إذا أردت العسل .. فلا تحطم خلية النحل

إذا أردت العسل .. فلا تحطم خلية النحل
أشكر لك هذه الهدية , أخي جمال
لا أعرف ولا استطيع , أن أصف ماذا فعلت بي هذه العبارة , حملتني , وحلقت وطبعاً ليس لي جناحين ولكنني حلقت .
حملتني , وإرتفعت بي إلى درجة لم أعد أستطيع التنفس وحينها تركتني فهويت بنشوة وشعور , بعيد عن الخوف , وأدري أنني صدمت الأرض , ولكني لم أشعر بالم , ولم أسمع تكسر عظامي . ولكني بقيت بلا حراك , وفاقد لمقدرة الحركة , وأرى الناس يمشون وأريد أن أتجنب أقدامهم خوفاً من أن يدوسوني ولكن كانوا يتجاوزوني وكأنني أصبحت أثيرياً كما الهواء , ولهذا لم يرونني , ولهذا لم يصطدموا بي .
كنت في حالة روحية , وأحاسيس رقيقة , تناقض يشبه الموت , ولكنه ليس هو . تلك العبارة أعادت كل ما أعرفه عن حياة كائنات الأرض وما لا اعرفه , ومرت تلك المعرفة بمعاناة الناس وكل المخلوقات التي عاشت , ثم مرت صور عاصرتها خلال حياتي ولكن لسرعتها لم تشكل شيء يذكر أمام ملايين السنين , رغم أن ما يعاصره المرء يكون مثل لمعة البرق , أما هذه فكانت جميعها كلمع البرق . ولكني احسستها . إذا أردت العسل .. فلا تحطم خلية النحل كيف إختصرت الكثير لتخبرني تاريخ ما عشته وتمنحني أحاسيس كل المخلوقات .
حقاً نريد ونريد ونريد , ونحصل على ما نريد , وفي معظم الحالات عندما نشبع , أو نعتقد أننا إرتوينا من ذاك النبع , نلقي فيه الأحجار لسده , وذلك كي لا يأخذ منه أحد بعدنا ونبقى منفردين بما أخذناه وحدنا .
ما هذا المنطق الغريب , بعد أن نرتوي نلقي السم بالنبع , كي لا يشرب منه أحد . ما هذا التفكير المتدني إلى حد لا يدخل في رأس عاقل . ولكننا نفعله على سبيل التفرد , حتى الأنانية والغباء نريدهما متفردين خاصتنا فقط .
أهذا قريب من الجملة الأصلية .
من لا يحب السعادة , ويتمناها ؟
سيكون الجواب نعم جميعنا نحب السعادة , ولكن لن يصرح أحد بانه على إستعداد لسرقتها من جيبه الأيمن ليضعها في جيبه الأيسر , ناسياً أنه يرتدي هو نفسه الرداء بجيبين .
يكثر من يتحدث عن السعادة وكل يعرفها بما ينقصه هو , دون النظر لتعريف غيره . وعندما يحين التحدث باسلوب يمنحه خصوصية , يقول السعادة هي بمشاركة الجميع في كل مافي الحياة , وعندما تنتهي العمومية , يعود لجمع ما يراه يحقق سعادته ويأخذها من اي كائن , ثم يمل المصدر فيطمره كي لا يكون لدى أحد آخر أشياء تشبه التي صارت بحوزته . غريب طبع الإنسان !!!
يبقى تلك الفئة التي تمنح , وتأخذ أقل مما تمنح , تراها دائماً مبتسمة , دائماً تشع فرحاً ومرحاً , حتى في حزنها تراها جميلة , هذه الفئة , يأخذون منها ثم حين يملون منها يحاولون طمرها تسميمها , ولكن لا يستطيعون !!!!!
هذه الفئة تمنح , وتمنح لكل من يطلب أو لا يطلب , فبمجرد إحساسها بأن ثمة من يحتاجها , يحتاج عطاءها تسرع إليه , وبذلك تمنح ولا تسمح لأحد بإمتلاكها , قد يسيطرون عليها زمنا طويلاً طمعاً في إمتصاصها أكبر قدر ممكن , ولكنهم ينسون أن الإمتصاص يجعل حجمها أصغر , فتتمكن من الخروج من قضبان الحبس , متسربة من بين قبضة أصبعهم لتصل إلى آخرين , حيث تعود غزارة ما لديها أثناء طريق الفرار .
لو لم تملك هذه الخاصية , لما بقي نحل يصنع العسل .
ألن يأتي يوماً يتوقف فيه الناس عن تحطيم الخلايا بعدما يسرقون العسل , ليمنحوها فرصة تنمو فيها وتتكاثر بدل أن يقتلوها بحب الإمتلاك , القاتل .
النحل يدافع عن خليته بحب و ولكنه لا يتوقف عن صنع العسل فهو يعرف أن هناك فائض لن يمنعه عمن يحتاجه ولكن , أن يؤخذ العسل , وبدل الشكر تحطم الخلية , لا .....
كلما لدغت نحلة يد يمتد لعسلها , تموت أتعرف ايها السارق أنها تدفع حياتها لتأتي أنت من أجل قطرة , وتحطم لها خليتها .
توقف ايها العاقل أو المفترض به العقلانية , خذ , وإترك لغيرك البعض , ولا تحطم الخلية , لأنك مهما أخذت ستفذ الكمية منك , يوماً ما وستعود لترى حطام ما فعلته يداك وتبقى محروماً , من العسل .
ماذا تتوقع ؟
صحيح أنهم أن النحلات لن يتوقفن عن صنع العسل , ولكن كيف والخلية محطمة .