من طبعي الوفاء

أحس بنسمات الهواء , وكأن أعصابي موصولة مع الخارج عصباً عصباً , ولكن لا بد لي من أن أقول , كل عام وأنتم بخير , رمضان , ننتظره إحد عشر شهراً , لنصوم ونصلي أكثر ونتشارك بحب العطاء أكثر , هذه المرة , رمضان يمر , ولم أجد غير الجدران أقبلها واقول لها كل رمضان وأنتم بخير , قمت وصليت , وتمنيت , بوجود حيز مهما صغر في قلب كبير , وجررت نفسي إلى المكتب أقول لأحبتي كل عام وأهل بيتنا بخير , ألم تشتاقوا لبعضكم البعض , ألم تتمنون أن تنساب الأقلام بكلمات تعطر خواطركم وتخبركم عن أحبابكم . أعرف وأحس بكم , ولذلك جمعت ما يسميه الناس ضعفاً .
أعطيت نفسي إجازة , ودخلت قوقعتي , التي بكيت في ظلمتها حتى رايت نفسي أطرد خارجها وحالها يقول المكان لا يتسع لك ولدموعك وقد فاض المكان بكما فكان لا بد أن أعيد النظر فقررت أن أخرج كل فترة لأنزح دموعي التي بدأت تجف , ليبقى لي مكان في القوقعة . آسف فالحزن غريب وتأثيره أطول وأثبت من الفرح , وبالمناسبة نسيت ما معنى الفرح ولكن أعرف أنه نقيض للفرح , وهذا ما أبعده بمعناه وإحساسه .
اليوم عرفت أنني عشت حياتي ضمن ما سبق وأخبرتكم أن الناس يسمونه ضعفاً , ولكني هكذا عشت وتعلمت أن الحياة هكذا , فإسمحوا لي أن أقوله لكم :
لا تلم الكفيف حين يوقع الأشياء على الأرض بعد أن يصطدم بها , بل كل اللوم على من يكون مبصراً ولا يأخذ بيده ليبعده , فهل عرفنا من هو الكفيف .
لا تلم جاهلاً على أنه لا يعرف , بل وجه اللوم لمن لديه المعرفة ولا يمنحها لأحد , فالبخل فعل غير مبرر .
لا تحقد على أحد , وإن لم تحبه , فلا تكرهه , ليس لشيء بل ببساطة كي تنام وضميرك مرتاح .
لا تبخل بالحب , وأعطي ما لديك , فأنت لا تعرف متى تحتاج أن يحبك أحد , ولكنك سوف تحصد ذلك , ولا تستغرب فقد تصادفه في الصحراء , في ظل نبتة صبار وحيدة .
أتمنى لكم شهراً فيه من الحب ما يكفي لقدوم تالي .

لا تحقد على أحد , وإن لم تحبه , فلا تكرهه , ليس لشيء بل ببساطة كي تنام وضميرك مرتاح .