المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
د محمد سردار رحمه الله - 3791 | ||||
الاستشاري - 2664 | ||||
غريب الامارات - 1632 | ||||
شام - 1616 | ||||
Admin - 1570 | ||||
ام المجد - 1508 | ||||
المتميز - 883 | ||||
ود - 759 | ||||
شيماء الشام - 733 | ||||
المتمردة - 499 |
أهلا بكم
دعمكم لهذا المنتدى يكون بتبادل الفائدة وابداء الرأي نتمنى أن نتشرف بكم كأعضاء واستشاريين - بوجودكم سيكون المنتدى أجمللوحة ترحيب
أهلا بك من جديد يا زائرآخر زيارة لك كانت في الخميس يناير 01, 1970
آخر عضو مسجل زمرد١١فمرحبا بكم
أهلا بكم
دعمكم لهذا المنتدى يكون بتبادل الفائدة وابداء الرأي نتمنى أن نتشرف بكم كأعضاء واستشاريين - بوجودكم سيكون المنتدى أجملإعلانات تجارية
لا يوجد حالياً أي إعلان
جديد الاعلانات feedburner
http://feeds.feehttp://feeds.feedburner.com/akbarmontadacom/Bwkxdburner.com/akbarmontadacom/Bwkxوالدي متسلط
صفحة 1 من اصل 1
والدي متسلط
سـيدي.. أرجو أن تتذكرني, ويتذكرني قراء بابك الأعزاء, فأنا صاحبة رسالة الانتقام التي نشرت بجريدتكم في2006/11/17, نعم أنا التي كتبت لك عن والدي, الذي كان يعاملنا ـ أنا واخواتي وأمي ـ معاملة مهينة حتي فقدت أمي الحياة, كمدا, ورفض تسلم جثتها ودفنها , ثم تزوج بعدها عدة مرات, وبعد أن ذهب لأداء العمرة, انقطعت أخباره عدة سنوات حتي صدر قرار المحكمة بفقده, وحصلنا علي ميراثه, ولكن شاءت إرادة الله أن أجده مصادفة بعد سنوات, عجوزا منهكا, فاقدا للذاكرة, يمسح سلالم العمارات, ويتسول ثمن طعامه, ودوائه, بعد ان كان في رغد من العيش, يحرمنا نحن منه, ويهيننا في أعمال مرهقة لننفق علي أنفسنا!
سيدي... قرأت ساعتها ردك علي رسالتي, ونصيحتك لنا ـ أنا واخواتي ـ بالعفو, وإطفاء نار الانتقام, الذي لن تدوم لذته سوي لحظات, فجمعت أخواتي, وأخذتهم ومعنا المحامي وذهبنا لنري أبي الذي عاد.. سألنا عليه, فدلنا أولاد الحلال علي مكانه, وعلمنا انه تم نقله الي أحد المستشفيات الحكومية, فذهبنا اليه هناك, ورأينا مشاهد مؤلمة, فقد كان ينام علي مرتبة متهالكة, في حجرة كئيبة, بها كثير من المرضي, الذين أخبرونا أنه يذهب كثيرا في غيبوبة, وأن الاطباء يريدون ان يخرجوه, ولكنهم لايعرفون أهله حتي يتسلموه.
ذهبنا للطبيب لنسأل عن حالته, فقال انه يعاني من أمراض كثيرة: ضغط وسكر ومياه علي الرئة, وتليف بالكبد, ودوالي بالمريء, نقلناه الي أحد المستشفيات النظيفة بالقاهرة علي مسئولية المحامي, وعندما أفاق من الغيبوبة بكي بشدة, وقال: وحشتوني, لماذا لم تأتوا الي منذ فترة, بكينا سيدي من هذه الكلمات, ومن حالته المأساوية, ومن وصف الأطباء لأمراضه الكثيرة, كان يقول هذه الكلمات ودموعه تغرق وجهه الذي سكنته الشقوق والجروح, وكأنه كان يشعر أننا أولاده!!
بعد أيام, طلب منا الاطباء الاهتمام بعلاجه, ونظافته, ومعيشته, وفوجئنا به يطلب منا أن نخرجه من المستشفي لأنه علم أن الغرفة التي يقيم بها غالية الثمن, وسامح الله شقيقتي, فقد قالت له: انت في حجرة متحلمش بيها أخفي وجهه في الملاءة, وقال لي: اخرجيني يا ابنتي من هنا, واقرضيني ثمن العلاج, وسوف أسدده لك إن شاء الله, فقالت له أختي, ومن أين ستسدد؟ قال: سوف أعمل, سأنظف البيوت, وأمسح السلالم, هذا هو عملي, وان لم استطع تسديد دينكم سأعمل عندكم بثمن العلاج, أمسح سلالم شققكم, وأنظفها!
لم تعط شقيقتنا لنا فرصة لنشفق عليه بعد هذا الموقف, فعلي الفور قالت له: لقد كان لنا أب, لكن لم يرحمنا, ولم يرحم أمنا, حتي وهي مريضة, فكان يجبرها علي العمل ويقول لها اشتغلي بلقمتك علي الرغم من أنه كان يمتلك كثيرا من الأموال, ولكنه اليوم علي استعداد للعمل عند أولاده, يخدمهم, ليسددوا نفقات علاجه, وهنا تدخلت أنا, وأخبرته أننا ننفق هذه الأموال عليك صدقة عن أمي المتوفية, فأنت مثل والدنا, نهرتني أختي قائلة: متطمعهوش فينا, انت السبب, ربنا ياخدك معاه, كان لازم تقابليه, وترجعيه تاني.
