عفوا والديَّ ... انا ايضا استطيع

عفوا والديَّ ... انا ايضا استطيع
بقلم المربية: منال مصطفى كريم



اثناء العطلة، تبادر الى ذهني ان اكتب بعض الأفكار والهواجس التي دارت في مخيلتي في فترة الامتحانات ووقت توزيع الشهادات. قلت في نفسي: هل هذه النتائج تعكس فعلا طاقة طلابنا؟ هل تعكس مدى اهتمام اهلنا بأبنائنا؟ هل شعرت الأم او شعر الأب ان هذه النتائج هي ايضا نتاج جدهم ومشاركة ابنائهم واجباتهم؟

كثيرة هي الأفكار التي حامت في خاطري وأردت ان تصل الى الآباء والأمهات والمربين والطلاب، خاصة في آونة بات فيها العلم وطلبه يقف في مؤخرة سلم الأولويات، في فترة لمست وبنفسي ( كمربية) اهمال اولياء الأمور الواضح جدا ...
صدقوني انا لا ابالغ، ولربما قال قائل: لماذا لا تلومين المعلمين؟ اجيب فأقول: المعلمون في الغالب يحاولون القيام بما عليهم، واذا ظهر بعض التقصير فيمكنكم التوجه اليهم او الى ممثل لجنة الآباء، او حتى الى الادارة وبأسلوب لبق يتجلى فيه الاحترام والتقدير لهذا الشخص، وتوضيح وجهة نظركم والأمر مفروغ منه.
ولكن انتم أيها الآباء والأمهات، هل وظيفتكم فقط ان تكونوا السبب في ولادة ابنائكم الى الدنيا؟ هل عليكم توفير الطعام والكساء فقط؟لا وألف لا، هذا الكائن هو مسؤولية تحاسبون عليها يوم العرض، هذا الكائن هو جيل المستقبل، هل استقبلتموه بالحب والتفرغ بعد يوم دراسي طويل وشاق؟ هل جلستم معه سويعات او ساعات لتنفيذ واجباته المدرسية، وتذويت الأساليب التعليمية التي تساعده على تطوير واستغلال طاقته على اتم وجه؟!
سمعتها مرة من احدى الأمهات تقول لأخرى :" دعيه، هذه العلامات جيدة، انا ادع اولادي يدرسون لوحدهم وفقط انا اسمع لهم، وشو ما اخذوا يوخذوا، كل طالب وقدرته". جملة قصيرة ولكنها خطرة.
كيف تحكمين على الأم ان تترك ابنها، هل تأكدت ان هذا الولد من النوع المستقل؟ هل هو في جيل يسمح للأم ان تتركه، كيف تحكمين ان هذه هي قدرة الابن، هل اجريت له الفحوصات التربوية والعلاجية التي مكنتك من تحديد قدرات الطالب العقلية والتعليمية.
اسمحي لي أيتها الأم ان اقول لك: انك لست انت المخولة لقول هذا. انت عليك ان تؤدي واجبك على اتم وجه، ان تهيئي جوا تعليميا مناسبا لابنك، وان تعززي ثقته بنفسه وان تنظري اليه كإنسان يستحق كل تقدير، ان تساعديه على بناء صورة ذاتية ايجابية. ان تشعريه بأنك تستطيع، وانت ناجح، وانت قادر على تحقيق الأفضل. واذا كنت من النوع الذي لا يملك درجة ثقافية عالية تساعدك على تحمل هذه الأعباء فلا بأس ان تختصري قليلا من اللباس والأثاث وحتى الطعام ( وخاصة الثانوي) لتوفير معلمة او مساعدة لابنك يمكنها ان تكون اهلا لهذه المهمة.
عندها يمكنك ان تلمسي تحسنا لدى ابنك علميا ونفسيا، وعندها ستكونين فخورة بنفسك وبابنك، ستحملين شهادته وتبرزينها امام الجميع، ولن تشعري بالخجل المخفي في ثناياك وفي جوفك.
لن تحاولي ابعاد موضوع الدراسة والعلامات لأن ابنك ليس بالجيد بل ستقولين: ربما ان فلذة كبدي ليس بالناجح علميا، لكنه صاحب شخصية قوية تمكنه من خوض معترك الحياة، ابني سيحاول معي استغلال طاقته الى ابعد حد. الى حد يمكنه الاستقلالية في حياته المستقبلية، الى حد يستطيع التعامل مع مجريات الأمور في الحياة المستقبلية دون خجل او وجل.
عذرا اذا اطلت عليكم ولكن الموضوع طويل وجديّ، اقدمه من كل قلبي لأني شاهدة على الموضوع واعاني منه كثيرا خاصة انني مربية في التربية الخاصة، وباعتقادي ان غالبية اولياء الامور رضخوا للأمر الواقع واعتبروهم خارج الطريق فلا يقدمون ما عليهم تجاههم ويدعون بأننا لا نسيطر عليهم، ولا يريدون التعلم...
هل سألتم أنفسكم لماذا لا يريد ابني ان يتعلم؟ الأنه لا يريد ان يشعر بالفشل، او انه لا يستطيع القراءة او الكتابة او لأنه ليس الابن الذي يفخر به والداه، فإياكم ثم اياكم ان تكرموا ابنا آخر لكم امام اخيه، او تذكروا محاسنه دون الآخر، فتسارعون لبيان ان فلانا يقرأ كذا، يكتب كذا ... يحفظ كذا ... فكروا دائما بالطرف الآخر والا فأي نفسية تهشمون ، اي ثقة بالنفس تهدمون، اي صورة ايجابية تبعدون.
واخيرا اتمنى من كل من يقرأ هذا المقال ان يرجع الى نفسه بصدق دون اخفاء الحقائق، فالله اعلم بما يكن في نفسه. وان يضع خطة جديدة لتحسين وضع ابنه وان يتشاور مع ذي الأمر دون ان يشعر ان هذا ينقص من ثقافته وقدره، ان يضع هدفا اسمى يريد ان يحققه مع ابنه في نطاق قدراته، ان يكون الابن في المقدمة والدنيا كلها خلف الظهور