المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
د محمد سردار رحمه الله - 3791 | ||||
الاستشاري - 2664 | ||||
غريب الامارات - 1632 | ||||
شام - 1616 | ||||
Admin - 1570 | ||||
ام المجد - 1508 | ||||
المتميز - 883 | ||||
ود - 759 | ||||
شيماء الشام - 733 | ||||
المتمردة - 499 |
أهلا بكم
دعمكم لهذا المنتدى يكون بتبادل الفائدة وابداء الرأي نتمنى أن نتشرف بكم كأعضاء واستشاريين - بوجودكم سيكون المنتدى أجمللوحة ترحيب
أهلا بك من جديد يا زائرآخر زيارة لك كانت في الخميس يناير 01, 1970
آخر عضو مسجل زمرد١١فمرحبا بكم
أهلا بكم
دعمكم لهذا المنتدى يكون بتبادل الفائدة وابداء الرأي نتمنى أن نتشرف بكم كأعضاء واستشاريين - بوجودكم سيكون المنتدى أجملإعلانات تجارية
لا يوجد حالياً أي إعلان
جديد الاعلانات feedburner
http://feeds.feehttp://feeds.feedburner.com/akbarmontadacom/Bwkxdburner.com/akbarmontadacom/Bwkxالخجل الاجتماعي والحياء المحمود الفرق بينهما
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الخجل الاجتماعي والحياء المحمود الفرق بينهما
الخجل الاجتماعي والحياء المحمود الفرق بينهما
د. فضيلة عرفات
الخجل الاجتماعي رفيق قديم للإنسانية منذ زمن بعيد تحدث عنه هيبوقراط وسبقه إلى ذلك هوميروس في الأوديسة ، وهو سمة من سمات الطبع ألهمت شعراء وكتابا كبارا وجعلتهم يخطون الصفات الفياضة بالمشاعر الصادقة كما انه عنصر من عناصر الشخصية قديمة قدم الإنسان لكن النظرة إليه في يومنا هذا أخذت تصبح أكثر فأكثر كالنظرة إلى مرض عادي .
الخجول يشعر بالأمان إذا وجد نفسه في محيط مألوف بالنسبة له في حين إن الشخص الذي يعاني من الخجل الاجتماعي قد يشعر بالخوف عندما يجد نفسه أمام أشخاص تربطه بهم معرفة قديمة .
لا شك أن أي إنسان يمتلك مقدارا من الخجل الاجتماعي وهو أمر ضروري حيث أن انعدام الإحساس بالخجل يعتبر ظاهرة شاذة وغير صحية على المستوى النفسي ولكن الخجل يصبح أمرا غير طبيعي إذا كان شديدا ويعيق نمو الشخصية ويحد من تفاعلها الاجتماعي يبدأ الخجل عند الصغر حيث يبدأ الطفل منكمشا على نفسه حيث أن الأطفال جميعا تقريبا يمرون بفترة من الشعور بالخجل وخاصة عند الاختلاط بالأجانب ولكنهم مع تدخل الوالدين في أجراء تغيرات اجتماعية كالتفاعل الاجتماعي وتعليم الأبناء في التحدث مع الآخرين وفن الاستماع والرد وأصول المحاورة والحديث فأنهم يتخلصون من الخجل أما إذا لم يتدخل الوالدان فسيكون الخجل حينئذ وسيلة للهروب من الاحتكاك الضروري بالحياة الاجتماعية فيغيب التفاعل وتظهر مكانه العزلة وتضيع الشجاعة لتبرز المواقف المحرجة وعدم القدرة على التكيف وهذه الصفات السلبية تنمو في كل مظاهر العاطفية والسلوكية مع الطفل حيى يكبر من هنا نخلص إلى القول إن جذر الخجل الاجتماعي يكمن في التربية العائلية ولعله في أدواره الأولى يكمن كالبذرة في نفسية الطفل فتنمو عبر عملية تطور السلوك الاجتماعي وتتخذ لها مظاهر شتى وتنمي استجابات محددة لمواقف معينة.
في حين عد البعض الأخر من علماء النفس والاجتماع الخجل مرضا اجتماعيا ونفسياً يسيطر على مشاعر وأحاسيس الفرد منذ الطفولة كما أنه ثمار شجرة الخوف والقلق والضعف ) فيؤثر في بعثرة طاقاته الفكرية ويشتت إمكانياته الإبداعية وقدراته العقلية ويشل قدرته على السيطرة على سلوكه وتصرفاته تجاه نفسه وتجاه المجتمع الذي يعيش فيه .
لقد أكد علماء التحليل النفسي على أهمية الخبرات الأسرية الأولى في سلوك الطفل واتجاهاته لأن الطفل ينشأ في هذه الخلية وينمو وهي أي تكيف وعيه بما يحيط به من كائنات سواء أحدث هذا عن وعي أم عن غير وعي .
ويلعب الوالدين وبصفة خاصة الأم دورا هاما في اكتساب الطفل ثقافة المجتمع بكل ما فيها من قيم وعادات وتقاليد ومعايير اجتماعية والأسرة تغرس مجموعة من العادات والقيم السائدة في المجتمع حتى تعده للحياة الاجتماعية الناجحة وفشل الطفل في اكتساب معايير الجماعة ولا يخفي على أحد ما للتربية من دور مهم ومباشر في بناء الإنسان وتوجيه أفكاره ومشاعره وتحقيق نموه وتكامله وبالتالي ليكون عضوا مفيدا في مجتمعه ومواطنا صالحا قادرا على أداء مسؤولياته الفردية والاجتماعية لأن ( وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة ووراء كل تربية عظيمة معلم متميز ) لأن للتربية دور هام في تحقيق الصحة النفسية فإذا نشأ الطفل بطريقة سليمة اكتسب شخصية طبيعية وعاش مستريح النفس أما إذا نبت عود الغرس معوجا منذ بدايته لازمه ذلك الاعوجاج مستقبلا وكان من الصعب إصلاحه في حديث شريف قال الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم )( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )
يعتبر الخجل شكل من أشكال الخوف يتميز بالاضطراب أثناء احتكاك الطفل بالآخرين وهو يستثار بواسطة الناس وليس بالأشياء أو الحيوانات أو المواقف .
كما ميز فاخر عاقل في كتابه ( أصول علم النفس وتطبيقاته 1975 ) : معنيان للخجل المعنى الأول : يدل على أزمة معينة أو هيجان في وقت من الأوقات وبمناسبة من المناسبات ويعتبر أمر طبيعي سوي يصيب كل الناس ويتعرض له الإنسان في مختلف مراحل حياته إما المعنى الثاني للخجل فهو يدل على صفة دائمة يتصف بها شخص معين وتؤثر في حياته وتصرفاته وأفكاره فقد يحمر وجهه لأبسط ملاحظة ويضطرب عندما يوجه إليه أي انتباه وتصبح حركاته مضطربة ومترددة ويحس بشلل في أفكاره ويتلعثم كلامه ويطأ رأسه منخفضا ويحس بخفقان القلب واضطراب التنفس ففي هذه الحالة الإنسان مصابا بمرض الخجل ولا بد من معالجته ليتخلص من خجله الذي يسبب له ضيقا واضطرابا ويسد في وجهه سبل النجاح والتقدم ويبعده عن المشاركة في نشاط مجتمعه،أيا ما كأن فالخجول في الأعم إنسان يجب إن يتفوق ولكنه يحسب لرأي الناس آلف حساب إذ تتردد في نفسه صرختان تقول أولاهما ليتني أمر غير ملحوظ وتقول الثانية ليتني افرض نفسي على جميع الأنظار .
