المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
د محمد سردار رحمه الله - 3791 | ||||
الاستشاري - 2664 | ||||
غريب الامارات - 1632 | ||||
شام - 1616 | ||||
Admin - 1570 | ||||
ام المجد - 1508 | ||||
المتميز - 883 | ||||
ود - 759 | ||||
شيماء الشام - 733 | ||||
المتمردة - 499 |
أهلا بكم
دعمكم لهذا المنتدى يكون بتبادل الفائدة وابداء الرأي نتمنى أن نتشرف بكم كأعضاء واستشاريين - بوجودكم سيكون المنتدى أجمللوحة ترحيب
أهلا بك من جديد يا زائرآخر زيارة لك كانت في الخميس يناير 01, 1970
آخر عضو مسجل زمرد١١فمرحبا بكم
أهلا بكم
دعمكم لهذا المنتدى يكون بتبادل الفائدة وابداء الرأي نتمنى أن نتشرف بكم كأعضاء واستشاريين - بوجودكم سيكون المنتدى أجملإعلانات تجارية
لا يوجد حالياً أي إعلان
جديد الاعلانات feedburner
http://feeds.feehttp://feeds.feedburner.com/akbarmontadacom/Bwkxdburner.com/akbarmontadacom/Bwkxليتني أعود
صفحة 1 من اصل 1
ليتني أعود
ليتني أعود
مريم راشد
تقول أحداث قصتها: في تلك الليلة نتجول في ذلك المنزل الذي سلطانه هو الصمت والسكون، في ليلة ممطرة، أخذت نجلاء تقرأ كتاباً وهى مرتمية على سريرها، وتلف بسبابتها خصلة من شعرها، ووعدتنا رانيا بتحضير طبق لذيذ على وجه السرعة لنسد به جوعنا، وفي الحمام أبلل جسدي النحيل بالماء وأمرر المياه على شعري، فور انتهائي من الاستحمام، خرجت وجلست على سريري بصمت، أخذت أسرح شعري المبلل القصير بهدوء، ونجلاء على سريرها تكاد تخترق ذلك الكتاب بأعينها، حتى دخلت رانيا حاملة صينية فوقها أطباق المعكرونة بالباشميل، وحضرت أيضاً عصيراً بالليمون الطبيعي، وضعت الصينية فوق سريرها، وجلست فوقه وناولتني طبقي وناولت نجلاء طبقها، وكذلك كؤوس العصير، رشفت رشفة من العصير، وبدأت ألتهم تلك المعكرونة اللذيذة المذاق، حتى قالت رانيا بتفاخر: “يبدو إني ماهرة حقاً”.
هززت رأسي ايجابياً بابتسامة، بينما أتمت نجلاء طعامها بجمود، وبعد فراغنا من الأكل، حملت رانيا الأطباق والكؤوس وخرجت، وبسرعة قدمت إلينا وهي تلهث، أغلقت من خلفها الباب قائلة في توتر ملحوظ: “ها قد جاء” ألجمنا، وتصبب العرق على جبين رانيا المسكينة التي لن تسلم منه، رآها في عصر هذا اليوم وهي واقفة تحادث شاباً قرب المستوصف، لم تكن رانيا من الفتيات الساقطات، أو اللاتي يحببن اللهو مع الشبان، ولم تكن حمقاء تصدق ما يقوله الشبان، كانت تحادثه لأنه كان يريد أن يعرف أخلاق صديقتها لخطبتها وهذا كل شيء.
وبينما كانت تحادثه، رأت ذلك الرجل خارجاً من سيارته والتقت الأنظار، فرآها وهي تتحدث مع شاب، ذلك الرجل، لا يثق بأحد قط، لا يثق بنا نحن أخواته، على حد قول رانيا، أنه بنظراته يتوعدنا بعقاب قاسٍ.
أسرعت رانيا بالجلوس على سريرها وقلبها ينبض بخوف شديد، أما نجلاء فبرودها لا يطاق، ولا يتناسب مع الوضع.
فتح الباب بهدوء وساد الجو الذي يضفيه ذلك الرجل، وقف بهيبته ينقل أنظاره بيننا، لا تستطيع أن تعرف ما الذي يفكر به فهدوؤه مريب، وشخصيته غريبة، تصرفاته لا تجد لها تفسيراً، وقعت أنظاره على فريسته، المسكينة تصنعت الثقة والشجاعة، قال بهدوء ممزوج بغضب مكتوم: “رانيا، لننفرد في الصالة” وغادر! لم تهدأ رانيا، وظلت الأسئلة تحوم في ذهنها بتشكك، ما الذي سيفعله؟!! أهو عقاب عدم الخروج من المنزل ثانية، أم هي كلمات مُذلة، تستفزها من الأعماق، لتطلق لسانها بصرخاتٍ عالية توقد النار بينهما بيشب لهب الشجار، ويبدأ الخصام من جديد.
نهضت، وأنا أنظر إليها بوجل، ما الذي سيحدث يا ترى؟! خرجت، فنظرت إلى نجلاء الذي هدوؤها يغضبني، خاطبتها:
“ماذا سيكون العقاب يا ترى؟ هل سيصدق ما ستقوله هذه المرة؟”.
تابعت تلك الفتاة قرائتها للكتاب بإطلاق تنهيدة فقدان صبر، طبعاً، فهي لا تتقبل حياتنا كما تقول، صرخت بها: “كفاك ابتعاداً عنا، أنظري حولك وشاركينا مشاكلنا”.