أصر أحد أخوالي علي الذهاب الي أعمامي, ليخبرهم أن أخاهم أبو البنات قد عاد, وأنه حي, لم يمت, ويعالج في المستشفي, فكذبوه, وحضروا إلي المستشفي, وحدثت بيننا خناقة كبيرة وضربونا, وكانت فضيحة في العائلة, ولكن خالي ذهب الي قسم الشرطة, وعمل محضرا ضد أعمامي, وجاء أمين الشرطة للمستشفي ليسأل العجوز: انت مين؟.. قال: أنا معرفش حاجة, هؤلاء البنات ساعدوني, وأحضروني للمستشفي للعلاج, وقال للاطباء اني فاقد للذاكرة, ولكني لو كنت فعلا أباهم, فأنا مش عاوزهم يعرفوني تاني.. قالها سيدي, وهو يبكي بحرقة, فكيف لأب ان يضرب بناته, ويعذبهم, بل ويكون سببا في وفاة أمهم, هل كنت أنا هذا الوحش, ان كنت كذلك, فلا أريد أن أذكرهم بما عانوه معي!!
خرج الرجل من المستشفي, بعد علاجه, وعلم اننا بناته, وكان كلما يري واحدة منا يداري وجهه, وهو يبكي ويقول اللهم قصر أيامي فأقول له انت مش مبسوط انك عرفت ولادك, فيقول كان نفسي أكون مبسوط ولكن ذكرياتي معكم ذكريات موت ولهذا لن استطيع العيش معكم, سأعود إلي حجرتي الصغيرة, أكنس وأمسح السلالم, والبيوت, ولكن كل ما أطلبه منكم يا ابنتي هو ان تسامحوني.. سامحوني أرجوكم!!
كررها سيدي أكثر من مرة... سامحوني, فقلت له لو سامحناك نحن في حقنا, فمن يسامحك في حق أمي؟... فقال وهو يبكي يا ابنتي.. ياويلي من عذاب الله, فلا أدري ماذا أقول لربي عندما يسألني, لماذا لم تنفق علي بناتك, وقد رزقتك مالا كثيرا, لماذا تركتهن ومعهن زوجتك المريضة يعملن لينفقن علي أنفسهن؟
.. ماذا سأقول لربي إذا سألني لماذا لم تتسلم جثة زوجتك, وتدفنها؟!
أخذته أختي الوسطي بعدها ليعيش معها, ولكنها ـ سامحها الله ـ كانت تعطي له العلاج علي معدة خالية لأنها كانت تقوم من النوم متأخرة, وكان أول طعامه هو العيش الناشف فكان يطلب منها ان تبلل له العيش ليستطيع مضغه, فكانت تغرق العيش في الماء حتي يتفتت, فيلملمه بأصابعه الضعيفة, وهو لا يملك ما يسد جوعه غير ذلك, وكانت كلمته التي يرددها دائما أهي أكلة والسلام!
لا استطيع ان أنسي مشهده, سيدي عندما ذهبت لزيارته يوما, فوجدته جالسا عند باب الشقة من الداخل, حزينا وخائفا فسألته ماذا جري؟ فأخبرني أنه تبول لا اراديا علي مرتبة السرير وان شقيقتي قد نبهت عليه الا يفعلها مرة أخري, بكي بشدة وترجاني ان ارحل به من عندها, فأخذته وذهبت به الي اختي الاخري, فقد كنت رافضة أن يعيش معي في الشقة, فأنا أعيش منفردة, وكنت لا أريد أن أعيش لخدمته, وكنت أقول لنفسي في بعض الأوقات اتركيه يتبهدل عند ولاده ثم اذهبي به لحجرة الموت التي كان يعيش فيها.. أعرف انكم جميعا ستدعون بأن ينتقم الله مني, وقد قلتها بالفعل لنفسي!!
عندما دخلنا علي أختي باغتته بسؤال: انت لسه عايش, وكمان هتعيش معايا! تعلق الرجل في يدي, وبكي, واستحلفني الا أتركه, وأصطحبه معي, فأخبرته أنها أيام قليلة, ثم يعود إلي حجرته الأصلية, تركته سيدي, ولكن ظلت نظرة عينيه لا تفارقني دقيقة, وهو يتوسل لي ألا أتركه, فعدت بعد أسبوع لزيارته, فوجدته نائما علي كنبة ببلكونة المنزل, وعلمت أن شقيقتي كانت تكلفه بنظافة المنزل, ومسحه, وكأنه خادمة, حتي إن زجاج الشباك أصاب إصبعه, فلم تكلف نفسها عناء علاجه, وتركته ينزف ويعاني!!
أمسك بيدي ورجلي, وترجاني أن أعود به إلي حجرته, ووعدني أنه سيطلب من أولاد الحلال سداد ما أنفقناه عليه في علاجه, أخذته, وذهبت به إلي حجرته الصغيرة التي يسكن بها في مدينة طنطا, وأعطيت أموالا لشيخ المسجد لكي يقوم علي رعايته, ثم سافرت, وما إن نزلت في محطة القطار, إلا ووجدتني أعود مرة أخري, وأستقل القطار العائد إلي طنطا, وعندما دخلت عليه انهار في البكاء, وقال كنت أعلم أنك ستعودين, أنت فقط من أشعر بك, استلقيت في حضنه ـ لأول مرة ـ إنه أبي يأخذني في حضنه الدافيء, بكيت علي كتفيه, غمرت وجهه الدموع, ثم سألني: هل سامحتيني.. فرحت في صمت عميق, ولكنه ليس علامة عن الرضا!!
لم أستطع أن أتركه بعد كل ذلك, واصطحبته معي إلي شقتي, كنت أبحث عن رضا ربي, قبل أي شيء, علي الرغم من النار الدفينة التي كانت تسكن أحشائي مما فعله معنا.. عشنا معا فترة شعرت فيها ـ لأول مرة ـ بطعم أن يكون لك أب يربت علي كتفيك, يحنو عليك, كنت أدخل الشقة فأجده واقفا في الشباك ينتظرني, ويطمئن علي, كان يطلب مني أن آخذه إلي مقبرة والدتي, وعندما وقف أمامها, بدأ في قراءة القرآن, وبكي كثيرا, ثم طلب منها أن تسامحه, وأن تشفع له عند الله ليسامحه.
