم منها والنام . والبيانات التي يظهرها الشكل البياني رقم (1) خير شاهد على هذا الوضع . فهو يظهر معدلات الطلاق لعدد من المجتمعات ومن مستويات تنموية مختلفة . ففي الولايات المتحدة الأمريكية بلغ متوسط معدل الطلاق للأعوام 1992 م ، 1995 م 1997 م ، 1998 م (502) لكل ألف حالة زواج ، والباحث يتوقع أن هذا المعدل يزيد في الوقت الحالي عما مضى بنسب كبيرة وهذا ماحدا بالاجارة الأمريكية إلى إخفاء حالات الطلاق عن الأمريكيين وغيرهم بالرغم من إعلانها عن عدد حالات الزواج منذ عام 1999 م وحتى الآن – كما سبق بيانه -.
في روسيا الاتحادية ارتفع متوسط معدل الطلاق بصورة كبيرة . فخلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1994 م ، 1995 م ، بلغ متوسط معدل الطلاق (614) لكل ألف حالة زواج ، وبلغ خلال الأعوام : 2001 – 2004 م (750) لكل ألف حالة زواج ، وهذا المعدل يعد من أعلى المعدلات في العالم ، السويد بلغ متوسط معدل الطلاق للأعوام : 1992 م ، 1994 م ، 1995 م ، 1996 م ، 1997 م (640) لكل ألف حالة زواج ، وبالرغم من انخفاض متوسط المعدل خلال الأعوام : 2000 – 2004 م ليصل إلى (539) لكل ألف حالة زواج إلاّ أن هذا المعدل يعد من أعلى المعدلات . في بريطانيا ارتفع متوسط معدل الطلاق من (515) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1998 م إلى (538) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 2000 – 2003 م . في ألمانيا ارتفع متوسط معدل الطلال بصورة كبيرة ، فخلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1994 م ، 1995 م ، 1997 م ، بلغ متوسط معدل الطلاق (373) لكل ألف حالة زواج بينما بلغ خلال الأعوام : 2000 – 2004 م (518) لكل ألف حالة زواج . بالمجتمع الأسترالي ارتفع متوسط معدل الطلاق خلال الأعوام : 1992 م ، 1995 م ، 1997 م ، 1998 م من (450) لكل ألف حالة زواج ، إلى (490) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 2000 – 2003 م . وبكندا بلغ متوسط معدل الطلاق (485) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992م ، 1993 م ، 1995 م ، بينما بلغ خلال الأعوام : 2000 – 2002 م ( 471 ) لكل ألف حالة زواج . في الدانمرك بلغ متوسط معدل الطلاق خلال الأعوام : 1992 م ، 1994 م ، 1995 م ، 1997م ، 1999 م (447) لكل ألف حالة زواج ، بينما بلغ خلال الأعوام : 2000 – 2004 م (411) لكل ألف حالة زواج ، أما بالمجتمع الياباني فقد ارتفع متوسط معدل الطلاق من (271) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992 م ‘ 1994 م ، 1995م 1997 م ، 1999 م ، إلى (366) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 2000 – 2004 م . بإسرائيل ارتفع متوسط معدل الطلاق من (223) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1997 م . إلى (279) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام من 2000 – 2002 م ، وفي البرازيل ارتفع متوسط معدل الطلاق خلال الأعوام : 1992 م ، 1996 م ، 1999 م ، من (132) لكل ألف حالة زواج إلى (172) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 2000 – 2003 م . في الصين ارتفع معدل الطلاق من (114) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1997 م ، 1998 م إلى (153) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام من 2000 – 2003 م . في تركيا ارتفع متوسط معدل الطلاق من (61) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992م ، 1993 م ، 1994 م ، 1995 م ، إلى (102) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام من 2000 – 2003 م .لالمجتمع الإيراني ارتفع متوسط معدل الطلاق من (74) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992 م ، ارتفع متوسط معدل الطلاق من (74) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1994 م ، 1997 م إلى (97) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام من 2000 – 2003 م . من هذه العينة التي تم اختيارها من عدة قارات ومستويات تنموية مختلفة ، ومن خلال المقارنات التي عقدت عن كل جولة ولسنوات مختلفة ، يتضح أن الاتجاه العام لظاهرة الطلاق على المستوى العالمي يعد مرتفعاً وأن إمكانية تواصل ارتفاعه مرجحة . وتكفي الإشارة إلى أن معدلات الطلاق بروسيا الاتحادية والسويد وانجلترا ، وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية تصل إلى حالة طلاق لكل حالتي زواج يتم تسجيلها .
شكل رقم (1)
يبين معدلات الطلاق لبعض الدول المختارة ولسنوات مختلفة 2000 – 2004 م
رابعاً : ظاهرة الطلاق على مستوى بعض المجتمعات العربية:
بالرغم من أن العلاقات الاجتماعية التي تسود المجتمعات العربية في عمومها علاقات مباشرة تلعب فيها القبيلة والأسرة والمعرفة الشخصية دورها المهم وربما المهيمن ، ومايترتب علىذلك من سيادة للعرف بدلاً عن القانون ، والاحتكاك إلى العاطفة بدلاً عن الموضوعية . وبالرغممن السيطرة الظاهرية للدين – وبخاصة منه الدين الإسلامي الذين تدين به الغالبية من المجتمعات العربية – على الحياة الاجتماعية بعامة والأخذ به باعتباره شأن جماعي وليس فردي ، وبالرغم من أن رابطة الزواجبين الزوج والزوجة مازال ينظر إليها في العموم على أنهاشأن أسري وربما قبلي وليس شأن خاص بين الزوجين . وبالرغم من خصوصية كل مجتمع عربي فيما يتعلق بالتنمية البشرية ودرجة نموه الحضاري ، إلا أن انتشار ظاهرة الطلاق في العربية بعامة ماتزال تسجل معدلات عالية ، مقارنة بمعدلات بعض المجتمعات التي تشهد انتشاراً واسعاً للظاهرة ، ولم تستطع أين من القيم التقليدية المهيمنة مما ذكر ووما لم يذكر أن تحد من انتشارها ، والشكل البياني رقم (2) والمقارنات التي سوف أجربها تؤكد هذا الواقع . ففي المجتمع الكويتي ارتفع متوسط معدل الطلاق من (284) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1997 م ، 1998 م ، 1999 م إلى (347) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 2000 – 2004 م ن وهذا المعدل يعد من المعدلات المرتفعة على المستوى العالمي لمجتمع لايتجاوز تعداد سكانه (2.6) مليون نسمة لعام 2004 م ( الأمم المتحدة : 2006 : 297 ) ، ويشهد المجتمع القطري معدلات مرتفعة للطلاق منذ عام 1992 م وحتى الآن ، فبحساب متوسط معدل الطلاق خلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1994 م ، 1997 م ، 1999 م ، تبين أنه بلغ (291) لكل ألف حالة زواج ، وبحسابه خلال الأعوام : 2000 – 2004 م تبين أنه يصل إلى (294) لكل ألف حالة زواج ، وهذا المعدل أيضاً يعد من المعدلات المرتفعة على المستوى العالمي لمجتمع لايتجاوز تعداد سكانه (0.8) ألف نسمة لعام 2004 م في المجتمع السعودي تعد معدلات الطلاق الطلاق السنوية هي الأخرى مرتفعة ، فبالرغم من محدودية الإحصاءات المتوفرة خلال التسعينات عن الظاهرة باستثناء عام 1999 م الذي بلغ فيه معدل الطلاق (244) لكل ألف حالة زواج خلال ، فإن الإحصاءات المتوفرة خلال الفترة من 2000 – 2003 م تؤكد استمرارية ارتفاع معدلات الطلاق بالمجتمع السعودي . إذ يتبين أن متوسط معدل الطلاق خلال هذه الفترة بلغ (217) لكل ألف حالة زواج خلال في البحرين فإنه وبالرغم من انخفاض متوسط معدلات الطلاق في السنوات الأولى من العقد الأول من القرن الحالي عنه في العقد الأخير من القرن المنصرم ، إلا أن متوسط هذه المعدلات يعد مرتفعاً بمجتمع لايتجاوز تعداد سكانه (0.7) ألف نسمة للعام 2004 م . إذ بلغ متوسط معدل الطلاق خلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1994 م ، 1997 م ، 1998 م (193) لكل ألف حالة زواج ، وبلغ خلال الأعوام من 2000 – 2004 م (187) لكل ألف حالة زواج . في المجتمع الأردني ارتفع متوسط الطلاق من (165) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1994 م ، 1995 م ، 1997 ، إلى (184) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 2000 – 2004 م . أما المجتمع الفلسطيني الذي من المفترض أن تسجل به هذه الظاهرة حدودها الدنيا بسبب الظروف التي يمر بها ، ويؤدي الصراع الجاري عل ساحته مع العدو الصهيوني وظائفه الايجابية وإلى لحمته وتضامنه ، إلا أن الواقع يثبت غير ذلك ز فبحساب متوسط معدل الطلاق خلال الأعوام 1997 م ، 1998 م ، 1999 م يلاحظ أنه بلغ (147) لكل ألف حالة زواج ، وبحسابه خلال الأعوام 2002 – 2004 م تبين أنه بمعدل (142) لكل ألف حالة زواج . وبالنظر إلى المجتمع المصري فيلاحظ من خلال المقارنه بين متوسط معدل الطلاق بالتسعينات ومتوسط معدل الطلاق خلال السنوات الأربع الأولى من القرن الحالي ، أن هناك انخفاضاً في حالات الطلاق المسجلة لكل ألف حالة زواج ، إذ بلغ متوسط معدل الطلاق خلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1994 م ، 1997 م (161) ن بينما بلغ خلال الأعوام 2000 – 2003 م (134) لكل ألف حالة زواج . في المجتمع اللبناني يلاحظ أن معدلات الطلاق في السنوات الأولى من القرن الحالي أكثر ارتفاعاً من عقد التسعينات من القرن المنصرم . إذ بلغ متوسط معدل الطلاق خلال الأعوام : 1997 م ، 1998 م ، 1999 م ماقيمته (107) وبالمقابل بلغ متوسط معدل الطلاق خلال الأعوام : 2001 – 2003 م ماقيمته (133) لكل ألف حالة زواج خلال . وبالمجمع السوري يلاحظ انخفاض معدلات الظاهرة مقارن ة بالمجتمعات العربية الأخرى ، سواء بعقد التسعينيات من القرن المنصرف ، أو السنوات الأولى من القرن الحالي ، كما يلاحظ تواصل انخفاضه على مستوى المجتمع بذاته ، فخلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1994 م ، بلغ متوسط معدل الطلاق (87) بينما بلغ خلال الأعوام : 2000 – 2002 م ماقيمته (84) حالة طلاق لكل ألف حالة زواج . وبالنظر إلى المجتمع الليبي فيلاحظ أن معدلات الظاهرة كانت مرتفعة خلال عقد الثمانينيات ، إلا أنه ومنذ 1993 م وحتى الآن فيلاحظ انخفاض معدلات الطلاق وبصورة متواصلة ، فخلال 1992 – 1996 م بلغ متوسط معدل الطلاق (75) لكل ألف حالة زواج ، بينما بلغ خلال الأعوام : 2000 – 2004 م ماقيمته (51) حالة طلاق لكل ألف حالة زواج ، وبالإمكان الإشارة إلى أن هذان يعدان من أدنى معدلات الطلاق على مستوى المجتمعات العربية التي تتوافر عنها بيانات .من العرض السابق أخلص إلى التأكيد أن الاتجاه العام لمعدل ظاهرة الطلاق على مستوى بعض المجتمعات العربية يعد مرتفعاً ، وأن رهان تواصل زيادته مفتوح ، أما على مستوى المجتمع الليبي فإن الاتجاه العام لمعدل ظاهرة الطلاق يعد منخفضاً قياساً بالمجتمعات الأخرى .
