كل عيد والجميع بخير

كل عيد والجميع بخير

فقدت الكلمات معانيها ورحلت الجمل في متاهات الرفض
للحقيقة , وباتت الأحوال في تدهور مستمر , متعاظم . كيف أصف حالنا سابقاً وحالنا
اليوم , هذا التغيير الذي اصابنا ليس جديداً على المجتمع الإنساني ولكن أصابه
تغيير في البنيان الأساسي , لتغيير مواد التأسيس , وبالطبع لم تعد المهارة في أيدي
الصناع لتخليهم عن مفهوم التدريب على أيدي كبارهم فهم توهموا أن لديهم الخبرة التي
إكتسبوها ورقياً ولم يعرفوها عملياً , هؤلاء لم تتشقق أيديهم وهم يتعلمون , ولم
يتعبوا ليجوعوا بل كانوا يتمتعون بالخدمة من أهلهم والرعاية ليحصلوا على التعلم
المدرسي الذي كان ينبغي أن يتقبلوا معه خبرة هؤلاء الذين يرعونهم صغاراً كباراً ,
وبدل ذلك نعتوهم بالتخلف وعدم أهليتهم ليكونوا مدربيهم على الحياة .

هؤلاء الجدد ونحن منهم تصورنا أن من يعرف شكسبير
ودوستوفسكي وأرنست همنغواي يغنيه ذلك عن قراءة الجاحظ , والدخول لعام الغزالي وعشق
شعر عنترة ورقة جبران وجناح مي زيادة . من منا لا يعرف توم سوير , ويسخر من فكاهات
جحا , من قرأ رسالة الغفران ؟ لكن السواد الأعظم يعرف دانتي وقرأ له الجحيم .

الإتجاه بالثقافة نحو التنوع شيء مفيد ورؤية الألوان كلها
بأطيافها دون تمييز ضروري لنعرف في النهاية أن لنا رؤية خاصة بنا تخرج منا , لا أن
تأتينا من الخارج لتدخل في تركيبتنا دون أن ندرك ونعرف أن لكل شيء قيمة ووزناً حتى
لولم يعجبنا في مرحلة ما .

الإسمنت الذي يعانق قضبان الحديد بقوة تؤدي لإختناق
المادتين , يصبح عديم النفاذية فيموتا معاً تحت ثقلهما . بينما الطين يلتف حول
كسرات سيقان القمح بحنان دافء يقيها حر الشمس في الصيف والدفء أيام برد الشتاء .
هذا ما حدث لنا من تغير . ترى لو بقي الطين , ودعم بالإسمنت من الخارج ألا يمكن
لهذا الخليط أن يعطينا حسنات الإثنين .

ويأتينا العيد راكضاً فاتحاً ذراعيه , وبدلاً من تلقيه
بفرح , نبدأ بالتجهم والتفكير في مصاريفه , فيأتي ويذهب دون أن ننجز واجب الفرح
تجاه الصغار والفرح ليس بكثرة النقود بل بحضن دافء يحس الصغير أن ثمة كبير فعلاً
يهتم به ويشعر به , أليس هذا مضمون العيد ؟ , مع الحذاء الجديد وقطعة ملابس حلوة .
قد لا تتوفر كلها ولكن يمكن أن يتوفر بعضها لأن الحب لا يباع ولا يشرى . إنه ينبع
من الداخل وكلما كان الداخل صادقاً أصيلاً كلما كان صافياً غزيراً .

قد تبدو الأمور غير مترابطة ولكنها مجموعة عوامل أدت
إلى نتيجة واحدة البعد عن المفهوم الأساسي لحياتنا , وهو تحقيق السعادة , فكم من
أسرة تفككت قبل رمضان وأثناء رمضان , فمن أين تأتي فرحة العيد لبيت إسمنتي أو حتى
طيني .

بغياب الأسرة مجتمعة لن تكتمل الفرحة ولن يفهم الصغار
إلا شيء واحداً أنكم أيها الكبار لا تكترثون إلا لأنفسكم , وتسعون لتحقيق غايات في
نفوسكم لن نفهمها حتى إن كبرنا ففرحة العيد نحتاجها الآن , وإن لم نعرفها فكيف
سنقدمها لأبنائنا . سنكون كمن يبحث عن السعادة في أسنان سليمة لإنسان تجاوز المائة
.

قد لا نجد أثاراً لأية أسنان .

أبقوا أسركم على حساب رغباتكم رأفة بالصغار , بل رأفةً
بكم لأنكم ستندمون كثيراً.لا تجروا وراء رغبات ستذهب مع رياح الفرقة , فتخسرون أهم
ما في الحياة وتذكروا أن الصغار هم الفرحة وهم الحياة , إنهم ليسوا حجارة تتراشقون
بها .

دعوا الحب يلأ فراغاتكم التي لن تمتلأ إلا بالحب الأسري
والترابط العائلي .

من طرف **الاستشاري** الإثنين سبتمبر 14, 2009 3:48 am

من طرف **شام** الإثنين سبتمبر 14, 2009 4:08 am

كل عيد والجميع بخير

كل عيد والجميع بخير

رد: كل عيد والجميع بخير

رد: كل عيد والجميع بخير