أما وجهة نظر ( زمباردو Zimbardo ) ( بص Buss وشيك Cheek ) علماء النظرية السلوكية المعرفية استخدموا مصطلح الخجل الاجتماعي كنوع من أنواع القلق الاجتماعي وعدم الارتياح والتوتر والارتباك في حضور الآخرين .
وعد زمباردو Zimbardo الخجل مفهوما متعدد الأبعاد وهو شائع يتضمن أنواع مختلفة من القلق الاجتماعي وصعوبات الأداء أمام الآخرين والقلق من التكلم والخوف والقلق من الجنس الأخر .
كما عد زمباردو الخجل بأنه رد فعل شخصي ينشا ويتأكد من خلال القيم الاجتماعية ( Social Values ) السائدة والبرمجة الحضارية ويكون انتشار الخجل أعلى من الحضارات الموجهة والمركزة نحو الذات أو لان ( Ego ) اكثر من الحضارات الموجهة نحو الجماعة أو الحضارات التي تركز على المجتمع .
ويتضمن الخجل الاجتماعي في رأي ( زمباردو Zimbardo ) من أربع مكونات رئيسية وهي :-
•1- المكون السلوكي : مثل تجنب المواقف الاجتماعية التي تثير الخوف للشخص الخجول وعدم التعبير عن مشاعره وأفكاره وصعوبة التحدث أمام الآخرين .
•2- المكون الفسيولوجي : زيادة ضربات القلب وجفاف الفم والارتجاف والشراهة في الأكل ، الارتعاش .
•3- المكون المعرفي : مثل الأفكار التي يحملها الفرد عن الموقف وتجعله غير قادر على التواصل مثل الفكرة السلبية حول الذات والانشغال المفرط بالذات ولوم الذات الثقة السلبية بالذات .
•4- المكون الانفعالي : مثل الشعور بالارتباك والخزي والاكتئاب والقلق والعزلة .
كما عرف زمباردو الخجل الاجتماعي تجريبيا : بعدم الشعور بالارتياح والميل إلى تجنب المواقف الاجتماعية والفشل في المشاركة في اللقاءات الاجتماعية والقلق والاضطرابات وتسلط الأفكار والمشاعر وردود الأفعال الجسمانية كما ان الخجل قد يكون مزمنا يبدو كصفة شخصية تركز على ذات الفرد مركزيا .
أوضحت كثير من الدراسات ان مشكلة الخجل الاجتماعي أو الخوف من المجتمع تظهر بشكل أكبر في فترة المراهقة مع احتمال ظهورها قبل أو بعد هذه السن وهناك كثير من المتخصصين في الأمراض النفسية يؤكدون ان هناك الكثير من الأشخاص يعانون من هذه المشكلة في صمت لأعوام طويلة ولكنهم يبدءوا في طلب المساعدة في حالة تزايد الحالة اذ إنها تسبب بعض المشاكل الكثيرة أو الأزمات في الحياة يرى بعض العلماء أن بالنسبة لهؤلاء الأشخاص عند حدوث أي موقف اجتماعي أو ظروف تجعلهم في مجتمع يشعرون بالخوف والتوتر ، الخجل لغة كما جاء في لسان العرب تحت باب خجل - الخجل - الاسترخاء من الحياء ويكون من الذل رجل خجل وبه خجلة أي حياء وامراءة خجلى وتثنيا خجلأوان والخجل من التحير والدهش من الاستحياء وامرأة حيية أي فيها حياء ورجل حيي وخجل الرجل خجلا فعل فعلا فاستحى منه ودهشى منه وتحير والخجل بمعنى البطر أيضا أي البطر في الغنى وقال أبو عمرو : الخجل والكسل والتواني عن طلب الرزق قال وهو مأخوذ من الإنسان الخجل يبقى ساكنا ولا يتكلم ولا يتحرك . والخجل بهذا المعنى يرتبط بالحياء وهو بذلك صفة حميدة من التراث العربي الإسلامي .
والدليل على ذلك ما ذكره الله عز وجل في قصة أدم علية السلام عندما خالف المعايير التي وضعها لهم في تنظيم حياتهم فعندما خالف آدم وزوجه هذه المعايير بدت سؤتهما وعورتهما واضحة وبذلك تعرضا لأول موقف يثير الخجل قال تعالى (( فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ )) ( سورة الأعراف : الآية 22 ) وهو بذلك الموقف استدعى الخجل لدى أدم وزوجه وذلك الموقف أول خرق للمعايير التي وضعها الله سبحانه وتعالى للإنسان هذا الموقف سبب مشاعر الخجل للفرد والارتباك وعدم الارتياح .
الحياء أنه خلق من أهم الأخلاق خلق مؤثر في الفرد والأسرة والمجتمع خلق اصبح غريبا في هذه الأيام وحينما ضاع منا فسد المجتمع .. خلق كلما تمسكنا به زاد المجتمع طهرا ونقاءا .
انه خلق الحياء الملاصق للإيمان فيزيد الإيمان بزيادته وينقص بنقصانه والحياء انقباض النفس أي أن النفس لا تستطيع فعل الرذيلة أو الشيء القبيح ولا تطيقه فالإنسان الحي لا يستطيع أن يرى نفسه مهانة أمام الله وإمام الناس أو أمام نفسه وأن أصل كلمه الحياء من الحياة ولذلك نقول : استحى الرجل أي أنه من قوة نبض الحياة داخله استحى ان يقع في الرذيلة من كثرة ما هو حيي .
قال الحسن المارودي في كتابه أدب الدنيا والدين حياء الناس ثلاثة :
•1. الحياء في الله تعالى
يكون حياء الإنسان من الله سبحانه وتعالى وهو أعلى درجات الحياء بامتثال أوامره وترك نواهيه وعدم التقصير في طاعته وهنا يكون الحياء دليلا على صحة الدين وقوة الإيمان ، وقد روى عن الرسول (e) أنه قال لأصحابه ( استحيوا من الله عز وجل حق الحياء ) فقالوا : يا رسول الله أنا لنستحي من الله والحمد لله قال : ( ليس كذلك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء ان نحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى وتذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء ) .
أي أن يحفظ الإنسان سمعه وبصره ولسانه فلا يستعملها إلا في طاعة الله وان يكون ما كله ومشربه من الرزق الحلال .
حياء الخوف والخشية والعبودية من الله عز وجل وهو الحياء المكتسب من معرفة الله ومعرفة عظمته وقربه من عباده واطلاعه عليهم وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور وهذا الحياء من أعلى خصال الإيمان بل هو من أعلى درجات الإحسان كما جاء في الحديث الشريف ( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك ) إن من أعظم ما يستحي منه ربكم مولى النعم ولا يتولد هذا الحياء إلا حين يطالع العبد نعم الله عليه ويتفكر فيها ويدرك تمامها وشمولها ثم يراجع نفسه ويحاسبها على التقصير ويخجل من ربه ولا سيما إذا من ربه ولاسيما إذا رزق العبد توفيقا فأدرك عظمة الله و أحاطته واطلاعه وقربه منهم وعلمه 0بخائنة الأعين وما تخفي الصدور.
ويقول الجنيد رحمه الله ( الحياء رؤية النعم ورؤية التقصير فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء ) ويقول بعض السلف : ( خف الله على قدر قدرته عليك واستحِ منه على قدر قربه منك )
2- الحياء من الناس
أما حياء الإنسان من الناس فيكون بالكف عن أذاهم ورعاية حقوقهم الأمر الذي يؤدي إلى ان يثق به الناس ويحبونه .
