الحب الأبوي للصغار حياة للكبار

الحب الأبوي للصغار حياة للكبار
قد يكون هنالك من صاغ المفاهيم التي أحسست بها قبلي , ولم أطلع عليها مجموعة أو منفردة ولكنني أراها الآن هكذا .
دائماً أقول أننا نحن الكبار بحاجة للصغار , وبتعبير أدق وأقرب إلى الحقيقة الناصعة نحن بحاجة لمن نعتقد أنهم بحاجتنا .فلماذا هذه حقيقة نريد أن نجعلها تبدو وكأننا نقوم بالتضحية من أجل صغارنا , نصرف عليهم , نسهر عليهم , نعلمهم ونسعد عندما يبتسمون , ونحزن عندما تبدأ الحياة بتوجيه الصفعات لهم .
لنبدأ من البداية .
الصغار (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) صحيح تماماً ولا نقاش به أو عليه لنقبله هكذا فهو حقيقة مجردة . لماذا يتزوج المرء ؟؟؟ في البداية هناك الرغبة الجنسية القوية التي تدفع المرء إلى الزواج بغض النظر عن أي شيء آخر , ضارباً عرض الحائط بكل ما قد يكون سبباً منطقياً لتوقف هذه العلاقة من اسباب إجتماعية أو مادية أو أي شيء آخر , نريد الزواج حتى أن هناك من يتفكه على هذا الموضوع ويقول إنه هذا الشخص يريد الزواج حتى لو كان فيه هلاكه (مضرور) وهذا حق حتى لا يصاب المرء بالتهلكة ويصون نفسه . تفكير منطقي سليم وديني .
بعد ذلك ولو أن الأمر إقتصر على الرغبة بالزواج فقط من أجل الجنس لما بحث المرء عن الإنجاب (طبعاً بكل بساطة , إنها سنة الحياة) نعم ولكن ليس الموضوع هكذا أبداً إن أعطيناه معنى صحيحاً حقيقياً لما هو عليه .
الإنجاب , من منا لا يرغب بأطفال يملئون عليه البيت ؟؟؟ سيكون الجواب , الجميع يرغبون بذلك . وبشكل طبيعي كمعظم الأزواج يرزقون بأطفال ما لم تكن هناك موانع من الطرفين أو من أحدهما والأسباب كثيرة لذلك , ولكن من المستغرب أن ثمة بشر يعتبرون الزواج مرحلة إنتقالية , لذلك يشكل الإنجاب إرتباط قد يعيق الطموحات .
على سبيل المثال , فتاة رغبت بالزواج كي تنتقل من بيئتها إلى بيئة حلمت بها كتغيير لواقع لم تكن تريده , لذلك أنجبت مكرهة , ولكنها لا تود أن تنجب مرة أخرى , فيحدث الخلاف !! ويضيع الصغار بين الأنانية وحب الذات لأحد الأبوين .
مثال آخر شاب أراد الزواج ايضاً ليغير من نمط الحياة , بحثاً عن عائلة اعتقد أنها ستعوضه عمن فقدهم في حياته , فأخطأ بالإختيار , وهكذا وقد يحدث العكس أي تبادل الأدوار في التغيير . وهذا دائم الحدوث .
مثال آخر لزوجين كانت أفكارهما عن الحياة تتلخص في تشكيل أسرة , وأيضاً الحصول على المتعة التي هي مرخصة بعقد الزواج , وكذلك الصغار لتكتمل الصورة السعيدة , ولكن ينقصهما التفكير في الأمور القادمة بشكل يضمن ثبات الحياة السعيدة , كأن يستمر الطموح نحو التقدم لتحقيق الذات على حساب الأسرة , أو تغيير العاطفة مع الوقت وكأن الزواج شيء يمكن أن يتم تغييره بلحظة وأن تلك العهود في مراعاة الطرفان لبعضهما البعض موضوع خارج عن النطاق الزوجي حين تتغير العاطفة لسبب أو لأخر (الأسباب كثيرة ولكن رابط الزواج والإنجاب يجب وبشكل حتمي أن يبقى هو الأقوى من اية مشاعر تغيرت ) , والأسباب كثيرة ولكن معالجتها هي الحكمة التي تنقص من يحطم هذه العلاقة .
قد تكون الأمثلة السابقة مخلوطة ببعضها بحيث تجعل الحياة أكثر صعوبة , وعلى إعتبار أن كل طرف في العلاقة الزوجية متمسك بأنه بذل جهده في سبيل الإستمرار ولا لوم عليه , محاولاً تحميل الطرف الآخر مسؤولية سقوط أعمدة الزواج فوق رؤوس الصغار مهشمة إياها بشكل منظور أو غير منظور , سيكون بعيداً عن مفهوم الحياة وواجبات الحياة تجاه الذين أتو إلى الحياة نتيجة هذا الزواج .
لنفهم الآن أن بداية الزواج شيء , وإستمرارية الزواج شيء آخر وأن تحقيق الرغبات شيء والحفاظ على أعناق ورؤوس الصغار شيء آخر وهو الأكثر أهمية من أي أمر قد يحدث .