لا أنسي هذه الأوقات التي كان يساعدني فيها في لملمة أوراقي التي كنت أحضرها معي للعمل بالمنزل, ثم نبدأ في اللعب علي الكمبيوتر, لم أعد أحتمل البيت بدونه, فقد كان يذهب لزيارة حجرته, التي كان يسكن بها, فلم أتحمل هذه الساعات, وذهبت فورا لإحضاره, لا أخفي عليكم سيدي, أنه حتي النوم أصبح له طعم في وجوده, فكنت أستغرق في النوم, وأنا مطمئنة أن أبي معي في المنزل, يحرسني بدعواته التي لا تنقطع, ربنا يكفيك شر عباده يا بنتي!!
في هذه الأوقات قررت أن أذهب لقضاء العمرة, وعندما أخبرته, ضحك, وقال: أوعي تفقدي الذاكرة..وبكي, وقال لي, ومن سيزورني, ثم بدأ يوصيني بالدعاء, ووعدته بأن أصطحبه معي في المرة القادمة, سافرت بعد أن أعطيته تليفونا محمولا لكي أطمئن عليه, وبعدها علمت أنه مرض, ولم يجد أحدا يدخله المستشفي, وبعد أن قضيت عمرة رمضان, عدت, وأخذته إلي المستشفي, كان يعاني في هذه المرة, يبتسم كثيرا, ويبكي أكثر, ويشرد بناظريه أكثر وأكثر.. وكان يردد دائما: تري يا ربي هل خففت عذابك عني, تري هل تقبلت دعوتي؟.. هدأته, وقلت له: ارحم نفسك, ولأول مرة نبض قلبي بالدعاء له, أن يشفيه, تركته في اليوم التالي, وذهبت لعملي, وعدت مسرعة بعد أن اتصلت بي الممرضة, لتخبرني أنه في غيبوبة, فاقتحمت حجرة الرعاية المركزة, ورميت نفسي فوق صدره, وبكيت, كما لم أبك من قبل, وصرخت بأعلي صوتي.. يارب, دعه يشعر بي, ولو لحظة واحدة, لكي أقول له: سامحني.. سامحني علي كل لحظة عاملتك فيها بجفاء, فقد كان كل ذلك رغما عني.. جلست عند قدميه, وقبلتهما, ثم قبلت رأسه, واستحلفته ألا يتركني, وطلبت منه
أن يغفر لي, ثم ذهبت لأصلي, وما هي إلا لحظات, وحضرت الممرضة, لتقول لي: البقاء لله!...
رحل أبي, ورحت أنا في غيبوبة, وعلمت بعد أن أفقت أن أعمامي رفضوا دفنه في مقابرهم, فدفنه خالي في مقابر العائلة, بجوار أمي, التي رفض ـ سابقا ـ استلام جثتها, وياللقدر ياسيدي, فربما تكون قد سامحته هي الأخري!
الآن سيدي لم أعد أجد من ينتظرني بالمنزل, لم يعد هناك من يدعو لي, أصبحت أعيش في وحشة الوحدة, ويبدو أن انتقام الله قد بدأ معنا.. نعم سيدي لقد بدأ انتقام الله معي, وأخواتي, فقد مرضت بهوس نفسي, كنت أقطع هدومي, وأجري في الشارع, وأصرخ, وأبكي.. أضحك, وأرقص, ثم أعود لأصرخ: أبويا مات.. ياناس, أبويا مات!!
أما شقيقاتي, فسوف أقول لك ماحدث لواحدة منهن فقط, وهي التي كانت تطعم أبي العيش الناشف فقد أصابها مرض البهاق في جسدها كله, ولم يتحملها أحد, حتي أولادها, وزوجها, وطلبوا مني أن آخذها لتعيش معي!!
سيدي.. قل ما شئت لنا, فنحن في انتظار كلماتك, أيقظ ضمائرنا, ولكن قبل ذلك كله مازال لدي سؤال أبحث له عن إجابة: هل سامحني أبي؟!
رد الاستاذ خيري رمضان :
سيدتي.. نعم أتذكرك جيدا, فمثل تلك القصة لا يمكن أن تمحي من الذاكرة! هل تصدقيني لو قلت لك أني أحكي تلك القصة حتي الآن لكثير ممن ألتقي بهم, كما يسألني كثير من الأصدقاء والقراء عن حالة الأب أو بماذا انتهت حكايتكم, وها أنت جئت بعد سنوات لتضعي كلمة النهاية, ولكن هل انتهت قصتكم أم بدأت؟
سبق وحذرتكم ـ ياعزيزتي ـ من أن المنتقم يرتكب نفس خطيئة المنتقم منه, وأن والدكم عندما عاد لم يكن هو هذا الوحش القديم الذي عذبكم وأهان والدتكم, بل هو انسان عائد بفطرته الأولي, بخيره ومحبته وسلامه.. نعم نحن بشر ولسنا ملائكة, قد نجنح إلي الانتقام, ولكن الله سبحانه وتعالي وضع ضوابطه لكبح جماح النفس وتهذيبها, فطالبنا بالعفو عند المقدرة, ووعد الصابرين والعافين عن الناس بجنات وخير كثير, ونهانا عن معصية الوالدين وأمرنا بطاعتهما وألا نقول لهما أف ولا ننهرهما ونصاحبهما في الدنيا معروفا حتي لو كان جهادهما للإشراك به سبحانه وتعالي.
من عاد إليكن ياسيدتي ليس والدكن قاسي القلب, متجرد المشاعر, الأناني المتغطرس.. من عاد هو رجل مسن بائس, قادكن العلي القدير إليه لترين انتقامه وليكن درسا لكن تتعلمن منه وتوقن بأنه سبحانه وتعالي يمهل ولا يهمل.. وبدلا من تأمل قدرة الله وفهم رسالته العظيمة, تحرك الوحش في داخلكن, واستمتعتن بالشر, ووجدتن لذة مرضية في إيذاء رجل عاجز فاقد للذاكرة, ليس فيه من والدكن إلا الجسد فبالغتن في إهانته وإذلاله, وهو التائب النادم علي أشياء لا يذكرها بل ينكرها علي أي أب, يخجل منها ويلتمس لكن العذر في الإساءة إليه.