شكر رقم (2)
يبين معدلات الطلاق لبعض الدول العربية المختارة ولسنوات مختلفة 2000 – 2004 م
شكر رقم (2)
خامساً : الأسباب الكامنة وراء هذه الاتجاهات :
أتضح مما سبق أن الاتجاه العام لمعدلات الطلاق عالمياً يعد مرتفعاَ وأن إمكانية تواصل ارتفاعها محتملة ، وبخاصة أن الأسباب والدوافع الكامنة وراء هذا الارتفاع ما تزال قائمة . والسؤال الذي يمكن طرحه هو ما هي الأسباب الكامنة وراء هذه المعدلات المرتفعة ؟ وهل هي متشابهة بكل المجتمعات ؟ وأخيراً لماذا بعض المجتمعات – كما هو الحال بالمجتمع الليبي – يسجل معدلات منخفضة ؟
بالحقيقة لا توجد أجوبة سهلة عن هذا السؤال على مستوى المجتمع الواحد ، فما بالك بإثارته على المستوى العالمي ، فالطلاق مسألة معقدة ، ومن خلال القراءات التي كونتها عن هذا الموضوع يبدوا أن هناك اتفاق مشترك بين المهتمين بحقل الزواج والطلاق حول هذه المسألة . على أية حال اعرض فيما يلي عدداً من الأسباب المؤدية على هذه الظاهرة على المستويين الفردي والاجتماعي ( individual and societal levels ) . مع ضرورة الأخذ في الحسبان خصوصية كل مجتمع والظروف التي يمر بها . وأنه بالإمكان تطوير هذه الأسباب إلى فروض يمكن اختبارها على أرض الواقع .
الأسباب على المستوى الفردي :
أ- الاختيار الغير الناضج .
ب- العنف المنزلي .
ج- الافتقار إلى الاستعداد إلى الزواج .
د- الزواج المبكر " صغر السن من 15 -19 " .
ه- جنوح أحد الزوجين وانحرافه .
و- ممارسة الاحتيال على الشريك الآخر من ذلك إخفاء عيب من العيوب المرتبطة الشخصية بعمامة ، العقم ، العذرية ، تناول المخدرات ... الخ .
ز- اختلاف المستوى الاجتماعي – الاقتصادي أي اختلاف الوضع الطبقي .
ح- الاختلاف الديني والعقائدي .
ط- طبيعة العلاقة الزوجية وبخاصة الإحجام عن التواصل والتودد والاتحاد .
ي- عدم الإنجاب.
ك- الخيانة الزوجية .
ل- ارتفاع الدخل على مستوى الفرد .
م- تدخل الأهل والأقارب وأطراف أخرى في حياة الزوجين ، ويحدث هذا عادة في المجتمعات التي تسود فيها القيم التقليدية التي ترى في الزواج صفقة أسرية أو قبلية وليس علاقة خاصة بين زوج وزوجة ، وهذا ما يمكن ملاحظته في العديد من المجتمعات العربية .
من الأسباب على مستوى المجتمع أذكر :-
أ- زيادة مستوى الرخاء الاقتصادي ، يبدوا أن نسب الطلاق تزداد أثناء أوقات الرخاء الاقتصادي ( Economic Prosperity ) وتنقص أثناء أوقات الكساد الاقتصادي ( Economic recession ) والأزمات . إذ يسمح الرخاء الاقتصادي للناس التركيز على لقضايا ما بعد بقائهم على قيد الحياة ، والنظر في الخيارات المتنوعة لسعادتهم الشخصية بما في ذلك إضافة شريك آخر أو البحث عن بديل .
ب- تغير الكثير من القيم والاتجاهات المرتبطة بالزواج والطلاق فعلى سبيل المثال : لم يعد ينظر على الطلاق في العديد من المجتمعات الغربية العلمانية على أنه وصمة عار اجتماعية ( Social Stigma )
ج- العولمة وبخاصة منها انسياب الأفكار والمعلومات وسرعة الاتصالات ويسرها بين مختلف أرجاء الدنيا عن طريق شبكة الإتصالات الدولية ( Internet ) . إذ تشير العديد من المقلات والآراء والقصص التي استقيتها من الشبكة أن حالات طلاق كثيرة بدأت تسجل بسبب استخدام الناس لهذه التقانة . وبخاصة ما يمكن تسميته بــــ: غرق المحادثة الإلكترونية وما يحصل فيها من دردشة ( Chat ) ومن تبادل للصور الشخصية والرسائل والأفكار ، والصور الحية حتى أن البعض وصفها بــ " الحمام الزاجل " . وبالامكان الرجوع إلى العديد من المواقع التي تطرح قصص وحكايات عن العلاقة بين ظاهرة الطلاق وشبكة الاتصالات الدولية ( Internet ) .
د- تغير مكانة المرأة وزيادة مشاركتها في قوة العمل ، وبالتالي حصولها على الدخل الذي يضمن لها الإستقلال الاقتصادي يجعل من إمكانية عدم ترددها في طلب الطلاق مرجحة إذا لم تجد في الزواج حاجاتها .
هـ - الزيادات المفاجئة في عدد المواليد واستمرار بقائها على قيد الحياة إلى السن المؤهلة للزواج وبخاصة بين الذكور ، تقود إلى زيادة معدلات الزواج مستقبلاً . وأن الزيادة في معدلات الزواج تعني في جانب منها ارتفاع معدلات الطلاق .
و- القوانين التي تسنها المجتمعات فيما يتعلق بالزواج والطلاق ومدى المرونة التي تبديها وبخاصة فيما يتعلق بتحديد سن الزواج ، وأسباب الطلاق والإجراءات التي تتبع أثناء الشروع في الطلاق ، فالقوانين قد تكون عاملاً مهماً في زيادة معدلات الطلاق وقد تكون العكس . في المجتمع البريطاني ، على سبيل المثال ، العديد من التشريعات والقوانين ذات العلاقة بالأسرة والمرأة والطفولة التي صدرت لم تساهم فقط في تغيير مكانة النساء والأطفال في إطار الأسرة ، بل وساعدت على نحو متزايد في ارفاع معدلات الطلاق كما تشير إلى ذلك ( G.O,Donnell ) (( G.O,Donnell : 53- 54 . إذ منح تشريع ملكية المرأة المتزوجة عام 1882 م النساء المتزوجات الحق في الاحتفاظ بمداخليهن الخاصة وإعطائهن حق التقاضي . وتشريع الخلافات الزواجية الذي صدر عام 1923 م منح حق المساواة في الطلاق بين الجنسين كما وسع في أسباب الطلاق لتشمل الهجر ( Desertion ) ، والقسوة ( Cruelty ) والمصاب بمرض عضال ( Incurable insanity )إلى جانب الزنا ( Adultery ) الذي كان يعد الأرضية الوحيدة للطلاق في بريطانيا .