أعود للزواج , نعم لابد من أن يتزوج المرء ليكون على دينه قائماً ولكن يجب أن يعرف توابع الزواج , وهذا يتم أيضاً بمساعدة الأهل العقلاء الذين أصبحوا قلائل جداً مع الأسف , أعرف ونسمع جميعاً كيف أن الأهل يمكن أن يساعدوا إلى حد كبير بتحطيم أسر ابنائهم بشكل مباشر أو عن طريق الوقوف معهم حتى لو كان الخطأ واضحاً , مع الأسف كثروا هذه الأيام وبالطبع السبب هو البعد عن الشرع .
كيف يكون الزواج مثالياً ؟؟؟؟
أجل هناك زواج مثالي , بل هكذا ينبغي أن يكون الزواج .
يقوم الزواج على أساس واضح عند كل الأديان والمعتقدات , وبالطبع خيرها السماوية وخير السماوية الإسلام وبمضمونه الحقيقي يقود إلى السعادة . اساسه الحب , وهذا يولد الإحترام , ويعني حرص كل طرف على إسعاد الأخر بما يرضي الله , أعتقد لا خلاف ابداً كمنطق إنساني على هذا الكلام . ويجب أن يستمر هذا طيلة الوقت الذي يعيشه الزوجين ما شاء الله لهما معاً ولا يغيره إلا الموت , (تعدد الزوجات له ضرورته الشرعية, والتي يجب أن تراعي من خلال الشرع وليس من خلال الرغبات ......) . هذا الإحترام المتبادل يلتقي في قمة العطاء , التضحية , من كلا الطرفين وكأن كل منهما يمنح ذاته أروع ما في الحياة لأنه يستحقها عن جدارة .....
ماذا بعد الإستمرار , حتى هذه النقطة نحن نعمل لذاتنا ولكن ما معنى ذلك ؟؟؟ لقد حصلنا على ما كنا نسعى له , ولكن الإستمرار في العطاء والتضحية أصبح فيه فائضاً يزيد عن إحتياج الزوجين (زينة الحياة الدنيا) . هنا يأتي دور الصغار في تجديد النبع الصافي الذي ينتج كل هذا الخير , ليغمر أجساد وعقول الصغار ويتعلموا معنى الحياة بمفهوم القيم الدينية العظيمة التي ما وضعها الله إلا لنسعد , سبحانك يا الله , كيف لا ندرك ما نحن بحاجته فعلاً ؟؟؟
لماذا يستمر الرجل بالعمل ليل نهار ؟ لديه ما يكفيه وزوجته !!!
فلتسالوا من لا يعمل كيف تصبح حياته هامشية لا معنى لها , فهو عندها لا يملك طموح يقيه شر الخمول والموت الحركي الفكري . ولكن عندما توجد أجساد صغيرة تفتح يديها في الصباح لتتلقى القبلة التي تصعد معنوياً بالوالدين إلى أعلى درجات الإنسانية , وتطلب ما تريد , يرى الوالد أن عليه الإستمرار بالعمل من أجلهم فتشحن الطاقة لديه , ليقوم ويحرك بدنه ليأخذ الطاقة من الهواء والماء ويحولها إلى عمل يجلب للصغار طعاماً وألعاباً وكتباً وملابس ملونة , ليقول في المساء يا الله ما أجمل الحياة حين يرى صغاره يتعلقون برقبته , ويكبرون يوماً بعد يوم , وينادوه أبي , تللك الكلمة السحرية التي تغسل تعب قرون من العمل . هنا أنت أيها الأب تؤدي واجباً إنسانياً , ولكن لا تنسى أنك مهما فعلت فلن يبقيك على قيد الحياة الحية الحقيقية إلا هؤلاء الصغار , وهذا فضل من الله عليك , لذلك منحك فضله في إعالتهم وينبغي عليك أن تقوم بذلك على أحسن وجه , ولا يحق لك أن تسمعهم ما يقوله الجهلة , إنني أبذل كل جهدي , وأستنفذ طاقتي , بالعمل من أجل إطعامكم , وإياك والقول أنني أضحي بحياتي من أجلكم , تذكر أن الله أعطاك هذا لكي تسعد فلا تتذمر بل قل الحمد لله فمن أنت إن لم يكونوا في حياتك أمهم زهرة وهم براعم منها .
لماذا تستمر المرأة في خدمة بيتها (خدمة بيتها وأولادها وبالطبع زوجها) ؟؟؟ وتتعب طوال النهار !!!!