ظلت صامتة تتجاهلني، نجلاء لم تعد تهتم لأمري أنا أختها الصغيرة التي أبلغ الرابعة عشر فقط، رغم صغر عمري إلا أنني أعيش مشاكل هذا المنزل وأتفاعل مع الوضع، هذه الفتاة، لا تطيق الاختلاط بنا، صمتها يدفعني الى انتقادها في كل حين.
مات والدانا لنبقى نحن الفتيات الثلاث نعيش تحت مسؤولية ذلك الرجل، رانيا تقول إنها بدأت لا تطيقه، تقول تواجده خارج المنزل أفضل، ونجلاء تتجاهل سؤاله عنها حتى لو كان هدفه الاطمئنان عليها، أما أنا أبذل قصارى جهدي لكي يرضى عني، أعتبره كأب لي.
بات يهتم بنا من بعيد وأختاي لا تتقبلان اهتمامه وتلقيان عليه أسوأ الألقاب في غيابه، فاستفز من الأعماق، وفي إحدى المرات سمعت رانيا تضحك مع صديقاتها لتغتاب أخي بصورة بشعة، وتشبهه بالقرد والخنزير، لم تكن لدي الجرأة لأقف أصدها، لكني ركضت له أخبره بما سمعت، فما كان منه إلا أن يتجاهل ذلك ويأمرني بالاقلاع عن الفتنة، وجدته رائعاً من الداخل، إلا أنه يغطي نفسه بغطاء سميك يمنعنا من معرفته جيداً.. أنا أشعر أني أفهمه أحياناً، فغضبه من رانيا حين رآها واقفة تحادث شاباً شعور طبيعي يصدر من أي أخ غيور على أخته، ومن حقه أن يعاقبها إن كان هدفها بشع، لكنها كانت تحادثه عن صديقتها ليتقدم لخطبتها، المشكلة في أخي أنه عديم الثقة بنا.
و في ذلك الحين سمعنا دوي صراخ رانيا يهز الأرجاء: “لا يحق لك التحكم فيما أفعل، فما أنت إلا أخ مزعج كثير التدخل” قفزت من على سريري وانطلقت متجهة نحو الصالة بينما لم تحرك نجلاء ساكناً، أطللت على الاثنين بوجل، رانيا واقفة والغضب واضح على ملامحها، بينما ظل جابر يدوّن شيئاً على أوراقٍ على الطاولة، لم يبدِ اكتراثاً لصراخ رانيا، أمرها قائلاً: “اجلسي” فجلست بغضب، تنظر له بحدة قاتلة وقالت وهي تعض شفتيها: “ما ذنبي إن كنت لا تصدقني، هل سمعت ما يدور بيننا لتتأكد أني كنت أحادثه في موضوع مغاير عن موضوع صديقتي؟” رفع رأسه ونظر لها بعدما انتهى من تدوين ما كان يدونه، نظراته أثارت مخاوفها، قال بحزم: “لن تخرجي ثانية من المنزل دون علمي و....” صرخت قاطعة جملته: “أصمت، لن تتحكم فيّ بعد الآن، فقد اتخذت قراري النهائي”، أطلقت زفرة عميقة ثم قالت: “سأذهب لأقطن في منزل خالتي ولن تمنعني مهما فعلت”، خرجت نجلاء من الغرفة واقتربت، فدارت أنظاره كالسهام علينا نحن الفتيات، تساءل باستنكار: “منزل خالتك” “نعم، سأهاجر إلى منزل خالتي وأظن أن نجلاء وشذى يوافقاني الرأي وسيأتيان معي أيضاً، لم أعد أحتمل العيش تحت تحكمك”.
اقتربت نجلاء ونطقت بنظرات تحد وجهتها نحوه: “أنا أوافقك يا رانيا، أنا لن أستطيع العيش مع هذا الرجل الذي بدأ يعاملني كدمية منذ أن توفى والدايّ..”.
ضحكت: “تظن أننا سنصمت، لا!، فأن لن أبقى هنا، فقد حرمتني من كل شيء أحتاجه، الحنان والعطاء والكثير”، لملم ذلك الرجل حاجياته المتناثرة على الطاولة، نظاراته، قلمه، أوراقه، ساعته، ثم قال من دون أن يرفع رأسه:
“فلتذهبن لتجهيز أنفسكن لأوصلكن لمنزل خالتكن، إن كنتن ترفضن هذه الحياة..” قالت رانيا بضحكة نصر: “طبعاً لن تستطيع الاعتراض” واستدارت متجهة نحو غرفتها وعندما ابتعدت عنه نطقت بهمس: “أيها القرد” انتفضت، نظرت له، لا يبدو أنه سمعها ولكني سمعتها، ما بالها تبقى تقذفه بالكلمات الطاعنة من دون أن يدري، باتت تعتاد على تلقيبه بهذه الألقاب، بل باتت تعامله كعدو تحاول هزمه، لطالما قالت أنها تريد كسر رأسه المتعالي وتحطيم غروره.
دخلت الفتاتان الغرفة في فرح بدا وجهيهما، وانا وقفت خلفه أنظر إليه وهو يرتب أوراقه، ترددت كثيراً قبل أن أتحدث، ولكني نطقت أخيراً:
“أخي هل سنعيش بقية حياتنا في منزل خالتي؟”
تجاهلني لبرهة، ثم رد على سؤالي: “نعم.. فافرحي..”
