أنت ولا أحد غيرك

أنت ولا أحد غيرك

يوماً بعد يوم تتراكم
الطبقات فوق جدار قلبك , حتى تألفها , وتصبح جزءً منك, فتصدق ما تراه بعد أن فقدت
الإحساس الأصيل , وفجأة وبلحظة أقرب إلى ومضة السماء تزول كل تلك الطبقات عن قلبك
, لينبض بشكل عرفته منذ أن خلقك الله وتنفست أول مرة هواء الحياة . ترى الأشياء
بعيني طفل صغير بريء لا يحمل إلا الحب , تفتح الباب لتخرج إلى العالم فتصدمك جدة
الأمور عن المألوف لديك . تحاول التعرف على العالم فترى الهشاشة في داخلك تمنعك
خوفاً من التحرك , وتحتار في تصريف الأمور .

وتأتيك رحمة الخالق من
أعماق حقيقتك , ما أنت فيه اليوم حقيقي وما كنت فيه خدعة أنت رضيت بها لإعتقاد
خاطيء فيك ومن حولك , تركيبة تآلفت بالكذب المتقن الذي لن يدوم , وبتشجيع من شر
النفوس تفاقمت وتشكلت حياة واهمة صنعت كل ما أنت عليه .

بعد الومضة , عادت الحياة
لحقيقتها , والمفاجأة أن ما أضعت به جزء من العمر , كبر أم صغر يذوب في الحقيقة
ويعطيك مجالاً لتصصح ما أخطأت به خلال الوهم الذي كنت فيه , ماذا تريد فضلاً من
الله أكثر من ذلك .

حري بنا أن نغسل قلوبنا
بماء البرد , وننقيه دائماً ولا نسمح لأي عالق منا أو من الخارج أن يلتصق به ,
ونقاوم شر النفس لأنه كذبة لا تدوم . وقفة صادقة كل لحظة من حياتنا , كفيلة بتحويل
مجريات الأحداث إلى ما هو جميل في حياتنا , حتى ولو كان يعني الأخرين أكثر بكثير
مما يعنينا , من نكون إن رحل الجميع من حولك حزانى , وهل من سوء في زرع إبتسامة
رضى على وجوه من حولنا . تذكر كم من مرة صنعت معروفاً مع أحد وغمرتك السعادة بحيث
أحسست بإرتعاشة في داخلك سمت بك فوق الأرض التي لا تزال تمسك قدميك فقط تذكر ذلك
وسترى أنها من اللحظات التي لا ينبغي عليك أن تفقدها بل أن تكررها كثيراً الم تحس
لحظتها بأنك تطير فوق السحاب , وأن خطاك اصبحت أكثر حيوية ونشاطاً وبأن ثقلك قد خف
إلى درجة لم تعد تشعر إلا بروحك . تذكر كم كان ذلك رائعاً , وكم تتمنى أن يدوم ,
ويمكنه أن يدوم ولكن لا تتوقف عن العطاء .

تذكر كم من مرة ضاقت بك
الحياة , ووقفت أمام عقبات أشبه ما تكون بثقب إبرة , ثم جاء شخص إليك دون معرفة
سابقة ولكن في أعماقك تحس بأنه يعرفك قبل أن تعرف ذاتك , وبكل بساطة يقف أمامك من
الجهة المقابلة , وبينكما ثقب الإبرة ويمد يديه ويسحبك بكل سلاسة إلى الجهة التي
كنت تتمنى أن تعبرها . إنها أسرع من الومضة , وكأن هذا الثقب كان أوسع من خيال
الخيال , وحين تريد أن تشكر من فعل معك هذا الصنيع الخارق , لا تجد إلا أنت .

