عندما يكون الهواء إعصاراً

عندما يكون الهواء إعصاراً
قالت له :
من فضلك توقف عن إصدار الأعاصير , تكاد تنتزع جذوري المتشبثة بك , كن نسائم رقيقة تجعل شعري يرتاح على كتفيك , لتسمع همسي حين اقول لك أحبك .
قال لها : لست إعصاراً ولكنك تريدين أن تشعري وتشعريني بأنني إعصار . ألم تعرفي بعد أنني نسائم آتية من الغرب تداعب الجفون النوم , واقف في الجهة الغربية دائماً !!!
قالت : ولكن يا رفيق العمر , كيف لي أن أعرف اين تقف , وأنت لم تخبرني , عن موقعك , ولم أعرف علم الفلك سابقاً , أخبرني , فلقد تجرح وجهي بفعل الريح والرمال , وأبقيت جهة من وجهي سليمة أخفيتها حتى اليوم عن أعاصيرك , قل اين أنت لأعرف كيف اريك جمال بعض ما إحتفظت به سليماً , أعطني مكانك , وساقف في الزاوية المناسبة , أنت من إختارني , وعرف وقتها كل الزوايا الجميلة .
قال :أغلقي تلك النافذة , التي تعتقدين أنها تمنحك الضوء , وتدخل تلك الريح التي تحسبينها أنا , فيا حبيبتي في الحب لا توجد إتجاهات , لأنه وحده كل الإتجاهات , والقلب يصبح مركز الكون .
قالت : أما كان لك أن تغلق الجدار كله , وتسد كل تلك الفتحات , وكما تعلم تغلق النافذة ويبقى الزجاج حاجزاً ولكنه يريك ما في الخارج .
قال: ولكن إن لم تنظري بعينيك إلى ما وراء الزجاج , فلن يكون هناك من خوف لترتعبي , وقد حَرصت على أن تبقى النافذة لتنير ظلمة المساحة عندك .
قالت : سكنت الرمال على زجاج النافذة , ولم تعد تسمح للنور بالدخول , وأخاف العتمة كما تعرف !!! حاولت أن أمسحها ولكن لم أتجرأ على الخروج لأزيل الرمال المتراكمة .
قال :ولكن فعلنا هذا كثيراً معاً , فما الذي تغير ؟؟؟
قالت :لا أعرف كيف أخبرك , سمعت صدى همسات في أذني , تخبرني أنني إن كسرت الزجاج , بحجر صغير سوف تهرع لتصلحه , وعندها سيكون الزجاج الجديد نظيفاً , هذا ما فعلته وكنت أخاف على أن يصيب يداي تقرحات من فعل التنظيف ؟؟؟
أعجبني ذلك , ألن تأتي وتصلح النافذة فالريح قوية والإعصار منك يقتل ما تبقى من جذوري المتشبثة بك والإنتظار ممل ؟؟؟؟؟
قال : ومن سيزيل أكوام الرمال التي دخلت إلى الأعماق . أكان من الصعب أن ننظف الزجاج وننتهي , ليبقى الضوء غامراً المكان . أستحلفك الله من اين جاءت تلك الهمسات لتخبرك بكسر النافذة ؟؟
قالت : هلا أتيت , لتصلح وتغير الزجاج , وتزيل أكوام التراب عن المكان . أنا بحاجة لمن يصلح ما كسرته يداي .
قال : أخبريني عن مكان وجودك وأين تقفين لأعرف كيف أتجه إليك , فلم أعد أعرف كيف أميز المكان بعد أن كسرت النافذة وجعلتي الخارج والداخل على نفس السوية , ملأت أكوام الرمال المكان وتساوى العمق مع السطح .
كنت أعرف التوجه إليك أينما كنت , ولم أكن عالم فلك سابقاً ولكن قلبي أهداني بوصلة لا تعرف إلا إتجاهك , وها قد ضاع الأثر الذي كان يوجه كل الحواس نحوك , فالرمال تتشابه وكلها تعمي العيون , وتمنع التنفس .
قالت : تعال لتأخذ بيدي , وتبقي على جذوري المتش............
توقفي , توقفي ارجوك , فمن كانت له جذور , متعمقة , لم يعرف الصحراء سابقاً و كيف خدعت نفسي طويلاً وصدقت الرمال وقصص أخرى ؟؟؟؟؟؟
هناك حيث يغسل المطر كل النوافذ , ويشع القلب لينير المكان , هناك تفتح النوافذ وتخجل الأعاصير عن زيارة المكان , خوفاً من إطفاء فتيل الشمعة .
أين ستعرضين ما تبقى من سلع لديك , لعابر سبيل يشتري دون أن يسدد , إنه عابر سبيل من همس لك وإستمعت إليه .

الله ما أعمق هذا الكلام ؟؟
لمن يعرف

ما
جرى
------------------------
قلبي أهداني بوصلة لا تعرف إلا إتجاهك , وها قد ضاع الأثر الذي كان يوجه كل الحواس نحوك , فالرمال تتشابه وكلها تعمي العيون , وتمنع التنفس .

شكراً لك سيدي على التشجيع الصادق
يشعرني بالحزن إختلاف مخلوقين في الحياة , وخاصة عندما يكون منبع الخلاف غبياً , ويصر صاحب البداية على أنه على حق والآخر يتحمل من أجل المبادىء السامية .
ينبغي يا صديقي أن يكون هناك ميزان يعيد للكفتين توازنهما ولكن , كيف ؟
لا وجود لهذا الميزان إلا يوم الحساب , ترى هل سيخفض المخطأ بصره إلى الأرض , حيث لا نفع للندم .

كلام جميل يطيب الخاطر وباقة ورد تنعش الفؤاد .....
ماذا يريد المرء أكثر من ذلك
ألا ما أحلى تقدير الأهل , لا يعادله أي تقدير آخر
أحس بالسعادة
الحمد لله .

شكراً لكل من شاركني وجدانية الخاطرة .
الغالية شيماء تعابيرك كانت في منتهى الروعة والدقة وهذا ما جعلني أكتب مباشرة , في كثير من الأحيان أستخدم تعبير المرآة لأنها فعلاً تعكس ما تراه وما يصدر وهو الذي أريده منها , ما يصدر , وأصعب ما في الحياة أن يتصرف المرء وينتظر عودة تصرفاته بشكل أو بأخر , وينسى نفسه معتقداً أن ما أمامه مرآة , وتمر الأيام والسنوات ليكتشف أنه كان أمام لوح زجاجي شفاف , مر من خلفه خيال حسبه الشخص المنتظر .
نعم بالحب تصنع الأعاجيب ولعل أكثر الأعاجيب هي الإستمرار في الحياة مع الإصرار على الحيوية وإصلاح أي عطب يصيب المشاعر . لولا الحب لما كانت السعادة , ولا كان الشقاء , الذي تمحوه السعادة النابعة من الذات أو رؤيتها على الآخرين , لأننا نحبهم .