أخرج هاتفه الخلوي من جيبه وضغط الأزرار، ثم أخذ يحادث الطرف الآخر قائلاً: “مرحباً خالتي، أخواتي يرغبن بالعيش معك، أعلم أن ذلك سيزعجك ولكنهن مصرات على قرارهن، أظن أني سأوصلهن لمنزلك غداً صباحاً.. فما رأيك؟”.
صمت لبرهة لترد خالتي ثم قال: “عظيم! شكراً لقبولك”، أغلق الهاتف، ونهض، فخاطبته: “ستبقى وحدك هنا أليس كذلك؟!” صمت هو، ولم يعلق، صعد السلم بهدوء واتجه نحو غرفته، فانطلقت نحو غرفتي، فتحت الباب لأرى الفتاتين تستعدان للرحيل بفرح.
وضعت رانيا ملابسها بترتيب في حقيبتها الضخمة، حملت قميصاً برتقالي اللون تصميمه مميز وقالت بضحكة: “ابنة خالتي هدى ستعجب بهذا القميص حتماً، لقد كان مرتفع الثمن”.
من جهة أخرى ترتب نجلاء ملابسها قائلة: “أتمنى أن تؤمن خالتي لنا غرفاً جيدة لنمكث فيها، لا نريد أن نجتمع ثلاثتنا في غرفة واحدة”
نجلاء متفاعلة في الموضوع لأنها فرحة بسبب موضوع الرحيل هذا، نطقت أنا قائلة: “ألم تفكران في أخينا؟ وكيف سيعيش وحيداً؟”.
نظرت إلي رانيا بانزعاج قائلة: “أوه شذى كفي عن الدفاع عنه، هو من اشعل النار، فها نحن نفر ليحترق بها وحده”.
وقفت مقطبة حاجبي، لماذا كل هذا الحقد بين الأخوان، إنه أخونا الأكبر، فلماذا هذا الحقد الذي يتفاقم يوماً بعد يوم بينهما.
نثرت رانيا شعرها الأشقر على كتفيها بدلال، متسائلة: “يا ترى! متى سوف يوصلنا لمنزل خالتي؟!!”.
قلت: “سمعته يحادث خالتي قائلاً أنه سيوصلكما غدا صباحاً”
قالت رانيا باستنكار: “يوصلكما؟ ألن تأتين معنا؟”.
نكست رأسي قائلة: “لا فلا أستطيع ترك جابر وحده هنا، ثم إني لا أريد تغيير مدرستي”.
صرخت بي نجلاء: “يا حمقاء هذه فرصة لا تفوت، غادري هذا المنزل الكئيب معنا واتركي هذا الأخ المزعوم فهو سبب المشاكل”.
وأضافت رانيا: “ثم ما الفرق بين المدارس؟ لا تقولي إنك لا تريدين فراق صديقاتك، أنتِ فتاة انطوائية ولا تملكين صديقات”.
لم أستطع التمرد عن أختيّ الكبيرتين، فوافقت، وها أنا أجهز حقيبة حاجياتي، وبينما أنا كذلك وجدت في خزانتي ألبوماً صغيراً للصور، فتحته، فإذا بها صوري يوم كنت طفلة، شدتني صورة غير واضحة، أظنها لأخي جابر، يحملني بذراعيه، ملامح وجهه لم تكن واضحة، ولكن الابتسامة التي ارتسمت على شفتيه واضحة كالشمس، هل كان سعيداً لأني بين ذراعيه؟ هل كان يحبني؟!! لا أصدق، أنه يتجاهلني في أغلب الأحيان.
خبأت الألبوم في الحقيبة وأغلقتها ثم ارتميت على سريري لأغط في نوم عميق.
وفي صباح اليوم التالي استيقظت من النوم قبل أختيّ، كانت الساعة السابعة صباحاً، أطللت على المطبخ فرأيت أخي يجلس وحيداً كالعادة يحتسي الشاي، التفت إلي، فابتسمت، أشار لي بأن أقترب، فتقدمت وجلست بقربه، وها هو يبدأ بصب الحليب في كوب ليقدمه لي.
“إبدأي يومك بكوب حليب، ذلك صحي”
شربت جرعة من ذلك الحليب ووضعته جانباً، بقيت أنظر لقسمات وجهه، وتذكرت الألقاب التي تلقبه بها رانيا كالقرد والخنزير.. انقبض قلبي.. لا يحق لها، خاطبني قائلاً: “فور وصولك لمنزل خالتك، اطلبي منها أن تخصص لكن غرفة بعيدة عن غرف أبنائها الشبان”.
هززت رأسي إيجابياً، ثم قلت: “كنت أفكر بالبقاء معك”، “تبقين معي؟ لماذا؟” “ستبقى وحيداً إن ذهبنا نحن الثلاث” نظر لي بعمق، ثم ابتسم بسخرية: “وماذا تستعطين أن تفعلي بوجودك سوى أن تكوني عبئاً علي” طعنني بسهام حادة، فهتفت عاضةً شفتي: “أتكره كوني معك؟”.
نهضت بغضب قائلة: “من حق رانيا أن تلقبك بالخنزير والقرد ومن حق نجلاء أن تكره حتى سماع اسمك” وركضت متجهة نحو غرفتي.