3- الحياء من النفس
ويكون حياء الإنسان من نفسه بان يجعل حياءه حكما عليه في كل ما يقوم به من أعمال سرا أو علانية فإذا أراد القيام بعمل ما فان كان ذلك العمل موافق لطاعة الله ورضاه فعله وإذا كان مخالف لذلك تجنبه وتحاشاه . والحياء الذي بين العبد وبين الناس فهو الذي يكف العبد عن الفعل مالا يليق به فيكره ان يطلع الناس منه على عيب . وإذا كمل حياء الإنسان من وجوهه الثلاثة وهي : حياؤه من الله وحياؤه من الناس وحياؤه من نفسه فقد اكتملت فيه أسباب الخير وانتفت عنه أسباب الشر .
وإذا فقد الإنسان فضيلة الحياء فانه يصبح قليل المروءة ضعيف الإيمان لا يخجل من فعل الشر ولا يؤتمن على عرض أو مال أو سر وهذا يؤدي إلى جعله مكروها عند الله وعند الناس ويظهر هذا بوضوح في قول الرسول (e) : ( إذا ابغض الله عبدا نزع منه الحياء فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا بغيضا مبغضا ) ويستحب الحياء في كل ما يصدر عن الإنسان من قول أو عمل والحياء في القول هو أن يطهر الإنسان فمه من الفحش وان ينزه لسانه من العيب وان يخجل من ذكر العورات فان من سوء الخلق وسوء الأدب ان يتلفظ الإنسان بالكلمات البذيئة دون ان يحسب حسابا لما ينتج عنها من ردود فعل نحوه ونحو من كان يستمع إلى ألفاظه البذيئة .
أنواع الحياء
الحياء نوعان
أحدهما الحياء الفطري : وهو ما كان خلقا غير مكتسب يرفع من يتصف به إلى اجل الأخلاق التي يمنحها الله لعبد من عباده ويفطره عليها والمفطور على الحياء يكف عن ارتكاب المعاصي والقبائح ولذا كان الحياء مصدر خير وشعبة من شعب الإيمان قال (e)
( الحياء شعبة من شعب الإيمان )
وثانيهما الحياء المكتسب : وهو ما كان مكتسبا من معرفة الله ومعرفة عظمته وقربه من عباده واطلاعه عليهم وعلمه سبحانه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور والمسلم الذي يسعى في كسب وتحصيل هذا الحياء إنما يحقق في نفسه أعلى خصال الإيمان أعلى درجات الإحسان عن أبى مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري (t) قال : قال رسول الله (e) ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ) . ( رواه البخاري )
ومن ثمرات الحياء العفة فمن اتصف بالحياء حتى غلب على جميع بفعاله كان عفيفا بالطبع لا بالاختبار .
والحياء لغة هو الحشمة كما وردت في تعريفه عبارات كثيرة ولكنها متقاربة المعنى فقيل الحياء هو انقباض النفس عن القبح وتركه لذلك وقيل هو انفعال النفس وتألمها من النقص والقبح بغريزة حب الكمال وقيل انه انكسار وتغير في النفس يلم بها إذا نسب إليها أو عرض لها فعل تعتقد قبحه فيقال استحيا من عمل غدا أي انفعلت نفسه وتألمت حين عرض علية ان يفعله فراه شيئا ناقصا .
وضد الحياء الوقاحة وقد يقابله البذاءة أي الفحش فقد روي في الحديث الشريف ( الحياء من الإيمان والإيمان من الجنة والبذاءة من الجفاء والجفاء من النار ) .
إما الخجل بأنه ارتباك يحدث للإنسان نتيجة موقف كسؤال المعلم للطالب فتجد الطالب يخجل ولا يستطيع عرض رأيه بوضوح فالخجل ناتج عن جبن وعن موقف فالشخصية الخجولة شخصية ضعيفة وشخصية لا تعرف قيمتها ولكن الحياء عكس ذلك فان الحياء ناتج عن شخصية قوية شخصية تستشعر قيمتها فهي كريمة تستعلي ان تفعل القبائح الخجل والحياء كلمتان متضادتان تستطيع أن تفسر كثيرا فالتصرفات الخاطئة مثل ترى حقه مهضوما ولا يطالب به وحينما تسأله لماذا تسكت عن حقك يقول أنا خجول حقا انه خجل وليس حييا فانه إن كان حييا لطالب حقه .
هناك العديد من الأحاديث النبوية الشريفة والتي يتحدث عن خلق الحياء ، يقول النبي (e) ( الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان ) ( رواه البخاري ) في الحديث (9) ومسلم في الحديث (151) وأبو داؤد في الحديث (4676) ،وفي رواية أخرى يقول النبي (e) الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا اله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ) ، كما يقول (e) ( الحياء كله خير ) رواه مسلم في الحديث (156) أبو داؤد في الحديث (4796) ، ويقول أيضا ( الحياء لا يأتي إلا بالخير ) رواه البخاري في الحديث (5766) ومسلم في الحديث (155) ويقول أيضا ( الحياء والإيمان قرناء جميعا ذا رفع أحدهما رفع الأخر ) رواه المستدرك في الحديث (1/22) ويقول (e) ( إن الله إذا أراد إن يهلك عبدا نزع منه الحياء ) رواه ابن ماجه الحديث (4554) ، ويقول (e) ( إن لكل دين خلقا وخلق الآلام الحياء ) رواه ابن ماجه في الحديث (4818) وهذا لا يعني إن الإسلام ليس فيه في الأخلاق إلا الحياء ولكن معناه أكمل أخلاق الإسلام هو الحياء.
ويقول (e) ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت ) رواه البخاري في الحديث (348) وابن ماجة في الحديث (4183) .
يقول الله سبحانه وتعالى واصف حال المرأة التي قابلت سيدنا موسى : (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) ( سورة القصص ، الآية : 25 )
ان أعلى درجات الحياء أرقاها أعظمها هو الحياء من الله إننا جميعا رجالا ونساءا وطلاب وطالبات وصغيرا وكبيرا نشترك عند ارتكابنا للمعصية في شيء أساسي إلا وهو عدم الحياء من الله .
قسم ابن القيم الحياء إلى عشرة أوجه :-
•1- حياء جناية : فمنه حياء سيدنا آدم عليه السلام لما فر هاربا من الجنة قال الله تعالى ( أفرارا مني يا أدم ) قال لا يأرب بل حياء منك .
•2- حياء التقصير : كحياء الملائكة الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون فإذا كان يوم قالوا سبحانك ما عبدناك حق عبادتك .
•3- حياء الإجلال : وهو حياء المعرفة وعلى حسب معرفة العبد بربه يكون حيائه منه .
•4- حياء الكرم : كحياء النبي (e) من القوم الذين دعاهم إلى وليمة زينب وطولوا الجلوس عنده فقام واستحى ان يقول لهم انصرفوا .
•5- حياء الحشمة : كحياء علي (t) ان يسال الرسول عن ابنته وحياء سيدنا عثمان بن عفان (t) عندما دخل على الرسول (e) فسحب الرسول ساقه الشريفة فسأله الصحابة لماذا سحبت ساقك يا رسول الله فقال( إلا استحي من رجل تستحي منه ملائكة الرحمن )
•6- حياء الاستحقار واستصغار النفس : كحياء العبد من ربه عز وجل حين يسأله وقد يكون لهذا سببان :
•- أحدهما استحقار السائل نفسه واستعظام ذنوبه وخطاياه .
•- الثاني استعظام مسؤولية وهو المولى عز وجل .
•7- حياء المحبة : فهو حياء المحب من محبوبته حتى إذا خطر على قلبه في غيبته أحس به في وجهه ولا يدري ما سببه . فالحياء الشديد لله تستحي منه فربما بكت عيناك ولربما اضطرب قلبك ولربما خشعت جوارحك فمن حياء النبي (e) ولحبه الشديد لله يقول
( اللهم ارزقني حبك وحب من احبك وحب عمل يقربني إلى حبك ) رواه الترمذي في الحديث (3491)
•8- حياء العبودية : فهو حياء ممتزج من محبة وخوف ومشاهدة عدم صلاح عبوديته فعبوديته له توجب استحياء منه لا محالة .
