عندما يتحول عدم الإنجاب من نقمة إلى نعمة

من طرف **المستشارة** الأربعاء يونيو 24, 2009 1:38 am

عندما يتحول عدم الإنجاب من نقمة إلى نعمة

يسود الاعتقاد أن حياة زوجية بدون أطفال تشبه قصرا خاويا على عروشه، وكثيرا ما
نرادف بين عدم الإنجاب لدى بعض الأزواج وبين الفشل والتعاسة، لكننا من
خلال قصص تحكى على لسان أبطالها سوف نكتشف أن العديد ممن لم يرزقهم الله
بالدرية يعيشون في جنة من السكينة والحب لا يحظى بها الآخرون، ويجسدون
مفهوم «المودة والرحمة» في علاقة ناجحة استمرت لسنوات طويلة.

ظلت زميلات «سعاد» في العمل يتحاشين الحديث عن كل المواضيع، التي تتعلق
بالأطفال من ولادة وعقيقة وعيد ميلاد وختان ودخول مدرسي، ظنا منهن أن هذه
التفاصيل الروتينية في حياتهن الزوجية قد تحسسها بالنقص، وتنبش في جراحها
كامرأة متزوجة منذ ثماني سنوات ولم يسعفها الحظ في الإنجاب لأسباب ترتبط
بالعقم، لكنهن في نفس الوقت كن يقفن حائرات في شحنة الحيوية والانشراح،
التي تتمتع بها دون غيرها من الموظفات الأخريات، وعلامات الرضا المرسومة
على قسمات وجهها في كل الأوقات والأحوال، حيث سيكتشفن في زيارة جماعية لها
ببيتها عندما أصيبت بوعكة صحية سر قوتها وسعادتها في علاقتها الناجحة
بزوجها وأسلوب حياتها الهادئ في عش الزوجية.

القصة الأولى .. في بيتنا حب
تعرفت «سعاد» على زوجها «حميد» في رحاب إحدى كليات الدار البيضاء، عاشا قصة حب
قوية على مدار أربع سنوات من الدراسة، تقاسما خلالها محنة التنقل في زحمة
الحافلات، ومشاق الاستعدادات للامتحانات، وفرحة النجاح والحصول على شهادة
الإجازة، ومتاهة الانضمام إلى صفوف العاطلين، وفرصة الظفر بوظيفة تحقق
أحلامهما المشتركة، والدخول إلى القفص الذهبي لإتمام مشوار العمر معا.

مرت أربع سنوات حققت فيها «سميرة» وشريكها في السراء والضراء استقرارا أسريا داخل
شقتهما الخاصة، واستطاع هذان الزوجان الشابان ملء أهم الخانات في سجل
رابطتهما المقدسة، لكنها لم يجدا السبيل سالكا أمامهما في تذوق طعم
الأمومة والأبوة كسائر خلق الله، حيث اكتشفا بعد سيل من الفحوصات
والتحاليل الطبية أن لا نصيب لهما في نعمة الإنجاب لدواعي العقم عند
الزوجة.

لم تدم هذه الرجة العنيفة وغير المتوقعة في حياة «سعاد» و»حميد» إلا بضعة شهور،
فقطار العمر المشترك بالنسبة لهما يسير بثبات على سكة صلبة من التفاهم
الوثيق والحب الدائم، ورصيدهما الغزير من الذكريات الحلوة والمرة أقوى
بلسم شاف لجراح الحاضر وخبايا المستقبل، حيث أصبح كل طرف يمثل للآخر محور
حياته وصورة جميلة للبنوة الافتراضية، ومصبا لتفريغ أحاسيس متبادلة من
الحنو والرعاية والاهتمام.

القصة الثانية .. مملكة الهدوء والنظام

ارتبط «عبد الكريم» بـ«نادية» في علاقة زوجية على الطريقة التقليدية، حيث اختار
هذا التاجر أن «يعمر الدار» من تلقاء الاقتناع باختيار شريكة الحياة من
وسطه العائلي، فبعد أن حقق ذاته في مجال التجارة الحرة، بادر في المرحلة
الأولى إلى اقتناء شقة على سبيل التملك، وترك مسألة تجهيزها إلى من ستكون
أميرة متوجة في مملكته الصغيرة، وبمجرد أن انقضت فترة الخطوبة وتم عقد
القران، فسح المجال لزوجته في إضفاء ذوقها على عش الزوجية مع إبداء رأيه
وملاحظاته على بعض التفاصيل، وفي ظرف سنة ارتدت هذه الشقة المتوسطة حلة
جميلة من الأثاث والأفرشة المتناسقين، وكانت مسحة ربة البيت البارعة في
الأشغال المنزلية تعطي إشعاعا من النظافة والنظام على كل الأرجاء.

