المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
د محمد سردار رحمه الله - 3791 | ||||
الاستشاري - 2664 | ||||
غريب الامارات - 1632 | ||||
شام - 1616 | ||||
Admin - 1570 | ||||
ام المجد - 1508 | ||||
المتميز - 883 | ||||
ود - 759 | ||||
شيماء الشام - 733 | ||||
المتمردة - 499 |
أهلا بكم
دعمكم لهذا المنتدى يكون بتبادل الفائدة وابداء الرأي نتمنى أن نتشرف بكم كأعضاء واستشاريين - بوجودكم سيكون المنتدى أجمللوحة ترحيب
أهلا بك من جديد يا زائرآخر زيارة لك كانت في الخميس يناير 01, 1970
آخر عضو مسجل زمرد١١فمرحبا بكم
أهلا بكم
دعمكم لهذا المنتدى يكون بتبادل الفائدة وابداء الرأي نتمنى أن نتشرف بكم كأعضاء واستشاريين - بوجودكم سيكون المنتدى أجملإعلانات تجارية
لا يوجد حالياً أي إعلان
جديد الاعلانات feedburner
http://feeds.feehttp://feeds.feedburner.com/akbarmontadacom/Bwkxdburner.com/akbarmontadacom/Bwkxالنساء ...نقطة ضعفي - بيني وبينك حكاية
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
النساء ...نقطة ضعفي - بيني وبينك حكاية
النساء ...نقطة ضعفي - بيني وبينك حكاية
قال تعالى: ((ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)) (الروم/21).
مقدمة الزاوية: بين الزوجين.. حبل موصول برحمة إلهية، مسكون بدفء فطري، احتياج غريزي، تناغم عاطفي، انتماء. قد يختلفان، يتباعدان، يتخاصمان، لكنهما برحمة الله ولطفه يعودان. هكذا كتب القدر الإلهي: توأمة خالدة، ذكر وأنثى، بهما ((يعتمر)) الكون.. لهما في كل حكاية موقف، ولنا في كل موقف عبرة.
النساء.. نقطة ضعفي
تركتها مسجاة كجثة محنطة تستقبل شبح الموت باستسلام وديع وكأنها قديسة في حضرة معبد يجسد احتفالية مهيبة أستطرق الردهات وأنا في طريقي خارج المستشفى يتنازعني الخوف والذعر، اختفت كل المرئيات عن ناظري وغابت من أعماقي كل أحاسيس الحياة، أنماط من الناس تغدو وتروح، حشود تدخل وأخرى تخرج وأنا بينهم كائن معدم لفته دوامة الحزن في غياب، تجمدت الرؤيا وتوقف الزمن والمكان على صورتها وحدها، مشهد احتضارها المؤلم مصلوبة في وجداني كقدر لا يمكن الفرار منه.
قتلتها ببطء وأنا غير مدرك أبعاد هذه الأنّات الدفينة، حصاد عذابها في سنين الزواج، حزنها الصامت اختزلته مرضاً شرساً اغتال فرحتي بغتة ودون سابق إنذار.
ها هي الآن منطفئة، شقت طريق الآخرة بصبرها الكبير وجلدها العظيم، تركتني في برد الوحشة وحيداً أكابد غربة كئيبة تطالعني في كل حين بوجهها الشاحب ونظرتها اللائمة.
إنها تدبر في انعطاف قاهر نحو نهاية أبدية تذعن لمصيرها المحتوم بصلابة وشموخ قد برأت نفسها من أدراني وأخطاء جنوني، واغتسلت بطهارة الموت حتى تجردت من آثامي وهي تدنس جسدها الزاكي، شمسها الوهاجة في حياتي ستغرب وإذا بشهقتها الأخيرة تنخر فيّ الحزن حتى الرمق.
وكان البيت حينما عدت موحش أشبه بمقبرة يسكنها الخوف والعدم وسوط الذكريات حينما يحوّل يومياتنا العادية إلى ماضٍ له طعم الحزن المرير ونكهة النار الخابية حتى العتمة الكئيبة.
جلس ((سالم)) على حافة السرير مطرقاً، مستعبراً، تنازعه اللوعة وتشتته في وله وحيرة، كيف يحيا دون ((سهام)) وهي له الروح الساكنة في جوفه، كانت حينما تلمس الأشياء ينهمر فيها ذلك الدفق المريح، أنفاسها العبقة تشعل المكان ضجيجاً من ذلك النوع المحبب إلى النفس، خلا منها البيت فتحول إلى أنقاض من الحسرة والغربة، السرير المخضب بالحياة قد أخرسه الغياب، الجدران الصامتة أخالها تبكي حداداً وتدينني بقسوة فأنت جلادها الأوحد.
لا أدي كيف أمارس طقوس حياتي وقد تداعت أركانها بعد انهيار عمودها، بعدها انفرط عقد الحياة وتبددت مني البهجة.
مالي أرى بيتي وقد تحول إلى سرادق عزاء.
نهض سالم من مكانه ليفتح الدولاب الخشبي العتيق وقد ضم حاجاتها، جزئياتها الحيوية واستخرج ألبوم الصور راح يقلب أحداث حياته متأملاً صورتها بطرف حزين فاستبد به حنين جارف، عاد إلى ملاحتها الهادئة وشرود عينيها الطيّبتين عندما جاءت قبل خمس سنوات موظفة جديدة التحقت في دائرته الخاصة، حينها لم يدرك كم من الوقت يحتاج ليفهم تكوينها الخاص، هو كان عابثاً منعماً بوسامة تجتذب النساء إليه، جاذب ومنجذب كهواية يستلذ بها حتى تأصلت فيه كعادة، لا يتورع عن مغازلة هذه وتلك إن أعجبته بحسنها الأخاذ ودلالها الرائق، كلهن في عينيه محض جسد منسق جميل ووجه ينضح إثارة، يتشامخ بغروره فما استعصت عليه أنثى، يتهافتن عليه كالفراشات حول الضوء، ألحت عليه والدته أن يتزوج فقد قارب على الثلاثين ويفترض أن يختار بمقتضى خبرته الواسعة في النساء، كان أغلى مطمع يحاولن استمالته إلى الزواج بشتى الأساليب حتى التقى ((سهام)) لم تكن جميلة بالمقاييس المألوفة، فقد عرف الفاتنات، المثيرات، الطاغيات الحسن، هي أشبه بقنديل النور المريح وسط لهيب جمال صارخ يفتك حتى التوتر، يقتربن نحوه بحممهن الحارقة ويطوقن مقاومته، الثروة التي ورثها عن والده بددها على الهدايا والولائم الفخمة، لكنه فور انقضاء متعته يتقلص ببرود فلا يجد له فيهن رغبة، أسرته ((سهام)) بسكونها المريح، أناقتها المحتشمة، شعرها الأسود الناعم ووجهها المستدير الصافي الخالي من المساحيق، أطرافها النظيفة الناعمة، عينيها العطوفتين، تكوينها الكامل كان استدراجاً فطرياً لرجولته العابثة التي تورعت عن اقتحام دائرتها المحصنة، كانت عروساً لائقة حتى صوتها المتماوج بنبرة رقيقة تدفع حدته لأن تنكسر في فضاء حنانها.
دخلت حياته ملعونة من نسائه، مبغوضة في حسد قد تحوّل إلى مؤامرات لدس الفتنة في زواجهما لكنها صمدت وأصمت أذنيها مقاتلة في سبيل سعادتها.