سيدتي.. إنها النفس الأمارة بالسوء, التي أخرجت الوحش الكامن فيكن حتي أشقائه, خشوا علي ما ورثوه عنه, وتجاهلوا أنه حي يرزق, وأن ماامتلكوه هو مال حرام سيحرق حتما قلوبهم وأولادهم, ولو كنت منهم الآن لتصدقت بكل ما ورثوه علي روحه, فعليهم أن يسارعوا بتوبة إلي ربهم لعله سبحانه وتعالي يغفر لهم ويتقبل منهم.
سيدتي.. الحمد لله أن ضميرك قد استيقظ قبل رحيل والدك, فجعلك تستمتعين بوجوده معك, لذا هوني علي نفسك, اطلبي المغفرة والتوبة, صلي من أجله, تصدقي وادعي له بالرحمة, وثقي في مغفرة الله فأبواب التوبة مشرعة للتائبين, وما يطمئنك أنه مات وهو راض عنك, محبا لك, ملتمسا كل الأعذار لما فعلته معه من تصرفات لا تليق بأبنة تجاه والدها في مثل هذه الظروف.
الأزمة الحقيقية ـ ياعزيزتي ـ في شقيقتيك وقلبيهما المتحجرين, فقد نقلت لنا ما لحق باحداهما من انتقام إلهي, ولم تذكري إذا كانت أفاقت من غفلتها واستقبلت الرسالة الإلهية, أم مازال قلبها غلفا ؟.. لعلها تلحق بنفسها وتستغفر الله وتتوب إليه وكذلك شقيقتك الأخري, فانتقام الله قادم لا محالة ومن يقتل الوحش بداخله فقد نجا, أما من يستسلم له, فلن يجني إلا عذابا في الدنيا والآخرة, وإلي لقاء بإذن الله.
سيدي... قرأت ساعتها ردك علي رسالتي, ونصيحتك لنا ـ أنا واخواتي ـ بالعفو, وإطفاء نار الانتقام, الذي لن تدوم لذته سوي لحظات, فجمعت أخواتي, وأخذتهم ومعنا المحامي وذهبنا لنري أبي الذي عاد.. سألنا عليه, فدلنا أولاد الحلال علي مكانه, وعلمنا انه تم نقله الي أحد المستشفيات الحكومية, فذهبنا اليه هناك, ورأينا مشاهد مؤلمة, فقد كان ينام علي مرتبة متهالكة, في حجرة كئيبة, بها كثير من المرضي, الذين أخبرونا أنه يذهب كثيرا في غيبوبة, وأن الاطباء يريدون ان يخرجوه, ولكنهم لايعرفون أهله حتي يتسلموه.
ذهبنا للطبيب لنسأل عن حالته, فقال انه يعاني من أمراض كثيرة: ضغط وسكر ومياه علي الرئة, وتليف بالكبد, ودوالي بالمريء, نقلناه الي أحد المستشفيات النظيفة بالقاهرة علي مسئولية المحامي, وعندما أفاق من الغيبوبة بكي بشدة, وقال: وحشتوني, لماذا لم تأتوا الي منذ فترة, بكينا سيدي من هذه الكلمات, ومن حالته المأساوية, ومن وصف الأطباء لأمراضه الكثيرة, كان يقول هذه الكلمات ودموعه تغرق وجهه الذي سكنته الشقوق والجروح, وكأنه كان يشعر أننا أولاده!!
بعد أيام, طلب منا الاطباء الاهتمام بعلاجه, ونظافته, ومعيشته, وفوجئنا به يطلب منا أن نخرجه من المستشفي لأنه علم أن الغرفة التي يقيم بها غالية الثمن, وسامح الله شقيقتي, فقد قالت له: انت في حجرة متحلمش بيها أخفي وجهه في الملاءة, وقال لي: اخرجيني يا ابنتي من هنا, واقرضيني ثمن العلاج, وسوف أسدده لك إن شاء الله, فقالت له أختي, ومن أين ستسدد؟ قال: سوف أعمل, سأنظف البيوت, وأمسح السلالم, هذا هو عملي, وان لم استطع تسديد دينكم سأعمل عندكم بثمن العلاج, أمسح سلالم شققكم, وأنظفها!
لم تعط شقيقتنا لنا فرصة لنشفق عليه بعد هذا الموقف, فعلي الفور قالت له: لقد كان لنا أب, لكن لم يرحمنا, ولم يرحم أمنا, حتي وهي مريضة, فكان يجبرها علي العمل ويقول لها اشتغلي بلقمتك علي الرغم من أنه كان يمتلك كثيرا من الأموال, ولكنه اليوم علي استعداد للعمل عند أولاده, يخدمهم, ليسددوا نفقات علاجه, وهنا تدخلت أنا, وأخبرته أننا ننفق هذه الأموال عليك صدقة عن أمي المتوفية, فأنت مثل والدنا, نهرتني أختي قائلة: متطمعهوش فينا, انت السبب, ربنا ياخدك معاه, كان لازم تقابليه, وترجعيه تاني.
أصر أحد أخوالي علي الذهاب الي أعمامي, ليخبرهم أن أخاهم أبو البنات قد عاد, وأنه حي, لم يمت, ويعالج في المستشفي, فكذبوه, وحضروا إلي المستشفي, وحدثت بيننا خناقة كبيرة وضربونا, وكانت فضيحة في العائلة, ولكن خالي ذهب الي قسم الشرطة, وعمل محضرا ضد أعمامي, وجاء أمين الشرطة للمستشفي ليسأل العجوز: انت مين؟.. قال: أنا معرفش حاجة, هؤلاء البنات ساعدوني, وأحضروني للمستشفي للعلاج, وقال للاطباء اني فاقد للذاكرة, ولكني لو كنت فعلا أباهم, فأنا مش عاوزهم يعرفوني تاني.. قالها سيدي, وهو يبكي بحرقة, فكيف لأب ان يضرب بناته, ويعذبهم, بل ويكون سببا في وفاة أمهم, هل كنت أنا هذا الوحش, ان كنت كذلك, فلا أريد أن أذكرهم بما عانوه معي!!
