أنت و... الآخر

من طرف **خسرانة** الأربعاء أبريل 07, 2010 3:05 am

أنت
و... الآخر

بقلم: هيام أبو الزلف
أهرب
منه إلى فراشي، أتدثر وأغطي رأسي بوسادتي، فينسل إلي من تحت دثاري، لتنهمر
دموعي على خديه فيحتويني بذراعيه إلى أن أغفو، وأشكر ربي حين أنام فلا أجده
قد اقتحم حلمي.
وعندما أستفيق يكون هو السباق إلى تحية
الصباح، يدور حولي... يغازلني... يصحن خدي بكفيّه... يمر بأنامله على جفنيّ
فأستحلفه بالله أن يدعني وشأني، وأرجوه أن لا يترك علامة فاضحة فوق
جلدي...ثمّ أهرب منه، وأغلق الباب دونه لأحاول أن أصلح ما بعثره في ملامحي،
فأنظف بشرتي بالماء والصّابون وأغطي قروح جفني بأطنان الكحل، ...أرسم على
شفتي ابتسامة، وأنطلق إلى عملي لابسةً على جرحي أجمل رداء.
قد
تتساءلُ من هو، أنت تعرفه جيدا، في الواقع أنت من عرفني به، لكنني لا
أستطيع أن أجمعكما معًا في قلبي. فحيث تكون أنت ينكمش هو ويضمحل وكأنه لم
يكن، ولكن حين أطل من كوة هبت علي منها نسائم حروفك فلا أجد غير المحل، ولا
يلفح وجهي سوى ريح السموم فإنه يأتيني اجتياحا ليملأ ذلك الخواء الذي
حسبته يوما بلا وزن فإذا بوطأته تسحقني.
إنّك تنجح في
تفريغي من المعنى فيأتيني ليملأني بحضوره، تطفئ ما أججت، فيشعل هو جذوتي،
تمعن في صمتك، حتى صرت لا أتقن التواصل معك، في حين أنا معه في ثرثرة
دائمة، أغلق أحيانًا أذني بسبابتيّ كي لا أسمعه، فيعلو صوته أكثر.

لست خائنة بطبيعتي، لكن يخسرني كل من يحسبني أمرا مفهومًا ضمنًا، إن
وجوده الدائم يزعجني، ويروعني أن أرى ملامحه في مرآتي، لكن حين أقارن
بينكما أتيقن بأنه أكثر وفاء وثباتًا. أنت تملك اسما واحدا وآلاف الوجوه،
وهو يملك كيانا واحدا متعدد الأسماء. فمرة يدعى البؤس، ومرة يدعى القهر،
والحزن، واليأس، والشقاء، والغم، والاكتئاب... أنت وضعتني في متاهة لا أجد
فيها الدرب إلى ذاتي، وهو وضعني في مسار يقودني إلى تلك المنطقة السرمدية
من الوجود، أو اللاوجود.
فإذا ما خطرت ببالك يوما، ستجد الباب
موصدا دونك، وإن طرقته ولم يجبك غير الصمت فاعرف أني قد وضبت حقائبي وهربت
مع حبيبي الجديد.