تشريع إصلاح قانون الأسرة للزواج والطلاق عام 1969 م الذي قدم مفهوما ً جديداً للطلاق مفاده " الزواج المنهار يتعذر إصلاحه " والذي تضمن كذلك تخفيض سن الزواج إلى (18 ) ثماني عشرة سنة ، وهي السن التي يمكن للمرء أن يتزوج فيها دون موافقة الوالدين .تشريع الإجراءات الزواجية والأسرة عام 1984 م الذي تضمن تخفيض الفترة الدنيا بعد الزواج لمن يطلب الطلاق ، وأخيراً إلغاء الفائدة الضريبية على الزواج عام 1999 م .
وإذا كانت التشريعات والقوانين التي صدرت في بريطانيا ساهمت في ارتفاع معدلات الطلاق بسبب مرونتها ، فإنه بالمقابل نجد عكس ذلك بالمجتمع الليبي . إذ ساهمت القوانين والتشريعات المتعلقة بالأسرة والأمومة والطفولة في الحد من ارتفاع معدلات الطلاق بالمجتمع الليبي . فبالنظر إلى قانون الزواج والطلاق وآثارهما رقم ( 10 ) لسنة 1984 م والتعديلات اللاحقة والذي يستند في الكثير من أحكامه على الشريعة الإسلامية . يلاحظ أنه وضع عدداً من الأحكام التي ساهمت في الحد من ارتفاع معدلات الطلاق التي كان يعاني منها المجتمع الليبي بعامة منها : تحديده في المادة السادسة أهلية الزواج ببلوغ سن العشرين ( 20 ) وأشرطته في المادة الثالثة عشرة المعدلة ضرورة موافقة الزوجة التي في العصمة أمام المحكمة الجزئية على زواج زوجها من امرأة أخرى ، وصدور حكم من المحكمة الجزئية بهذا الشأن . كذلك اشتراطه في المادة السبعين المعدلة ضرورة عدم المساس بحق المرأة الحاضنة أو معدومة الولي في البقاء ببيت الزوجية بعد طلاقها أو وفاة زوجها ما لم تأت بفاحشة ( الجريدة الرسمية بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 1984 بشأن لازواج والطلاق وآثارهما : العدد 5 : 122-124 ) .
وبالإمكان الإشارة إلى الآثار المترتبة على تطبيق هذا القانون وغيره من التشريعات النافذة من واقع الإحصاءات الرسمية . فالمتتبع لظاهرة الطلاق بالمجتمع الليبي يمكنه ملاحظة أن هذه الظاهرة كانت تسجل معدلات مرتفعة بالمجتمع قبل صدور هذا القانون . ففي السنة التي سبقت صدوره أي في عام 1983 م بلغ معدل الطلاق العام بالمجتمع الليبي ( 213 ) لكل ألف حالة زواج . ومع دخول هذا القانون حيز التنفيذ أي في عام 1984 م فإن معدل الطلاق انخفض إلى ( 131 ) لكل ألف حالة زواج ( جدور : العدد 2-3 : 2001 ) . وبتواصل تطبيق هذا القانون والتعديلات التي أجريت عليه – ومع وجود ظروف أخرى لا مجال لبيانها في هذا البحث – استمر معدل الطلاق السنوي في الانخفاض إلى أن وصل عام 2004 م إلى ( 51 ) لكل ألف حالة زواج كما سبق بيانه .
خامساً : الرؤية المستقبلية لهذه الظاهرة بعامة :-
أصور وضع النظام الأسرى الحالي بمثابة قارب يشق طريقه وسط بحر لجي ، تتقاذفه أمواج هادرة وتعصف به رياح عاتية . ويبدو أن معدلات الطلاق المرتفعة والمحتمل تواصل ارتفاعها من أعتا الموجات التي تهدد كيانه واستقراره . ويقف عالم الاجتماع حائراً أمام هذا الوضع ؟؟ أي موقف يمكن أن يتبناه ؟ هل يتبنى موقفاً متشائماً الذي تمليه الظروف الحالية ، ويقرر أن الأسرة في خطر وأنها آيلة إلى الانهيار . أم يصرف النظر عن كل ذلك ويتبنى موقفاً أكثر تسامحاً وتفاؤلاً ويقرر أن النظام الأسرى سيقاوم كل الأمواج الهادرة والرياح العاتية ويخلد إلى بر الأمان .
بالحقيقة أن لهذه الحيرة ما يبررها . ذلك أن تبنى موقفاً متشائماً يمليه الواقع الذي يؤكد على اتجاه معدلات الطلاق نحو الزيادة وأن لهذه الزيادة أسبابها المتنوعة التي تمليها ظروف عدة تمر بها المجتمعات الإنسانية بعامة منها ما تم إدراجه ضمن ثنايا هذا البحث ، ومنها ما لم يدرج وبخاصة تلك الحقيقة التي مفادها : أن معظم الشباب اليوم يرغبون في الزواج من أجل الحب ، والمودة ، والرفقة ، وطلب الرضا العاطفي . هذا الاتجاه قد يؤدى إلى زيادة معدلات الطلاق مستقبلا إذا هذه الحاجات والتوقعات النفسية لم تتحقق .
كما أن تبنى موقفاً يمليه الواقع أيضاً. فهناك من السباب التي تدفع إلى الظن بأن معدلاته سوف لن تواصل الارتفاع من أعلى إلى أعلى . أولها ، الاتجاه الحالي نحو تأخر سن الزواج في العديد من المجتمعات وهو اتجاه دون شك يسهم في التقليل من فرص الطلاق . ففي المجتمع الأمريكي متوسط العمر عند الزواج الأول يزيد. في 1960 م متوسط العمر عند الزواج الأول كان (22.8) للرجال ، و(20.3) للنساء. بنهاية سبعينات فإن متوسط العمر عند الزواج الأول زاد إلى (24) للرجال. و(21.6) سنة للنساء . هذا الاتجاه من المحتمل أن يستمر إلى القرن الحادي والعشرون ( J.M .shepard: 1980 : 275 ) . أما في المجتمع البريطاني فقد ارتفع متوسط سن الزواج مابين 1971م . 1996م م من (25) سنة إلى (29) سنة للذكور، ومن (23) سنة إلى (27) سنة عند الإناث G. o,donnell:55 ) ) أما في المجتمع الليبي فيلاحظ كذلك ارتفاع متوسط سن الزواج الأول مابين التعدادين 1973م 1984م من (25) سنة إلى (27) سنة عند الذكور. ومن (19) سنة إلى (23) سنة عند الإناث ( مصلحة الإحصاء والتعداد :1973 : 25 ) ثانيها، يتمثل في خروج المرأة المتزوجة إلى سوق العمل . فكما نظرنا إلى هذا العامل على أنه عامل مساعد لزيادة معدلات الطلاق . يمكن النظر إليه كذلك على أنه عامل مساعد لتخفيض هذه المعدلات. فالمرتب الذي تتقصاه المرأة عن وظيفتها يزيد في دخل الأسرة، وبالتالي فهو يسهم في الحد من الصعوبات المالية التي تعد إحدى أسباب الطلاق.ومهما كان الموقف الذي يمكن أن يتبناه عالم الاجتماع فإن الضرورة تقتضى التحسيس بخطورة الوضع الذي يعانى منه النظام الأسرى، والعمل على التخفيف من حدة الضغوط التي يتعرض لها بكل الوسائل والإمكانات المتاحة. وأرى أن العمل ينبغي أن يسير في لتجاهين معاً : الأول تقوده المنظمات والهيئات الاجتماعية الأهلية والرسمية داخل كل بلد . إذ تتولى المنظمات والجمعيات الأهلية التحسيس بالظاهرة وخطورتها وتعمل على نشر الوعي الأسرى والرفع من مستواه والتنويه بأهمية الأسرة للفرد والمجتمع . وتتولى الدولة على المستوى الرسمي سن التشريعات والقوانين التي من شأنها المساهمة في التخفيف من حدة هذه الظاهرة .الثاني، تقوده المنظمات والهيئات الدولية على مستوى الأمم المتحدة. وإن من كلمة أختم بها هذا البحث فهي أنه إذا كان من الصعوبة بمكان القضاء على هذه الظاهرة ، فإنه ليس من الصعوبة التخفيف من حدتها .
مراجع البحث :-
1- الأمم المتحدة . تقرير التنمية البشرية لعام 2006 م.
2- جذور ، محمود سالم . الدخل الأسرى وظاهرة الطلاق بالمجتمع الليبي . مجلة الجامعة. جامعة السابع من أبريل . العد 2-3 لسنة 2001م.
3- الجريدة الرسمية . قانون رقم (15) لسنة 1984م بشأن الأحكام الخاصة بالزواج والطلاق وأثارهما . العدد 16.
4- الجريدة الرسمية . قانون رقم (9) لسنة 1423م بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم (10) لسنة 1984م بشأن الزواج والطلاق وأثارهما . العدد 5 .
5- سركيس، عادل أحمد. الزواج في المجتمع المصري الحديث. القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب. 1985م.
6- شلبي ، ثروت محمد محمد. الطلاق والتغير الاجتماعي في المجتمع السعودي : دراسة ميدانية في مدية جدة. جدة. دار المجمع العلمي. 1990م.
7- مارشال. جوردون. موسوعة علم الاجتماع. ترجمة محمد الجوهري وآخرون . مخ2 ط1 . القاهرة : مكتبة مدبولى .2000 م.
8- مصطفى . فاطمة. الزواج العرفي .ط1. القاهرة: دار الحرية للصحافة والطباعة والنشر . 1998م.