اكتشف سالم في ((سهام)) جمالها الأعمق وشكليات يندر أن يراها في امرأة، نظافتها الدقيقة، رائحتها الزكية، جسدها اللدن الذي اختزن كمّاً هائلاً من الطيبة، وجهها النوراني الذي خلا من الشوائب، كانت وسادته المريحة تمتص همومه كلما أتى منهكاً مزقت استقراره نساء الشيطان، وجد فيها أنوثة فطرية بدمعتها السخية وبسمتها المشرقة، نظمت حياته بانسيابية مطلقة، فوجد نفسه منصاعاً لكلماتها المحببة الطرية واستدراجها المريح دفعته أن يتناول فطوره كل صباح بعد أن كان ينام لفترة طويلة تعويضاً عن عبث الليل، تأتيه إلى الفراش بكوب عصير البرتقال وتسقيه من رشف عاطفتها مهدهدة مزاجه الحاد وهو يستيقظ بتثاقل، ثم تضمه متحببة إليه بطراوة ولسان يقطر عذوبة وحلاوة، يترك سريره إلى حمام دافئ ومغطس قد عطرته بزيت النعناع المنعش، ثيابه المرتبة بنسق جميل، نظيفة تفوح منها رائحة الصابون قد تمهّلت في كواءها حتى ليحسبها جديدة اشترتها لتوها إليه، وقبل خروجه هيأت له المبخر وإذا به مفعم بالانتعاش يتضوع منه أحلى عبير.
يا لها من زوجة ساذجة تعد لنفسها وليمة ذبحها، حوطته بغواية تستثير الأخريات، متألقاً بأبهى حلة، مسترخياً، هادئ البال، عاش معها في وضع مريح، تلك ا لراحة التي نزهدها في بعض الأحيان إلى درجة الزهق والملل فنبحث عن المثيرات حولنا كي توقد في يومياتنا جذوة تشعل مشاعرنا الخابية، يأتيها في مرات عدة مكفهراً، عابساً، خصامه مع عشيقة حوّله إلى رجل غليظ فيخاطبها بحدة لكنها بكفها الرحيم وروحها الدمثة تربت على كتفه هامسة في ذوب عاطفي ((وسع صدرك، وسع صدرك)) لها قدرة على امتصاص آلامه وترطيب حدته وتهوين همومه فإذا به يتحول بين يديها إلى طفل ساكن أليف يلتصق بها ولا يكاد يفارقها.
كم من المرات تعد له مائدة حافلة بالأطايب تنتظر عودته مسهدة محتفظة بأدبها الجم وصبرها العميق وحنوّها الاستثنائي لكنه يقبل عليها مترنحاً، ثملاً قد أفرط في الرجس والآثام يتساقط على فراشه منهوكاً تجلس قربه متأوهة ملتاعة، تصمت على مضض وتبتلع الغصة بقلب نكأته الجروح، وفي الصباح تقبّله بشوق غلب فيها كل إحساس، غيظ وغضب تُمسّج جسده بزيت الزيتون، تمسد شعره بلطف رائق وكأن الأمس كان كابوساً بائساً قد بددته حقيقة الحب فيستدرك في سره مستاءاً من نفسه، من أية طينة خلقت هذه المرأة؟ هل هي ساذجة أم محبة مجنونة تغض الطرف عن عيوب حبيبها، تمنى لو تفجر هذا الصمت وتحاوره بغيرة ساخنة تكشف عن طويتها، يعذبه هذا الغموض، يرتاب في أمرها عندما تفتعل البسمة في غمرة الحدث المؤلم، تتحاشى النظر في عينيه لئلا تسرب إليه انكسارها فجلدها متقصد، هذا النوع من الرجال يستهويه عنفوان المرأة يتهيب فيها الاستخفاف بالأخريات، يجاذبها الحديث كي يستل من كلماتها منابت نفسها فلم يدرك من أعماقها إلا السطوح، فاستسلم لقدره بهذا الشكل المتناقض، قال لها يوماً وهما يشاهدان استعراضاً لفنانته المحبوبة التي كان يريد لزوجته أن تتشبه بها ذات الشعر وذات الألوان، يطالعها مدهوشاً بفتنتها الطاغية لم يتمالك أعصابه اللاهثة في توتر غيّب وعه ((أتراها من الإنس أو الجن؟)).
ما هذا السحر الذي يفتن الألباب؟.
وافقته الرأي وبادلته ابتسامة راضية.
تهدج صوته ((ألا تغارين عليّ يا سهام؟ كثير من أصدقائي يشتكون غيرة نسائهم خصوصاً من نساء الفضائيات وهن يأتين بأشهى العروض)).
افتر عن ثغرها ابتسامة وديعة واحتضنته قائلة:
((حبك قد غمرني حتى العظم فمن السخف البحث في هذه المنغصات التافهة)).
ران عليهما الصمت، تبادلا النظر الحميم، التصقت به وكأنها تعلن عن وجودها كواقع في حياته وما دونها ضرب من ضروب الأوهام.
ثم عادت لتخاطبه ثانية:
((أنا سعيدة يا سالم بهذا المقدار الذي تمنحه لي من نفسك ولا غضاضة إن كانت هناك ثمة هفوات أستطيع بحبي أن أمتصها وألقيها في العدم)).
ارتبك سالم واعترته دهشة كبيرة، ما مصدر هذه الثقة الراسخة والشموخ النابت في كيانها، مازالت تحتويه بقدرتها المميزة والتحايل على النفس بشتى المبررات كي تتسامى على هذه الجروح، فهي تربأ بنفسها أن تكون في محل مقارنة مع أخرى مهما كانت الأخرى جميلة تفتك بفتنتها أعصاب الناظر، تعلم أن فيها ذلك الكم الهائل من شحنات المحبة تجتذبه في لحظات الإخفاق وعندما تنحدر به النفس الدنية إلى المهاوي، هو إنسان محكوم بفطرته السوّية يتعطش إلى النور كلما أوغل في الرغبة البهيمية وكانت تقف على مقربة من هاويته تمد له يد العون وإن تردى في الضياع الأبعد تسحبه إلى السمو الإنساني بحبال الصبر والحب فيجد نفسه دائماً في دائرتها محصناً بدفء يسري في عروقه كدبيب النمل هادئاً، لذيذاً، ناعساً.
وزخات عشقها المتواطئة مع روحها المتسامحة شكلت منهما التحاماً مدهشاً جعل الأخريات ينهزمن في معارك نفسية محبطة الواحدة منهن تمارس ضغوطها باحتيال وتظل تنخر في رباطهما بدهاء أنثى مسكونة بالحقد تتفنن بألاعيب مثيرة لزعزعة سهام وتشكيكها في مواهبها الأنثوية وقدرتها على احتواء طغيان رجولته باقتدار محاولة إذكاء براكين الغيرة كي تشعل حقل الحب الآمن فتصعقهن المفاجأة تخرج معه متأبطة ذراعه بحميمية وكأنهما عاشقان مغرمان لتناول العشاء في المطعم الذي يرتاده معهن، كم من المرات التقطت وبمصادفة سيئة أحاديثه الهامسة في الهاتف، خلجات حارة تفضي إلى أعمق الحدود لكنها تتراجع عن البوح وتكف عن النقار، هن يحمن حوله، يتهافتن على وسامته وأمواله بيد أن قلبه موزع، مشتت، تفاعله اللحظي يتبدد مع اختفاء المؤثر، هي وحدها الحاضرة بكثافة في أعصابه، تسري في دمه وتمشي خطوات الحياة معه جنباً إلى جنب.
يرن الهاتف رنات لجوجة، وبعد تململ وانزعاج تستجيب للهاتف يُقفل حتى لتحسب هذه الفعلة الدنيئة لطمة جارحة على وجهها تدرك ما وراء هذه المشاكسات إنها دعوة لاستفزاز مشاعرها الهادئة وإشعال فتيل المشاحنات داخل البيت، يسألها بلسان متعثر من شدة الحرج، تبدد حرجه قائلة بابتسامة ((النمرة خطأ)) لم تفكر يوماً في التجسس عليه وملاحقته إنما هي الصدف العاثرة تخلق لها حالة من الإرباك، أدلة تتراكم بحجم حزنها الدفين ووجعها المر، تبرر سقطاته كملهاة عارضة وحدها الأيام قادرة على تهميش هذه الهواية حتى انقراضها من نسيجه المتعب، سيأتي الملل برياحه العاتية ليذره قاعاً صفصفاً فيقف على حقيقة مرة نضوب أمواله وطاقته فيجلس وحيداً خالي الوفاض.