فلتسألوا إمرأة لم تتزوج أو إمرأة فضلت تحقيق طموحاتها الشخصية على تشكيل أسرتها , هل أنت راضية على قرارك هذا هل حققت طموحك الشخصي , وخاصة عندما تكبر قليلاً في السن , هل أنت سعيدة , المرأة المتعلمة , مهما بلغت درجة تعليمها , فإن أفضل شهادة تحصل عليها هي شهادة ميلاد الأطفال الذين سيسمعونها كلمة أمي , فهم يقتربون من صدرها لتضمهم إليها , فيأخذون الدفء الذي يذهب أدراج الرياح إن لم تفعل ذلك . نعم قال سبحانه عز وعلا الجنة تحت أقدام الأمهات , ولكن الأمهات , اللواتي تليق بهن هذه الصفات , ما هي صفة الأم , نعرفها جميعاً , فأولها الحنان والإهتمام الذي تمنحه لعائلتها في شتى النواحي . وأولهم إحترام زوجها , ومراعاة شعورها هذا الرجل الذي وضع فيها أغلى ما يمكن أن يضع , ألا تقوم بتأدية الأمانة ؟؟!!!
لقد تغيرت لدينا مفاهيم كثيرة , وتبادلنا تأدية الأدوار بشكل أخل بالتوازن في حياتنا وبالتالي في تفكيرنا الذي تغير نحو الأسوأ الذي نعاني ما نعاني منه , بالتأكيد المرأة لها دور يساوي ويعادل دور الرجل مع العلم أن المطلوب منها أكثر فهي التي تستطيع أن ترفع همة الرجل إلى القمة وهي التي تطيح به إلى أسفل درك بتصرف , بلفتة , بكلمة , وهذا شيء يتعلق بها وحدها دون باقي النساء فالزوجة أمر مختلف عن الأم والأخت , قد لا تكون الغالية (تذكري أنك ستكونين أماً لرجل متزوج قريباً) ولكن لها حب ومكانة ومن ضمن الأولويات في الحياة , الأولاد جزء منك فكيف يمكن لأم أن تغار من إهتمام الرجل بأولاده وتراه يندس إلى جانبها بالفراش , هذا تفكير سخيف .
عليهما معاً أن يبذلا أقصى ما لديهما في تربية الصغار ومنحهم أفضل ما لديهم والأمور الأخرى لها المرتبة الثانية , لا يحق لوالدين وضع رغباتهما كأولوية في الحياة والتفكير المنفرد بالذات فوق أي إعتبار ليقال بحق أبوين جديرين بالإحترام .
الإستمرار بالحياة يحتاج للماء والهواء والطعام , ولكن لنعيش هذه الحياة فنحن نحتاج إلى الحب وإلى إستمرار تدفق الطاقة لدينا , وهذا يعني الضرورة بأن يشعر الزوجان بعضهما البعض بالسعادة كي يتمكنا من تربية الصغار تربية تليق بهما كبشر . ألا يمكن أن نفهم أن بمجرد الزواج ينبغي لنا أن ننسى كلمة حب الذات والأنانية , وأننا اصبحنا كتلة واحدة وأن ما يسيء لأي جزء في هذه السبيكة يجعلها كلها تتألم .
لماذا لا ندخل ونقر بحقوق الآخرين قبل أن نعلن أننا مظلومين ولا نأخذ شيئاً من حقنا .
هذا عمن تزوج وأنجب , ولكن ماذا عمن تزوج ولم ينجب أو لم يتزوج أصلاً ...............
الحياة مليئة بكل النماذج , وهنالك دائماً مجالاً فسيحاً للعطاء , ولا يعتقد أحد أنه ليس قادراً على المنح أو العطاء لأنه لم يكتب له أن يكون أحد الأطراف المساهمين في التربية المباشرة ...
لهؤلاء أقول أن المجالات مفتوحة والتضحيات والعطاء أكثر بكثير من مجرد تربية صغار لنا ولا حاجة للبحث عن مصادر لتجديد الطاقة فثمة من ينتظر خلف الأبواب فاتحاً يديه لضمة لقبلة لحضن دافيء ..........

الإستمرار بالحياة يحتاج للماء والهواء والطعام , ولكن لنعيش هذه الحياة فنحن نحتاج إلى الحب وإلى إستمرار تدفق الطاقة لدينا , وهذا يعني الضرورة بأن يشعر الزوجان بعضهما البعض بالسعادة كي يتمكنا من تربية الصغار تربية تليق بهما كبشر . ألا يمكن أن نفهم أن بمجرد الزواج ينبغي لنا أن ننسى كلمة حب الذات والأنانية , وأننا اصبحنا كتلة واحدة وأن ما يسيء لأي جزء في هذه السبيكة يجعلها كلها تتألم .
***********************
الأمهات , اللواتي تليق بهن هذه الصفات , ما هي صفة الأم , نعرفها جميعاً , فأولها الحنان والإهتمام الذي تمنحه لعائلتها في شتى النواحي . وأولهم إحترام زوجها , ومراعاة شعورها هذا الرجل الذي وضع فيها أغلى ما يمكن أن يضع , ألا تقوم بتأدية الأمانة ؟؟!!!


كم هو جميل هذا الكلام
كم هي رائعة تلك الحروف

موضوعك رائع
يحتاج لمن يقرأ ومن يفهم

جزاك الله خيرا