9- مصلحة الإحصاء والتعداد . دراسة إحصائية تحليلية حول الحالة الزواجية لليبيين من واقع نتائج التعداد العام للسكان لعامي 1973. 1984م. عدد3. طرابلس: مطابع المصلحة.
10- الهيئة الوطنية للمعلومات والتوثيق. الإحصاءات الحيوية لعام 2000ف.
11- الهيئة العامة للمعلومات والاتصالات. الإحصاءات الحيوية لعام 2004ف.
12- odonnell G . Mastering Sociology . 4ed.Wales ; palgrave Master Series, 2002.
13- Shepard,J.M..Sociology .New York; west Publishing Company, 1980.
14- Thomas, W.La Verne, R.J.Anderson. Sociology; The study of human Relationship . 2 ed . New York ;Harcourt brace Jovanovich, 1977.
15- United Nations . demographic yearbook (1996) . New York; National unies , 1998.
16- United nations . demographic yearbook (2001) . New York ; National unies, 2003 .
17- United Nations . demographic yearbook (2004 ) . New York ; National unies, 2004
د. محمود سالم جدّور
قسم علم الاجتماع ، كلية الآداب بالزاوية
جامعة السابع من أبريل
تمهيد
تثار في وسائل الإعلام على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي العديد من القضايا : السياسية ، الاقتصادية ، المعرفية ، الطبيعية ، والاجتماعية التي تمس مباشرة الفرد والأسرة والمجتمع . ومن الأمثلة على ذلك : الثقب في طبقة الأزون ، غزو الفضاء ، الديمقراطية ، الأمل القومي ، الانقلابات ، الإرهاب ، الفقر ، المخدرات ، الإيدز ، أنفلونزا الطيور ، التهاب الكبد الوبائي ، جنون البقر ، العولمة .. الخ . ومع إثارة هذه القضايا وغيرها فإننا قليلاً مانسمع بل ومن النادر مايتردد الحديث عن ظاهرة لاتقل أهمية عن تلك القضايا ألا وهي ظاهرة الطلاق ، التي باتت تهدد كيان المجتمعات الإنسانية بسبب معدلاتها المرتفعة والتي تمتد بجذورها في بعض الدول إلى العقود الأولى من القرن المنصرم . ولاتقف خطورتها عند الأفراد والأسر بل وتطال النظم الاجتماعية الأخرى بما في ذلك النظام الاقتصادي . ففي برطانيا على سبيل المثال قدرت كلفة الخسائر المالية المترتبة عنها عام 1990 م بحوالي (1.4) بليون جنيه إسترليني منها : (120) مليون جنيه صرفت على الإعانة السكنية ، (191) مليون صرفت على المنافع الأخرى ، (72) مليون صرفت على المساعدة القانونية ، (805) مليون على دعم الدخل . و(27) مليون صرفت على العناية بالأطفال ( G.o,donnell : 2002:56 ) ومن خطورتها أن بعض الدول تحجم عن الإفصاح عن الحالات المسجلة بها . والسبب في تقديري يرجع إلى أبعاد سياسية ، ذلك أن ارتفاع معدلاتها بهذه الدول يتعارض مع الشعارات والوعود التي يطلقها المترشحون في حملاتهم الانتخابية التي تعد بتحسين الظروف الاجتماعية بعامة والاهتمام بالأسرة بخاصة كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية . إذ تظهر التقارير السنوية الصادرة عن الأمم المتحدة المتعلقة بالسكان أنه منذ عام 1999 م وحتى الآن لاتوجد أية بيانات عن الظاهرة بهذه الدولة بالرغم من إفصاحها عن حالات الزواج المسجلة بها .لرصد هذه الظاهرة عالمياً وبيان اتجاهاتها والوقوف على أسبابها ، اقتضت المعالجة أولاً : تحديد مفهوم الطلاق لغة وفقهاً وعند علماء الاجتماع ، ثانياً . أعطاء فكرة عن المعالجة الدينية للطلاق وبخاصة في الديانات الثلاث: اليهودية ، المسيحية ، والإعلام. ثالثاً : توصيف للظاهرة على المستوى الدولي . رابعاً : توصيف للظاهرة على مستوى الوطن العربي . خامساً : تحديد الاتجاه العام لهذه الظاهرة من حيث الزيادة أو النقصان على المستويين العالمي والعربي . سادساً : بيان الأسباب العامة المؤدية إلى هذا الاتجاه . وأختم هذا البحث بمحاولة لتحديد رؤية مستقبلية لظاهرة الطلاق مع طرح بعض التوصيات المقترحات .
أولاً : الطلاق لغة وفقهاً وعند علماء الاجتماع :
دون الدخول في تفاصيل كثيرة الطلاق لغة : هو رفع القيد مطلقاً . وفقهاً : رفع قيد الزواج في الحال أو المآل بلفظ ذلك صراحة أو كتابة أو بما يقوم مقام اللفظ في الكتابة أو الإشارة . أما علم الاجتماع فأن الطلاق يشير إلى الإنهاء القانوني لزواج معترف به رسمياً (W.la verne Thomas,R.J.anderson : 1977: 457 ) ويشير جوردون مارشال G.MARSHALL إلى إختلاف الشروط اللازمة لإنهاء العلاقة الزوجية بالطلاق اختلافاً بعيداً من ثقافة إلى أخرى . ومازالت حقوق كل من الرجال والنساء في إيقاع الطلاق شديدة التباين في بعض المجتمعات ، وإن كان يلاحظ أن المجتمعات الغربية أخذت تتحول نحو قبول فكرة أن انهيار الزواج على نحو لايمكن إصلاحه يعد مبرراً كافياً لإيقاع الطلاق . وأن من الظواهر المتنامية باضطراد في المجتمعات الغربية أن أصبحت واقعة الطلاق مسبوقة بفترات انفصال كلا الزوجين في حياة مستقلة ، وبلغ من تأثير تلك الممارسة أن أصبحت تجعل الدخول في الإجراءات القانونية للطلاق أمراً قليل الأهمية ( جوردن مارشال . 200 : 916 ) .
ثانياً : الطلاق في الديانات السماوية :
الطلاق في الديانات السماوية الثلاث : اليهودية ، المسيحية ، والإسلام البحث فيه يطول والحديث عنه لاينقطع ، وتجنباً للإطالة فإنني أقدم فكرة مختصرة عن رؤية هذه الدينات للطلاق وكيفية معالجتها له .ففي الديانة اليهودية الطلاق مباح ، ومن حق الرجل وحده وبالإرادة المنفردة ، ولهو الحق في تطليق زوجته بدون عذر وإن كان بعذر أفضل ، والأعذار المرخص بها للطلاق عندهم تشمل : الطلاق للعيوب الخلقية كما هو الحال في العقم أو المرض ، والطلاق للعيوب الخُلقية كما هو الحال في الزنا والضرب ، أما إجراءات الطلاق عندهم فتبدأ بكتابة الزوج ورقة يثبت فيها الطلاق ثم يسلمها إلى مطلقته باليد ، وأخيراً يطلب منها مغادرة البيت ، ومن الملاحظات العامة على الطلاق في الديانة اليهودية : أن المرأة إذا تزوجت بزوج أخر لاتستطيع العودة إلى زوجها الأول مرة ثانية : وليس للمرأة فترة انتظار أي (العدة) لبراءة الرحم ( شبلي : 1990 : 51-52 ) بالرغم من وجود اختلاف بين طائفتي : الربانيين ، والقرائيين فيما يتعلق بأحقية الرجل وحده في الطلاق وكذلك فيما يتعلق بمبرراته : إلاّ أنهما تتفقان في الحالات التي يتم فيها الحكم للزوجة بالتطليق منها : هجر الزوج لزوجته ، الخيانة الزوجية ، مرض الزوج وبخاصة البرص والصرع ، عقم الزوج ، العنة ، فقر الزوج ، تكدر المعيشة والتشدد في الإنفاق ، عيوب الزوج ،والطلاق في الديانة المسيحية غير مباح من حيث المبدأ ، بالاستناد إلى ماجاء في انجيل مرقص على لسان المسيح : ".. ويكون الاثنان جسداً واحداً ، وإذن ليس بعد اثنين ، بل جسداً واحداً فالذي جمعه الله لايفرقه إنسان ". ومع ذلك أباحت الانفصال بين الزوجين مع بقاء الصفة الشرعية للزواج ، ويجوز للزوج والزوجة الاتفاق على الانفصال شريطة تثبيت ذلك في المحكمة ( شبلي : 1990 : 53 ) ولقد اختلفت المذاهب المسيحية الثلاث في مسألة إباحة الطلاق ، فالمذهب الكاثوليكي يحرم الطلاق مطلقاً وحتى الخيانة ليست سبباً كافياً للطلاق ، ولكنه أباح الانفصال لأسباب محددة منها : زنا أحد الزوجين ، انتماء أحد الزوجين لمذهب غير كاثوليكي ، الهجر ، والمرض والعقم جنون أحد الزوجين والخروج عن الديانة المسيحية . أما المذهب الأرثوذكس : فقد أباح الطلاق للخيانة الزوجية والمرض والعقم ، جنون أحد الزوجين والغياب مدة طويلة ، الهجر ، السجن لمدة لاتقل عن سبع سنوات ، والرهبنة ، الخروج عن الدين ( سيركس : 1985 : 172- 178 ) أما الطلاق في الدين الإسلامي فإنه مباح وهو أبغض الحلال عند الله ، ولقد عرف العرب في الجاهيلية الطلاق ، إذ كان من حق الزوج أن يطلق زوجته مايشاء ، وكان للمرأة عدة بعد الطلاق ، وكان لديهم طلاق الظهار ، وطلاق الإيلاء ، وإذا كان الطلاق في الديانة المسيحية عقوبة ، فهو في الديانة الإسلامية علاج ، والدين الإسلامي بالرغم من أنه جعل من الطلاق حق للرجل وحده إلا أنه لم يهمل حق المرأة في طلب الطلاق من القاضي إذا وقع عليها ضيم أو ضرر لاتستقيم معه الحياة ، والطلاق في الإسلام إما رجعي أو بائن . الرجعي وفيه يرجع الزوج زوجه إلى عش الزوجية من غير عقد جديد ما دامت في العدة . البائن وهو نوعان : البائن بينونة صغرى فهو الطلاق الذي لايستطيع الزوج إعادة زوجه إلى بيت الزوجية إلا بعد عقد ومهر جديدين ، البائن بينونة كبرى ، فهو الطلاق الذي لايستطيع الزوج إجاع زوجه إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره زواجاً صحيحاً وتنقضي عدتها منه ، ولقد حددت الشريعة الإسلامية عدة خطوات للإتمام الطلاق الأساس فيها اتفاق الطرفان ، أما في حالة عدم الاتفاق بين الطرفين فيتم اللجؤ إلى التقاضي وعندها تتبع الإجراءات التالية : اختيار حكمين أحدهما من أهل الزوج والأخر من أهل الزوجة للإصلاح ، فإذا فشلا ، فإن المحكمة تعقد جلسة سرية للإصلاح ، فإذا فشلت تحكم بالتطليق . والتطليق للضرر حالات كثيرة منها : عدم الكفاية : عدم الإنفاق ، الإيلاء ، الهجر ، النشوز ، العيوب ، غيبة الزوج ، السجن ، المخالعة ، اللعان ، الظهار ، الخروج عن الدين ، والضرر وسوء العشرة .