•9- حياء الشرف والعزة : فحياء النفس العظيمة الكبيرة إذا صدر منها ما هو دون قدرها أو إعطاء أو إحسان فانه يستحي مع بذله حبا وشرف نفس وعزة .
•10- حياء المرء من نفسه : فهو حياء النفوس الشريفة العزيزة الرفيعة من رضاها لنفسه بالنقص وقناعتها بالدون فيجد نفسه مستحييا من نفسه حتى كأنه له نفسين يستحي بأحدهما من الأخرى وهذا أكمل ما يكون من الحياء فان العبد إذا استحى من نفسه فهو يستحيي من غيره أجدر .
عن سلمان (t) قال : قال رسول الله (e) ( أن ربكم حيي يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه يدعوه إن يردهما صفرا ليس فيهما شيء )
عن أبى سعيد الخدري (t) قال : كان رسول الله (e) ( اشد حياء من العذراء في خدرها فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه ) متفق عليه .
يقول الأمام علي (t) : الحياء يصد عن الفعل القبيح ويقول ( الحياء سبيل إلى كل جميل ) ويقول أيضا ( غاية الحياء ان يستحي المرء من نفسه ) .
كما يقول علي بن آبي طالب (t) ( قرنت الهيبة بالخيبة والحياء بالحرمان والفرصة تمر مر السحاب ).
ويقول الإمام علي (t) أيضا في الحياء :
الإيمان : كالحياء والصبر وفي قول آخر له عليه السلام : من كثر كلامه كثر خطؤه ومن كثر خطؤه قل حياؤه ومن قل حياؤه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه ومن مات قلبه دخل النار .
وقال بعض البلغاء العلماء : يا عجبا : كيف لا تستحي من كثرة مالا تستحي وتتقي من طول مالا تتقي ؟
قال صالح عبد القدوس :
إذا قل ماء الوجه قل حياؤه ولا خير في وجه إذا قل ماء حياؤك فاحفظه عليك وإنما يذل على فعل الكريم حياؤه .
الحياء المعقول وغير المعقول
الحياء عبارة عن الشعور بالانفعال والانكسار للنفس نتيجة للخوف من اللوم والتوبيخ من الآخرين هذه الحالة النفسية تكون صحيحة ومناسبة في بعض الحالات وتعتبر من الصفات الطيبة وتكون تافهة وغير مناسبة في حالات أخرى وتعتبر من الصفات الذميمة ما أكثر الطلبة الذين درسوا بكل جد وتتبع واستوعبوا المناهج الدراسية بإتقان ولكنهم أصيبوا في الامتحان وخاصة في القسم الشفوي منه بالخجل والحياء الشديدين بسبب الضعف النفس وخسروا المعركة وكأنهم لم يقرؤوا شيئا أو نسوا ما قرءوه وبالتالي عجزوا عن الجواب وحصلوا على درجات واطئة وبالنتيجة حرموا من التقدم المعتاد في السنوات الدراسية لان الطلبة الذين لا يملكون الجراءة على الاتصال بالناس على اثر الخجل فيشعرون بالدونية ويخافون من المشاركة في المجالس العامة والاتصال بالأشخاص حتى أنهم يمتنعون أحيانا عن الذهاب إلى بيوت أقاربهم والتحدث معهم لما يحسون به من خجل وحياء كما يقول الرسول الكريم محمد (e) ( الحياء حياءأن حياء عقل وحياء حمق فحياء العقل العلم وحياء الحمق هو الجهل )
وعن الإمام الصادق (u) قال : قال رسول الله محمد (e) ( الحياء على وجهين فمنه الضعف ومنه القوة وأحلام وإيمان ) كما يقول ( الحياء يختص بالإنسان وهو مفقود بالحيوانات ) وكما يقول ( لا إيمان لمن لا حياء له ) .
قال سلم بن عمرو
لا تسال المرء عن خلائقه في وجهه شاهد من الخير فسمة الخير : الدعة والحياء وسمة الشر : القحة والبذاءة وكفى بالحياء خيرا إن يكون على الخير دليلا وكفى بالقحة والبذاءة شرا إن يكونا إلى الشر سبيلا .
قال الفضيل بن عياض : خمس علامات من الشقوة : القسوة في القلب وجمود العين وقلة الحياء ، الرغبة في الدنيا ، وطول الأمل .
ومن الآثار الإلهية :-
كما يقول الله عز وجل ( ابن آدم ... انك ما استحيت مني أنسيت الناس عيوبك ... أنسيت بقاع الأرض ذنوبك ومحوت من أم الكتاب زلاتك وإلا ناقشتك الحساب يوم القيامة )
ويقول الله عز وجل ( ما انصفني عبدي ... يدعوني فاستحي إن أرده ويعصيني ولا يستحي مني ) (إن المسلم المؤمن لا يشعر بالقلق لأنه يعلم إن الله معه ويستجيب له إذا دعاه وهو يرتبط دائما بربه في أعماله ويرى انه مهما أحرز في هذه الدنيا فان ذلك يرفع لفضل الله وذلك لان الإيمان العميق يغمر صاحبه بالسعادة والطمأنينة والاستقرار النفسي ويصدق عليه قول الله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ( سورة الأحقاف : الآية 13) ويجعل الإيمان صاحبه لا ينشغل بهموم الدنيا من فقر ولا يخشى الموت والآخرة لان لديه ذخيرة كبيرة من الأعمال الخيرة كما انه إذا أصابته مصيبة بذكر الله ويؤمن بقوله تعالى (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) ( سورة الرعد : الآية 28 ) مع هذا يتعرض المسلم في بعض الأحيان لعدم توازن القدرة الفعلية والعقائدية لديه ويقع فريسة للاضطرابات النفسية منها الشعور بالذنب والخجل وضعف الضمير والشعور بعدم الرضا والخوف والقلق والاكتئاب والميل للاعتداء وهنا يحتاج المسلم إلى أخيه المسلم القادر على المساعدة ليساعده على احتواء مشاعره والوصول إلى مرحلة التوافق العقلي والروحي والنفسي والاجتماعي .
ونستنتج مما ذكر إن الحياء منقبة وفضيلة ومعناها هو ان يرفع العبد عن المعاصي والآثام أما الخجل فانه منقصة لشعور الإنسان بقصور أمام الآخرين فلا يطالب بحقه لخجله ولا يقول كلمة الحق لخجله ولا يتحدث أمام الآخرين لشعوره إن معه خير منه .
د. فضيلة عرفات
د. فضيلة عرفات
الخجل الاجتماعي رفيق قديم للإنسانية منذ زمن بعيد تحدث عنه هيبوقراط وسبقه إلى ذلك هوميروس في الأوديسة ، وهو سمة من سمات الطبع ألهمت شعراء وكتابا كبارا وجعلتهم يخطون الصفات الفياضة بالمشاعر الصادقة كما انه عنصر من عناصر الشخصية قديمة قدم الإنسان لكن النظرة إليه في يومنا هذا أخذت تصبح أكثر فأكثر كالنظرة إلى مرض عادي .
الخجول يشعر بالأمان إذا وجد نفسه في محيط مألوف بالنسبة له في حين إن الشخص الذي يعاني من الخجل الاجتماعي قد يشعر بالخوف عندما يجد نفسه أمام أشخاص تربطه بهم معرفة قديمة .