تذكر من ضمن ما تذكر عبر هذه الصور ومشاهداته الحارة أكاذيبه حينما ادعى أن له أعمالاً خارج البلد وهو في الحقيقة قد رتب نفسه لنزوة جديدة عبر رحلة ممتعة كانت البطلة سكرتيرته الحسناء ذات الشعر الأشقر، جلست سهام عند طرف السرير حزينة بعد أن أعدت حقيبته ترنو إليه بعينين ملهوفتين قائلة ونبرتها مخنوقة ((لا تطيل الغياب حبيبي فإن بعدك يؤلمني)).
يقبلها على عجل، قبلات باردة خالية من الإحساس والحرارة يبرر ((مضطر لذلك فهي رحلة عمل وكان بودي لو ترافقيني لكن معي رجال)).
تُستثار فضيحة في كل مكان، تأتيها اتصالات من أمها، أختها، صديقاتها، كل من رأوه مع الأخرى في المطار ((هل تزوج سالم فقد رأيناه مسافراً مع امرأة شقراء؟)).
تنكر وتدافع عنه بشراسة من مزقها الألم وتقنع نفسها بإيهام متعمد ((إنها مكالمات كيدية ترمي إلى تحطيم بيتي، كانت تتلقى الاتهامات من كل حدب وصوب، وصارت محلاًّ للهمز واللمز.
تطالها الشائعات من كل جانب وتُنعت بالزوجة الغبية، الساذجة البلهاء، الانسحابية التي تركت زوجها مطمعاً للأخريات، فلم تجد خلاصاً للمأزق الحرج الذي أوقعها فيه زوجها سوى الاحتفاظ بكبريائها الأشم وتذكر نشأتها الصارمة القويمة فآثرت أن تقوم بواجبها كزوجة صالحة واثقة أنّ موقفها في عين الله سبحانه محط تقدير وعناية.
حدثت نفسها كثيراً لو أنها ثارت وأشعلت الحريق في بيدر بيتها وحاسبته معنفة ومارست كل وسائل الإرهاب والتنكيل، هل سيكف عن مجونه؟! إنها عادته المتكونة في نسيج لحمه، أدمن كمن يدمن على المخدر، يحتاج إلى علاج، إنه مريض، ضعيف يفتنه المظهر أما الجوهر فلا وزن له في رأيه وتفكيره فظلت معه في استنفار دائم لكل طاقتها العاطفية والأنثوية لغوايته من الطرف الآخر آملة أن التخمة في النهاية ستخلق له حالة من الزهد والسأم، فشهوته المستبدة أرهقت أعصابه ومزقته شر تمزيق، يأتيها بعد كل نزوة في نوبة عصبية محمومة بالبكاء، مكسوفاً، حزيناً فارغ الروح هي ملاذه الأوحد ينهار على سفوحها الآمنة منعماً براحة عجيبة، وفي يوم فاض فيها الحزن وقوض كل صبرها بكت بمرارة من فتك بها اليأس والجزع، في داخلها تمور تساؤلات وحيرة قالت له وهي تصعّد ناظريها المستعبرين في وجهه:
((إن أحسست أني غير قادرة على إسعادك فلا ضير إن طلقتني احسب أنها تجربة وانتهت، فلست مرغماً على معايشة أمرين الحقيقة والوهم، وأظن أنني كنت لك الوهم العاجز عن إدهاشك وإسعادك)).
انقض عليها كالملدوغ وطوقها بشراسة وذعر كمن يخشى أن تفر منه، فصرخ بأعلى صوته:
((لا، إياك أن تقولي هذا أرجوك، أنت الحقيقة الوحيدة في حياتي، هن الوهم، هن السراب، دونك أشعر بالضياع، بالوحدة لكن))..
أطرق باكياً ثم اقتربت منه وأخذت كفيه بكفيها وعصرتهما تستحثه على الاعتراف..
((لكن ماذا، تحدث؟ إلى متى أبرر لك؟)).
ازدرد ريقه وبصوت تتحشرج بين أوتاره الكلمات برر:
((هذه نقطة ضعفي، النساء، كلما قررت أن أهجر هذه العادة أضعف، أنا لا أشعر بعاطفة ناحيتهن، صدقيني إنها مجرد تسلية، نزوة)).
تابعت وهي تتنهد:
((ومن تستطيع احتمال هذه الإهانات؟))
تلفت حوله باحثاً عن مخرج لهذا الحرج.
((أرجوك تفهمي موقفي، فأنا بقدر هذا المرض النابت في عظمي أحتاجك، صدقيني كلما غصت في بحر هذه الرغبات يشتد حبي لك)).
ردت بانزعاج:
((إنه أمر في غاية الغرابة، هل يمكنني أن أمضي في حياة تغص فيها الآلام، هل يمكنني أن أصبر إلى الأبد؟)).
ما كاد يتأمل صورة لهما في أسبانيا حتى جنحت به الذاكرة إلى البعيد حينما سافرا ذات صيف، كيف التقطت عيناه تلك الأسبانية الحسناء ذات الجمال الوحشي تذرع بهو الفندق بمشيتها الغزلانية ظل يتابعها بعينيه النهمتين وعرف أنها راقصة في صالة الفندق طاش صوابه لمرآها البهي وشعرها الفاحم ينسدل ببساطة على كتفيها العاريين، قدها اللدن يتمايل بأنوثة اقتحامية، ما أن خطرت بثوبها الهفهاف حتى شدت إليها الأنظار وأدارت لسحرها الأعناق، عندما خطرت بثوبها الهفهاف، كأنها فينوس الجمال نحتت بذائقة عصرية، خرافية الحسن، جن جنونه، استهوته حتى تدله بها، لفتاتها المغناج صوتها المنغم بنبرة دافئة جاذبة، تركت في داخله غربالاً صاخباً من الانفعال، بعد محاولات عدة حدث اللقاء وكأنه يعيش معها في أفق خاص بهما، أطلق لرغباته العنان دون كابح، ألقى الأموال تحت قدميها البضتين وتمادت في استثارته وجذبه ملتهمة الهدايا الثمينة والعطايا الوفيرة، نسي في غمرة هواه سهام في حرقتها تتلظى تتقلب على وقد الحيرة تحدث نفسها في أسف ((أين أنا؟ كيف أعيش؟ أين أضع قدمي؟ كيف أتنفس، أكاد أختنق؟)).
نهمه قد استفز فيه جوع مستديم وعطش لا يرتوي، مدد إجازته، جولات في النهار وسهر في الليل يعود لزوجته وقد أفرط في مجونه حتى الثمالة، استعذب اللذات أطواراً وأشكالاً وتمادى في غيه متناسياً زمن الرحلة، فالإجازة قد أزفت وبات الرحيل ضرورياً، أفرط في الإهمال وصم أذنيه عن نصح سهام، فقد مزقها الألم وشحذتها الغيرة لأن تصرخ في وجهه لأول مرة:
((كفاك يا سالم، آن لنا أن نعود، ألا تخشى أن يلغط الناس باسمك ويلوكون سمعتك)).
رفع إليها يد آمرة وقال كأنه في طور هذيان:
((اخرسي، اخرسي))
فجأة اختلجت أهدابه، تفرس في وجهها ملياً، أدهشه الشحوب والذبول.. تراجع متأسفاً، نادماً.. ورقت نبرته، هدهد خدها بعطف:
((ما بك يا سهام؟ تبدين هزيلة، مريضة)).
ذرفت الدمع السخين دون أن تنبس بحرف.