إن الأسئلة التي يمكن طرحها هنا بعد هذا العرض المختصر هي : ماهي اتجاهات هذه الظاهرة على المستوى العالمي ؟ وما هي اتجاهاتها على مستوى بعض المجتمعات العربية بعامة المجتمع الليبي بخاصة ؟ ماهي الأسباب الكامنة وراء هذه الاتجاهات ؟ وأخيراً ماهي الرؤية المستقبلية لهذه الظاهرة بعامة ؟. قبل الإجابة عن هذه الأسئلة أود التأكيد مسبقاً على عدة نقاط : أولها ، أن البيانات والإحصاءات الواردة بهذا البحث المتعلقة بالبلدان الأجنبية والعربية حصل الباحث عليها من تقارير الأمم المتحدة وبخاصة منها الإصدارات الثلاث للكتاب السنوي للسكان ( Ibid : 1998 : 365-367 , 2003 : 598-604 ) البيانات المتعلقة بالمجتمع الليبي حصل عليها من الاحصاءات الحيوية الصادرة عن الهيئة العامة للمعلومات والاتصالات ( الهيئة الوطنية للمعلومات والتوثيق : 200 : 13-15 ، الهيئة العامة للمعلومات والاتصالات : 2004 : 15-17 ) أن معدلات الطلاق لكل بلد تم استخراجها عن طريق حساب عدد حالات الطلاق في سنة مالكل ألف حالة زواج للسنة ذاتها . رابعاً ، مقارنة متوسط معدل الطلاق لكل بلد في عقد التسعينات من القرن المنصرم ، بموتوسط معدل الطلاق خلال الفترة من 2000-2004 م لغرض تحديد اتجاهات الظاهرة من حيث الزيادة والنقصان .
ثالثاً : ظاهرة الطلاق على المستوى العالمي :
يتعرض النظام الأسري في ظل ايقاع التغير السريع والتطورات العلمية المذهلة من بديات عصر التنوير وحتى الآن إلى تقلص في أداء وظائفه الأساسية التقليدية ، وبخاصة منها التعليم الذي انتقل إلى المدارس ، التنشئة الاجتماعية والرعاية التي تتولاها مؤسسات دور الحضانة ورياض الأطفال ومؤسسات رعاية المسنين . النشاط الاقتصادي والعمل الذي انتقل إلى المصانع والمؤسسات الخدمية . الاستقرار العاطفي وما يتضمنه من معاني السكنى والمودة بين الذكر والأنثى التي صار بالإمكان تحقيقها ولو جزئياً من خلال الصدقات والنوادي والمقاهي وأخيراً بالدردشة (Chat) من خلال غرف المحادثة الإلكترونية على شبكة المعلومات الدولية ( Internef ) وظيفة التناسل ( Reproduction ) والحفاظ على النوع التي صار اليوم بالإمكان إتمامها في مختبرات بعيداً عن تلك العلاقة المشروعة التي تتفق والطبيعة البشرية ، وتقرها المجتمعات في إطار البحث عن الشبيه والإنسان المثالي ( Superman ) وما تجارب الاستنساخ التي تجري الأن ببعيدة عن الأذهان . ولم يتوقف الخطر الداهم الذي يعصف بالأسرة التي تعد ركيزة أي مجتمع إنساني وتقدمه عند هذا الحد بل تجاوزه إلى انتشار ظاهرة الطلاق على أوسع نطاق ليطال تقريباً كل المجتمعات الحاضرة المتقدم منها والنام . والبيانات التي يظهرها الشكل البياني رقم (1) خير شاهد على هذا الوضع . فهو يظهر معدلات الطلاق لعدد من المجتمعات ومن مستويات تنموية مختلفة . ففي الولايات المتحدة الأمريكية بلغ متوسط معدل الطلاق للأعوام 1992 م ، 1995 م 1997 م ، 1998 م (502) لكل ألف حالة زواج ، والباحث يتوقع أن هذا المعدل يزيد في الوقت الحالي عما مضى بنسب كبيرة وهذا ماحدا بالاجارة الأمريكية إلى إخفاء حالات الطلاق عن الأمريكيين وغيرهم بالرغم من إعلانها عن عدد حالات الزواج منذ عام 1999 م وحتى الآن – كما سبق بيانه -.
في روسيا الاتحادية ارتفع متوسط معدل الطلاق بصورة كبيرة . فخلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1994 م ، 1995 م ، بلغ متوسط معدل الطلاق (614) لكل ألف حالة زواج ، وبلغ خلال الأعوام : 2001 – 2004 م (750) لكل ألف حالة زواج ، وهذا المعدل يعد من أعلى المعدلات في العالم ، السويد بلغ متوسط معدل الطلاق للأعوام : 1992 م ، 1994 م ، 1995 م ، 1996 م ، 1997 م (640) لكل ألف حالة زواج ، وبالرغم من انخفاض متوسط المعدل خلال الأعوام : 2000 – 2004 م ليصل إلى (539) لكل ألف حالة زواج إلاّ أن هذا المعدل يعد من أعلى المعدلات . في بريطانيا ارتفع متوسط معدل الطلاق من (515) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1998 م إلى (538) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 2000 – 2003 م . في ألمانيا ارتفع متوسط معدل الطلال بصورة كبيرة ، فخلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1994 م ، 1995 م ، 1997 م ، بلغ متوسط معدل الطلاق (373) لكل ألف حالة زواج بينما بلغ خلال الأعوام : 2000 – 2004 م (518) لكل ألف حالة زواج . بالمجتمع الأسترالي ارتفع متوسط معدل الطلاق خلال الأعوام : 1992 م ، 1995 م ، 1997 م ، 1998 م من (450) لكل ألف حالة زواج ، إلى (490) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 2000 – 2003 م . وبكندا بلغ متوسط معدل الطلاق (485) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992م ، 1993 م ، 1995 م ، بينما بلغ خلال الأعوام : 2000 – 2002 م ( 471 ) لكل ألف حالة زواج . في الدانمرك بلغ متوسط معدل الطلاق خلال الأعوام : 1992 م ، 1994 م ، 1995 م ، 1997م ، 1999 م (447) لكل ألف حالة زواج ، بينما بلغ خلال الأعوام : 2000 – 2004 م (411) لكل ألف حالة زواج ، أما بالمجتمع الياباني فقد ارتفع متوسط معدل الطلاق من (271) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992 م ‘ 1994 م ، 1995م 1997 م ، 1999 م ، إلى (366) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 2000 – 2004 م . بإسرائيل ارتفع متوسط معدل الطلاق من (223) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1997 م . إلى (279) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام من 2000 – 2002 م ، وفي البرازيل ارتفع متوسط معدل الطلاق خلال الأعوام : 1992 م ، 1996 م ، 1999 م ، من (132) لكل ألف حالة زواج إلى (172) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 2000 – 2003 م . في الصين ارتفع معدل الطلاق من (114) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1997 م ، 1998 م إلى (153) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام من 2000 – 2003 م . في تركيا ارتفع متوسط معدل الطلاق من (61) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992م ، 1993 م ، 1994 م ، 1995 م ، إلى (102) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام من 2000 – 2003 م .لالمجتمع الإيراني ارتفع متوسط معدل الطلاق من (74) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992 م ، ارتفع متوسط معدل الطلاق من (74) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1994 م ، 1997 م إلى (97) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام من 2000 – 2003 م . من هذه العينة التي تم اختيارها من عدة قارات ومستويات تنموية مختلفة ، ومن خلال المقارنات التي عقدت عن كل جولة ولسنوات مختلفة ، يتضح أن الاتجاه العام لظاهرة الطلاق على المستوى العالمي يعد مرتفعاً وأن إمكانية تواصل ارتفاعه مرجحة . وتكفي الإشارة إلى أن معدلات الطلاق بروسيا الاتحادية والسويد وانجلترا ، وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية تصل إلى حالة طلاق لكل حالتي زواج يتم تسجيلها .