خرج الرجل من المستشفي, بعد علاجه, وعلم اننا بناته, وكان كلما يري واحدة منا يداري وجهه, وهو يبكي ويقول اللهم قصر أيامي فأقول له انت مش مبسوط انك عرفت ولادك, فيقول كان نفسي أكون مبسوط ولكن ذكرياتي معكم ذكريات موت ولهذا لن استطيع العيش معكم, سأعود إلي حجرتي الصغيرة, أكنس وأمسح السلالم, والبيوت, ولكن كل ما أطلبه منكم يا ابنتي هو ان تسامحوني.. سامحوني أرجوكم!!
كررها سيدي أكثر من مرة... سامحوني, فقلت له لو سامحناك نحن في حقنا, فمن يسامحك في حق أمي؟... فقال وهو يبكي يا ابنتي.. ياويلي من عذاب الله, فلا أدري ماذا أقول لربي عندما يسألني, لماذا لم تنفق علي بناتك, وقد رزقتك مالا كثيرا, لماذا تركتهن ومعهن زوجتك المريضة يعملن لينفقن علي أنفسهن؟
.. ماذا سأقول لربي إذا سألني لماذا لم تتسلم جثة زوجتك, وتدفنها؟!
أخذته أختي الوسطي بعدها ليعيش معها, ولكنها ـ سامحها الله ـ كانت تعطي له العلاج علي معدة خالية لأنها كانت تقوم من النوم متأخرة, وكان أول طعامه هو العيش الناشف فكان يطلب منها ان تبلل له العيش ليستطيع مضغه, فكانت تغرق العيش في الماء حتي يتفتت, فيلملمه بأصابعه الضعيفة, وهو لا يملك ما يسد جوعه غير ذلك, وكانت كلمته التي يرددها دائما أهي أكلة والسلام!
لا استطيع ان أنسي مشهده, سيدي عندما ذهبت لزيارته يوما, فوجدته جالسا عند باب الشقة من الداخل, حزينا وخائفا فسألته ماذا جري؟ فأخبرني أنه تبول لا اراديا علي مرتبة السرير وان شقيقتي قد نبهت عليه الا يفعلها مرة أخري, بكي بشدة وترجاني ان ارحل به من عندها, فأخذته وذهبت به الي اختي الاخري, فقد كنت رافضة أن يعيش معي في الشقة, فأنا أعيش منفردة, وكنت لا أريد أن أعيش لخدمته, وكنت أقول لنفسي في بعض الأوقات اتركيه يتبهدل عند ولاده ثم اذهبي به لحجرة الموت التي كان يعيش فيها.. أعرف انكم جميعا ستدعون بأن ينتقم الله مني, وقد قلتها بالفعل لنفسي!!
عندما دخلنا علي أختي باغتته بسؤال: انت لسه عايش, وكمان هتعيش معايا! تعلق الرجل في يدي, وبكي, واستحلفني الا أتركه, وأصطحبه معي, فأخبرته أنها أيام قليلة, ثم يعود إلي حجرته الأصلية, تركته سيدي, ولكن ظلت نظرة عينيه لا تفارقني دقيقة, وهو يتوسل لي ألا أتركه, فعدت بعد أسبوع لزيارته, فوجدته نائما علي كنبة ببلكونة المنزل, وعلمت أن شقيقتي كانت تكلفه بنظافة المنزل, ومسحه, وكأنه خادمة, حتي إن زجاج الشباك أصاب إصبعه, فلم تكلف نفسها عناء علاجه, وتركته ينزف ويعاني!!
أمسك بيدي ورجلي, وترجاني أن أعود به إلي حجرته, ووعدني أنه سيطلب من أولاد الحلال سداد ما أنفقناه عليه في علاجه, أخذته, وذهبت به إلي حجرته الصغيرة التي يسكن بها في مدينة طنطا, وأعطيت أموالا لشيخ المسجد لكي يقوم علي رعايته, ثم سافرت, وما إن نزلت في محطة القطار, إلا ووجدتني أعود مرة أخري, وأستقل القطار العائد إلي طنطا, وعندما دخلت عليه انهار في البكاء, وقال كنت أعلم أنك ستعودين, أنت فقط من أشعر بك, استلقيت في حضنه ـ لأول مرة ـ إنه أبي يأخذني في حضنه الدافيء, بكيت علي كتفيه, غمرت وجهه الدموع, ثم سألني: هل سامحتيني.. فرحت في صمت عميق, ولكنه ليس علامة عن الرضا!!
لم أستطع أن أتركه بعد كل ذلك, واصطحبته معي إلي شقتي, كنت أبحث عن رضا ربي, قبل أي شيء, علي الرغم من النار الدفينة التي كانت تسكن أحشائي مما فعله معنا.. عشنا معا فترة شعرت فيها ـ لأول مرة ـ بطعم أن يكون لك أب يربت علي كتفيك, يحنو عليك, كنت أدخل الشقة فأجده واقفا في الشباك ينتظرني, ويطمئن علي, كان يطلب مني أن آخذه إلي مقبرة والدتي, وعندما وقف أمامها, بدأ في قراءة القرآن, وبكي كثيرا, ثم طلب منها أن تسامحه, وأن تشفع له عند الله ليسامحه.
