الطفل فيلســــــــوف بالفطرة ...

الطفل فيلســــــــوف بالفطرة ...

لا يكل الإنسان في مسيرة حياته ومنذ نعومة أفكاره في البحث عن الجوهرة الحقيقية لذاته وللعالم من حوله باستخدام آلة عقله التي تفحص مكنونات الأشياء المجردة وبمساعدة حواسه التي تعينه بالتجربة في فهم المادة والانتقال من علم تصوري إلى علم تصديقي .

فهو في ركض لاهث خلف صدى السؤال فتارة يصطدم بأجوبة باردة موروثة وتارة يتعثر بتجارب فاشلة سرعان ما ينهض عنها مستفيداً منها في إكمال مسيرة مشواره المعرفي الذي لايتوقف إلا بتوقفه عن الدهشة .

" فالدهشة " هي أول صفة باعثة على الفلسفة ، و الطفل الصغير يشترك مع الفيلسوف الكبير في هذه الصفة التي ترعبهما ، فهما لم يألفا العالم ولم يتعودا عليه بعكس الأبله الذي يفرح بالدهشة ولا يثيره الكون ولا يستغرب من تقلب الليل والنهار فالأشياء من حوله يراها طبيعية لا تستحق الالتفات ولا تثير الاهتمام .

ومن الصفات المشتركة أيضا أنهما " دائما في تساؤل " عن الأشياء من حولهما وعن الله والكون والطبيعة ، دائما ما يتأملان الأشياء طويلاً وفيما يقع بصرهما عليه ، يأخذانه يفحصانه ويجربانه ، يبحثان عن إجابات مقنعة عنه ، فهما في غصة من الأسئلة اللاهبة لا يرضيان بالإجابات الباردة الملقاة على قارعة الطريق أو الأجوبة الموروثة .

ومن صفات الطفل أيضاً أنه " ينتقد الأشياء " من حوله بشكل عفوي ويمضي عنها ، فهو لا يعرف المداهنة ولا النفاق ، وبهذه الصفة يشترك مع الفيلسوف و الناقد الجريء .

ومن الصفات المشتركة أيضا أنه " ناشر فضائح "، فهو لا يستطيع السكوت عن الأخطاء والتصرفات البلهاء الغير مسئولة والاحتجاج على الأوضاع التي لا تروق له ، وأنه دائم التمرد على الأفكار والعادات والتقاليد الموروثة .

ومن الصفات المشتركة أيضا أنهما " يعشقان الجمال " في كل شيء وينجذبان له ، فالطبيعة والسماء والنجوم والقمر بالنسبة لهما أجمل لوحة خطتها يد القدر .

ومن الصفات أيضا أنهما يبحثان عن " علل الأشياء "ومصدرها كالضوء والصوت والحركة . فالفلسفة تكمن في طريقة التفكير، ولم تكن الفلسفة مذمة إلا من جمد عقله على صخرة التقليد أو استقال عقله من التفكير

والطفل " فيلسوف بالفطرة " ، ومن مفارقات الطفل أنه تارة يضحكنا بأسئلته وتارة يرعبنا بها ولا عيب أن نتعلم منه فأول معلم للإنسانية هو الغراب