شكل رقم (1)
يبين معدلات الطلاق لبعض الدول المختارة ولسنوات مختلفة 2000 – 2004 م
رابعاً : ظاهرة الطلاق على مستوى بعض المجتمعات العربية:
بالرغم من أن العلاقات الاجتماعية التي تسود المجتمعات العربية في عمومها علاقات مباشرة تلعب فيها القبيلة والأسرة والمعرفة الشخصية دورها المهم وربما المهيمن ، ومايترتب علىذلك من سيادة للعرف بدلاً عن القانون ، والاحتكاك إلى العاطفة بدلاً عن الموضوعية . وبالرغممن السيطرة الظاهرية للدين – وبخاصة منه الدين الإسلامي الذين تدين به الغالبية من المجتمعات العربية – على الحياة الاجتماعية بعامة والأخذ به باعتباره شأن جماعي وليس فردي ، وبالرغم من أن رابطة الزواجبين الزوج والزوجة مازال ينظر إليها في العموم على أنهاشأن أسري وربما قبلي وليس شأن خاص بين الزوجين . وبالرغم من خصوصية كل مجتمع عربي فيما يتعلق بالتنمية البشرية ودرجة نموه الحضاري ، إلا أن انتشار ظاهرة الطلاق في العربية بعامة ماتزال تسجل معدلات عالية ، مقارنة بمعدلات بعض المجتمعات التي تشهد انتشاراً واسعاً للظاهرة ، ولم تستطع أين من القيم التقليدية المهيمنة مما ذكر ووما لم يذكر أن تحد من انتشارها ، والشكل البياني رقم (2) والمقارنات التي سوف أجربها تؤكد هذا الواقع . ففي المجتمع الكويتي ارتفع متوسط معدل الطلاق من (284) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1997 م ، 1998 م ، 1999 م إلى (347) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 2000 – 2004 م ن وهذا المعدل يعد من المعدلات المرتفعة على المستوى العالمي لمجتمع لايتجاوز تعداد سكانه (2.6) مليون نسمة لعام 2004 م ( الأمم المتحدة : 2006 : 297 ) ، ويشهد المجتمع القطري معدلات مرتفعة للطلاق منذ عام 1992 م وحتى الآن ، فبحساب متوسط معدل الطلاق خلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1994 م ، 1997 م ، 1999 م ، تبين أنه بلغ (291) لكل ألف حالة زواج ، وبحسابه خلال الأعوام : 2000 – 2004 م تبين أنه يصل إلى (294) لكل ألف حالة زواج ، وهذا المعدل أيضاً يعد من المعدلات المرتفعة على المستوى العالمي لمجتمع لايتجاوز تعداد سكانه (0.8) ألف نسمة لعام 2004 م في المجتمع السعودي تعد معدلات الطلاق الطلاق السنوية هي الأخرى مرتفعة ، فبالرغم من محدودية الإحصاءات المتوفرة خلال التسعينات عن الظاهرة باستثناء عام 1999 م الذي بلغ فيه معدل الطلاق (244) لكل ألف حالة زواج خلال ، فإن الإحصاءات المتوفرة خلال الفترة من 2000 – 2003 م تؤكد استمرارية ارتفاع معدلات الطلاق بالمجتمع السعودي . إذ يتبين أن متوسط معدل الطلاق خلال هذه الفترة بلغ (217) لكل ألف حالة زواج خلال في البحرين فإنه وبالرغم من انخفاض متوسط معدلات الطلاق في السنوات الأولى من العقد الأول من القرن الحالي عنه في العقد الأخير من القرن المنصرم ، إلا أن متوسط هذه المعدلات يعد مرتفعاً بمجتمع لايتجاوز تعداد سكانه (0.7) ألف نسمة للعام 2004 م . إذ بلغ متوسط معدل الطلاق خلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1994 م ، 1997 م ، 1998 م (193) لكل ألف حالة زواج ، وبلغ خلال الأعوام من 2000 – 2004 م (187) لكل ألف حالة زواج . في المجتمع الأردني ارتفع متوسط الطلاق من (165) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1994 م ، 1995 م ، 1997 ، إلى (184) لكل ألف حالة زواج خلال الأعوام : 2000 – 2004 م . أما المجتمع الفلسطيني الذي من المفترض أن تسجل به هذه الظاهرة حدودها الدنيا بسبب الظروف التي يمر بها ، ويؤدي الصراع الجاري عل ساحته مع العدو الصهيوني وظائفه الايجابية وإلى لحمته وتضامنه ، إلا أن الواقع يثبت غير ذلك ز فبحساب متوسط معدل الطلاق خلال الأعوام 1997 م ، 1998 م ، 1999 م يلاحظ أنه بلغ (147) لكل ألف حالة زواج ، وبحسابه خلال الأعوام 2002 – 2004 م تبين أنه بمعدل (142) لكل ألف حالة زواج . وبالنظر إلى المجتمع المصري فيلاحظ من خلال المقارنه بين متوسط معدل الطلاق بالتسعينات ومتوسط معدل الطلاق خلال السنوات الأربع الأولى من القرن الحالي ، أن هناك انخفاضاً في حالات الطلاق المسجلة لكل ألف حالة زواج ، إذ بلغ متوسط معدل الطلاق خلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1994 م ، 1997 م (161) ن بينما بلغ خلال الأعوام 2000 – 2003 م (134) لكل ألف حالة زواج . في المجتمع اللبناني يلاحظ أن معدلات الطلاق في السنوات الأولى من القرن الحالي أكثر ارتفاعاً من عقد التسعينات من القرن المنصرم . إذ بلغ متوسط معدل الطلاق خلال الأعوام : 1997 م ، 1998 م ، 1999 م ماقيمته (107) وبالمقابل بلغ متوسط معدل الطلاق خلال الأعوام : 2001 – 2003 م ماقيمته (133) لكل ألف حالة زواج خلال . وبالمجمع السوري يلاحظ انخفاض معدلات الظاهرة مقارن ة بالمجتمعات العربية الأخرى ، سواء بعقد التسعينيات من القرن المنصرف ، أو السنوات الأولى من القرن الحالي ، كما يلاحظ تواصل انخفاضه على مستوى المجتمع بذاته ، فخلال الأعوام : 1992 م ، 1993 م ، 1994 م ، بلغ متوسط معدل الطلاق (87) بينما بلغ خلال الأعوام : 2000 – 2002 م ماقيمته (84) حالة طلاق لكل ألف حالة زواج . وبالنظر إلى المجتمع الليبي فيلاحظ أن معدلات الظاهرة كانت مرتفعة خلال عقد الثمانينيات ، إلا أنه ومنذ 1993 م وحتى الآن فيلاحظ انخفاض معدلات الطلاق وبصورة متواصلة ، فخلال 1992 – 1996 م بلغ متوسط معدل الطلاق (75) لكل ألف حالة زواج ، بينما بلغ خلال الأعوام : 2000 – 2004 م ماقيمته (51) حالة طلاق لكل ألف حالة زواج ، وبالإمكان الإشارة إلى أن هذان يعدان من أدنى معدلات الطلاق على مستوى المجتمعات العربية التي تتوافر عنها بيانات .من العرض السابق أخلص إلى التأكيد أن الاتجاه العام لمعدل ظاهرة الطلاق على مستوى بعض المجتمعات العربية يعد مرتفعاً ، وأن رهان تواصل زيادته مفتوح ، أما على مستوى المجتمع الليبي فإن الاتجاه العام لمعدل ظاهرة الطلاق يعد منخفضاً قياساً بالمجتمعات الأخرى .
شكر رقم (2)
يبين معدلات الطلاق لبعض الدول العربية المختارة ولسنوات مختلفة 2000 – 2004 م
شكر رقم (2)
خامساً : الأسباب الكامنة وراء هذه الاتجاهات :
أتضح مما سبق أن الاتجاه العام لمعدلات الطلاق عالمياً يعد مرتفعاَ وأن إمكانية تواصل ارتفاعها محتملة ، وبخاصة أن الأسباب والدوافع الكامنة وراء هذا الارتفاع ما تزال قائمة . والسؤال الذي يمكن طرحه هو ما هي الأسباب الكامنة وراء هذه المعدلات المرتفعة ؟ وهل هي متشابهة بكل المجتمعات ؟ وأخيراً لماذا بعض المجتمعات – كما هو الحال بالمجتمع الليبي – يسجل معدلات منخفضة ؟
بالحقيقة لا توجد أجوبة سهلة عن هذا السؤال على مستوى المجتمع الواحد ، فما بالك بإثارته على المستوى العالمي ، فالطلاق مسألة معقدة ، ومن خلال القراءات التي كونتها عن هذا الموضوع يبدوا أن هناك اتفاق مشترك بين المهتمين بحقل الزواج والطلاق حول هذه المسألة . على أية حال اعرض فيما يلي عدداً من الأسباب المؤدية على هذه الظاهرة على المستويين الفردي والاجتماعي ( individual and societal levels ) . مع ضرورة الأخذ في الحسبان خصوصية كل مجتمع والظروف التي يمر بها . وأنه بالإمكان تطوير هذه الأسباب إلى فروض يمكن اختبارها على أرض الواقع .
