العبها صح...كي تعيش صح

المتأمل في دوائر الحياة سيجد نفسه لا يستطيع الخروج منها إلى المجهول أو إلى الغير معلوم لأن لها أطر لا نستطيع تجاوزها , ونظرت لها من هنا بأنها أربعة دوائر نحن نعيش في وسطها ولا نستطيع الخروج منها ولا الحيد عنها إلا للدائرة الأوسع ومن هنا جاءت دوائر الحياة لتعرفنا بالحياة أكثر ونعلم حدود كل دائرة وكيف يجب أن لانخرج عنها ولا نبتعد عن الحد الصحيح وإن خرجنا عن الحد الصحيح راجعنا هذه الحدود وعدنا أدراجنا لنهيش في حدودها الصحيحة ونعلم كيف نستمتع بها .

وهي أربعة دوائر يجب علينا أن نراجع أنفسنا داخلها ونعرف نحن أين نعيش وماذا اخترنا لأنفسنا منها وهي:
1- دائرة الحياة .
2- دائرة الاعتقاد .
3- دائرة العادات والتقاليد المجتمعية .
4- دائرة الأهل والأصدقاء وأصحاب الشأن.


ونحن نعيش في وسط هذه الأربع شئنا أم أبينا بل ونطبقها في حياتنا دون أن نعلم ودون النظر إليها بعين الاعتبار وذلك لأننا اعتدنا العيش دون الوعي لها فدعوني أفصل هذه الدوائر وأوضحها حسب منظوري الشخصي لها :

الدائرة الأولى : دائرة الحياة /
وفي هذه الدائرة تعيش جميع المخلوقات وكل الكون في وسطها وبخاصة المخلوق البشري الذي جاء لعمارتها وعبادة خالقها سبحانه وتعلى فكانت الأديان جميعها تدعوا لتوحيد الله عز وجل ومعرفة هذه الحياة وموجدها كيف لا وهو سبحانه أوجدها من العدم ولكن الإنسان يستكبر ليس من قلبه بل من عقله أما القلب والعقل فهما يقران بوجود موجد لهذا الكون وليس معنى ذلك أن العقل لا يستطيع استيعاب ذلك لا بل هو يستكبر أحيانا وخلق لاستيعاب ذلك والعمل بما جاء به فالعقل منساق للفطرة كثيرا ولا يخالفها ومن يخالف ذلك فهو مستكبر أومتبع للهوى والشيطان .

الدائرة الثانية : دائرة الاعتقاد /
وفي هذه الدائرة يجب أن يعيش كل من فهم دائرة الحياة وما لها وما عليها وأدركها إدراكا صحيحا وسيعيش كل من يطمأن قلبه للحق ويعلمه ويدعوا إليه نعم في هذه الدائرة وجدنا وأيقنا أنها هي الحياة الصحيحة التي وجدنا لأجلها ومن أجلها نموت هنا منتهى العقل والحكمة ومنتهى الفطرة الجبلية التي ولدنا بها , وهنا يجب على كل فرد ممن ينتمي لها و يعيش داخلها أن يقر بما فيها ويدعوا لها وأن ينكر كل ما يخالفها .

الدائرة الثالثة : العادات والتقاليد المجتمعية /
الدائرة الثانية عندما تأتي لا تنكر هذه العادات والتقاليد المجتمعية بل تكملها وتصححها وتقومها وتزيدها جمالا على مافيها وفهمها يستوجب علينا أن نعرف الدائرة الثانية لنعلم هل هذه العادات والتقاليد لا تخرج عنها أم أنها تبقى فيها فإن بقيت داخلها فهذا أمر جميل ولا نختلف عليه .. وإن خرجت منها فإنها تخرج إلى دائرة المجهول أو ( دائرة الحياة ) وكلما زاد التيه زاد الابتعاد عن الدائرة الثانية لذلك نشعر بالتيه ونحتاج إلى تصحيح المسار والعودة أو الاقتراب أكثر للدائرة الثانية .. وقد يكون المقياس الصحيح لهذه الدائرة ( دائرة العادات والتقاليد ) إن لم يتخالف ولم يتوافق مع الدائرة الثانية هو العرف المجتمعي أو التقليدي فإن تخالف مع الدائرة الثانية أيقنا بأنه في الدائرة الأولى التي يجب علينا الحذر منها .

الدائرة الرابعة : الأهل والأصدقاء وأصحاب الشأن /
الجميل في هذه الدائرة أننا أغلب ما نعيش فيها بحريتنا الشخصية وطبيعتنا الجميلة والعفوية ونستطيع فيها ممارسة جميع أمورنا الحياتية دون التحسس منها كثيرا ومع ذلك فإن التقدير في التعامل فيها يزيد وقد يضيق أحيانا ولا ننكر ذلك أبدا ففيها يزيد تحسبك لما يحبه الأهل والأصدقاء وما يكرهونه فنراعي مشاعرهم وأحاسيسهم ومتطلباتهم فنحب ما يحبون ونكره ما يكرهون وذلك لأننا نعتبرهم جزاء منا لا نستغني عنهم ولا نخرج من أطرهم بل ونقدم لهم فوق حاجتهم للوصول إلى رضاهم وبغيتهم فليس كل ما نحبه نحن يجب أن يحبوه ولا كل ما نكره يكرهون بل وأحيانا نخفي بعض معالم الدائرة الثانية أمامهم وذلك لمكانتهم وقربهم منا وذلك حتى تحين الفرصة المناسبة لإظهارها بالتدرج والحكمة والموعظة الحسنة وأخص بالذكر الوالدين والأقربين وأصحاب السيادة والسلطة .

ومن هنا جاءت هذه الدوائر الأربع لتكمل لنا الحياة ونفهم مافيها ومحتواها فلا نخرج عن أطرها ومتطلباتها ولنتعرف أن في هذه الدوائر حياتنا التي نستأنس بها ونسعد لوجودنا داخلها وسنسأل عنها حتما .