في موعد الرحيل، جلست نجلاء ورانيا في المقاعد الخلفية لسيارة أخي الفخمة الذي بدت ملامح الضيق على وجهه عندما رأى نجلاء ورانيا تجلسان في الخلف تاركتين المقعد الأمامي شاغراً، أهو سائق ليفعلا ذلك؟ ولكني الآن يفترض أن أكون غاضبة منه، لكن.. سأجلس في المقعد الأمامي.. فور اقترابي من باب المقعد الأمامي صاحت رانيا باستنكار: “شذى ما الذي تفعلينه؟!! تعالي واجلسي بقربي”.
نظرت إلى أخي فقال وهو يخرج هاتفه الخلوي من جيبه: “اجلسي مع أختيك فقد تودان التحدث معك”
أخذت أرنو إليه، ثم اتخذت مكاني في الخلف لتبدأ رانيا بمعاتبتي، وها هو يحرك السيارة وهو يتحدث عبر الهاتف:
“مرحباً جواد كيف حالك؟ الآن سآتي بالفتيات إليكم، شكراً، وداعاً” جواد هو ابن خالتي الأكبر الذي يكبر جابر بسنتين، جابر يبلغ من العمر سبعة وعشرين عاماً، ولكن الشعيرات البيض بدأت بغزو شعره الأسود، توقفت السيارة بعد فترة أمام منزل خالتي، فأطلقت رانيا العنان لكلماتها الجارحة: “آه وأخيراً غادرنا ذلك المنزل المملوء بالجو الرديء الذي لا نستطيع التنفس فيه”.
وهبطت بسرعة من السيارة مع نجلاء وأخذتا تضحكان خفية، نظرت لأخي الذي أبعد أنظاره عنهما في تجاهل وخاطبني بصوتٍ لامست فيه غضبه: “اخرجي شذى” نزلت من السيارة وأطللت عليه من النافذة قائلة: “أخي هل ستزورنا؟” هزّ رأسه ايجابياً: “نعم، في كل جمعة سآتي لزيارتكن” نظرت لعينيه بعمق، ثم قلت: “أخي أتمنى ألا تنسانا نحن نحتاجك” هزّ رأسه ايجابياً، وترجل من سيارته، مسح رأسي من فوق الحجاب قائلاً: “اجتهدي في دراستك شذى”، واتجه نحو منزل خالتي وقرع الجرس، فخرج جواد مرحباً: “أهلا جابر.. تفضّل، تفضّل مع أخواتك”.
دخلت منزل خالتي لأرى بنات خالتي يرحبن بأختيّ، طبعاً لم تهتم بنات خالتي بي كثيراً لأني صغيرة كما يقلن، جلست بقرب خالتي فخاطبتني:
“لازلتِ تشبهين والدتكِ المرحومة في كل شيء”.
التفتت إليها باسمة.. ثم قلت: “خالتي، أخي يطلب منك تأمين غرف لنا بعيدة عن غرف أبنائك الشبان، فهل هذا ممكن؟”
أطلقت ضحكة وقالت: “بالطبع عزيزتي، لقد جهزت لرانيا غرفة لوحدها لأنها أكبركن، وأنتِ ستشاركين نجلاء غرفتها”
ابتسمت بامتنان: “شكرا خالتي”
وقلت: “كذلك يا خالتي أريد منكم أن تلحقوني بمدرسة هنا”
“جواد سوف يتكلفل بذلك فلا تخافي”.
وها هو جواد يدخل المنزل مع جابر حاملين الحقائب، يضعان الحقائب بالقرب من الباب الرئيسي، وها هو جواد يتجه نحو المطبخ بينما يومئ لنا أخي بالاقتراب، نهضنا نحن الثلاث متجهات نحوه، وقفنا أمامه، فأخرج هو من جيب سترته ثلاثة ظروف، قدم الأول لرانيا قائلاً: “هذه النقود لك، “وقدم الثاني لنجلاء: “وهذه لك” والثالث لي: “وهذه لك”
ثم قال: “إن احتجتن للمزيد اتصلن بي، سأزوركن في كل جمعةٍ لأطمئن عليكن.
استدار متجهاً نحو الباب فاستوقفته خالتي: “لحظة! ألن تتناول طعام غدائك معنا؟”.
أشار برأسه نفياً بابتسامة: “لا شكراً خالتي، أتمنى أن تعتني بالفتيات”،
“لا داعي لتوصيني على بنات أختي، فهن كبناتي”، ابتسم هو، وغادر قائلاً: “وداعاً” غادر وتركنا نحن الثلاث نعيش حياة جديدة وفي منزل جديد، رغم أن رانيا ونجلاء في قمة الفرحة، كنت أشعر بانقباض في قلبي، أود الرجوع إلى حيث كان والداي، أشعر بتأنيب الضمير، لماذا تركت أخي وحده هناك، سيعاني وحدة قاتلة، ليتني أستطيع العودة!