الأسباب على المستوى الفردي :
أ- الاختيار الغير الناضج .
ب- العنف المنزلي .
ج- الافتقار إلى الاستعداد إلى الزواج .
د- الزواج المبكر " صغر السن من 15 -19 " .
ه- جنوح أحد الزوجين وانحرافه .
و- ممارسة الاحتيال على الشريك الآخر من ذلك إخفاء عيب من العيوب المرتبطة الشخصية بعمامة ، العقم ، العذرية ، تناول المخدرات ... الخ .
ز- اختلاف المستوى الاجتماعي – الاقتصادي أي اختلاف الوضع الطبقي .
ح- الاختلاف الديني والعقائدي .
ط- طبيعة العلاقة الزوجية وبخاصة الإحجام عن التواصل والتودد والاتحاد .
ي- عدم الإنجاب.
ك- الخيانة الزوجية .
ل- ارتفاع الدخل على مستوى الفرد .
م- تدخل الأهل والأقارب وأطراف أخرى في حياة الزوجين ، ويحدث هذا عادة في المجتمعات التي تسود فيها القيم التقليدية التي ترى في الزواج صفقة أسرية أو قبلية وليس علاقة خاصة بين زوج وزوجة ، وهذا ما يمكن ملاحظته في العديد من المجتمعات العربية .
من الأسباب على مستوى المجتمع أذكر :-
أ- زيادة مستوى الرخاء الاقتصادي ، يبدوا أن نسب الطلاق تزداد أثناء أوقات الرخاء الاقتصادي ( Economic Prosperity ) وتنقص أثناء أوقات الكساد الاقتصادي ( Economic recession ) والأزمات . إذ يسمح الرخاء الاقتصادي للناس التركيز على لقضايا ما بعد بقائهم على قيد الحياة ، والنظر في الخيارات المتنوعة لسعادتهم الشخصية بما في ذلك إضافة شريك آخر أو البحث عن بديل .
ب- تغير الكثير من القيم والاتجاهات المرتبطة بالزواج والطلاق فعلى سبيل المثال : لم يعد ينظر على الطلاق في العديد من المجتمعات الغربية العلمانية على أنه وصمة عار اجتماعية ( Social Stigma )
ج- العولمة وبخاصة منها انسياب الأفكار والمعلومات وسرعة الاتصالات ويسرها بين مختلف أرجاء الدنيا عن طريق شبكة الإتصالات الدولية ( Internet ) . إذ تشير العديد من المقلات والآراء والقصص التي استقيتها من الشبكة أن حالات طلاق كثيرة بدأت تسجل بسبب استخدام الناس لهذه التقانة . وبخاصة ما يمكن تسميته بــــ: غرق المحادثة الإلكترونية وما يحصل فيها من دردشة ( Chat ) ومن تبادل للصور الشخصية والرسائل والأفكار ، والصور الحية حتى أن البعض وصفها بــ " الحمام الزاجل " . وبالامكان الرجوع إلى العديد من المواقع التي تطرح قصص وحكايات عن العلاقة بين ظاهرة الطلاق وشبكة الاتصالات الدولية ( Internet ) .
د- تغير مكانة المرأة وزيادة مشاركتها في قوة العمل ، وبالتالي حصولها على الدخل الذي يضمن لها الإستقلال الاقتصادي يجعل من إمكانية عدم ترددها في طلب الطلاق مرجحة إذا لم تجد في الزواج حاجاتها .
هـ - الزيادات المفاجئة في عدد المواليد واستمرار بقائها على قيد الحياة إلى السن المؤهلة للزواج وبخاصة بين الذكور ، تقود إلى زيادة معدلات الزواج مستقبلاً . وأن الزيادة في معدلات الزواج تعني في جانب منها ارتفاع معدلات الطلاق .
و- القوانين التي تسنها المجتمعات فيما يتعلق بالزواج والطلاق ومدى المرونة التي تبديها وبخاصة فيما يتعلق بتحديد سن الزواج ، وأسباب الطلاق والإجراءات التي تتبع أثناء الشروع في الطلاق ، فالقوانين قد تكون عاملاً مهماً في زيادة معدلات الطلاق وقد تكون العكس . في المجتمع البريطاني ، على سبيل المثال ، العديد من التشريعات والقوانين ذات العلاقة بالأسرة والمرأة والطفولة التي صدرت لم تساهم فقط في تغيير مكانة النساء والأطفال في إطار الأسرة ، بل وساعدت على نحو متزايد في ارفاع معدلات الطلاق كما تشير إلى ذلك ( G.O,Donnell ) (( G.O,Donnell : 53- 54 . إذ منح تشريع ملكية المرأة المتزوجة عام 1882 م النساء المتزوجات الحق في الاحتفاظ بمداخليهن الخاصة وإعطائهن حق التقاضي . وتشريع الخلافات الزواجية الذي صدر عام 1923 م منح حق المساواة في الطلاق بين الجنسين كما وسع في أسباب الطلاق لتشمل الهجر ( Desertion ) ، والقسوة ( Cruelty ) والمصاب بمرض عضال ( Incurable insanity )إلى جانب الزنا ( Adultery ) الذي كان يعد الأرضية الوحيدة للطلاق في بريطانيا .
تشريع إصلاح قانون الأسرة للزواج والطلاق عام 1969 م الذي قدم مفهوما ً جديداً للطلاق مفاده " الزواج المنهار يتعذر إصلاحه " والذي تضمن كذلك تخفيض سن الزواج إلى (18 ) ثماني عشرة سنة ، وهي السن التي يمكن للمرء أن يتزوج فيها دون موافقة الوالدين .تشريع الإجراءات الزواجية والأسرة عام 1984 م الذي تضمن تخفيض الفترة الدنيا بعد الزواج لمن يطلب الطلاق ، وأخيراً إلغاء الفائدة الضريبية على الزواج عام 1999 م .
وإذا كانت التشريعات والقوانين التي صدرت في بريطانيا ساهمت في ارتفاع معدلات الطلاق بسبب مرونتها ، فإنه بالمقابل نجد عكس ذلك بالمجتمع الليبي . إذ ساهمت القوانين والتشريعات المتعلقة بالأسرة والأمومة والطفولة في الحد من ارتفاع معدلات الطلاق بالمجتمع الليبي . فبالنظر إلى قانون الزواج والطلاق وآثارهما رقم ( 10 ) لسنة 1984 م والتعديلات اللاحقة والذي يستند في الكثير من أحكامه على الشريعة الإسلامية . يلاحظ أنه وضع عدداً من الأحكام التي ساهمت في الحد من ارتفاع معدلات الطلاق التي كان يعاني منها المجتمع الليبي بعامة منها : تحديده في المادة السادسة أهلية الزواج ببلوغ سن العشرين ( 20 ) وأشرطته في المادة الثالثة عشرة المعدلة ضرورة موافقة الزوجة التي في العصمة أمام المحكمة الجزئية على زواج زوجها من امرأة أخرى ، وصدور حكم من المحكمة الجزئية بهذا الشأن . كذلك اشتراطه في المادة السبعين المعدلة ضرورة عدم المساس بحق المرأة الحاضنة أو معدومة الولي في البقاء ببيت الزوجية بعد طلاقها أو وفاة زوجها ما لم تأت بفاحشة ( الجريدة الرسمية بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 1984 بشأن لازواج والطلاق وآثارهما : العدد 5 : 122-124 ) .
وبالإمكان الإشارة إلى الآثار المترتبة على تطبيق هذا القانون وغيره من التشريعات النافذة من واقع الإحصاءات الرسمية . فالمتتبع لظاهرة الطلاق بالمجتمع الليبي يمكنه ملاحظة أن هذه الظاهرة كانت تسجل معدلات مرتفعة بالمجتمع قبل صدور هذا القانون . ففي السنة التي سبقت صدوره أي في عام 1983 م بلغ معدل الطلاق العام بالمجتمع الليبي ( 213 ) لكل ألف حالة زواج . ومع دخول هذا القانون حيز التنفيذ أي في عام 1984 م فإن معدل الطلاق انخفض إلى ( 131 ) لكل ألف حالة زواج ( جدور : العدد 2-3 : 2001 ) . وبتواصل تطبيق هذا القانون والتعديلات التي أجريت عليه – ومع وجود ظروف أخرى لا مجال لبيانها في هذا البحث – استمر معدل الطلاق السنوي في الانخفاض إلى أن وصل عام 2004 م إلى ( 51 ) لكل ألف حالة زواج كما سبق بيانه .
خامساً : الرؤية المستقبلية لهذه الظاهرة بعامة :-
أصور وضع النظام الأسرى الحالي بمثابة قارب يشق طريقه وسط بحر لجي ، تتقاذفه أمواج هادرة وتعصف به رياح عاتية . ويبدو أن معدلات الطلاق المرتفعة والمحتمل تواصل ارتفاعها من أعتا الموجات التي تهدد كيانه واستقراره . ويقف عالم الاجتماع حائراً أمام هذا الوضع ؟؟ أي موقف يمكن أن يتبناه ؟ هل يتبنى موقفاً متشائماً الذي تمليه الظروف الحالية ، ويقرر أن الأسرة في خطر وأنها آيلة إلى الانهيار . أم يصرف النظر عن كل ذلك ويتبنى موقفاً أكثر تسامحاً وتفاؤلاً ويقرر أن النظام الأسرى سيقاوم كل الأمواج الهادرة والرياح العاتية ويخلد إلى بر الأمان .