هذا النمط من الحياة الزوجية في شقة مرتبة ونظيفة، خلق تمازجا في الأذواق المتقاربة
بين «عبد الكريم» و»نادية»، وكشف أن نقط الالتقاء والتناغم في أمزجتهما
تمثل برزخا يربط قلبيهما، حتى وصلت نسبة التفاهم والمودة في ميزان زواجهما
التقليدي إلى مستويات عالية، مما جعلهما لا يشعران بأي نقص أو فراغ رغم
مرور خمس سنوات من المعاشرة الطيبة، دون أن يرزقا بالبنين زينة الحياة
الدنيا بعد المال، حيث اعتادا على الهدوء التام في بيت مرتب ونظيف لا مكان
فيه لشغب الأطفال وعبثهم، ولا سلطة تتحكم في دواليبه إلا بإذن من شغفهما
الكبير بعالم من السكينة والنظام .
القصة الثالثة .. حياة بلا قيود

اعتاد «مراد» منذ أيام العزوبة على قضاء عطله السنوية في الترحال والسفر من
منطقة إلى أخرى، وقد حافظ على هذه العادة في حياته الزوجية، حيث وجد في
شريكته «وفاء» نفس الشغف بالأسفار والإستمتاع بجمال الطبيعة والمدن
السياحية، فلم يكونا على مدار بداية علاقتهما الرسمية يتركان فرصة آخر
آيام الأسبوع، دون أن يستقلا أول حافلة متجهة إلى مراكش لقضاء يومين بين
جبال الأطلس، وأدمنا على السفر نحو جميع الاتجاهات كلما آتاحت لهما عطل
الأعياد الدينية والوطنية فسحة يومين أو أكثر للإنطلاق خارج أسوار عش
الزوجية، حتى اشتهرا بين الأهل والأقارب وزملاء العمل بـ«ثنائي ابن
بطوطة»، اللذين لا يكلان ولا يملان من مطالب ومشاق الأسفار.

دأب «مراد» ورفيقة عمره وأسفاره «وفاء» على عادة الترحال والإنطلاق، ولم يغير
مشكل عدم الإنجاب من برنامج حياتهما المتقاطع مع جغرافية المغرب وتضاريسه،
والمحمول دائما على عجلات الحافلات والقطارات وسيارات الأجرة في اتجاه
الشرق والغرب والشمال والجنوب، حيث أصبحت كل لحظة فراغ في أيامهما آثناء
العمل قطعة من سفر صغير صوب مركز المدينة بمقاهيها ومطاعمها وقاعات
سنيماها، ولم يكن يرافقهما في أسفارهما القصيرة والطويلة إلا حقيبة
ملابسهما، وقد وجدا في هذا الهوس بالحركة الدائمة والترحال والانشغال
بالتنقلات المستمرة ملاذا للإستمتاع بالحرية والإنطلاق، مما جعلهما لا
يشعران بأي خصاص في مقومات سعادتهما الزوجية رغم خلوها من نبض الأطفال، بل
ظلا يؤمنان معا بأن مسؤولية تربية الأبناء كانت ستقيد لا محالة حريتهما في
السفر وقتما وآينما يشاءان.

القصة الرابعة .. كل الأطفال أبناؤنا

تغلب «هشام» وزوجته «حنان» على مشكل عدم الإنجاب بانفتاح عاطفة الأمومة والأبوة
لديهما على باقي آبناء العائلة والجيران، واستطاعا هذان الزوجان اللذان
قضيا إحدى عشر سنة من العشرة الطيبة أن يصبحا محط حب وتعلق لعشرات
الأطفال، لم يكونا يبخلان بالهدايا وبرمجة فسحات للصغار، وحولا بيتهما إلى
ما يشبه حديقة للألعاب، حيث عرف «بابا هشام» ببراعته في سرد القصص
والحجايات المشوقة وحسن تعامله وتفهمه لأمزجة الأطفال وقدرته على ترويض
شغبهم وشقاوتهم. كما كانت «ماما حنان» غاية في الرقة والحنو على زوارها
الصغار بالبيت، وداع صيتها بين أطفال محيطها العائلي والسكني أن لا واحدة
من أمهاتهم تعلو عليها في فن الطبخ وإعداد الحلويات والمثلجات، مما أحاطها
بحب كبير ووضعها هي وزوحها في مقام والدين حنونين لجميع الأطفال. لم تتغير
وتيرة إقبال أطفال العائلة والجيران على بيت «هشام» و«حنان» وكبر خلال
توالي السنين البعض منهم، وآصبحت مشاكل التمدرس والتعليم من اهتماماتهما
أيضا، حيث كانت حصص مراجعة الدروس وإعداد التمارين والإستعداد للإمتحانات
تتم في رحاب بيتهما، حتى صار كل الآباء والأمهات يرغبون في استفادة
أبنائهم من معين الثقافة والتعقل التي كان يتميز بهما «هشام»، والرعاية
الفائقة وحسن التعامل الموسومين في طباع «حنان» وفي فيض حنانها الغزير،
وهذا ما حول بيتهما الدافئ إلى جنة من السعادة ملائكتها أطفال من كل
الأعمار. هذه القصص الأربعة جزء من عشرات أو مئات الحكايات الأسرية، التي
استطاع أو قدر لأبطالها من الأزواج الذين لم يرزقوا بأطفال، أن يحولوا ما
يظنه الكثير نقمة إلى نعمة منحت بيوتهم فيضا من الإستقرار والسعادة، وغيرت
مفاهيم وأحكام مغلوطة، كانت تضع دائما مقياسا لنجاح الحياة الزوجية في
الإنجاب وحمل اسم «بابا» و«ماما».

اللهم ارزق كل المحرومين بالذرية الصالحه عاجلا غير آجل

اللهم اجعل خير أعمالنا خواتمها.. وخير أيامنا يوم نلقاك فيه.

من طرف **شقي شقاوة** السبت يونيو 27, 2009 6:51 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

عندما يتحول عدم الإنجاب من نقمة إلى نعمة

عندما يتحول عدم الإنجاب من نقمة إلى نعمة

رد: عندما يتحول عدم الإنجاب من نقمة إلى نعمة