عاد محملاً الحزن والمرض، فقد ارتفعت حرارته وأحس بالضعف والوهن فما كانت إلا ذنوباً ملوثة بجراثيم الفتنة، ظل يُعالج لفترة طويلة متأسفاً لحاله كيف تردى بهذا الشكل المهين، واعتذر لزوجته إذ لحقتها تبعات هذه النزوة ببعض الأعباء الجسدية والنفسية فأعلن التوبة مراراً وبكى نادماً مستغفراً حتى إذا ما شفي عاد لسيرته الأولى.
نفضت يديها عاجزة عن إصلاحه، تقبلته هكذا بعيوبه وأخطائه مستسلمة لقدرها معه، حتى داهمها المرض العضال وعاشت معركة داخلية دون أن تسره بحقيقة مرضها، كابدت حتى انتكست. فعرف بعد فوات الأوان أن سهام مصابة بسرطان الدم.
تضاءل في عين ذاته، أهون عليه لو فقد حياته وبقى رجلاً شريفاً من أن يفقد كرامته تحت أقدام النساء يعيش الدنس والوضاعة لبث يثرثر كالمجنون عندما وقع عليه الخبر كصاعقة دمرت أعصابه حاول أن يغرق آلامه بالنوم، بالعمل جفاه النوم ونضبت منه القدرة على العمل ها هو الآن أرقٌ لا يجد سبيلاً إلى الراحة.
ضميره يسوطه بشدة، بسبب أفاعيله الرعناء حلت على حياته اللعنة الأبدية، أي إحساس كان يخامره في تلك اللحظة وشريكة عمره تزحف نحو القبر.
يا لك من معتوه قذر تختلس اللذة من الحرام وفي غفلة من عين القدر الذي سيعاقبك أشد العقاب، تذكر حينما قال له الطبيب إن داءها استفحل فلا حياة لها سوى أياماً قلائل.. اندفع خارجاً وهو يتعثر في حيرته وجزعه رافعاً كفيه إلى السماء ((يارب يارب أتوب إليك توبة نصوحاً فقط أعد لي محبوبة قلبي الطاهرة)) عرف كم يحبها ويهواها، ويعود إلى الطبيب مضطرباً يسأله لعل هناك خيط واه من الأمل ينجيها من الموت)).
باقتضاب يرد الطبيب:
((لو حصلت معجزة!)).
بكى وتضرع إلى الله
((يا أيها القدر المستبد جعلت صدري يرزخ تحت هذا الهم الثقيل))
وكان آخر نهار من نهاراتها المشرقة، نهضت من سريرها بتثاقل حملقت في أركان البيت مودعة، رتبت الدار، جهزت له الغداء أعدت له الفطور، مسحت البلاط بقدرتها الهائلة على الحب المعطاء الذي يعجز المرض على مغالبته ثم عطرت المكان وهي تذرف دموعها مدرارة هذه هي المرة الأخيرة التي تلامس فيها جزئيات بيتها كما تعودت كل صباح، فالقبر في انتظارها، رحلة شاقة تقطعها مرغمة من دفء الفراش إلى حفرة مظلمة كئيبة، تحاملت على نفسها ولعقت جراحها في صمت فجثت قربه عند السرير تمسح شعره هامسة في حنان:
((أحببتك كما لم أحب أي شيء في حياتي فأنت الأغلى والأهم لم أكن ساذجة أو غبية، حبي لك كان يغفر، والمحب قلبه كبير يسع هفوات وأخطاء حبيبه)).
تعانقا، وبكيا وأحس برجولته تتساقط كورق الخريف شاحبة ذابلة وكأن حضورها كان يعطيه الزخم والعنفوان.
في هذا النهار الكئيب الذي لم تعد تشرق شمسه ثانية حملت حقيبتها الأبدية مقفلة على أنينها، جراحها، دموعها المكبوتة.. شموع صبرها قناديل جهاد ستضيء قبرها، لن تحتسب عند الله إلا شهيدة، شهيدة الصبر والغفران خاضت غمار الرحلة بعذابها الصامت ووجعها الدفين، تحفظ كرامته، تصون سره، تدافع عن موقفه، تبرر له، تنصح، وحسبتها عند الله فضائل تُكافئ عليها في الآخرة.
أقفل ((سالم)) ألبوم الصور بعد أن نزف آخر قطرة من دموعه واستلقى على مقعد مريح يختلس الكرى الهارب من جفنيه زمناً، رن الهاتف، ذعر، تسمّر في مكانه خائفاً، انعصر قلبه، أحس بأستار العتمة تنسدل رغم سطوع الشمس وألح الرنين، وبأطراف مترددة وصوت مخنوق صاح ((آلو)).
وإذا بالطبيب ينعي له خبر وفاتها ((أنا آسف..))
سقطت السماعة من يده لفه دوار كاد أن يُغشى عليه من هول الصدمة ظل رغم فظاعتها يرتجي من الله معجزة تنتشلها من الموات في اللحظة الأخيرة.
الصوت المثرثر في الهاتف تشتت مع الأثير فكل حواسه جمدت ولم تعد له القدرة على الاستيعاب، فقد أصابته الحقيقة المرة في مقتل.
خرج يجر وراءه أذيال النكبة، هائماً في الشوارع، مشرداً مشتتاً، ويرن هاتفه الجوال في كل مرة.. هن بألوانهن المختلفة وأطيافهن المزركشة، كثيرات يترقبن لقاءه.. ماله يرى النساء الآن وقد تناثرن أشلاءاً في بيداء حياته.. صور من الدمامة المقرفة تمر في مخيلته.. هي من كانت الأجمل، هي من غذت شرايينه بماء الحياة وفيض النماء.. بعدها غاض الأمل وغب الغيم ونضب فيه نبع الرجولة.
رنات الهاتف تستدرجه إلى الرجس.. غضب واشتد غضبه على ذاته.. على صنف من القذارة تلتصق بحذائه، اقترب من البحر ورمى الهاتف، تنهد مستريحاً.. استطرق الشارع المؤدي إلى المستشفى..
بانكسار وهوان يذرع المسافات الموحشة.. ودموعه تنهمر بانكفاء ذليل، فقد تركته ((سهام)) كعود يابس، يلسعه سوط الغربة والحنين، يتخبط في لجة الحزن والضياع وحيداً دون أنيس.
همسة أيها الزوج: ((المرأة الصالحة نعمة فاشكر الله عليها قبل أن تزول من يدك))
بقلم: خولة القزويني
قال تعالى: ((ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)) (الروم/21).
مقدمة الزاوية: بين الزوجين.. حبل موصول برحمة إلهية، مسكون بدفء فطري، احتياج غريزي، تناغم عاطفي، انتماء. قد يختلفان، يتباعدان، يتخاصمان، لكنهما برحمة الله ولطفه يعودان. هكذا كتب القدر الإلهي: توأمة خالدة، ذكر وأنثى، بهما ((يعتمر)) الكون.. لهما في كل حكاية موقف، ولنا في كل موقف عبرة.
النساء.. نقطة ضعفي
تركتها مسجاة كجثة محنطة تستقبل شبح الموت باستسلام وديع وكأنها قديسة في حضرة معبد يجسد احتفالية مهيبة أستطرق الردهات وأنا في طريقي خارج المستشفى يتنازعني الخوف والذعر، اختفت كل المرئيات عن ناظري وغابت من أعماقي كل أحاسيس الحياة، أنماط من الناس تغدو وتروح، حشود تدخل وأخرى تخرج وأنا بينهم كائن معدم لفته دوامة الحزن في غياب، تجمدت الرؤيا وتوقف الزمن والمكان على صورتها وحدها، مشهد احتضارها المؤلم مصلوبة في وجداني كقدر لا يمكن الفرار منه.
