الفردية بين المعنى والحقيقة الواقعية

الفردية بين
المعنى والحقيقة الواقعية

كثيراً ما
نسمع كلمة الفردية , والفعل الفردي , والأنانية التي نستخدمها لإظهار حب الذات (حي
الذات) وكثير من المتشابهات . وبالمقابل نسمع عن أن الأفعال الفردية بغض النظر عن
ماهيتها تخص صاحبها فقط , وتعنيه هو فقط , ويصر اصحاب هذه النظرة على أنها تنتمي
إلى الحرية الشخصية أي تصرف الفرد بطريقته وعلى هواه وهو حر بنفسه , وبالتالي صبت
بمفهوم الفردية مرة أخرى .

نظرت إلى
الموضوع , ولم أرى فيه أي شيء يعني الفردية , كفردية بسيطة أو فردية مطلقة , بل اي
تصرف كان , كبيراً أم صغيراً لا يمكن أن يكون فردياً على الإطلاق حتى لو أغلق
المرء الباب على نفسه وغاب زمنا , مهما يكن قصيراً أم طويلاً . ليس هناك للفردية
من معنى صحيح فعلاً . حتى لو عاش المرء على جزيرة لم تطأها قدم بشر ومات ولم تطأها
قدم بشر , ثم عرفها الناس بعده , فإن ما تركه سيتحدث عنه ويؤثر بمن قدموا .

إن اي تصرف
من قبل شخص سوف يؤثر بغيره , بطريقة ما , وبدرجة ما , ويؤدي لسلسلة أفعال تذهب في
إتجاهات مختلفة تؤثر بكل من يكون في محيطها , تأثيراً متأرجحاً بين السلبية
والإيجابية , حسب التصرف الذي نتج عن الفرد وحسب من تلقاه كفرد أو كمجموعة افراد
في زمن واحد أو في أزمنة مختلفة .

يقال أن
الذي يزرع بستانه , يستفيد منه , كفرد يقوم بعمل ينفعه هو .

هذا صحيح من
الناحية المادية كعائد نقدي أو منتجات , ولكن احقاً هذا من شأنه هو فقط ؟

ألا يعني
ذلك أن هذه البقعة المعتنى بها تضم اشجاراً تمتع النظر , وتمنع تعرية التربة ,
وتحافظ على المياه الجوفية , وقد يدخلها فرد أو افراد ويتمتعوا بثمرها بعد إذن
صاحبها أو بغير إذن فيرتكبون إثماً سببه وجود الثمار بسبب إعتناء المالك الفردي به
من أجل عائد يعود إليه فقط كفرد . !!!

أحد الأشخاص
يؤمن إيماناً قوياً بالله عز وجل , هذا بحد ذاته سيجزى عليه الجنة (بينه وبين ربه)
وهو فعل فردي في الأداء وفي الثواب , ولكن عندما يكون فعلاً هكذا , ألا يكون قدوة
لغيره , فيتمنى الناس تقليده ويتبعوا ملته , ألا ترق طباعه وتزيد إنسانيته فينال
من حبه ورحمته وكرم يداه الكثير من البشر , بلى .

وفي نفس
الوقت لو حدث العكس ومال المرء نحو شيطان نفسه
لا قدر الله , ألا ينال جزاءً فردياً لن يحاسب عليه سواه , ألن يكون قدوة
سيئة ينال عليها سيئآت لما يفعله . أيضاً وبالتأكيد بلى , فأين الفردية في كل
تصرفات المرء التي يحسبها تخصه وحده .

نسمع
أمثالاً كثيرة من نوعية يداك أكاتا وفوك نفخ , هذا حقيقي هو من تسبب في قتل نفسه
نتيجة هذا التصرف أو ذاك . ولكن هناك زوجة , أولاداً , أهلاً سوف يشكل فقدانه
حزناً لهم بأي درجة هو أخطأ أجل , ونال عقابه ولكن , تأثير خطؤه فاض على غيره , فأين
الفردية في هذا ايضاً . ألم نصل إلى حقيقة أنه لا يوجد فردية في التصرف مهما كان ,
ولا يوجد شيء إسمه حرية شخصية أفعل ما اريد , وتنتهي حرية الفرد عندما تبدأ حرية
الآخرين , هذا كله ليس حقيقة ولكل الأشياء هامش مهما صغر أو كبر , يتقاطع مع الآخرين
ويشترك في معظم الأمور مع هوامش وحقائق غيره , لذك حين يتصرف المرء ينبغي أن يعرف
أن لتصرفاته هذه تأثير على غيره , حين يأكل , حين يشرب , حين يتحدث حين يتنفس ,
حين يفتح صنبور الماء ليملأ كأس ماء , ليراقب المرء نفسه , ليبقى على مسافة من
الخطأ تكفي ليتوقف قبل صدوره , فمن يدري أحيانا نتفوه بكلمة , فإذا بها تغيير مجرى
حياتنا أو حياة من كان في مداها , وربما نقلها حرفياً أو عبر تأثره بها وإنعكاسها
على تصرفاته التي سيكون لها تأثير على محيطه . الحسنة يتبعها الحسنة والسيئة ابشع
بكثير وأكثر ضرراً .

رغم أن
الحسنة بعشرة أمثالها والسيئة بمثلها , أعتقد أنني شخصياً سأتمنى طوال حياتي أن
أفعل الحسنات كي أمحو تلك التي بمثلها .........يحق لي أن أخاف وأن أتمنى أن أعيش
قرونا فقط أجمع الحسنات , لأنني من البشر على ما أعتقد , وربما لا استطيع بعمر
واحد أن افوز بقليل من السيئات لتمحوها الحسنات التي قد تذهب لتمحو أخطائي السيئة .

أتمنى على
الله أن أقهر شيطان نفسي

عافاكم الله
من كل شر