االمشاجرات الزوجية أمام الأطفال .. نتائجها وسلبياتها

االمشاجرات الزوجية أمام الأطفال .. نتائجها وسلبياتها


لا يمكن لنا أن نتصور أسرة تعيش كل عمرها على التوافق والتلاؤم في كل القضايا عبر عشرات السنين، فهذا لن نجده ولو في أكثر الأسر توافقاً وتفاهماً كبيوت الأنبياء، ولا في أحدث المجتمعات المتقدمة الصالحة،

فإن الاختلاف شيء طبيعي وهو أمر وارد. والسبب في ذلك أمور كثيرة منها اختلاف العادات والتقاليد والحالة المادية بين الزوجين فكل واحد منهما قد نشأ نشأة تختلف عن الآخر في الغالب، خصوصاً إذا لم يكن بينهما قرابة في النسب.
وبناءً على هذا تكون الخلافات بين الزوجين بسبب اختلاف في وجهات النظر. ثم لا يلبث الأمر أن ينحل وتنتهي المشكلة عادة بإيجاد حل لها أو إنهائها. وهذا يرجع بشكل خاص إلى سياسة الزوج وإلى إدارته للعش الجديد وحكمته في كيفية التعامل من الخلافات الزوجية. ولكن ينبغي أن نعلم أن هناك فرقاً بين الخلاف الذي ذكرناه آنفا والشجار، فالشجار صراع يفشل الأطراف في حله. وقد يكون بتأثير قوة انفعالية متراكمة.
الشجار أو الصراع الأسري
قد يكون الصراع الأسري بين الزوجين أو بين أحدهما مع قريب آخر قد يكون أم الزوج أو أباه أو إحدى أخواته. ولا يخلو بيت من بيوتاتنا العراقية من مثل هذه الخلافات والمشادات، التي قد تنشأ بصورة عفوية أو قد يتقصد أحد الأطراف افتعالها لأسباب يختلقها. ومجال بحثنا هنا هو الصراعات أو المشادات بين الزوجين أمام الأبناء.
فالصراع الأسري خطير على الأسرة بكاملها وخاصة الأبناء فمن المحزن أن يكون أمامهم، فمن الناحية الشرعية والعلمية والنفسية والاجتماعية يعد ممنوعاً بل يكاد يكون محرماً. وقد بيّنت الدراسات أن هناك علاقة كبيرة بين البيوت المتصدعة وبين مشكلات الأحداث المنحرفين، إذ ينشأ الطفل على مشاجرات الأبوين.
ولا يستطيع أن يتقبل ذلك كأسلوب ملائم للحياة، وينظر إلى هذه الأسرة المفككة المضطربة. فلا تعدو أن تكون حياة بائسة لا
قيمة فيها. لأن الطفل منذ نشأته بحاجة إلى استقرار نفسي وشعور بالأمان في ظل بيت يحميه ويرعاه من اضطرابات الحياة وتقلبها.
النتائج السيئة
ليس معيباً أن يختلف الزوجان في أمر حياتي يواجهانه، لكن الأمر الخطير أن يحدث هذا التشاجر بمرأى ومسمع الأولاد، والأدهى من ذلك أن يشاركوا في هذه المشاجرة وينحازوا إلى طرف دون طرف. وربما انقسموا حزبين، كلٌ إلى طرف. حيث ينتج عن هذا البيت المتصارع أطفال يميلون إلى المشاجرات مع زملائهم. ويتخذون الشغب نمطاً في حياتهم، كما ينتج عنه كذلك فقدان ثقة الأبناء بآبائهم واستصغار لآبائهم المتشاجرين.
ويكون لذلك أثر كبير في فشلهم على مواجهة الحياة. وغالباً ما يشاهد الطفل الأذى يلحق بأمه ثم لا يستطيع أن يتدخل لحمايتها. فيشعره ذلك بالإحباط العميق. وبالتالي بالرغبة في التخلص من هذه المواقف المحزنة ولو بموت أحد الطرفين. وأخيراً ينتهي الأمر بالطفل إلى كراهية أحد الأبوين أو كليهما، بل ونفور من الأسرة كلها ويشعرون بالاشمئزاز نـحوها.
إن سلبيات المشاجرة بحضور الأبناء وما ينطبع في ذاكرتهم من مواقف مؤلمة وصراخ وخصام تستمر معهم وتلازمهم بعد الطفولة حتى تصل إلى مرحلة المراهقة.
وهذه المرحلة هي أصعب مرحلة يمر بها الإنسان، فتعد مفرق طرق مسيرة حياته ورسم مستقبله فهي تحدد مستقبله المشرق أو القاتم. فإما أن تجعله إنساناً عبقرياً نافعاً لأمته. متفائلاً بحياته. وإما أن تجعله إنساناً خمولاً منطوياً على نفسه. وربما جعلته مجرماً
وحاقداً. ووبالاً على مجتمعه.
ومن النتائج السيئة والخطيرة هي رغبة وقرار المراهق في الانفصال عن هذه الأسرة المفككة في بعض الأحيان. ويختار الهروب إلى جهة مجهولة يظن فيها الهدوء والراحة. وقد تتلقفه صحبة السوء وينتهي به الأمر إلى المخاطر والجرائم. وهذا ينطبق على الفتيان والفتيات جميعاً. لكن الخطير في هذه المسألة هو اطلاع الأبناء على ما يجري. والأسوأ منه الاستعانة بهم على حل مشاكلهم. واجتذابهم إلى طرف دون الآخر. ففي هذا ضياع الأسرة وجعل الجو الأسري جو نكد وحقد بدلاً من أن يكون مناخاً للسعادة الأسرية في ظل المحبة والهدوء والطاعة.
ولذلك فإن القرآن لم يغفل هذا الجانب النفسي وما فيه من أثر سيئ على الأطفال فكان من فوائد قول الله تعالى (واهجروهن في المضاجع) أنه يجب على الزوج أن لا يظهر الخلاف بينه وبين زوجته أمام أطفالهما بل يجب أن يكون هذا الخلاف في غرفة النوم فقط ولا يجوز بحال اطلاع أبنائهما عليه بحجة تأديب الزوجة، ولو فعلنا ما يعظنا الله به لكان خيراً لنا ولكن غلبت علينا عاداتنا وظننا أن فيها نجاتنا والحق أن الفلاح في كتاب الله تعالى