قتلتها ببطء وأنا غير مدرك أبعاد هذه الأنّات الدفينة، حصاد عذابها في سنين الزواج، حزنها الصامت اختزلته مرضاً شرساً اغتال فرحتي بغتة ودون سابق إنذار.
ها هي الآن منطفئة، شقت طريق الآخرة بصبرها الكبير وجلدها العظيم، تركتني في برد الوحشة وحيداً أكابد غربة كئيبة تطالعني في كل حين بوجهها الشاحب ونظرتها اللائمة.
إنها تدبر في انعطاف قاهر نحو نهاية أبدية تذعن لمصيرها المحتوم بصلابة وشموخ قد برأت نفسها من أدراني وأخطاء جنوني، واغتسلت بطهارة الموت حتى تجردت من آثامي وهي تدنس جسدها الزاكي، شمسها الوهاجة في حياتي ستغرب وإذا بشهقتها الأخيرة تنخر فيّ الحزن حتى الرمق.
وكان البيت حينما عدت موحش أشبه بمقبرة يسكنها الخوف والعدم وسوط الذكريات حينما يحوّل يومياتنا العادية إلى ماضٍ له طعم الحزن المرير ونكهة النار الخابية حتى العتمة الكئيبة.
جلس ((سالم)) على حافة السرير مطرقاً، مستعبراً، تنازعه اللوعة وتشتته في وله وحيرة، كيف يحيا دون ((سهام)) وهي له الروح الساكنة في جوفه، كانت حينما تلمس الأشياء ينهمر فيها ذلك الدفق المريح، أنفاسها العبقة تشعل المكان ضجيجاً من ذلك النوع المحبب إلى النفس، خلا منها البيت فتحول إلى أنقاض من الحسرة والغربة، السرير المخضب بالحياة قد أخرسه الغياب، الجدران الصامتة أخالها تبكي حداداً وتدينني بقسوة فأنت جلادها الأوحد.
لا أدي كيف أمارس طقوس حياتي وقد تداعت أركانها بعد انهيار عمودها، بعدها انفرط عقد الحياة وتبددت مني البهجة.
مالي أرى بيتي وقد تحول إلى سرادق عزاء.
نهض سالم من مكانه ليفتح الدولاب الخشبي العتيق وقد ضم حاجاتها، جزئياتها الحيوية واستخرج ألبوم الصور راح يقلب أحداث حياته متأملاً صورتها بطرف حزين فاستبد به حنين جارف، عاد إلى ملاحتها الهادئة وشرود عينيها الطيّبتين عندما جاءت قبل خمس سنوات موظفة جديدة التحقت في دائرته الخاصة، حينها لم يدرك كم من الوقت يحتاج ليفهم تكوينها الخاص، هو كان عابثاً منعماً بوسامة تجتذب النساء إليه، جاذب ومنجذب كهواية يستلذ بها حتى تأصلت فيه كعادة، لا يتورع عن مغازلة هذه وتلك إن أعجبته بحسنها الأخاذ ودلالها الرائق، كلهن في عينيه محض جسد منسق جميل ووجه ينضح إثارة، يتشامخ بغروره فما استعصت عليه أنثى، يتهافتن عليه كالفراشات حول الضوء، ألحت عليه والدته أن يتزوج فقد قارب على الثلاثين ويفترض أن يختار بمقتضى خبرته الواسعة في النساء، كان أغلى مطمع يحاولن استمالته إلى الزواج بشتى الأساليب حتى التقى ((سهام)) لم تكن جميلة بالمقاييس المألوفة، فقد عرف الفاتنات، المثيرات، الطاغيات الحسن، هي أشبه بقنديل النور المريح وسط لهيب جمال صارخ يفتك حتى التوتر، يقتربن نحوه بحممهن الحارقة ويطوقن مقاومته، الثروة التي ورثها عن والده بددها على الهدايا والولائم الفخمة، لكنه فور انقضاء متعته يتقلص ببرود فلا يجد له فيهن رغبة، أسرته ((سهام)) بسكونها المريح، أناقتها المحتشمة، شعرها الأسود الناعم ووجهها المستدير الصافي الخالي من المساحيق، أطرافها النظيفة الناعمة، عينيها العطوفتين، تكوينها الكامل كان استدراجاً فطرياً لرجولته العابثة التي تورعت عن اقتحام دائرتها المحصنة، كانت عروساً لائقة حتى صوتها المتماوج بنبرة رقيقة تدفع حدته لأن تنكسر في فضاء حنانها.
دخلت حياته ملعونة من نسائه، مبغوضة في حسد قد تحوّل إلى مؤامرات لدس الفتنة في زواجهما لكنها صمدت وأصمت أذنيها مقاتلة في سبيل سعادتها.
اكتشف سالم في ((سهام)) جمالها الأعمق وشكليات يندر أن يراها في امرأة، نظافتها الدقيقة، رائحتها الزكية، جسدها اللدن الذي اختزن كمّاً هائلاً من الطيبة، وجهها النوراني الذي خلا من الشوائب، كانت وسادته المريحة تمتص همومه كلما أتى منهكاً مزقت استقراره نساء الشيطان، وجد فيها أنوثة فطرية بدمعتها السخية وبسمتها المشرقة، نظمت حياته بانسيابية مطلقة، فوجد نفسه منصاعاً لكلماتها المحببة الطرية واستدراجها المريح دفعته أن يتناول فطوره كل صباح بعد أن كان ينام لفترة طويلة تعويضاً عن عبث الليل، تأتيه إلى الفراش بكوب عصير البرتقال وتسقيه من رشف عاطفتها مهدهدة مزاجه الحاد وهو يستيقظ بتثاقل، ثم تضمه متحببة إليه بطراوة ولسان يقطر عذوبة وحلاوة، يترك سريره إلى حمام دافئ ومغطس قد عطرته بزيت النعناع المنعش، ثيابه المرتبة بنسق جميل، نظيفة تفوح منها رائحة الصابون قد تمهّلت في كواءها حتى ليحسبها جديدة اشترتها لتوها إليه، وقبل خروجه هيأت له المبخر وإذا به مفعم بالانتعاش يتضوع منه أحلى عبير.
يا لها من زوجة ساذجة تعد لنفسها وليمة ذبحها، حوطته بغواية تستثير الأخريات، متألقاً بأبهى حلة، مسترخياً، هادئ البال، عاش معها في وضع مريح، تلك ا لراحة التي نزهدها في بعض الأحيان إلى درجة الزهق والملل فنبحث عن المثيرات حولنا كي توقد في يومياتنا جذوة تشعل مشاعرنا الخابية، يأتيها في مرات عدة مكفهراً، عابساً، خصامه مع عشيقة حوّله إلى رجل غليظ فيخاطبها بحدة لكنها بكفها الرحيم وروحها الدمثة تربت على كتفه هامسة في ذوب عاطفي ((وسع صدرك، وسع صدرك)) لها قدرة على امتصاص آلامه وترطيب حدته وتهوين همومه فإذا به يتحول بين يديها إلى طفل ساكن أليف يلتصق بها ولا يكاد يفارقها.