مريم راشد
تقول أحداث قصتها: في تلك الليلة نتجول في ذلك المنزل الذي سلطانه هو الصمت والسكون، في ليلة ممطرة، أخذت نجلاء تقرأ كتاباً وهى مرتمية على سريرها، وتلف بسبابتها خصلة من شعرها، ووعدتنا رانيا بتحضير طبق لذيذ على وجه السرعة لنسد به جوعنا، وفي الحمام أبلل جسدي النحيل بالماء وأمرر المياه على شعري، فور انتهائي من الاستحمام، خرجت وجلست على سريري بصمت، أخذت أسرح شعري المبلل القصير بهدوء، ونجلاء على سريرها تكاد تخترق ذلك الكتاب بأعينها، حتى دخلت رانيا حاملة صينية فوقها أطباق المعكرونة بالباشميل، وحضرت أيضاً عصيراً بالليمون الطبيعي، وضعت الصينية فوق سريرها، وجلست فوقه وناولتني طبقي وناولت نجلاء طبقها، وكذلك كؤوس العصير، رشفت رشفة من العصير، وبدأت ألتهم تلك المعكرونة اللذيذة المذاق، حتى قالت رانيا بتفاخر: “يبدو إني ماهرة حقاً”.
هززت رأسي ايجابياً بابتسامة، بينما أتمت نجلاء طعامها بجمود، وبعد فراغنا من الأكل، حملت رانيا الأطباق والكؤوس وخرجت، وبسرعة قدمت إلينا وهي تلهث، أغلقت من خلفها الباب قائلة في توتر ملحوظ: “ها قد جاء” ألجمنا، وتصبب العرق على جبين رانيا المسكينة التي لن تسلم منه، رآها في عصر هذا اليوم وهي واقفة تحادث شاباً قرب المستوصف، لم تكن رانيا من الفتيات الساقطات، أو اللاتي يحببن اللهو مع الشبان، ولم تكن حمقاء تصدق ما يقوله الشبان، كانت تحادثه لأنه كان يريد أن يعرف أخلاق صديقتها لخطبتها وهذا كل شيء.
وبينما كانت تحادثه، رأت ذلك الرجل خارجاً من سيارته والتقت الأنظار، فرآها وهي تتحدث مع شاب، ذلك الرجل، لا يثق بأحد قط، لا يثق بنا نحن أخواته، على حد قول رانيا، أنه بنظراته يتوعدنا بعقاب قاسٍ.
أسرعت رانيا بالجلوس على سريرها وقلبها ينبض بخوف شديد، أما نجلاء فبرودها لا يطاق، ولا يتناسب مع الوضع.
فتح الباب بهدوء وساد الجو الذي يضفيه ذلك الرجل، وقف بهيبته ينقل أنظاره بيننا، لا تستطيع أن تعرف ما الذي يفكر به فهدوؤه مريب، وشخصيته غريبة، تصرفاته لا تجد لها تفسيراً، وقعت أنظاره على فريسته، المسكينة تصنعت الثقة والشجاعة، قال بهدوء ممزوج بغضب مكتوم: “رانيا، لننفرد في الصالة” وغادر! لم تهدأ رانيا، وظلت الأسئلة تحوم في ذهنها بتشكك، ما الذي سيفعله؟!! أهو عقاب عدم الخروج من المنزل ثانية، أم هي كلمات مُذلة، تستفزها من الأعماق، لتطلق لسانها بصرخاتٍ عالية توقد النار بينهما بيشب لهب الشجار، ويبدأ الخصام من جديد.
نهضت، وأنا أنظر إليها بوجل، ما الذي سيحدث يا ترى؟! خرجت، فنظرت إلى نجلاء الذي هدوؤها يغضبني، خاطبتها:
“ماذا سيكون العقاب يا ترى؟ هل سيصدق ما ستقوله هذه المرة؟”.
تابعت تلك الفتاة قرائتها للكتاب بإطلاق تنهيدة فقدان صبر، طبعاً، فهي لا تتقبل حياتنا كما تقول، صرخت بها: “كفاك ابتعاداً عنا، أنظري حولك وشاركينا مشاكلنا”.
ظلت صامتة تتجاهلني، نجلاء لم تعد تهتم لأمري أنا أختها الصغيرة التي أبلغ الرابعة عشر فقط، رغم صغر عمري إلا أنني أعيش مشاكل هذا المنزل وأتفاعل مع الوضع، هذه الفتاة، لا تطيق الاختلاط بنا، صمتها يدفعني الى انتقادها في كل حين.
مات والدانا لنبقى نحن الفتيات الثلاث نعيش تحت مسؤولية ذلك الرجل، رانيا تقول إنها بدأت لا تطيقه، تقول تواجده خارج المنزل أفضل، ونجلاء تتجاهل سؤاله عنها حتى لو كان هدفه الاطمئنان عليها، أما أنا أبذل قصارى جهدي لكي يرضى عني، أعتبره كأب لي.
بات يهتم بنا من بعيد وأختاي لا تتقبلان اهتمامه وتلقيان عليه أسوأ الألقاب في غيابه، فاستفز من الأعماق، وفي إحدى المرات سمعت رانيا تضحك مع صديقاتها لتغتاب أخي بصورة بشعة، وتشبهه بالقرد والخنزير، لم تكن لدي الجرأة لأقف أصدها، لكني ركضت له أخبره بما سمعت، فما كان منه إلا أن يتجاهل ذلك ويأمرني بالاقلاع عن الفتنة، وجدته رائعاً من الداخل، إلا أنه يغطي نفسه بغطاء سميك يمنعنا من معرفته جيداً.. أنا أشعر أني أفهمه أحياناً، فغضبه من رانيا حين رآها واقفة تحادث شاباً شعور طبيعي يصدر من أي أخ غيور على أخته، ومن حقه أن يعاقبها إن كان هدفها بشع، لكنها كانت تحادثه عن صديقتها ليتقدم لخطبتها، المشكلة في أخي أنه عديم الثقة بنا.