لا أنسي هذه الأوقات التي كان يساعدني فيها في لملمة أوراقي التي كنت أحضرها معي للعمل بالمنزل, ثم نبدأ في اللعب علي الكمبيوتر, لم أعد أحتمل البيت بدونه, فقد كان يذهب لزيارة حجرته, التي كان يسكن بها, فلم أتحمل هذه الساعات, وذهبت فورا لإحضاره, لا أخفي عليكم سيدي, أنه حتي النوم أصبح له طعم في وجوده, فكنت أستغرق في النوم, وأنا مطمئنة أن أبي معي في المنزل, يحرسني بدعواته التي لا تنقطع, ربنا يكفيك شر عباده يا بنتي!!
في هذه الأوقات قررت أن أذهب لقضاء العمرة, وعندما أخبرته, ضحك, وقال: أوعي تفقدي الذاكرة..وبكي, وقال لي, ومن سيزورني, ثم بدأ يوصيني بالدعاء, ووعدته بأن أصطحبه معي في المرة القادمة, سافرت بعد أن أعطيته تليفونا محمولا لكي أطمئن عليه, وبعدها علمت أنه مرض, ولم يجد أحدا يدخله المستشفي, وبعد أن قضيت عمرة رمضان, عدت, وأخذته إلي المستشفي, كان يعاني في هذه المرة, يبتسم كثيرا, ويبكي أكثر, ويشرد بناظريه أكثر وأكثر.. وكان يردد دائما: تري يا ربي هل خففت عذابك عني, تري هل تقبلت دعوتي؟.. هدأته, وقلت له: ارحم نفسك, ولأول مرة نبض قلبي بالدعاء له, أن يشفيه, تركته في اليوم التالي, وذهبت لعملي, وعدت مسرعة بعد أن اتصلت بي الممرضة, لتخبرني أنه في غيبوبة, فاقتحمت حجرة الرعاية المركزة, ورميت نفسي فوق صدره, وبكيت, كما لم أبك من قبل, وصرخت بأعلي صوتي.. يارب, دعه يشعر بي, ولو لحظة واحدة, لكي أقول له: سامحني.. سامحني علي كل لحظة عاملتك فيها بجفاء, فقد كان كل ذلك رغما عني.. جلست عند قدميه, وقبلتهما, ثم قبلت رأسه, واستحلفته ألا يتركني, وطلبت منه
أن يغفر لي, ثم ذهبت لأصلي, وما هي إلا لحظات, وحضرت الممرضة, لتقول لي: البقاء لله!...
رحل أبي, ورحت أنا في غيبوبة, وعلمت بعد أن أفقت أن أعمامي رفضوا دفنه في مقابرهم, فدفنه خالي في مقابر العائلة, بجوار أمي, التي رفض ـ سابقا ـ استلام جثتها, وياللقدر ياسيدي, فربما تكون قد سامحته هي الأخري!
الآن سيدي لم أعد أجد من ينتظرني بالمنزل, لم يعد هناك من يدعو لي, أصبحت أعيش في وحشة الوحدة, ويبدو أن انتقام الله قد بدأ معنا.. نعم سيدي لقد بدأ انتقام الله معي, وأخواتي, فقد مرضت بهوس نفسي, كنت أقطع هدومي, وأجري في الشارع, وأصرخ, وأبكي.. أضحك, وأرقص, ثم أعود لأصرخ: أبويا مات.. ياناس, أبويا مات!!
أما شقيقاتي, فسوف أقول لك ماحدث لواحدة منهن فقط, وهي التي كانت تطعم أبي العيش الناشف فقد أصابها مرض البهاق في جسدها كله, ولم يتحملها أحد, حتي أولادها, وزوجها, وطلبوا مني أن آخذها لتعيش معي!!
سيدي.. قل ما شئت لنا, فنحن في انتظار كلماتك, أيقظ ضمائرنا, ولكن قبل ذلك كله مازال لدي سؤال أبحث له عن إجابة: هل سامحني أبي؟!
رد الاستاذ خيري رمضان :
سيدتي.. نعم أتذكرك جيدا, فمثل تلك القصة لا يمكن أن تمحي من الذاكرة! هل تصدقيني لو قلت لك أني أحكي تلك القصة حتي الآن لكثير ممن ألتقي بهم, كما يسألني كثير من الأصدقاء والقراء عن حالة الأب أو بماذا انتهت حكايتكم, وها أنت جئت بعد سنوات لتضعي كلمة النهاية, ولكن هل انتهت قصتكم أم بدأت؟
سبق وحذرتكم ـ ياعزيزتي ـ من أن المنتقم يرتكب نفس خطيئة المنتقم منه, وأن والدكم عندما عاد لم يكن هو هذا الوحش القديم الذي عذبكم وأهان والدتكم, بل هو انسان عائد بفطرته الأولي, بخيره ومحبته وسلامه.. نعم نحن بشر ولسنا ملائكة, قد نجنح إلي الانتقام, ولكن الله سبحانه وتعالي وضع ضوابطه لكبح جماح النفس وتهذيبها, فطالبنا بالعفو عند المقدرة, ووعد الصابرين والعافين عن الناس بجنات وخير كثير, ونهانا عن معصية الوالدين وأمرنا بطاعتهما وألا نقول لهما أف ولا ننهرهما ونصاحبهما في الدنيا معروفا حتي لو كان جهادهما للإشراك به سبحانه وتعالي.
من عاد إليكن ياسيدتي ليس والدكن قاسي القلب, متجرد المشاعر, الأناني المتغطرس.. من عاد هو رجل مسن بائس, قادكن العلي القدير إليه لترين انتقامه وليكن درسا لكن تتعلمن منه وتوقن بأنه سبحانه وتعالي يمهل ولا يهمل.. وبدلا من تأمل قدرة الله وفهم رسالته العظيمة, تحرك الوحش في داخلكن, واستمتعتن بالشر, ووجدتن لذة مرضية في إيذاء رجل عاجز فاقد للذاكرة, ليس فيه من والدكن إلا الجسد فبالغتن في إهانته وإذلاله, وهو التائب النادم علي أشياء لا يذكرها بل ينكرها علي أي أب, يخجل منها ويلتمس لكن العذر في الإساءة إليه.