لا شك أن أي إنسان يمتلك مقدارا من الخجل الاجتماعي وهو أمر ضروري حيث أن انعدام الإحساس بالخجل يعتبر ظاهرة شاذة وغير صحية على المستوى النفسي ولكن الخجل يصبح أمرا غير طبيعي إذا كان شديدا ويعيق نمو الشخصية ويحد من تفاعلها الاجتماعي يبدأ الخجل عند الصغر حيث يبدأ الطفل منكمشا على نفسه حيث أن الأطفال جميعا تقريبا يمرون بفترة من الشعور بالخجل وخاصة عند الاختلاط بالأجانب ولكنهم مع تدخل الوالدين في أجراء تغيرات اجتماعية كالتفاعل الاجتماعي وتعليم الأبناء في التحدث مع الآخرين وفن الاستماع والرد وأصول المحاورة والحديث فأنهم يتخلصون من الخجل أما إذا لم يتدخل الوالدان فسيكون الخجل حينئذ وسيلة للهروب من الاحتكاك الضروري بالحياة الاجتماعية فيغيب التفاعل وتظهر مكانه العزلة وتضيع الشجاعة لتبرز المواقف المحرجة وعدم القدرة على التكيف وهذه الصفات السلبية تنمو في كل مظاهر العاطفية والسلوكية مع الطفل حيى يكبر من هنا نخلص إلى القول إن جذر الخجل الاجتماعي يكمن في التربية العائلية ولعله في أدواره الأولى يكمن كالبذرة في نفسية الطفل فتنمو عبر عملية تطور السلوك الاجتماعي وتتخذ لها مظاهر شتى وتنمي استجابات محددة لمواقف معينة.
في حين عد البعض الأخر من علماء النفس والاجتماع الخجل مرضا اجتماعيا ونفسياً يسيطر على مشاعر وأحاسيس الفرد منذ الطفولة كما أنه ثمار شجرة الخوف والقلق والضعف ) فيؤثر في بعثرة طاقاته الفكرية ويشتت إمكانياته الإبداعية وقدراته العقلية ويشل قدرته على السيطرة على سلوكه وتصرفاته تجاه نفسه وتجاه المجتمع الذي يعيش فيه .
لقد أكد علماء التحليل النفسي على أهمية الخبرات الأسرية الأولى في سلوك الطفل واتجاهاته لأن الطفل ينشأ في هذه الخلية وينمو وهي أي تكيف وعيه بما يحيط به من كائنات سواء أحدث هذا عن وعي أم عن غير وعي .
ويلعب الوالدين وبصفة خاصة الأم دورا هاما في اكتساب الطفل ثقافة المجتمع بكل ما فيها من قيم وعادات وتقاليد ومعايير اجتماعية والأسرة تغرس مجموعة من العادات والقيم السائدة في المجتمع حتى تعده للحياة الاجتماعية الناجحة وفشل الطفل في اكتساب معايير الجماعة ولا يخفي على أحد ما للتربية من دور مهم ومباشر في بناء الإنسان وتوجيه أفكاره ومشاعره وتحقيق نموه وتكامله وبالتالي ليكون عضوا مفيدا في مجتمعه ومواطنا صالحا قادرا على أداء مسؤولياته الفردية والاجتماعية لأن ( وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة ووراء كل تربية عظيمة معلم متميز ) لأن للتربية دور هام في تحقيق الصحة النفسية فإذا نشأ الطفل بطريقة سليمة اكتسب شخصية طبيعية وعاش مستريح النفس أما إذا نبت عود الغرس معوجا منذ بدايته لازمه ذلك الاعوجاج مستقبلا وكان من الصعب إصلاحه في حديث شريف قال الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم )( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )
يعتبر الخجل شكل من أشكال الخوف يتميز بالاضطراب أثناء احتكاك الطفل بالآخرين وهو يستثار بواسطة الناس وليس بالأشياء أو الحيوانات أو المواقف .
كما ميز فاخر عاقل في كتابه ( أصول علم النفس وتطبيقاته 1975 ) : معنيان للخجل المعنى الأول : يدل على أزمة معينة أو هيجان في وقت من الأوقات وبمناسبة من المناسبات ويعتبر أمر طبيعي سوي يصيب كل الناس ويتعرض له الإنسان في مختلف مراحل حياته إما المعنى الثاني للخجل فهو يدل على صفة دائمة يتصف بها شخص معين وتؤثر في حياته وتصرفاته وأفكاره فقد يحمر وجهه لأبسط ملاحظة ويضطرب عندما يوجه إليه أي انتباه وتصبح حركاته مضطربة ومترددة ويحس بشلل في أفكاره ويتلعثم كلامه ويطأ رأسه منخفضا ويحس بخفقان القلب واضطراب التنفس ففي هذه الحالة الإنسان مصابا بمرض الخجل ولا بد من معالجته ليتخلص من خجله الذي يسبب له ضيقا واضطرابا ويسد في وجهه سبل النجاح والتقدم ويبعده عن المشاركة في نشاط مجتمعه،أيا ما كأن فالخجول في الأعم إنسان يجب إن يتفوق ولكنه يحسب لرأي الناس آلف حساب إذ تتردد في نفسه صرختان تقول أولاهما ليتني أمر غير ملحوظ وتقول الثانية ليتني افرض نفسي على جميع الأنظار .
أما وجهة نظر ( زمباردو Zimbardo ) ( بص Buss وشيك Cheek ) علماء النظرية السلوكية المعرفية استخدموا مصطلح الخجل الاجتماعي كنوع من أنواع القلق الاجتماعي وعدم الارتياح والتوتر والارتباك في حضور الآخرين .
وعد زمباردو Zimbardo الخجل مفهوما متعدد الأبعاد وهو شائع يتضمن أنواع مختلفة من القلق الاجتماعي وصعوبات الأداء أمام الآخرين والقلق من التكلم والخوف والقلق من الجنس الأخر .
كما عد زمباردو الخجل بأنه رد فعل شخصي ينشا ويتأكد من خلال القيم الاجتماعية ( Social Values ) السائدة والبرمجة الحضارية ويكون انتشار الخجل أعلى من الحضارات الموجهة والمركزة نحو الذات أو لان ( Ego ) اكثر من الحضارات الموجهة نحو الجماعة أو الحضارات التي تركز على المجتمع .
ويتضمن الخجل الاجتماعي في رأي ( زمباردو Zimbardo ) من أربع مكونات رئيسية وهي :-
•1- المكون السلوكي : مثل تجنب المواقف الاجتماعية التي تثير الخوف للشخص الخجول وعدم التعبير عن مشاعره وأفكاره وصعوبة التحدث أمام الآخرين .
•2- المكون الفسيولوجي : زيادة ضربات القلب وجفاف الفم والارتجاف والشراهة في الأكل ، الارتعاش .
•3- المكون المعرفي : مثل الأفكار التي يحملها الفرد عن الموقف وتجعله غير قادر على التواصل مثل الفكرة السلبية حول الذات والانشغال المفرط بالذات ولوم الذات الثقة السلبية بالذات .
•4- المكون الانفعالي : مثل الشعور بالارتباك والخزي والاكتئاب والقلق والعزلة .
كما عرف زمباردو الخجل الاجتماعي تجريبيا : بعدم الشعور بالارتياح والميل إلى تجنب المواقف الاجتماعية والفشل في المشاركة في اللقاءات الاجتماعية والقلق والاضطرابات وتسلط الأفكار والمشاعر وردود الأفعال الجسمانية كما ان الخجل قد يكون مزمنا يبدو كصفة شخصية تركز على ذات الفرد مركزيا .