و في ذلك الحين سمعنا دوي صراخ رانيا يهز الأرجاء: “لا يحق لك التحكم فيما أفعل، فما أنت إلا أخ مزعج كثير التدخل” قفزت من على سريري وانطلقت متجهة نحو الصالة بينما لم تحرك نجلاء ساكناً، أطللت على الاثنين بوجل، رانيا واقفة والغضب واضح على ملامحها، بينما ظل جابر يدوّن شيئاً على أوراقٍ على الطاولة، لم يبدِ اكتراثاً لصراخ رانيا، أمرها قائلاً: “اجلسي” فجلست بغضب، تنظر له بحدة قاتلة وقالت وهي تعض شفتيها: “ما ذنبي إن كنت لا تصدقني، هل سمعت ما يدور بيننا لتتأكد أني كنت أحادثه في موضوع مغاير عن موضوع صديقتي؟” رفع رأسه ونظر لها بعدما انتهى من تدوين ما كان يدونه، نظراته أثارت مخاوفها، قال بحزم: “لن تخرجي ثانية من المنزل دون علمي و....” صرخت قاطعة جملته: “أصمت، لن تتحكم فيّ بعد الآن، فقد اتخذت قراري النهائي”، أطلقت زفرة عميقة ثم قالت: “سأذهب لأقطن في منزل خالتي ولن تمنعني مهما فعلت”، خرجت نجلاء من الغرفة واقتربت، فدارت أنظاره كالسهام علينا نحن الفتيات، تساءل باستنكار: “منزل خالتك” “نعم، سأهاجر إلى منزل خالتي وأظن أن نجلاء وشذى يوافقاني الرأي وسيأتيان معي أيضاً، لم أعد أحتمل العيش تحت تحكمك”.
اقتربت نجلاء ونطقت بنظرات تحد وجهتها نحوه: “أنا أوافقك يا رانيا، أنا لن أستطيع العيش مع هذا الرجل الذي بدأ يعاملني كدمية منذ أن توفى والدايّ..”.
ضحكت: “تظن أننا سنصمت، لا!، فأن لن أبقى هنا، فقد حرمتني من كل شيء أحتاجه، الحنان والعطاء والكثير”، لملم ذلك الرجل حاجياته المتناثرة على الطاولة، نظاراته، قلمه، أوراقه، ساعته، ثم قال من دون أن يرفع رأسه:
“فلتذهبن لتجهيز أنفسكن لأوصلكن لمنزل خالتكن، إن كنتن ترفضن هذه الحياة..” قالت رانيا بضحكة نصر: “طبعاً لن تستطيع الاعتراض” واستدارت متجهة نحو غرفتها وعندما ابتعدت عنه نطقت بهمس: “أيها القرد” انتفضت، نظرت له، لا يبدو أنه سمعها ولكني سمعتها، ما بالها تبقى تقذفه بالكلمات الطاعنة من دون أن يدري، باتت تعتاد على تلقيبه بهذه الألقاب، بل باتت تعامله كعدو تحاول هزمه، لطالما قالت أنها تريد كسر رأسه المتعالي وتحطيم غروره.
دخلت الفتاتان الغرفة في فرح بدا وجهيهما، وانا وقفت خلفه أنظر إليه وهو يرتب أوراقه، ترددت كثيراً قبل أن أتحدث، ولكني نطقت أخيراً:
“أخي هل سنعيش بقية حياتنا في منزل خالتي؟”
تجاهلني لبرهة، ثم رد على سؤالي: “نعم.. فافرحي..”
أخرج هاتفه الخلوي من جيبه وضغط الأزرار، ثم أخذ يحادث الطرف الآخر قائلاً: “مرحباً خالتي، أخواتي يرغبن بالعيش معك، أعلم أن ذلك سيزعجك ولكنهن مصرات على قرارهن، أظن أني سأوصلهن لمنزلك غداً صباحاً.. فما رأيك؟”.
صمت لبرهة لترد خالتي ثم قال: “عظيم! شكراً لقبولك”، أغلق الهاتف، ونهض، فخاطبته: “ستبقى وحدك هنا أليس كذلك؟!” صمت هو، ولم يعلق، صعد السلم بهدوء واتجه نحو غرفته، فانطلقت نحو غرفتي، فتحت الباب لأرى الفتاتين تستعدان للرحيل بفرح.
وضعت رانيا ملابسها بترتيب في حقيبتها الضخمة، حملت قميصاً برتقالي اللون تصميمه مميز وقالت بضحكة: “ابنة خالتي هدى ستعجب بهذا القميص حتماً، لقد كان مرتفع الثمن”.
من جهة أخرى ترتب نجلاء ملابسها قائلة: “أتمنى أن تؤمن خالتي لنا غرفاً جيدة لنمكث فيها، لا نريد أن نجتمع ثلاثتنا في غرفة واحدة”
نجلاء متفاعلة في الموضوع لأنها فرحة بسبب موضوع الرحيل هذا، نطقت أنا قائلة: “ألم تفكران في أخينا؟ وكيف سيعيش وحيداً؟”.