سيدتي.. إنها النفس الأمارة بالسوء, التي أخرجت الوحش الكامن فيكن حتي أشقائه, خشوا علي ما ورثوه عنه, وتجاهلوا أنه حي يرزق, وأن ماامتلكوه هو مال حرام سيحرق حتما قلوبهم وأولادهم, ولو كنت منهم الآن لتصدقت بكل ما ورثوه علي روحه, فعليهم أن يسارعوا بتوبة إلي ربهم لعله سبحانه وتعالي يغفر لهم ويتقبل منهم.
سيدتي.. الحمد لله أن ضميرك قد استيقظ قبل رحيل والدك, فجعلك تستمتعين بوجوده معك, لذا هوني علي نفسك, اطلبي المغفرة والتوبة, صلي من أجله, تصدقي وادعي له بالرحمة, وثقي في مغفرة الله فأبواب التوبة مشرعة للتائبين, وما يطمئنك أنه مات وهو راض عنك, محبا لك, ملتمسا كل الأعذار لما فعلته معه من تصرفات لا تليق بأبنة تجاه والدها في مثل هذه الظروف.
الأزمة الحقيقية ـ ياعزيزتي ـ في شقيقتيك وقلبيهما المتحجرين, فقد نقلت لنا ما لحق باحداهما من انتقام إلهي, ولم تذكري إذا كانت أفاقت من غفلتها واستقبلت الرسالة الإلهية, أم مازال قلبها غلفا ؟.. لعلها تلحق بنفسها وتستغفر الله وتتوب إليه وكذلك شقيقتك الأخري, فانتقام الله قادم لا محالة ومن يقتل الوحش بداخله فقد نجا, أما من يستسلم له, فلن يجني إلا عذابا في الدنيا والآخرة, وإلي لقاء بإذن الله.
الاستشاري- المدير العام
- عدد المساهمات : 2664
تاريخ التسجيل : 21/03/2008
السٌّمعَة : 111
رد: والدي متسلط
تعليق الدكتور محمد سردار:
القصة برمتها محزنة , إلى حد الغرق في الألم .ومن المؤسف أن توجد نماذج من هذا النوع سواء من نوع الأب أو من نوع الأبناء الذين هم في نظري اردأ وأسوأ بكثير من أبيهم , وهنا لا تصح مقولة فاقد الشيء لا يعطيه , ومقولة من شابه أباه ما ظلم , وإن قيلت بهذا الشكل تكون صحيحة من شابه اباه ما ظلم إلا نفسه ونفسه فقط
رد الأستاذ رمضان رائع , ولكني اريد أن أسأل الأبناء , كيف تعلمتم وكيف صرتم , حسناً عانيتم الكثير والكثير , ورؤوية أمكم تذوب في الجحيم أمامكم أمر صعب للغاية وهذا يجعل القلوب تذوب وتفيض حناناً للأيام القادمة .حين علمتم أن والكم توفي ومات , كيف تجرأتم ومددتم يديكم لهذه الثروة وتقاسمتموها بكل بساطة , وأكملتم حياتكم , هذا يعني أن الخير الذي حرمتم منه عاد إليكم , وتعيشون اليوم بخير , أعتقد أن هذا الذي ترك لكم كل هذا المال وبغض النظر عن قسوته حين كان حياً يستحق وعلى الأقل وبأضعف الإيمان أن لا يشتم إن لم تخرج منكم كلمة رحمه الله , لا تنسوا أنكم تنتمون إليه ورغد حياتكم اليوم منه , هذا إن كان لديكم ذرة خير , أم لعلكم ورثتم كل قسوة الوالد وفوقها عدم الرحم , ولم ترثوا شيئاً من والدتكم , أم ماذا؟؟؟؟
يجب أن تخبرونا كيف قست قلوبكم إلى درجة الأحجار الصلبة بيد إنسان لم ينبض به يوماً نبضة واحدة بحب ولو مرة .أن يعتذر الوالد أمر كبير , فقد كان بإمكانه العودة والمطالبة بماله ويستعيده ولكنه عرف أنه أخطأ ولا يريد أن يراكم لأنه يخجل منكم , تخيلوا كم صعب هذا التحول الكامل من اقصى قطب لأخر , كان يستحق منكم الرأفة من أجل روح أمكم , لن أقول لكم أن تحبوه ولكن أن يظهر هذا الحقد عليه بعد كل ما حصل أمر يبعدكم عن الإنسانية , ويقربكم من مصير ستلاقونه حتماً في حياتكم ومن أولادكم . تذكروا كم ستعانون ولكن فات الآوان , ولن ينفع الندم . أم تلك التي تسأل هل سامحني والدي , والتي تعيش لوحدها وترددن كثيراً ولم تفعل ما يغير الواقع المر إلى الأفضل إلا من خلال لحظات أخيرة , فلعل بها ذرة من الرحمة ورثتها من أمها , وها هي تعترف بما يحصل لها نتيجة لتصرفها هذا ولكنها أفضل , من جهة سامحكم فقد سامحكم جميعاً , ودعوني أقول لكم كلمة إن كان ابيكم كما تصفوه وبهذه القسوة فلتعلموا أنه لم ولن يكن هناك شخص يحبكم , فحب الأبوين أكثر من أي مخلوقات أخرى , والآن فقدتم حتى هذا الحب القليل الممزوج بقسوته السابقة , وإن عودته لكم لن تعوض ما فات ولكن لو قابلتموه بحب , لكان العذاب له أكبر من أي إنتقام .سامحنا الله جميعاً كم تقسوا القلوب أحياناً إلى درجة نتمنى أن لا نسمع بها .
SIRDAR M.K.