كم من المرات تعد له مائدة حافلة بالأطايب تنتظر عودته مسهدة محتفظة بأدبها الجم وصبرها العميق وحنوّها الاستثنائي لكنه يقبل عليها مترنحاً، ثملاً قد أفرط في الرجس والآثام يتساقط على فراشه منهوكاً تجلس قربه متأوهة ملتاعة، تصمت على مضض وتبتلع الغصة بقلب نكأته الجروح، وفي الصباح تقبّله بشوق غلب فيها كل إحساس، غيظ وغضب تُمسّج جسده بزيت الزيتون، تمسد شعره بلطف رائق وكأن الأمس كان كابوساً بائساً قد بددته حقيقة الحب فيستدرك في سره مستاءاً من نفسه، من أية طينة خلقت هذه المرأة؟ هل هي ساذجة أم محبة مجنونة تغض الطرف عن عيوب حبيبها، تمنى لو تفجر هذا الصمت وتحاوره بغيرة ساخنة تكشف عن طويتها، يعذبه هذا الغموض، يرتاب في أمرها عندما تفتعل البسمة في غمرة الحدث المؤلم، تتحاشى النظر في عينيه لئلا تسرب إليه انكسارها فجلدها متقصد، هذا النوع من الرجال يستهويه عنفوان المرأة يتهيب فيها الاستخفاف بالأخريات، يجاذبها الحديث كي يستل من كلماتها منابت نفسها فلم يدرك من أعماقها إلا السطوح، فاستسلم لقدره بهذا الشكل المتناقض، قال لها يوماً وهما يشاهدان استعراضاً لفنانته المحبوبة التي كان يريد لزوجته أن تتشبه بها ذات الشعر وذات الألوان، يطالعها مدهوشاً بفتنتها الطاغية لم يتمالك أعصابه اللاهثة في توتر غيّب وعه ((أتراها من الإنس أو الجن؟)).
ما هذا السحر الذي يفتن الألباب؟.
وافقته الرأي وبادلته ابتسامة راضية.
تهدج صوته ((ألا تغارين عليّ يا سهام؟ كثير من أصدقائي يشتكون غيرة نسائهم خصوصاً من نساء الفضائيات وهن يأتين بأشهى العروض)).
افتر عن ثغرها ابتسامة وديعة واحتضنته قائلة:
((حبك قد غمرني حتى العظم فمن السخف البحث في هذه المنغصات التافهة)).
ران عليهما الصمت، تبادلا النظر الحميم، التصقت به وكأنها تعلن عن وجودها كواقع في حياته وما دونها ضرب من ضروب الأوهام.
ثم عادت لتخاطبه ثانية:
((أنا سعيدة يا سالم بهذا المقدار الذي تمنحه لي من نفسك ولا غضاضة إن كانت هناك ثمة هفوات أستطيع بحبي أن أمتصها وألقيها في العدم)).
ارتبك سالم واعترته دهشة كبيرة، ما مصدر هذه الثقة الراسخة والشموخ النابت في كيانها، مازالت تحتويه بقدرتها المميزة والتحايل على النفس بشتى المبررات كي تتسامى على هذه الجروح، فهي تربأ بنفسها أن تكون في محل مقارنة مع أخرى مهما كانت الأخرى جميلة تفتك بفتنتها أعصاب الناظر، تعلم أن فيها ذلك الكم الهائل من شحنات المحبة تجتذبه في لحظات الإخفاق وعندما تنحدر به النفس الدنية إلى المهاوي، هو إنسان محكوم بفطرته السوّية يتعطش إلى النور كلما أوغل في الرغبة البهيمية وكانت تقف على مقربة من هاويته تمد له يد العون وإن تردى في الضياع الأبعد تسحبه إلى السمو الإنساني بحبال الصبر والحب فيجد نفسه دائماً في دائرتها محصناً بدفء يسري في عروقه كدبيب النمل هادئاً، لذيذاً، ناعساً.
وزخات عشقها المتواطئة مع روحها المتسامحة شكلت منهما التحاماً مدهشاً جعل الأخريات ينهزمن في معارك نفسية محبطة الواحدة منهن تمارس ضغوطها باحتيال وتظل تنخر في رباطهما بدهاء أنثى مسكونة بالحقد تتفنن بألاعيب مثيرة لزعزعة سهام وتشكيكها في مواهبها الأنثوية وقدرتها على احتواء طغيان رجولته باقتدار محاولة إذكاء براكين الغيرة كي تشعل حقل الحب الآمن فتصعقهن المفاجأة تخرج معه متأبطة ذراعه بحميمية وكأنهما عاشقان مغرمان لتناول العشاء في المطعم الذي يرتاده معهن، كم من المرات التقطت وبمصادفة سيئة أحاديثه الهامسة في الهاتف، خلجات حارة تفضي إلى أعمق الحدود لكنها تتراجع عن البوح وتكف عن النقار، هن يحمن حوله، يتهافتن على وسامته وأمواله بيد أن قلبه موزع، مشتت، تفاعله اللحظي يتبدد مع اختفاء المؤثر، هي وحدها الحاضرة بكثافة في أعصابه، تسري في دمه وتمشي خطوات الحياة معه جنباً إلى جنب.
يرن الهاتف رنات لجوجة، وبعد تململ وانزعاج تستجيب للهاتف يُقفل حتى لتحسب هذه الفعلة الدنيئة لطمة جارحة على وجهها تدرك ما وراء هذه المشاكسات إنها دعوة لاستفزاز مشاعرها الهادئة وإشعال فتيل المشاحنات داخل البيت، يسألها بلسان متعثر من شدة الحرج، تبدد حرجه قائلة بابتسامة ((النمرة خطأ)) لم تفكر يوماً في التجسس عليه وملاحقته إنما هي الصدف العاثرة تخلق لها حالة من الإرباك، أدلة تتراكم بحجم حزنها الدفين ووجعها المر، تبرر سقطاته كملهاة عارضة وحدها الأيام قادرة على تهميش هذه الهواية حتى انقراضها من نسيجه المتعب، سيأتي الملل برياحه العاتية ليذره قاعاً صفصفاً فيقف على حقيقة مرة نضوب أمواله وطاقته فيجلس وحيداً خالي الوفاض.
تذكر من ضمن ما تذكر عبر هذه الصور ومشاهداته الحارة أكاذيبه حينما ادعى أن له أعمالاً خارج البلد وهو في الحقيقة قد رتب نفسه لنزوة جديدة عبر رحلة ممتعة كانت البطلة سكرتيرته الحسناء ذات الشعر الأشقر، جلست سهام عند طرف السرير حزينة بعد أن أعدت حقيبته ترنو إليه بعينين ملهوفتين قائلة ونبرتها مخنوقة ((لا تطيل الغياب حبيبي فإن بعدك يؤلمني)).
يقبلها على عجل، قبلات باردة خالية من الإحساس والحرارة يبرر ((مضطر لذلك فهي رحلة عمل وكان بودي لو ترافقيني لكن معي رجال)).
تُستثار فضيحة في كل مكان، تأتيها اتصالات من أمها، أختها، صديقاتها، كل من رأوه مع الأخرى في المطار ((هل تزوج سالم فقد رأيناه مسافراً مع امرأة شقراء؟)).
تنكر وتدافع عنه بشراسة من مزقها الألم وتقنع نفسها بإيهام متعمد ((إنها مكالمات كيدية ترمي إلى تحطيم بيتي، كانت تتلقى الاتهامات من كل حدب وصوب، وصارت محلاًّ للهمز واللمز.
تطالها الشائعات من كل جانب وتُنعت بالزوجة الغبية، الساذجة البلهاء، الانسحابية التي تركت زوجها مطمعاً للأخريات، فلم تجد خلاصاً للمأزق الحرج الذي أوقعها فيه زوجها سوى الاحتفاظ بكبريائها الأشم وتذكر نشأتها الصارمة القويمة فآثرت أن تقوم بواجبها كزوجة صالحة واثقة أنّ موقفها في عين الله سبحانه محط تقدير وعناية.