نظرت إلي رانيا بانزعاج قائلة: “أوه شذى كفي عن الدفاع عنه، هو من اشعل النار، فها نحن نفر ليحترق بها وحده”.
وقفت مقطبة حاجبي، لماذا كل هذا الحقد بين الأخوان، إنه أخونا الأكبر، فلماذا هذا الحقد الذي يتفاقم يوماً بعد يوم بينهما.
نثرت رانيا شعرها الأشقر على كتفيها بدلال، متسائلة: “يا ترى! متى سوف يوصلنا لمنزل خالتي؟!!”.
قلت: “سمعته يحادث خالتي قائلاً أنه سيوصلكما غدا صباحاً”
قالت رانيا باستنكار: “يوصلكما؟ ألن تأتين معنا؟”.
نكست رأسي قائلة: “لا فلا أستطيع ترك جابر وحده هنا، ثم إني لا أريد تغيير مدرستي”.
صرخت بي نجلاء: “يا حمقاء هذه فرصة لا تفوت، غادري هذا المنزل الكئيب معنا واتركي هذا الأخ المزعوم فهو سبب المشاكل”.
وأضافت رانيا: “ثم ما الفرق بين المدارس؟ لا تقولي إنك لا تريدين فراق صديقاتك، أنتِ فتاة انطوائية ولا تملكين صديقات”.
لم أستطع التمرد عن أختيّ الكبيرتين، فوافقت، وها أنا أجهز حقيبة حاجياتي، وبينما أنا كذلك وجدت في خزانتي ألبوماً صغيراً للصور، فتحته، فإذا بها صوري يوم كنت طفلة، شدتني صورة غير واضحة، أظنها لأخي جابر، يحملني بذراعيه، ملامح وجهه لم تكن واضحة، ولكن الابتسامة التي ارتسمت على شفتيه واضحة كالشمس، هل كان سعيداً لأني بين ذراعيه؟ هل كان يحبني؟!! لا أصدق، أنه يتجاهلني في أغلب الأحيان.
خبأت الألبوم في الحقيبة وأغلقتها ثم ارتميت على سريري لأغط في نوم عميق.
وفي صباح اليوم التالي استيقظت من النوم قبل أختيّ، كانت الساعة السابعة صباحاً، أطللت على المطبخ فرأيت أخي يجلس وحيداً كالعادة يحتسي الشاي، التفت إلي، فابتسمت، أشار لي بأن أقترب، فتقدمت وجلست بقربه، وها هو يبدأ بصب الحليب في كوب ليقدمه لي.
“إبدأي يومك بكوب حليب، ذلك صحي”
شربت جرعة من ذلك الحليب ووضعته جانباً، بقيت أنظر لقسمات وجهه، وتذكرت الألقاب التي تلقبه بها رانيا كالقرد والخنزير.. انقبض قلبي.. لا يحق لها، خاطبني قائلاً: “فور وصولك لمنزل خالتك، اطلبي منها أن تخصص لكن غرفة بعيدة عن غرف أبنائها الشبان”.
هززت رأسي إيجابياً، ثم قلت: “كنت أفكر بالبقاء معك”، “تبقين معي؟ لماذا؟” “ستبقى وحيداً إن ذهبنا نحن الثلاث” نظر لي بعمق، ثم ابتسم بسخرية: “وماذا تستعطين أن تفعلي بوجودك سوى أن تكوني عبئاً علي” طعنني بسهام حادة، فهتفت عاضةً شفتي: “أتكره كوني معك؟”.
نهضت بغضب قائلة: “من حق رانيا أن تلقبك بالخنزير والقرد ومن حق نجلاء أن تكره حتى سماع اسمك” وركضت متجهة نحو غرفتي.
في موعد الرحيل، جلست نجلاء ورانيا في المقاعد الخلفية لسيارة أخي الفخمة الذي بدت ملامح الضيق على وجهه عندما رأى نجلاء ورانيا تجلسان في الخلف تاركتين المقعد الأمامي شاغراً، أهو سائق ليفعلا ذلك؟ ولكني الآن يفترض أن أكون غاضبة منه، لكن.. سأجلس في المقعد الأمامي.. فور اقترابي من باب المقعد الأمامي صاحت رانيا باستنكار: “شذى ما الذي تفعلينه؟!! تعالي واجلسي بقربي”.
نظرت إلى أخي فقال وهو يخرج هاتفه الخلوي من جيبه: “اجلسي مع أختيك فقد تودان التحدث معك”
أخذت أرنو إليه، ثم اتخذت مكاني في الخلف لتبدأ رانيا بمعاتبتي، وها هو يحرك السيارة وهو يتحدث عبر الهاتف:
“مرحباً جواد كيف حالك؟ الآن سآتي بالفتيات إليكم، شكراً، وداعاً” جواد هو ابن خالتي الأكبر الذي يكبر جابر بسنتين، جابر يبلغ من العمر سبعة وعشرين عاماً، ولكن الشعيرات البيض بدأت بغزو شعره الأسود، توقفت السيارة بعد فترة أمام منزل خالتي، فأطلقت رانيا العنان لكلماتها الجارحة: “آه وأخيراً غادرنا ذلك المنزل المملوء بالجو الرديء الذي لا نستطيع التنفس فيه”.