القصة برمتها محزنة , إلى حد الغرق في الألم .ومن المؤسف أن توجد نماذج من هذا النوع سواء من نوع الأب أو من نوع الأبناء الذين هم في نظري اردأ وأسوأ بكثير من أبيهم , وهنا لا تصح مقولة فاقد الشيء لا يعطيه , ومقولة من شابه أباه ما ظلم , وإن قيلت بهذا الشكل تكون صحيحة من شابه اباه ما ظلم إلا نفسه ونفسه فقط
رد الأستاذ رمضان رائع , ولكني اريد أن أسأل الأبناء , كيف تعلمتم وكيف صرتم , حسناً عانيتم الكثير والكثير , ورؤوية أمكم تذوب في الجحيم أمامكم أمر صعب للغاية وهذا يجعل القلوب تذوب وتفيض حناناً للأيام القادمة .حين علمتم أن والكم توفي ومات , كيف تجرأتم ومددتم يديكم لهذه الثروة وتقاسمتموها بكل بساطة , وأكملتم حياتكم , هذا يعني أن الخير الذي حرمتم منه عاد إليكم , وتعيشون اليوم بخير , أعتقد أن هذا الذي ترك لكم كل هذا المال وبغض النظر عن قسوته حين كان حياً يستحق وعلى الأقل وبأضعف الإيمان أن لا يشتم إن لم تخرج منكم كلمة رحمه الله , لا تنسوا أنكم تنتمون إليه ورغد حياتكم اليوم منه , هذا إن كان لديكم ذرة خير , أم لعلكم ورثتم كل قسوة الوالد وفوقها عدم الرحم , ولم ترثوا شيئاً من والدتكم , أم ماذا؟؟؟؟
يجب أن تخبرونا كيف قست قلوبكم إلى درجة الأحجار الصلبة بيد إنسان لم ينبض به يوماً نبضة واحدة بحب ولو مرة .أن يعتذر الوالد أمر كبير , فقد كان بإمكانه العودة والمطالبة بماله ويستعيده ولكنه عرف أنه أخطأ ولا يريد أن يراكم لأنه يخجل منكم , تخيلوا كم صعب هذا التحول الكامل من اقصى قطب لأخر , كان يستحق منكم الرأفة من أجل روح أمكم , لن أقول لكم أن تحبوه ولكن أن يظهر هذا الحقد عليه بعد كل ما حصل أمر يبعدكم عن الإنسانية , ويقربكم من مصير ستلاقونه حتماً في حياتكم ومن أولادكم . تذكروا كم ستعانون ولكن فات الآوان , ولن ينفع الندم . أم تلك التي تسأل هل سامحني والدي , والتي تعيش لوحدها وترددن كثيراً ولم تفعل ما يغير الواقع المر إلى الأفضل إلا من خلال لحظات أخيرة , فلعل بها ذرة من الرحمة ورثتها من أمها , وها هي تعترف بما يحصل لها نتيجة لتصرفها هذا ولكنها أفضل , من جهة سامحكم فقد سامحكم جميعاً , ودعوني أقول لكم كلمة إن كان ابيكم كما تصفوه وبهذه القسوة فلتعلموا أنه لم ولن يكن هناك شخص يحبكم , فحب الأبوين أكثر من أي مخلوقات أخرى , والآن فقدتم حتى هذا الحب القليل الممزوج بقسوته السابقة , وإن عودته لكم لن تعوض ما فات ولكن لو قابلتموه بحب , لكان العذاب له أكبر من أي إنتقام .سامحنا الله جميعاً كم تقسوا القلوب أحياناً إلى درجة نتمنى أن لا نسمع بها .
SIRDAR M.K.
الاستشاري- المدير العام
- عدد المساهمات : 2664
تاريخ التسجيل : 21/03/2008
السٌّمعَة : 111
مواضيع مماثلة
» زوج متسلط.. زائغ العينين.. حاد الطبع.. زوجة متطلعة.. متمردة..
» اريد مشورتكم بعد استخارتي لربي !!
» لو كان والدي استاذي
» والدي أم زوجتي ؟
» لقد عقَّنِي .....والدي
» اريد مشورتكم بعد استخارتي لربي !!
» لو كان والدي استاذي
» والدي أم زوجتي ؟
» لقد عقَّنِي .....والدي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت ديسمبر 16, 2023 6:53 pm من طرف Admin
» الناجحون
السبت ديسمبر 16, 2023 6:51 pm من طرف Admin
» فَوَيلٌ ثُمَّ وَيْلٌ ثُمَّ وَيْلٌ - لِقَاضِي الأرْضِ مِنْ قَاضِي السَّ
السبت أغسطس 19, 2023 4:41 am من طرف Admin
» لا شيء ينبت هنا بدون جذور
السبت أغسطس 19, 2023 4:40 am من طرف Admin
» يحكى أن
السبت أغسطس 19, 2023 4:34 am من طرف Admin
» المفتاح السحري الأساسي للإمساك بخيوط الحل لأية مشكلة
الأربعاء أغسطس 02, 2023 2:43 am من طرف Admin
» شارك الفيديو لطفا
الخميس نوفمبر 03, 2022 6:11 pm من طرف Admin
» ( ١.٩$ ) بليون دولار .. وتزوجت سائقه ...
الخميس أغسطس 11, 2022 1:20 pm من طرف Admin
» مشكلة وحل (1) الخجل
الجمعة أغسطس 05, 2022 4:56 am من طرف Admin
» لحل اية مشكلة / اساسيات
الجمعة أغسطس 05, 2022 3:25 am من طرف Admin
» زوجات وأزواج يعترفون: هذا أطرف مقلب حصل معنا!
الجمعة أغسطس 05, 2022 3:19 am من طرف Admin
» إنهم أغلى ما في الحياة ، وليسوا بحجارة
الجمعة أغسطس 05, 2022 3:15 am من طرف Admin
» الحكي بيناتنا
الأحد يوليو 31, 2022 3:56 pm من طرف Admin
» كيف نتعرف على الشخصية الصعبة
الأحد يوليو 31, 2022 3:06 pm من طرف Admin
» ليس مهماً أن تدخل الحمير الجامعة، المهم هو ألا تخرج منها بشهادة جامعي
الثلاثاء فبراير 09, 2021 3:35 am من طرف Admin