خاطرة من الروح

من يعشق الجمال أي جمال
بدءً من حجر في ساقية وحتى صورة طفل صغير أي صغير يتمتع بالحياة بشكل صحيح ويحول
الأشياء العادية إلى ألوان وأنوار تغير من المنغصات ، على الأقل فترة النظر ولو
قصيرة . فمن لم يعرف أين يكمن الجمال لن يرضى حتى عن مرآته ، رغم الغرور .

سنوات طويلة مرت
، مليئة بالأحلام ، هنا سيكون سرير النوم وهنا لا ليس البيرو ، لاستكون الأدراج ،
وهناك البيرو وفوقه المرآة الكبيرة ، رفيقة النساء حيث لا تنعكس الشمس على المرآة
فتجعل رؤية الحسناء صعبة . أجل هنا السرير وعليه الأغطية الجميلة بألوان هادئة
كهدوء الحياة التي سنعيشها ، خامات بريئة ، تعرف الله وتذوب مع سنوات عمرها
المتصاعدة أفكار الجنون التي يبثها إبليس .

أسر محافظة
عرفت المدنية بنظرة أهل البساتين ، الله والوالدين والأهل والتراب والشجار ،
النهار كله كدح تحت الشمس ، وفي الليل ضوء وود وأحاديث حلوة تحت سماء مزينة
بالنجوم ، ومواسم الخير والبركة . وتتزين الحياة بورود صغيرة يانعة بكاؤها وضحكها
يرن في الآذان ليمنحها معنى الوجود ، ويعطيها الأمل بغدٍ أحلى وأجمل .

وترسل السماء لآلئها
متغلغلة في التراب ناشرة زهوراً وروائح طيبة وقمحاً للصغار كي يكبروا . هكذا هي
الحياة ، مهما أخذتم من خيراتها فلديها أكثر فمصدرها هو ، العظيم ، يحب خلقه كل
خلقه ، ويحب من خلقه من يفعل الخير لخلقه . حب خالقِِ لمخلوقاته . ليتنا نفهم
بعضاً من هذا الحب الذي منحنا الله بركته .

هل يخبرني أحدكم من أين
يأتي الحقد لهذه القلوب ؟

من أين تأتي القدرة على
إنتهاز وإستخدام القيم لمصلحة ذاتية وتغطية لفعل بعيد عن رائحة الزهور البرية
ونقاء المطر . ؟

كيف يمكن لمن نبتت في
أرضه الجرداء زهرة بأوراق يانعة أن يدوس عليها ويمسح حذاؤه بأوراقه ، كيف يسمح
لنفسه بهذا الفعل ، ألم يعد لديه شعور تجاه من يتمتع بمنظرها ، ألم يعلم أن ألاف
النحلات والفراشات التي كانت تنتظر هذه الزهرة بفارغ الصبر لتأتي وتزورها وتتمتع
بعبيرها ورائحتها ، ستبكي حزناً على رؤية أثار الحذاء على تويجاتها بدلاً من قطرات
الندى . كم من عصفور أهداها ريشاً من جناحيه لتعرفه حين تكبر وترحب بهم عندما يبدأ
ببناء عشه بين أغصانها . أليست هذه جريمة ، سوداء مثل القلب الذي إرتكبها ، أقتل
الزهور خيراً من أن تكبر حتى لو في تربة أخرى ، من اين تلك الأفكار السوداء ، أن
إقتل أي زهرة في أرضك إن ظهرت في أرض غيرك ، لتحرم الغير من رؤية الجمال وإن كان
بالدوس على زهورك .

وتتحقق الأحلام وتظهر
الحسناء بالمرآة ، ويضج البيت بالزهور ورنين ضحكاتها ، ولا ينقطع سرب الفراشات ولا
النحل الذي يملأ أزيزه الآذان بضجيج الحياة ، والعصافير تغرد ، والخير يأتي من
السماء . ويأتي الربيع وتكبر الزهور وينتشر عبيرها وتتساقط ريشات العصافير كلما
مرت بجانب الأغصان اليانعة ، حب كبير وسعادة غامرة .

هبت ريح ليست بالقوية
ولكنها باردة على الأزهار الصغيرة التي تحتاج إلى عناية كبيرة ليقوى عودها ،
وتبعثرت جثث الفراشات على الأرض وماتت النحلات تاركة عسلها وطارت معها الريشات
الصغيرة فقد مات الحلم ، ماتت الزهور الصغيرة تحت حذاء العاصفة . لن يكون هناك
أعشاش لعصافير صغيرة . لن تسمع بعد اليوم زقزقة للطيور التي لن تمر فوق أرض
الأحلام . أزيز العواصف بدل صوت النحل ، لن يكون هناك عسلاً .

تراب وطين وفراش ونحل
وريش عصافير مبلل وأزهار منثورة على أوراقها الصفراء ، لقد مر من هنا مخلوق ما عرف
الحب ، وكذب حين تصنع تقليد وجه الحب ، وفشل حتى في رسم تلك النظرة الحالمة حين
تنعكس على صفحة المرآة في الظلام ، حتى هذه فشل فيها .

كيف يموت الحلم ، كيف ؟

مثل كل كائن حي موجود
يولد فيموت ، وكلما كان يانعاً كلما حزنت الأرض التي تضمه لأنها تريده أن يعطيها
من حياته أكثر ، لتكون قبلة الوداع من شفاه يعرف قلبها معنى الحب ، وعلى أغصانها
عاشت عصافير كثيرة أطربت الأرض زمناً أطول .

لقد كتب على الأرض ، بلغة
الزهور ، يولد الحب لعيش طويلاً لا ليموت بسرعة ، على الأقل من أحد طرفيه .

من طرف **Admin** الأربعاء يوليو 01, 2009 7:56 pm

من طرف **شام** الخميس يوليو 02, 2009 6:44 am

رائعة
رائعة جداً يا سيدي كلماتك
رائعة أوصافك و تشبيهاتك
ما هذا يا سيدي , إنك كل يوم تخرج إلى حديقتك لتقطف منها هذه الزهرات الرائعة التي لا يلبث يفوح عطرها ليملئ المكان برائحة جميلة .
عطرة هي كلماتك , رائعة تشبيهاتك , دلنا يا سيدي على هذه الحديقة الغنَاء
نأخذ منها ما استطعنا من العلم و المعرفة و ايضاً و ايضاً رقة الاحساس .
شكرا لك يا سيدي و دمت لنا بكل الخير .

من طرف **المتميز** الخميس يوليو 02, 2009 5:30 pm

انه لمجهود رائع انتظرناه منكم

خاطرة من الروح

خاطرة من الروح

رد: خاطرة من الروح

رد: خاطرة من الروح

رد: خاطرة من الروح