لكي تصبح انسانا عظيما.........

ولكن يا صديقي ما رأيك بمن يصبح عظيماً , ويكون لديه كيان لم يفقده , إن ذلك صعب ونادر جداً , ولعل هناك أمثلة كثيرة عن هذا في تاريخنا دون الضرورة إلى اللجوء لأمثلة من الغرب , فهذا الإيضاح من خلال ما كتبت صحيح ولا شك فيه , وتشير معظم كتب تطوير الذات والوصول إلى مكان مرموق إلى ضرورة التخلي عن الإرتباط الذي قد يعيقك , وقد دار نقاش بيني وبين أبناء إخوتي الذي يصغرونني ببضع سنوات حول هذا الموضوع من حوالي سنة , وقالوا نفس الكلام ورايت صعوبة في تفهم الموضوع فكيف لي أن أترك عائلتي وأبحث عن إرتقاء إجتماعي وفكري لذاتي , أمر صعب علي , وكان هناك أمثلة عن الأئمة والقادة الذين صنعوا أمجاداً لا نحلم بأن نقترب منها , حقاً ضحوا بعائلاتهم من حيث العلاقات والتواجد ولكنهم صنعوا أمجاداً لا تزال في السماء تنير حتى اليوم ولبعد زمن طويل .
بالطبع كان هناك من يساندهم , على الأقل بالقيام بالواجبات المترتبة عليهم والتي لم يكن أن تدخل في الحسبان , مثل تربية أولادهم , مثل المصروف الازم لهم .......
إلا أن هناك شيء يجب أن نضعه في البال عندما نخطط للمضي في طريق التفرد , والإرتقاء الذي يتطلب التضحيات , يجب أن نعلم أننا , قد لا نجد من يقف معنا مادياً ومعنوياً بالدرجة الكافية للتفرغ , ولذلك نصحت من كان معي , بأن يحددوا ما يريدون ثم يعرفوا متى , وكيف , وأين يرتبطون بعلاقات ومع من , حتى لا يقال عنهم متهربون من الواجب , رغم أن فكرة البحث عن الإرتقاء تعجبني جداً , وأعتقد أن مسؤلية العائلة والأطفال وتربيتهم , قد أكلت كثيراً من طريقي نحة ما كنت أريده , ولي في ذلك إرتقاء إن قدرني الله وتميز صغاري بالنجاح .
أصابع خمسة مزروعة بكف واحدة , لا يمكنها أن تحدث فارقاً لا بد من كفين إثنين متعاونين , ليفعلا شيئاً حيال ذلك , وهنا تظهر التضحية , أرقى أنواع التضحية , كما في الموت في سبيل رد الأعداء عن الوطن , والتضحية بالمفردات الذاتية من متع وخلافه في سبيل التوفير لحياة أفضل للصغار , بل أحب أن أجوع يوماً لأشتري لصغيري قصة أو لعبة يتمناها .
لكي تصبح انسانا عظيما ستفتقد في طريقك أشخاصا كثيرين ربما كانوا يمثلون جزءا من حياتك..ربما تحبهم ويحبونك... لكنك ستتركهم علي الطريق لأن وجهتهم ليست وجهتك . هذه حقيقة لا مجال لإبعادها للوصول إلى العظمة . وقد لا تصل , وعموماً قلة قليلة من يفعل ذلك , فيكون التميز واضحاً وعيش دهوراً طويلة , وطويلة , وطويلة بقدر الحرمان الذي دفع ثمناً .

أشكرك أخي محمد على الموضوع الرائع وجزاك الله خيرا