أوضحت كثير من الدراسات ان مشكلة الخجل الاجتماعي أو الخوف من المجتمع تظهر بشكل أكبر في فترة المراهقة مع احتمال ظهورها قبل أو بعد هذه السن وهناك كثير من المتخصصين في الأمراض النفسية يؤكدون ان هناك الكثير من الأشخاص يعانون من هذه المشكلة في صمت لأعوام طويلة ولكنهم يبدءوا في طلب المساعدة في حالة تزايد الحالة اذ إنها تسبب بعض المشاكل الكثيرة أو الأزمات في الحياة يرى بعض العلماء أن بالنسبة لهؤلاء الأشخاص عند حدوث أي موقف اجتماعي أو ظروف تجعلهم في مجتمع يشعرون بالخوف والتوتر ، الخجل لغة كما جاء في لسان العرب تحت باب خجل - الخجل - الاسترخاء من الحياء ويكون من الذل رجل خجل وبه خجلة أي حياء وامراءة خجلى وتثنيا خجلأوان والخجل من التحير والدهش من الاستحياء وامرأة حيية أي فيها حياء ورجل حيي وخجل الرجل خجلا فعل فعلا فاستحى منه ودهشى منه وتحير والخجل بمعنى البطر أيضا أي البطر في الغنى وقال أبو عمرو : الخجل والكسل والتواني عن طلب الرزق قال وهو مأخوذ من الإنسان الخجل يبقى ساكنا ولا يتكلم ولا يتحرك . والخجل بهذا المعنى يرتبط بالحياء وهو بذلك صفة حميدة من التراث العربي الإسلامي .
والدليل على ذلك ما ذكره الله عز وجل في قصة أدم علية السلام عندما خالف المعايير التي وضعها لهم في تنظيم حياتهم فعندما خالف آدم وزوجه هذه المعايير بدت سؤتهما وعورتهما واضحة وبذلك تعرضا لأول موقف يثير الخجل قال تعالى (( فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ )) ( سورة الأعراف : الآية 22 ) وهو بذلك الموقف استدعى الخجل لدى أدم وزوجه وذلك الموقف أول خرق للمعايير التي وضعها الله سبحانه وتعالى للإنسان هذا الموقف سبب مشاعر الخجل للفرد والارتباك وعدم الارتياح .
الحياء أنه خلق من أهم الأخلاق خلق مؤثر في الفرد والأسرة والمجتمع خلق اصبح غريبا في هذه الأيام وحينما ضاع منا فسد المجتمع .. خلق كلما تمسكنا به زاد المجتمع طهرا ونقاءا .
انه خلق الحياء الملاصق للإيمان فيزيد الإيمان بزيادته وينقص بنقصانه والحياء انقباض النفس أي أن النفس لا تستطيع فعل الرذيلة أو الشيء القبيح ولا تطيقه فالإنسان الحي لا يستطيع أن يرى نفسه مهانة أمام الله وإمام الناس أو أمام نفسه وأن أصل كلمه الحياء من الحياة ولذلك نقول : استحى الرجل أي أنه من قوة نبض الحياة داخله استحى ان يقع في الرذيلة من كثرة ما هو حيي .
قال الحسن المارودي في كتابه أدب الدنيا والدين حياء الناس ثلاثة :
•1. الحياء في الله تعالى
يكون حياء الإنسان من الله سبحانه وتعالى وهو أعلى درجات الحياء بامتثال أوامره وترك نواهيه وعدم التقصير في طاعته وهنا يكون الحياء دليلا على صحة الدين وقوة الإيمان ، وقد روى عن الرسول (e) أنه قال لأصحابه ( استحيوا من الله عز وجل حق الحياء ) فقالوا : يا رسول الله أنا لنستحي من الله والحمد لله قال : ( ليس كذلك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء ان نحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى وتذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء ) .
أي أن يحفظ الإنسان سمعه وبصره ولسانه فلا يستعملها إلا في طاعة الله وان يكون ما كله ومشربه من الرزق الحلال .
حياء الخوف والخشية والعبودية من الله عز وجل وهو الحياء المكتسب من معرفة الله ومعرفة عظمته وقربه من عباده واطلاعه عليهم وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور وهذا الحياء من أعلى خصال الإيمان بل هو من أعلى درجات الإحسان كما جاء في الحديث الشريف ( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك ) إن من أعظم ما يستحي منه ربكم مولى النعم ولا يتولد هذا الحياء إلا حين يطالع العبد نعم الله عليه ويتفكر فيها ويدرك تمامها وشمولها ثم يراجع نفسه ويحاسبها على التقصير ويخجل من ربه ولا سيما إذا من ربه ولاسيما إذا رزق العبد توفيقا فأدرك عظمة الله و أحاطته واطلاعه وقربه منهم وعلمه 0بخائنة الأعين وما تخفي الصدور.
ويقول الجنيد رحمه الله ( الحياء رؤية النعم ورؤية التقصير فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء ) ويقول بعض السلف : ( خف الله على قدر قدرته عليك واستحِ منه على قدر قربه منك )
2- الحياء من الناس
أما حياء الإنسان من الناس فيكون بالكف عن أذاهم ورعاية حقوقهم الأمر الذي يؤدي إلى ان يثق به الناس ويحبونه .
3- الحياء من النفس
ويكون حياء الإنسان من نفسه بان يجعل حياءه حكما عليه في كل ما يقوم به من أعمال سرا أو علانية فإذا أراد القيام بعمل ما فان كان ذلك العمل موافق لطاعة الله ورضاه فعله وإذا كان مخالف لذلك تجنبه وتحاشاه . والحياء الذي بين العبد وبين الناس فهو الذي يكف العبد عن الفعل مالا يليق به فيكره ان يطلع الناس منه على عيب . وإذا كمل حياء الإنسان من وجوهه الثلاثة وهي : حياؤه من الله وحياؤه من الناس وحياؤه من نفسه فقد اكتملت فيه أسباب الخير وانتفت عنه أسباب الشر .
وإذا فقد الإنسان فضيلة الحياء فانه يصبح قليل المروءة ضعيف الإيمان لا يخجل من فعل الشر ولا يؤتمن على عرض أو مال أو سر وهذا يؤدي إلى جعله مكروها عند الله وعند الناس ويظهر هذا بوضوح في قول الرسول (e) : ( إذا ابغض الله عبدا نزع منه الحياء فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا بغيضا مبغضا ) ويستحب الحياء في كل ما يصدر عن الإنسان من قول أو عمل والحياء في القول هو أن يطهر الإنسان فمه من الفحش وان ينزه لسانه من العيب وان يخجل من ذكر العورات فان من سوء الخلق وسوء الأدب ان يتلفظ الإنسان بالكلمات البذيئة دون ان يحسب حسابا لما ينتج عنها من ردود فعل نحوه ونحو من كان يستمع إلى ألفاظه البذيئة .
أنواع الحياء
الحياء نوعان
أحدهما الحياء الفطري : وهو ما كان خلقا غير مكتسب يرفع من يتصف به إلى اجل الأخلاق التي يمنحها الله لعبد من عباده ويفطره عليها والمفطور على الحياء يكف عن ارتكاب المعاصي والقبائح ولذا كان الحياء مصدر خير وشعبة من شعب الإيمان قال (e)
( الحياء شعبة من شعب الإيمان )
وثانيهما الحياء المكتسب : وهو ما كان مكتسبا من معرفة الله ومعرفة عظمته وقربه من عباده واطلاعه عليهم وعلمه سبحانه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور والمسلم الذي يسعى في كسب وتحصيل هذا الحياء إنما يحقق في نفسه أعلى خصال الإيمان أعلى درجات الإحسان عن أبى مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري (t) قال : قال رسول الله (e) ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ) . ( رواه البخاري )
ومن ثمرات الحياء العفة فمن اتصف بالحياء حتى غلب على جميع بفعاله كان عفيفا بالطبع لا بالاختبار .