حدثت نفسها كثيراً لو أنها ثارت وأشعلت الحريق في بيدر بيتها وحاسبته معنفة ومارست كل وسائل الإرهاب والتنكيل، هل سيكف عن مجونه؟! إنها عادته المتكونة في نسيج لحمه، أدمن كمن يدمن على المخدر، يحتاج إلى علاج، إنه مريض، ضعيف يفتنه المظهر أما الجوهر فلا وزن له في رأيه وتفكيره فظلت معه في استنفار دائم لكل طاقتها العاطفية والأنثوية لغوايته من الطرف الآخر آملة أن التخمة في النهاية ستخلق له حالة من الزهد والسأم، فشهوته المستبدة أرهقت أعصابه ومزقته شر تمزيق، يأتيها بعد كل نزوة في نوبة عصبية محمومة بالبكاء، مكسوفاً، حزيناً فارغ الروح هي ملاذه الأوحد ينهار على سفوحها الآمنة منعماً براحة عجيبة، وفي يوم فاض فيها الحزن وقوض كل صبرها بكت بمرارة من فتك بها اليأس والجزع، في داخلها تمور تساؤلات وحيرة قالت له وهي تصعّد ناظريها المستعبرين في وجهه:
((إن أحسست أني غير قادرة على إسعادك فلا ضير إن طلقتني احسب أنها تجربة وانتهت، فلست مرغماً على معايشة أمرين الحقيقة والوهم، وأظن أنني كنت لك الوهم العاجز عن إدهاشك وإسعادك)).
انقض عليها كالملدوغ وطوقها بشراسة وذعر كمن يخشى أن تفر منه، فصرخ بأعلى صوته:
((لا، إياك أن تقولي هذا أرجوك، أنت الحقيقة الوحيدة في حياتي، هن الوهم، هن السراب، دونك أشعر بالضياع، بالوحدة لكن))..
أطرق باكياً ثم اقتربت منه وأخذت كفيه بكفيها وعصرتهما تستحثه على الاعتراف..
((لكن ماذا، تحدث؟ إلى متى أبرر لك؟)).
ازدرد ريقه وبصوت تتحشرج بين أوتاره الكلمات برر:
((هذه نقطة ضعفي، النساء، كلما قررت أن أهجر هذه العادة أضعف، أنا لا أشعر بعاطفة ناحيتهن، صدقيني إنها مجرد تسلية، نزوة)).
تابعت وهي تتنهد:
((ومن تستطيع احتمال هذه الإهانات؟))
تلفت حوله باحثاً عن مخرج لهذا الحرج.
((أرجوك تفهمي موقفي، فأنا بقدر هذا المرض النابت في عظمي أحتاجك، صدقيني كلما غصت في بحر هذه الرغبات يشتد حبي لك)).
ردت بانزعاج:
((إنه أمر في غاية الغرابة، هل يمكنني أن أمضي في حياة تغص فيها الآلام، هل يمكنني أن أصبر إلى الأبد؟)).
ما كاد يتأمل صورة لهما في أسبانيا حتى جنحت به الذاكرة إلى البعيد حينما سافرا ذات صيف، كيف التقطت عيناه تلك الأسبانية الحسناء ذات الجمال الوحشي تذرع بهو الفندق بمشيتها الغزلانية ظل يتابعها بعينيه النهمتين وعرف أنها راقصة في صالة الفندق طاش صوابه لمرآها البهي وشعرها الفاحم ينسدل ببساطة على كتفيها العاريين، قدها اللدن يتمايل بأنوثة اقتحامية، ما أن خطرت بثوبها الهفهاف حتى شدت إليها الأنظار وأدارت لسحرها الأعناق، عندما خطرت بثوبها الهفهاف، كأنها فينوس الجمال نحتت بذائقة عصرية، خرافية الحسن، جن جنونه، استهوته حتى تدله بها، لفتاتها المغناج صوتها المنغم بنبرة دافئة جاذبة، تركت في داخله غربالاً صاخباً من الانفعال، بعد محاولات عدة حدث اللقاء وكأنه يعيش معها في أفق خاص بهما، أطلق لرغباته العنان دون كابح، ألقى الأموال تحت قدميها البضتين وتمادت في استثارته وجذبه ملتهمة الهدايا الثمينة والعطايا الوفيرة، نسي في غمرة هواه سهام في حرقتها تتلظى تتقلب على وقد الحيرة تحدث نفسها في أسف ((أين أنا؟ كيف أعيش؟ أين أضع قدمي؟ كيف أتنفس، أكاد أختنق؟)).
نهمه قد استفز فيه جوع مستديم وعطش لا يرتوي، مدد إجازته، جولات في النهار وسهر في الليل يعود لزوجته وقد أفرط في مجونه حتى الثمالة، استعذب اللذات أطواراً وأشكالاً وتمادى في غيه متناسياً زمن الرحلة، فالإجازة قد أزفت وبات الرحيل ضرورياً، أفرط في الإهمال وصم أذنيه عن نصح سهام، فقد مزقها الألم وشحذتها الغيرة لأن تصرخ في وجهه لأول مرة:
((كفاك يا سالم، آن لنا أن نعود، ألا تخشى أن يلغط الناس باسمك ويلوكون سمعتك)).
رفع إليها يد آمرة وقال كأنه في طور هذيان:
((اخرسي، اخرسي))
فجأة اختلجت أهدابه، تفرس في وجهها ملياً، أدهشه الشحوب والذبول.. تراجع متأسفاً، نادماً.. ورقت نبرته، هدهد خدها بعطف:
((ما بك يا سهام؟ تبدين هزيلة، مريضة)).
ذرفت الدمع السخين دون أن تنبس بحرف.
عاد محملاً الحزن والمرض، فقد ارتفعت حرارته وأحس بالضعف والوهن فما كانت إلا ذنوباً ملوثة بجراثيم الفتنة، ظل يُعالج لفترة طويلة متأسفاً لحاله كيف تردى بهذا الشكل المهين، واعتذر لزوجته إذ لحقتها تبعات هذه النزوة ببعض الأعباء الجسدية والنفسية فأعلن التوبة مراراً وبكى نادماً مستغفراً حتى إذا ما شفي عاد لسيرته الأولى.
نفضت يديها عاجزة عن إصلاحه، تقبلته هكذا بعيوبه وأخطائه مستسلمة لقدرها معه، حتى داهمها المرض العضال وعاشت معركة داخلية دون أن تسره بحقيقة مرضها، كابدت حتى انتكست. فعرف بعد فوات الأوان أن سهام مصابة بسرطان الدم.
تضاءل في عين ذاته، أهون عليه لو فقد حياته وبقى رجلاً شريفاً من أن يفقد كرامته تحت أقدام النساء يعيش الدنس والوضاعة لبث يثرثر كالمجنون عندما وقع عليه الخبر كصاعقة دمرت أعصابه حاول أن يغرق آلامه بالنوم، بالعمل جفاه النوم ونضبت منه القدرة على العمل ها هو الآن أرقٌ لا يجد سبيلاً إلى الراحة.
ضميره يسوطه بشدة، بسبب أفاعيله الرعناء حلت على حياته اللعنة الأبدية، أي إحساس كان يخامره في تلك اللحظة وشريكة عمره تزحف نحو القبر.
يا لك من معتوه قذر تختلس اللذة من الحرام وفي غفلة من عين القدر الذي سيعاقبك أشد العقاب، تذكر حينما قال له الطبيب إن داءها استفحل فلا حياة لها سوى أياماً قلائل.. اندفع خارجاً وهو يتعثر في حيرته وجزعه رافعاً كفيه إلى السماء ((يارب يارب أتوب إليك توبة نصوحاً فقط أعد لي محبوبة قلبي الطاهرة)) عرف كم يحبها ويهواها، ويعود إلى الطبيب مضطرباً يسأله لعل هناك خيط واه من الأمل ينجيها من الموت)).
باقتضاب يرد الطبيب:
((لو حصلت معجزة!)).