بالحقيقة أن لهذه الحيرة ما يبررها . ذلك أن تبنى موقفاً متشائماً يمليه الواقع الذي يؤكد على اتجاه معدلات الطلاق نحو الزيادة وأن لهذه الزيادة أسبابها المتنوعة التي تمليها ظروف عدة تمر بها المجتمعات الإنسانية بعامة منها ما تم إدراجه ضمن ثنايا هذا البحث ، ومنها ما لم يدرج وبخاصة تلك الحقيقة التي مفادها : أن معظم الشباب اليوم يرغبون في الزواج من أجل الحب ، والمودة ، والرفقة ، وطلب الرضا العاطفي . هذا الاتجاه قد يؤدى إلى زيادة معدلات الطلاق مستقبلا إذا هذه الحاجات والتوقعات النفسية لم تتحقق .
كما أن تبنى موقفاً يمليه الواقع أيضاً. فهناك من السباب التي تدفع إلى الظن بأن معدلاته سوف لن تواصل الارتفاع من أعلى إلى أعلى . أولها ، الاتجاه الحالي نحو تأخر سن الزواج في العديد من المجتمعات وهو اتجاه دون شك يسهم في التقليل من فرص الطلاق . ففي المجتمع الأمريكي متوسط العمر عند الزواج الأول يزيد. في 1960 م متوسط العمر عند الزواج الأول كان (22.8) للرجال ، و(20.3) للنساء. بنهاية سبعينات فإن متوسط العمر عند الزواج الأول زاد إلى (24) للرجال. و(21.6) سنة للنساء . هذا الاتجاه من المحتمل أن يستمر إلى القرن الحادي والعشرون ( J.M .shepard: 1980 : 275 ) . أما في المجتمع البريطاني فقد ارتفع متوسط سن الزواج مابين 1971م . 1996م م من (25) سنة إلى (29) سنة للذكور، ومن (23) سنة إلى (27) سنة عند الإناث G. o,donnell:55 ) ) أما في المجتمع الليبي فيلاحظ كذلك ارتفاع متوسط سن الزواج الأول مابين التعدادين 1973م 1984م من (25) سنة إلى (27) سنة عند الذكور. ومن (19) سنة إلى (23) سنة عند الإناث ( مصلحة الإحصاء والتعداد :1973 : 25 ) ثانيها، يتمثل في خروج المرأة المتزوجة إلى سوق العمل . فكما نظرنا إلى هذا العامل على أنه عامل مساعد لزيادة معدلات الطلاق . يمكن النظر إليه كذلك على أنه عامل مساعد لتخفيض هذه المعدلات. فالمرتب الذي تتقصاه المرأة عن وظيفتها يزيد في دخل الأسرة، وبالتالي فهو يسهم في الحد من الصعوبات المالية التي تعد إحدى أسباب الطلاق.ومهما كان الموقف الذي يمكن أن يتبناه عالم الاجتماع فإن الضرورة تقتضى التحسيس بخطورة الوضع الذي يعانى منه النظام الأسرى، والعمل على التخفيف من حدة الضغوط التي يتعرض لها بكل الوسائل والإمكانات المتاحة. وأرى أن العمل ينبغي أن يسير في لتجاهين معاً : الأول تقوده المنظمات والهيئات الاجتماعية الأهلية والرسمية داخل كل بلد . إذ تتولى المنظمات والجمعيات الأهلية التحسيس بالظاهرة وخطورتها وتعمل على نشر الوعي الأسرى والرفع من مستواه والتنويه بأهمية الأسرة للفرد والمجتمع . وتتولى الدولة على المستوى الرسمي سن التشريعات والقوانين التي من شأنها المساهمة في التخفيف من حدة هذه الظاهرة .الثاني، تقوده المنظمات والهيئات الدولية على مستوى الأمم المتحدة. وإن من كلمة أختم بها هذا البحث فهي أنه إذا كان من الصعوبة بمكان القضاء على هذه الظاهرة ، فإنه ليس من الصعوبة التخفيف من حدتها .
مراجع البحث :-
1- الأمم المتحدة . تقرير التنمية البشرية لعام 2006 م.
2- جذور ، محمود سالم . الدخل الأسرى وظاهرة الطلاق بالمجتمع الليبي . مجلة الجامعة. جامعة السابع من أبريل . العد 2-3 لسنة 2001م.
3- الجريدة الرسمية . قانون رقم (15) لسنة 1984م بشأن الأحكام الخاصة بالزواج والطلاق وأثارهما . العدد 16.
4- الجريدة الرسمية . قانون رقم (9) لسنة 1423م بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم (10) لسنة 1984م بشأن الزواج والطلاق وأثارهما . العدد 5 .
5- سركيس، عادل أحمد. الزواج في المجتمع المصري الحديث. القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب. 1985م.
6- شلبي ، ثروت محمد محمد. الطلاق والتغير الاجتماعي في المجتمع السعودي : دراسة ميدانية في مدية جدة. جدة. دار المجمع العلمي. 1990م.
7- مارشال. جوردون. موسوعة علم الاجتماع. ترجمة محمد الجوهري وآخرون . مخ2 ط1 . القاهرة : مكتبة مدبولى .2000 م.
8- مصطفى . فاطمة. الزواج العرفي .ط1. القاهرة: دار الحرية للصحافة والطباعة والنشر . 1998م.
9- مصلحة الإحصاء والتعداد . دراسة إحصائية تحليلية حول الحالة الزواجية لليبيين من واقع نتائج التعداد العام للسكان لعامي 1973. 1984م. عدد3. طرابلس: مطابع المصلحة.
10- الهيئة الوطنية للمعلومات والتوثيق. الإحصاءات الحيوية لعام 2000ف.
11- الهيئة العامة للمعلومات والاتصالات. الإحصاءات الحيوية لعام 2004ف.
12- odonnell G . Mastering Sociology . 4ed.Wales ; palgrave Master Series, 2002.
13- Shepard,J.M..Sociology .New York; west Publishing Company, 1980.
14- Thomas, W.La Verne, R.J.Anderson. Sociology; The study of human Relationship . 2 ed . New York ;Harcourt brace Jovanovich, 1977.
15- United Nations . demographic yearbook (1996) . New York; National unies , 1998.
16- United nations . demographic yearbook (2001) . New York ; National unies, 2003 .
17- United Nations . demographic yearbook (2004 ) . New York ; National unies, 2004
الاستشاري- المدير العام
- عدد المساهمات : 2664
تاريخ التسجيل : 21/03/2008
السٌّمعَة : 111
مواضيع مماثلة
» الطلاق ظاهرة أم سلوك عربي ؟!
» الخيانة ظاهرة موجودة
» ظاهرة الخلع.... تكتسح المحاكم
» ظاهرة نمو الكرش عند العرب
» النساء يستمتعن بضرب أزواجهن
» الخيانة ظاهرة موجودة
» ظاهرة الخلع.... تكتسح المحاكم
» ظاهرة نمو الكرش عند العرب
» النساء يستمتعن بضرب أزواجهن
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت ديسمبر 16, 2023 6:53 pm من طرف Admin
» الناجحون
السبت ديسمبر 16, 2023 6:51 pm من طرف Admin
» فَوَيلٌ ثُمَّ وَيْلٌ ثُمَّ وَيْلٌ - لِقَاضِي الأرْضِ مِنْ قَاضِي السَّ
السبت أغسطس 19, 2023 4:41 am من طرف Admin
» لا شيء ينبت هنا بدون جذور
السبت أغسطس 19, 2023 4:40 am من طرف Admin
» يحكى أن
السبت أغسطس 19, 2023 4:34 am من طرف Admin
» المفتاح السحري الأساسي للإمساك بخيوط الحل لأية مشكلة
الأربعاء أغسطس 02, 2023 2:43 am من طرف Admin
» شارك الفيديو لطفا
الخميس نوفمبر 03, 2022 6:11 pm من طرف Admin
» ( ١.٩$ ) بليون دولار .. وتزوجت سائقه ...
الخميس أغسطس 11, 2022 1:20 pm من طرف Admin
» مشكلة وحل (1) الخجل
الجمعة أغسطس 05, 2022 4:56 am من طرف Admin
» لحل اية مشكلة / اساسيات
الجمعة أغسطس 05, 2022 3:25 am من طرف Admin
» زوجات وأزواج يعترفون: هذا أطرف مقلب حصل معنا!
الجمعة أغسطس 05, 2022 3:19 am من طرف Admin
» إنهم أغلى ما في الحياة ، وليسوا بحجارة
الجمعة أغسطس 05, 2022 3:15 am من طرف Admin
» الحكي بيناتنا
الأحد يوليو 31, 2022 3:56 pm من طرف Admin
» كيف نتعرف على الشخصية الصعبة
الأحد يوليو 31, 2022 3:06 pm من طرف Admin
» ليس مهماً أن تدخل الحمير الجامعة، المهم هو ألا تخرج منها بشهادة جامعي
الثلاثاء فبراير 09, 2021 3:35 am من طرف Admin