والحياء لغة هو الحشمة كما وردت في تعريفه عبارات كثيرة ولكنها متقاربة المعنى فقيل الحياء هو انقباض النفس عن القبح وتركه لذلك وقيل هو انفعال النفس وتألمها من النقص والقبح بغريزة حب الكمال وقيل انه انكسار وتغير في النفس يلم بها إذا نسب إليها أو عرض لها فعل تعتقد قبحه فيقال استحيا من عمل غدا أي انفعلت نفسه وتألمت حين عرض علية ان يفعله فراه شيئا ناقصا .
وضد الحياء الوقاحة وقد يقابله البذاءة أي الفحش فقد روي في الحديث الشريف ( الحياء من الإيمان والإيمان من الجنة والبذاءة من الجفاء والجفاء من النار ) .
إما الخجل بأنه ارتباك يحدث للإنسان نتيجة موقف كسؤال المعلم للطالب فتجد الطالب يخجل ولا يستطيع عرض رأيه بوضوح فالخجل ناتج عن جبن وعن موقف فالشخصية الخجولة شخصية ضعيفة وشخصية لا تعرف قيمتها ولكن الحياء عكس ذلك فان الحياء ناتج عن شخصية قوية شخصية تستشعر قيمتها فهي كريمة تستعلي ان تفعل القبائح الخجل والحياء كلمتان متضادتان تستطيع أن تفسر كثيرا فالتصرفات الخاطئة مثل ترى حقه مهضوما ولا يطالب به وحينما تسأله لماذا تسكت عن حقك يقول أنا خجول حقا انه خجل وليس حييا فانه إن كان حييا لطالب حقه .
هناك العديد من الأحاديث النبوية الشريفة والتي يتحدث عن خلق الحياء ، يقول النبي (e) ( الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان ) ( رواه البخاري ) في الحديث (9) ومسلم في الحديث (151) وأبو داؤد في الحديث (4676) ،وفي رواية أخرى يقول النبي (e) الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا اله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ) ، كما يقول (e) ( الحياء كله خير ) رواه مسلم في الحديث (156) أبو داؤد في الحديث (4796) ، ويقول أيضا ( الحياء لا يأتي إلا بالخير ) رواه البخاري في الحديث (5766) ومسلم في الحديث (155) ويقول أيضا ( الحياء والإيمان قرناء جميعا ذا رفع أحدهما رفع الأخر ) رواه المستدرك في الحديث (1/22) ويقول (e) ( إن الله إذا أراد إن يهلك عبدا نزع منه الحياء ) رواه ابن ماجه الحديث (4554) ، ويقول (e) ( إن لكل دين خلقا وخلق الآلام الحياء ) رواه ابن ماجه في الحديث (4818) وهذا لا يعني إن الإسلام ليس فيه في الأخلاق إلا الحياء ولكن معناه أكمل أخلاق الإسلام هو الحياء.
ويقول (e) ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت ) رواه البخاري في الحديث (348) وابن ماجة في الحديث (4183) .
يقول الله سبحانه وتعالى واصف حال المرأة التي قابلت سيدنا موسى : (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) ( سورة القصص ، الآية : 25 )
ان أعلى درجات الحياء أرقاها أعظمها هو الحياء من الله إننا جميعا رجالا ونساءا وطلاب وطالبات وصغيرا وكبيرا نشترك عند ارتكابنا للمعصية في شيء أساسي إلا وهو عدم الحياء من الله .
قسم ابن القيم الحياء إلى عشرة أوجه :-
•1- حياء جناية : فمنه حياء سيدنا آدم عليه السلام لما فر هاربا من الجنة قال الله تعالى ( أفرارا مني يا أدم ) قال لا يأرب بل حياء منك .
•2- حياء التقصير : كحياء الملائكة الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون فإذا كان يوم قالوا سبحانك ما عبدناك حق عبادتك .
•3- حياء الإجلال : وهو حياء المعرفة وعلى حسب معرفة العبد بربه يكون حيائه منه .
•4- حياء الكرم : كحياء النبي (e) من القوم الذين دعاهم إلى وليمة زينب وطولوا الجلوس عنده فقام واستحى ان يقول لهم انصرفوا .
•5- حياء الحشمة : كحياء علي (t) ان يسال الرسول عن ابنته وحياء سيدنا عثمان بن عفان (t) عندما دخل على الرسول (e) فسحب الرسول ساقه الشريفة فسأله الصحابة لماذا سحبت ساقك يا رسول الله فقال( إلا استحي من رجل تستحي منه ملائكة الرحمن )
•6- حياء الاستحقار واستصغار النفس : كحياء العبد من ربه عز وجل حين يسأله وقد يكون لهذا سببان :
•- أحدهما استحقار السائل نفسه واستعظام ذنوبه وخطاياه .
•- الثاني استعظام مسؤولية وهو المولى عز وجل .
•7- حياء المحبة : فهو حياء المحب من محبوبته حتى إذا خطر على قلبه في غيبته أحس به في وجهه ولا يدري ما سببه . فالحياء الشديد لله تستحي منه فربما بكت عيناك ولربما اضطرب قلبك ولربما خشعت جوارحك فمن حياء النبي (e) ولحبه الشديد لله يقول
( اللهم ارزقني حبك وحب من احبك وحب عمل يقربني إلى حبك ) رواه الترمذي في الحديث (3491)
•8- حياء العبودية : فهو حياء ممتزج من محبة وخوف ومشاهدة عدم صلاح عبوديته فعبوديته له توجب استحياء منه لا محالة .
•9- حياء الشرف والعزة : فحياء النفس العظيمة الكبيرة إذا صدر منها ما هو دون قدرها أو إعطاء أو إحسان فانه يستحي مع بذله حبا وشرف نفس وعزة .
•10- حياء المرء من نفسه : فهو حياء النفوس الشريفة العزيزة الرفيعة من رضاها لنفسه بالنقص وقناعتها بالدون فيجد نفسه مستحييا من نفسه حتى كأنه له نفسين يستحي بأحدهما من الأخرى وهذا أكمل ما يكون من الحياء فان العبد إذا استحى من نفسه فهو يستحيي من غيره أجدر .
عن سلمان (t) قال : قال رسول الله (e) ( أن ربكم حيي يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه يدعوه إن يردهما صفرا ليس فيهما شيء )
عن أبى سعيد الخدري (t) قال : كان رسول الله (e) ( اشد حياء من العذراء في خدرها فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه ) متفق عليه .
يقول الأمام علي (t) : الحياء يصد عن الفعل القبيح ويقول ( الحياء سبيل إلى كل جميل ) ويقول أيضا ( غاية الحياء ان يستحي المرء من نفسه ) .
كما يقول علي بن آبي طالب (t) ( قرنت الهيبة بالخيبة والحياء بالحرمان والفرصة تمر مر السحاب ).
ويقول الإمام علي (t) أيضا في الحياء :
الإيمان : كالحياء والصبر وفي قول آخر له عليه السلام : من كثر كلامه كثر خطؤه ومن كثر خطؤه قل حياؤه ومن قل حياؤه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه ومن مات قلبه دخل النار .
وقال بعض البلغاء العلماء : يا عجبا : كيف لا تستحي من كثرة مالا تستحي وتتقي من طول مالا تتقي ؟
قال صالح عبد القدوس :
إذا قل ماء الوجه قل حياؤه ولا خير في وجه إذا قل ماء حياؤك فاحفظه عليك وإنما يذل على فعل الكريم حياؤه .