بكى وتضرع إلى الله
((يا أيها القدر المستبد جعلت صدري يرزخ تحت هذا الهم الثقيل))
وكان آخر نهار من نهاراتها المشرقة، نهضت من سريرها بتثاقل حملقت في أركان البيت مودعة، رتبت الدار، جهزت له الغداء أعدت له الفطور، مسحت البلاط بقدرتها الهائلة على الحب المعطاء الذي يعجز المرض على مغالبته ثم عطرت المكان وهي تذرف دموعها مدرارة هذه هي المرة الأخيرة التي تلامس فيها جزئيات بيتها كما تعودت كل صباح، فالقبر في انتظارها، رحلة شاقة تقطعها مرغمة من دفء الفراش إلى حفرة مظلمة كئيبة، تحاملت على نفسها ولعقت جراحها في صمت فجثت قربه عند السرير تمسح شعره هامسة في حنان:
((أحببتك كما لم أحب أي شيء في حياتي فأنت الأغلى والأهم لم أكن ساذجة أو غبية، حبي لك كان يغفر، والمحب قلبه كبير يسع هفوات وأخطاء حبيبه)).
تعانقا، وبكيا وأحس برجولته تتساقط كورق الخريف شاحبة ذابلة وكأن حضورها كان يعطيه الزخم والعنفوان.
في هذا النهار الكئيب الذي لم تعد تشرق شمسه ثانية حملت حقيبتها الأبدية مقفلة على أنينها، جراحها، دموعها المكبوتة.. شموع صبرها قناديل جهاد ستضيء قبرها، لن تحتسب عند الله إلا شهيدة، شهيدة الصبر والغفران خاضت غمار الرحلة بعذابها الصامت ووجعها الدفين، تحفظ كرامته، تصون سره، تدافع عن موقفه، تبرر له، تنصح، وحسبتها عند الله فضائل تُكافئ عليها في الآخرة.
أقفل ((سالم)) ألبوم الصور بعد أن نزف آخر قطرة من دموعه واستلقى على مقعد مريح يختلس الكرى الهارب من جفنيه زمناً، رن الهاتف، ذعر، تسمّر في مكانه خائفاً، انعصر قلبه، أحس بأستار العتمة تنسدل رغم سطوع الشمس وألح الرنين، وبأطراف مترددة وصوت مخنوق صاح ((آلو)).
وإذا بالطبيب ينعي له خبر وفاتها ((أنا آسف..))
سقطت السماعة من يده لفه دوار كاد أن يُغشى عليه من هول الصدمة ظل رغم فظاعتها يرتجي من الله معجزة تنتشلها من الموات في اللحظة الأخيرة.
الصوت المثرثر في الهاتف تشتت مع الأثير فكل حواسه جمدت ولم تعد له القدرة على الاستيعاب، فقد أصابته الحقيقة المرة في مقتل.
خرج يجر وراءه أذيال النكبة، هائماً في الشوارع، مشرداً مشتتاً، ويرن هاتفه الجوال في كل مرة.. هن بألوانهن المختلفة وأطيافهن المزركشة، كثيرات يترقبن لقاءه.. ماله يرى النساء الآن وقد تناثرن أشلاءاً في بيداء حياته.. صور من الدمامة المقرفة تمر في مخيلته.. هي من كانت الأجمل، هي من غذت شرايينه بماء الحياة وفيض النماء.. بعدها غاض الأمل وغب الغيم ونضب فيه نبع الرجولة.
رنات الهاتف تستدرجه إلى الرجس.. غضب واشتد غضبه على ذاته.. على صنف من القذارة تلتصق بحذائه، اقترب من البحر ورمى الهاتف، تنهد مستريحاً.. استطرق الشارع المؤدي إلى المستشفى..
بانكسار وهوان يذرع المسافات الموحشة.. ودموعه تنهمر بانكفاء ذليل، فقد تركته ((سهام)) كعود يابس، يلسعه سوط الغربة والحنين، يتخبط في لجة الحزن والضياع وحيداً دون أنيس.
همسة أيها الزوج: ((المرأة الصالحة نعمة فاشكر الله عليها قبل أن تزول من يدك))
بقلم: خولة القزويني
المتمردة- مشرف سابق
- عدد المساهمات : 499
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 10/05/2008
السٌّمعَة : 13
رد: النساء ...نقطة ضعفي - بيني وبينك حكاية
يحظى المرء بكثير من
نعم الله عليه , ولكن المرأة التي من نوع سهام نعمة النعم التي يختتم بها حياته .
اين توجد شبيهة لتلك المرأة .
لو قيل في جزر الواق
الواق فليس بكثير أن يقضي الإنسان معظم حياته بحثاً عنها فكل يوم معها يمنحها ألف
يوم .
قصة في منتهى الروعة ولكنها
ومع الأسف لا تصدق فهل هناك إمرأة تراعي زوجها هكذا , أعرف أن هناك من يحتمل مرة و
إثنتان أربعة عشرة ولكن حتى لحظة الممات , هذا كثير فمعظم المحبات (هذه الأيام
تبدأ بكره رجلها من أول يوم زواج .
د محمد سردار رحمه الله- مستشار المنتدى وكبير المشرفين
- عدد المساهمات : 3791
العمر : 71
تاريخ التسجيل : 24/12/2008
السٌّمعَة : 259
رد: النساء ...نقطة ضعفي - بيني وبينك حكاية
ما هذا يا سيدتي قصة رائعة و نقل رائع
تسلم الايادي
تسلم الايادي
شام- مساعد مدير المنتدى
- عدد المساهمات : 1616
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 12/12/2008
السٌّمعَة : 77
مواضيع مماثلة
» سر إبراهيم - بيني وبينك حكاية
» مشكلتي هي نقطة ضعفي.. ولا أقدر أن أتخذ قرارا ولو مرة بشجاعة
» عندما تحول نقطة الضعف.....إلى نجاح...
» لئن كان النساء كما ذكرنا لفُضّلت النساء على الرجال
» أحسن النساء وأسوء النساء
» مشكلتي هي نقطة ضعفي.. ولا أقدر أن أتخذ قرارا ولو مرة بشجاعة
» عندما تحول نقطة الضعف.....إلى نجاح...
» لئن كان النساء كما ذكرنا لفُضّلت النساء على الرجال
» أحسن النساء وأسوء النساء
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت ديسمبر 16, 2023 6:53 pm من طرف Admin
» الناجحون
السبت ديسمبر 16, 2023 6:51 pm من طرف Admin
» فَوَيلٌ ثُمَّ وَيْلٌ ثُمَّ وَيْلٌ - لِقَاضِي الأرْضِ مِنْ قَاضِي السَّ
السبت أغسطس 19, 2023 4:41 am من طرف Admin
» لا شيء ينبت هنا بدون جذور
السبت أغسطس 19, 2023 4:40 am من طرف Admin
» يحكى أن
السبت أغسطس 19, 2023 4:34 am من طرف Admin
» المفتاح السحري الأساسي للإمساك بخيوط الحل لأية مشكلة
الأربعاء أغسطس 02, 2023 2:43 am من طرف Admin
» شارك الفيديو لطفا
الخميس نوفمبر 03, 2022 6:11 pm من طرف Admin
» ( ١.٩$ ) بليون دولار .. وتزوجت سائقه ...
الخميس أغسطس 11, 2022 1:20 pm من طرف Admin
» مشكلة وحل (1) الخجل
الجمعة أغسطس 05, 2022 4:56 am من طرف Admin
» لحل اية مشكلة / اساسيات
الجمعة أغسطس 05, 2022 3:25 am من طرف Admin
» زوجات وأزواج يعترفون: هذا أطرف مقلب حصل معنا!
الجمعة أغسطس 05, 2022 3:19 am من طرف Admin
» إنهم أغلى ما في الحياة ، وليسوا بحجارة
الجمعة أغسطس 05, 2022 3:15 am من طرف Admin
» الحكي بيناتنا
الأحد يوليو 31, 2022 3:56 pm من طرف Admin
» كيف نتعرف على الشخصية الصعبة
الأحد يوليو 31, 2022 3:06 pm من طرف Admin
» ليس مهماً أن تدخل الحمير الجامعة، المهم هو ألا تخرج منها بشهادة جامعي
الثلاثاء فبراير 09, 2021 3:35 am من طرف Admin