مثل هذا العمل ما هو إلا
بعضاً من معروف فعلته لأحد ما سابقاً فرده الله لك , لأنه لا يضيع أجر من أحسن
عملاً . ألم تسمع بكلمة إعمل المعروف وإرمه بالبحر , من هو الذي تصنع معه المعروف
وما هو البحر ؟؟؟؟

أليس بنوا آدم من نفس
واحدة , إذاً كل البشر الذين اراهم نسخ من فرد واحد لهم نفس الأحاسيس ونفس الطبيعة
ونفس المصير , هل إختلفنا في هذا المبدأ ؟!!

نتنوع تبعاً للحظة التي
نحن فيها , فهذه النسخة قد تعرضت للبرد فتقلص حجمها وتلك نزلت إلى الماء فتغيرت
ملامحها نتيجة لإنعكاس الصورة في الماء , وتلك تعرضت للحرارة فتغير مظهرها وكأنه
سراب ولكن , وبزوال هذه العوامل المؤثرة , تعود الأشياء لحقيقتها , نفس واحدة .
أرى صورتي في وجوه الأخرين ولا أعرف نفسي إلا صورة لهم , فكيف أستطيع أن أقف
متفرجاً على ذاتي وهي تتعذب وبمقدوري أن أقي ذاتي وأساعدها كي أبعد الحزن عنها ,
هذا هو المعروف الذي سبق وقيل عنه الكثير .

وما تفعله وتعتقد خطأ أنه
لمساعدة الناس ( وهم في الحقيقة أنت ذاتك , أنت ذاتك ) هو ذلك البحر النابع منك
وفيك , واليوم تفعل وغداً يرتد عليك وإليك , فهل هناك من عاقل يفعل السوء ويجلس
لينتظر أن يرد إليه بالجيد .هذا لن يحدث , فأنت لا ترمي بأفعالك لغيرك بل ما شيء
ينبع منك إلا ويعود إليك وأنت من سيحصد ما قد زرع .

فيك الخير , والحب والعطاء
فلا ترضى باقل من ذلك , لقد خلقك الله بهذه الصفات فلا تحاول أن تغيرها لأنك من
سيدفع الثمن , الخير لك والحب لك والعطاء عائد إليك أنت , ولا أحد غيرك . العطاء
سمة بني آدم تلك الصور المتعددة بشكل مذهل لكائن واحد متنوع حسب لحظة وجوده . شئت
أم أبيت , رضيت أم قاومت , العطاء في دمك لأنه التكوين الأساسي فيك .

الله أعطاك وعليك
الإستمرار في العطاء .

أتدري هذه الحقيقة , عمرك
أين هو وكيف يذهب , إنك تعطيه للحياة كل لحظة ثمناً للحظة التي تعيشها أليس هذا هو
قمة العطاء منك تجاه ذاتك لتستمر , وحين تتوقف عن العطاء تتوقف حياتك وترحل إلى
حيث الصورة الأصل التي شكلت مظهرك .

تعال إلى تنقية القلب كل
لحظة , لتحافظ على نقاء الذات قبل أن تأتي الومضة التي تزيل عن قلبك كل ما علق به
وغير من مظهره , لا من جوهره , إغسله تقبل أن تشعر بالغربة عن جلدك حيث تتوقف زمنا
لتستطيع أن تمشي في النور بعد عصور من الظلام .

من طرف **ابو شهاب** الخميس يناير 07, 2010 4:08 pm

دعوة رائعة لتنقية القلوب
بارك الله بقلمك

من طرف **شام** الخميس يناير 07, 2010 4:47 pm

تعال إلى تنقية القلب كل لحظة , لتحافظ على نقاء الذات قبل أن تأتي الومضة التي تزيل عن قلبك كل ما علق به وغير من مظهره , لا من جوهره , إغسله تقبل أن تشعر بالغربة عن جلدك حيث تتوقف زمنا
لتستطيع أن تمشي في النور بعد عصور من الظلام .

قلوب نقية نقاء السماء
أتمنى من الله أن يكون قلبي ينتمي لهذه القلوب .

أنت ولا أحد غيرك

أنت ولا أحد غيرك

رد: أنت ولا أحد غيرك

رد: أنت ولا أحد غيرك