الحياء المعقول وغير المعقول
الحياء عبارة عن الشعور بالانفعال والانكسار للنفس نتيجة للخوف من اللوم والتوبيخ من الآخرين هذه الحالة النفسية تكون صحيحة ومناسبة في بعض الحالات وتعتبر من الصفات الطيبة وتكون تافهة وغير مناسبة في حالات أخرى وتعتبر من الصفات الذميمة ما أكثر الطلبة الذين درسوا بكل جد وتتبع واستوعبوا المناهج الدراسية بإتقان ولكنهم أصيبوا في الامتحان وخاصة في القسم الشفوي منه بالخجل والحياء الشديدين بسبب الضعف النفس وخسروا المعركة وكأنهم لم يقرؤوا شيئا أو نسوا ما قرءوه وبالتالي عجزوا عن الجواب وحصلوا على درجات واطئة وبالنتيجة حرموا من التقدم المعتاد في السنوات الدراسية لان الطلبة الذين لا يملكون الجراءة على الاتصال بالناس على اثر الخجل فيشعرون بالدونية ويخافون من المشاركة في المجالس العامة والاتصال بالأشخاص حتى أنهم يمتنعون أحيانا عن الذهاب إلى بيوت أقاربهم والتحدث معهم لما يحسون به من خجل وحياء كما يقول الرسول الكريم محمد (e) ( الحياء حياءأن حياء عقل وحياء حمق فحياء العقل العلم وحياء الحمق هو الجهل )
وعن الإمام الصادق (u) قال : قال رسول الله محمد (e) ( الحياء على وجهين فمنه الضعف ومنه القوة وأحلام وإيمان ) كما يقول ( الحياء يختص بالإنسان وهو مفقود بالحيوانات ) وكما يقول ( لا إيمان لمن لا حياء له ) .
قال سلم بن عمرو
لا تسال المرء عن خلائقه في وجهه شاهد من الخير فسمة الخير : الدعة والحياء وسمة الشر : القحة والبذاءة وكفى بالحياء خيرا إن يكون على الخير دليلا وكفى بالقحة والبذاءة شرا إن يكونا إلى الشر سبيلا .
قال الفضيل بن عياض : خمس علامات من الشقوة : القسوة في القلب وجمود العين وقلة الحياء ، الرغبة في الدنيا ، وطول الأمل .
ومن الآثار الإلهية :-
كما يقول الله عز وجل ( ابن آدم ... انك ما استحيت مني أنسيت الناس عيوبك ... أنسيت بقاع الأرض ذنوبك ومحوت من أم الكتاب زلاتك وإلا ناقشتك الحساب يوم القيامة )
ويقول الله عز وجل ( ما انصفني عبدي ... يدعوني فاستحي إن أرده ويعصيني ولا يستحي مني ) (إن المسلم المؤمن لا يشعر بالقلق لأنه يعلم إن الله معه ويستجيب له إذا دعاه وهو يرتبط دائما بربه في أعماله ويرى انه مهما أحرز في هذه الدنيا فان ذلك يرفع لفضل الله وذلك لان الإيمان العميق يغمر صاحبه بالسعادة والطمأنينة والاستقرار النفسي ويصدق عليه قول الله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ( سورة الأحقاف : الآية 13) ويجعل الإيمان صاحبه لا ينشغل بهموم الدنيا من فقر ولا يخشى الموت والآخرة لان لديه ذخيرة كبيرة من الأعمال الخيرة كما انه إذا أصابته مصيبة بذكر الله ويؤمن بقوله تعالى (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) ( سورة الرعد : الآية 28 ) مع هذا يتعرض المسلم في بعض الأحيان لعدم توازن القدرة الفعلية والعقائدية لديه ويقع فريسة للاضطرابات النفسية منها الشعور بالذنب والخجل وضعف الضمير والشعور بعدم الرضا والخوف والقلق والاكتئاب والميل للاعتداء وهنا يحتاج المسلم إلى أخيه المسلم القادر على المساعدة ليساعده على احتواء مشاعره والوصول إلى مرحلة التوافق العقلي والروحي والنفسي والاجتماعي .
ونستنتج مما ذكر إن الحياء منقبة وفضيلة ومعناها هو ان يرفع العبد عن المعاصي والآثام أما الخجل فانه منقصة لشعور الإنسان بقصور أمام الآخرين فلا يطالب بحقه لخجله ولا يقول كلمة الحق لخجله ولا يتحدث أمام الآخرين لشعوره إن معه خير منه .
د. فضيلة عرفات
الاستشاري- المدير العام
- عدد المساهمات : 2664
تاريخ التسجيل : 21/03/2008
السٌّمعَة : 111
رد: الخجل الاجتماعي والحياء المحمود الفرق بينهما
جمال بلا حياء كوردة بلا عطاء ..
وإذا ذهب الحياء عمّ البلاء
وإذا ذهب الحياء عمّ البلاء
شيماء الشام- مستشار معتمد
- عدد المساهمات : 733
العمر : 51
تاريخ التسجيل : 08/11/2009
السٌّمعَة : 92
مواضيع مماثلة
» السلام عليكم وكل عام وانتم بخير : أعاني من الرجفة والخوف امام الناس الجمع
» وان خفتم شقاق بينهما...فابعثوا
» اختبار الزوجين لقياس حرارة الحب بينهما
» اسرار عن المرأة والرجل ... وفهم العلاقة بينهما
» محام كويتي يقضم أذن زوجته لخلافات وشكوك بينهما
» وان خفتم شقاق بينهما...فابعثوا
» اختبار الزوجين لقياس حرارة الحب بينهما
» اسرار عن المرأة والرجل ... وفهم العلاقة بينهما
» محام كويتي يقضم أذن زوجته لخلافات وشكوك بينهما
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت ديسمبر 16, 2023 6:53 pm من طرف Admin
» الناجحون
السبت ديسمبر 16, 2023 6:51 pm من طرف Admin
» فَوَيلٌ ثُمَّ وَيْلٌ ثُمَّ وَيْلٌ - لِقَاضِي الأرْضِ مِنْ قَاضِي السَّ
السبت أغسطس 19, 2023 4:41 am من طرف Admin
» لا شيء ينبت هنا بدون جذور
السبت أغسطس 19, 2023 4:40 am من طرف Admin
» يحكى أن
السبت أغسطس 19, 2023 4:34 am من طرف Admin
» المفتاح السحري الأساسي للإمساك بخيوط الحل لأية مشكلة
الأربعاء أغسطس 02, 2023 2:43 am من طرف Admin
» شارك الفيديو لطفا
الخميس نوفمبر 03, 2022 6:11 pm من طرف Admin
» ( ١.٩$ ) بليون دولار .. وتزوجت سائقه ...
الخميس أغسطس 11, 2022 1:20 pm من طرف Admin
» مشكلة وحل (1) الخجل
الجمعة أغسطس 05, 2022 4:56 am من طرف Admin
» لحل اية مشكلة / اساسيات
الجمعة أغسطس 05, 2022 3:25 am من طرف Admin
» زوجات وأزواج يعترفون: هذا أطرف مقلب حصل معنا!
الجمعة أغسطس 05, 2022 3:19 am من طرف Admin
» إنهم أغلى ما في الحياة ، وليسوا بحجارة
الجمعة أغسطس 05, 2022 3:15 am من طرف Admin
» الحكي بيناتنا
الأحد يوليو 31, 2022 3:56 pm من طرف Admin
» كيف نتعرف على الشخصية الصعبة
الأحد يوليو 31, 2022 3:06 pm من طرف Admin
» ليس مهماً أن تدخل الحمير الجامعة، المهم هو ألا تخرج منها بشهادة جامعي
الثلاثاء فبراير 09, 2021 3:35 am من طرف Admin