وهبطت بسرعة من السيارة مع نجلاء وأخذتا تضحكان خفية، نظرت لأخي الذي أبعد أنظاره عنهما في تجاهل وخاطبني بصوتٍ لامست فيه غضبه: “اخرجي شذى” نزلت من السيارة وأطللت عليه من النافذة قائلة: “أخي هل ستزورنا؟” هزّ رأسه ايجابياً: “نعم، في كل جمعة سآتي لزيارتكن” نظرت لعينيه بعمق، ثم قلت: “أخي أتمنى ألا تنسانا نحن نحتاجك” هزّ رأسه ايجابياً، وترجل من سيارته، مسح رأسي من فوق الحجاب قائلاً: “اجتهدي في دراستك شذى”، واتجه نحو منزل خالتي وقرع الجرس، فخرج جواد مرحباً: “أهلا جابر.. تفضّل، تفضّل مع أخواتك”.
دخلت منزل خالتي لأرى بنات خالتي يرحبن بأختيّ، طبعاً لم تهتم بنات خالتي بي كثيراً لأني صغيرة كما يقلن، جلست بقرب خالتي فخاطبتني:
“لازلتِ تشبهين والدتكِ المرحومة في كل شيء”.
التفتت إليها باسمة.. ثم قلت: “خالتي، أخي يطلب منك تأمين غرف لنا بعيدة عن غرف أبنائك الشبان، فهل هذا ممكن؟”
أطلقت ضحكة وقالت: “بالطبع عزيزتي، لقد جهزت لرانيا غرفة لوحدها لأنها أكبركن، وأنتِ ستشاركين نجلاء غرفتها”
ابتسمت بامتنان: “شكرا خالتي”
وقلت: “كذلك يا خالتي أريد منكم أن تلحقوني بمدرسة هنا”
“جواد سوف يتكلفل بذلك فلا تخافي”.
وها هو جواد يدخل المنزل مع جابر حاملين الحقائب، يضعان الحقائب بالقرب من الباب الرئيسي، وها هو جواد يتجه نحو المطبخ بينما يومئ لنا أخي بالاقتراب، نهضنا نحن الثلاث متجهات نحوه، وقفنا أمامه، فأخرج هو من جيب سترته ثلاثة ظروف، قدم الأول لرانيا قائلاً: “هذه النقود لك، “وقدم الثاني لنجلاء: “وهذه لك” والثالث لي: “وهذه لك”
ثم قال: “إن احتجتن للمزيد اتصلن بي، سأزوركن في كل جمعةٍ لأطمئن عليكن.
استدار متجهاً نحو الباب فاستوقفته خالتي: “لحظة! ألن تتناول طعام غدائك معنا؟”.
أشار برأسه نفياً بابتسامة: “لا شكراً خالتي، أتمنى أن تعتني بالفتيات”،
“لا داعي لتوصيني على بنات أختي، فهن كبناتي”، ابتسم هو، وغادر قائلاً: “وداعاً” غادر وتركنا نحن الثلاث نعيش حياة جديدة وفي منزل جديد، رغم أن رانيا ونجلاء في قمة الفرحة، كنت أشعر بانقباض في قلبي، أود الرجوع إلى حيث كان والداي، أشعر بتأنيب الضمير، لماذا تركت أخي وحده هناك، سيعاني وحدة قاتلة، ليتني أستطيع العودة!
مضاف إليه- استشاري متميز
- عدد المساهمات : 163
العمر : 43
تاريخ التسجيل : 30/05/2008
السٌّمعَة : 2
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت ديسمبر 16, 2023 6:53 pm من طرف Admin
» الناجحون
السبت ديسمبر 16, 2023 6:51 pm من طرف Admin
» فَوَيلٌ ثُمَّ وَيْلٌ ثُمَّ وَيْلٌ - لِقَاضِي الأرْضِ مِنْ قَاضِي السَّ
السبت أغسطس 19, 2023 4:41 am من طرف Admin
» لا شيء ينبت هنا بدون جذور
السبت أغسطس 19, 2023 4:40 am من طرف Admin
» يحكى أن
السبت أغسطس 19, 2023 4:34 am من طرف Admin
» المفتاح السحري الأساسي للإمساك بخيوط الحل لأية مشكلة
الأربعاء أغسطس 02, 2023 2:43 am من طرف Admin
» شارك الفيديو لطفا
الخميس نوفمبر 03, 2022 6:11 pm من طرف Admin
» ( ١.٩$ ) بليون دولار .. وتزوجت سائقه ...
الخميس أغسطس 11, 2022 1:20 pm من طرف Admin
» مشكلة وحل (1) الخجل
الجمعة أغسطس 05, 2022 4:56 am من طرف Admin
» لحل اية مشكلة / اساسيات
الجمعة أغسطس 05, 2022 3:25 am من طرف Admin
» زوجات وأزواج يعترفون: هذا أطرف مقلب حصل معنا!
الجمعة أغسطس 05, 2022 3:19 am من طرف Admin
» إنهم أغلى ما في الحياة ، وليسوا بحجارة
الجمعة أغسطس 05, 2022 3:15 am من طرف Admin
» الحكي بيناتنا
الأحد يوليو 31, 2022 3:56 pm من طرف Admin
» كيف نتعرف على الشخصية الصعبة
الأحد يوليو 31, 2022 3:06 pm من طرف Admin
» ليس مهماً أن تدخل الحمير الجامعة، المهم هو ألا تخرج منها بشهادة جامعي
الثلاثاء فبراير 09, 2021 3:35 am من طرف Admin