أحب زوجتي .. لكنها تحب عملها أكثر

أحب زوجتي .. لكنها تحب عملها أكثر



السلام عليكم ورحمة الله وأشهد الله أنى أحترمكم وأرائكم جميعاً لما فيها من الخير ... ولأنني لا أريد أن أطيل عليكم مشكلتي تكمن في أنى رجل والحمد لله بمعنى الكلمة تزوجت من عام رغم أنى كنت مضرب لظروفي الاجتماعية ، فأنا ولد وحيد لثلاث بنات كبار، توفى أبى وتركهم لي وتحملت المسئولية واشتغلت واجتهدت ودرست حتى انتهيت من دراسة الهندسة والحمد لله ، فقررت بعد إلحاح من أسرتي أن أتزوج لكي أفرحهم فعزمت وتوكلت على الله .

واخترت العروس بنفسي وكنت قد أحببتها لدرجة كبيرة وأحبتني أيضاً ، فهي علي خلق ومحترمة وأنا أكن لها كل الاحترام ولكن حتى الآن لا توجد مشكلة والمشكلة أنى لا أريد من زوجتي أن تعمل وهى تريد أن تعمل أنا والحمد لله مادياً مش محتاج والحمد لله ما معي يكفيني وأسرتي الصغيرة فأنا أرى ما نمر به من أزمات وزحمة في المواصلات وإرهاق للمرأة وتحرشات وأيضاً هناك جانب إيجابي لا أغفله ولكن الأولى أن تربى ولدها الذي رزقها الله به ، والحمد لله فأنا بعد ما تعبت سنين طويلة أود أن ارتاح كثيراً فلا أحب أن أرجع أجد زوجتي منهكة من التعب والعمل وولدي اتركه لغيري يربيه أسف للإطالة وأرجو الرد.

م- ا/ القاهرة

أخي الفاضل أهلاً بك ، أشكرك وأرجو أن نظل عند حسن ظنك وحسن ظن الجميع إن شاء الله ،إ، موضوع عمل المرأة لا زال رغم مرور كل هذه السنوات يمثل إشكالية كبري ويصبح مثاراً للجدل الذي قد يضيع الوقت والعمر ويثير المشاكل ويعكر صفو الحياة ، ولذلك أتساءل كثيراً لماذا نضيع أوقات الصفاء القليلة في حياتنا ونحن مهمومين بأمور سهلة وبسيطة ، أنت تحب زوجتك وهي تحبك ،ألا يكفي هذا لخلق منطقة وسط تلتقون فيها وتلتقي أفكاركما معاً وتتفقان علي نقطة الخلاف ، إن مشكلة عمل زوجتك ليس حلها أن لديك ما يكفي من الدخل .

فقد يكون ذلك مرضي للقليل من الزوجات اللاتي يفضلن حياة الراحة والرفاهية إلا أنه علي جانب آخر غير مرض لقطاع كبير من سيدات اعتدن المشاركة في الحياة العامة وخلق شخصية قوية مستقلة لهن والمساهمة بقدر كبير من دخلهن لمساعدة الزوج ى حتى لو كابدن في سبيل ذلك المشاق والمصاعب ، لأن إحساسهن بالسعادة أكبر مما يلاقينه من مصاعب ، وأنت حين تطلب من زوجتك القعود عن العمل ، فأنت هنا تظلمها لأنك بهذا المنطق تختصر أزمنة مرت لتحصل المرأة علي حقها في العمل ، لأن العمل بالنسبة للمرأة لم يعد مجرد واجهة حضارية ولا جزء تكميلي في حياتها تستغني عنه طالما تزوجت ووجدت من ينفق عليها ، عمل المرأة أخي الفاضل هو الآن جزء لا يتجزأ من شخصية المرأة ، وهو التطور الطبيعي لما حققته المرأة من إنجازات في مجالات الحياة المختلفة وأولها التعليم ، أعرف أن بعض المعارضين سيؤكدون أن عمل المرأة هو زيادة عبء عليها وعلي الأسرة وجناية علي الأطفال وغير ذلك من منغصات ، لكن كل ذلك لا يقلل من أهمية عمل المرأة علي الأقل بالنسبة لأطفالها و لك أنت أيضاً ، لأن رجال هذا الزمان لم يعودوا في حاجة إلي مجرد جارية تكون في انتظارهم وقت عودتهم .

لكنهم في حاجة الآن إلي شريكة تساندهم وتؤازرهم وتأخذ بيدهم وقت الشدائد وتعينهم علي احتمال صعوبات الحياة ، وتشاركهم الرأي والمشورة ولا تكون مجرد مربية للأولاد وآلة للإنجاب وجارية لإسعاده في الليل ، لكنها كيان مستقل له احترامه وتقديره ، والحياة الزوجية الآن تعتمد علي مساعدة ومساندة وشراكة بين الطرفين ، ومن الأنانية أن تفكر في نفسك وفيما تحتاجه أنت ولا تفكر فيما تحبه زوجتك وترغب به ، رغم أن إسعادها هو إسعاد لك ولكل أسرتك .

أنت تحب زوجتك كما تقول والمحب أخي الفاضل معطاء عطوف ، والحب ليس أنانية مفرطة لكنه عطاء متصل ومتواصل ، وأنت ستكون سعيداً حين تتخلي عن أنانيتك وتترك لزوجتك شيئاً تحبه وترغب به وتحقق فيه ذاتها وطموحاتها ، طالما لم يتعارض كل ذلك مع واجباتها تجاه زوجها وبيتها وطفلها ، لكن كل ذلك لن يتم دون مساعدتك لها ، لأنني من وجهة نظري أري أن عمل المرأة مهما كانت مساوئه ، فيه مكاسب كثيرة للزوج والأبناء فبخلاف تحسين الدخل المادي للأسرة ، فالعمل يكسب المرأة شخصية قوية لديها القدرة علي تسيير دفة الأمور دون الاعتماد علي الزوج في كل صغيرة وكبيرة بشكل اتكالي فج لم يعد مناسباً لإيقاع الحياة الآن وسرعتها ، وما تتطلبه من مهارات يجب أن تتحلي بها الزوجة و يجد الزوج حينها أنه يستند إلي زوجة واعية مثقفة يمكن الاعتماد عليها .

ونصيحتي لك أخي الفاضل في النهاية هي ألا تجبر زوجتك علي شيء ، بل دعها تخوض غمار التجربة بمساعدتك وتشجيعك ، ولا تشعرها بأنك تفرض عليها شيئاً ، لأنها قد تكون لديها الرغبة في العمل لأنها تشعر بأنك تفرض عليها شيئاً مختلف ، فترفض الاستسلام والخضوع ، لذا دعها تنفذ رغبتك دون أن تطلب منها ذلك ، لأنها لو فكرت في القعود عن العمل فسيكون ذلك برغبتها وإرادتها دون أن تشعر أنك فرضت عليها شيئاً قد يجعلها تضيق وتتذمر ، أما بالنسبة لطفلك فهي أمه وستكون احرص عليه منك وحين تجد أن عملها يتعارض وواجبها نحو طفلها وقتها ستقرر هي التفرغ له ورعايته
موقع محيط
عواطف عبد الحميد