المرأة المطلقة في ظلم أهلها

من طرف **مراسل** الجمعة فبراير 11, 2011 7:22 pm

المرأة المطلقة في ظلم أهلها

خليفه محمد المحرزي رئيس المجلس الاستشاري الاسري

الناظر إلى واقع
الأمر لا يمكنه إنكار النظرة السلبيّة للمرأة المطلقة والتي تعد نظرة
شائعة في المحيط الاجتماعي , و لا يمكننا إلا أن نعترف أن مجتمعاتنا العربية يتفشى فيها النظر إلى المرأة المطلقة نظرة سلبية مفادها إنها امرأة سهلة المنال أو منحلة الأخلاق وما إلى ذلك من صور منحلة لا يليق بها البتة ،فما أن تتخلص المرأة من مشاكل الزوج حتى تدخل في دائرة المنزل الذي خرجت منه تحت سلطة الوالدين وسيطرة الأخ ووصاية العائلة عليها ، ويظل الشك يحيطها في كل لفته وسهوه.

للأسف
لاتزال ظاهرة مؤلمة وقاسية والكثير من أفراد المجتمع لا يزال يدفن رأسه في
التراب دون أن تحرك أو مبادرة لتغيير هذه الصورة المتنامية عند العديد من
العوائل والأسر .

المرأة المطلقة محكومة بنظرة اجتماعية بعيدة عن الإنصاف ،وبدلا من النظر إليها على أنها ضحية لعلاقة زوجية غير متكافئة ينظر لها البعض على أنها مذنبة او مقصرة ، فهي في نظر اهلها وصمة
عار على العائلة ونقطة قاتمه بسبب كلمة أنت طالق تحمله على جبينها ،
وكأنها مجرمة في نظر الآخرين.. لقب يحرمها من فرصة اختيار شريك العمر مرة
أخرى يضعها في دائرة الشك ومحل اتهام غير مبرر على اعتبار إنها ساهمت في
انهيار بيتها وتشتيت الأسرة ، وبالتالي فهي غير جديرة بالثقة في جل تصرفاتها !..
متناسين الوضع التي عاشته والظروف التي ساهمت في اختيارها للطلاق ،
ويتجاهلون أيضاً احتمال أن يكون زوجها هو من أوقع عليها اليمين من دون أي مبرر
حقيقي . ، عكس الرجل المطلق الذي يتمتع بصورة حسنة ويعد مقبولا في المجتمع
ويتحرك بسهولة لإتمام مراسم زواج مرة أخرى وكأنه المجني عليه لا الجاني..
ولا يجد المجتمع عيبا ولا يوجه لوماً للرجل المطلق أما هي فعَّار عليها انه
مطلقة.

وتزداد المعاناة بشكل حقيقي عندما تتطابق النظرة الداخلية مع وجه النظرة المجتمعية عندما يحكم بعض
أفراد العائلة على المرأة المطلقة من خلال سلوكها وتحركاتها وليس من خلال
شخصيتها أو التربية التي نشأت عليها بسبب عدم توفر خلفية كافية عن دينهم
ونقص العلم والثقافة والوعي ، فعندما تعود إليهم
المرأة تحمل بين طياتها ورقة الطلاق يظنون أن من السهل عليها إقامة علاقات
غير شرعية كونها صاحبة تجربة زواج فاشلة وتريد أن تثبت لذاتها إنها لا تزال
قادرة على إنشاء علاقة مع رجل ، كما تعتقد بعض الأسر إن المرأة المطلقة أكثر قدرة على القيام بأعمال غير أخلاقية من البنت العزباء ، ناهيك عن اتهامها بأنها خاطفة للرجال ،
حتى باتت هناك شريحة كبيرة من النساء يفضلن العيش في حياة زوجية صعبة لا
تطاق مع شريك صلف ارعن على حصولهن على الطلاق والرجوع تحت سيطرة العائلة من
جديد... فهن يتحملنّ الضرب والعنف وعدم الكرامة لتجنب ذلك ولسان حالهن
يقول ضيم الزوج ولا ظلم الأهل ،

هناك
الكثير من النساء اللواتي يعشن في بيوت أزواجهن وهن شبيهات بالمطلقات،
وترضى الواحدة منهن على العيش بتلك الطريقة فقط لأنها تخاف من أن تصبح
مطلقة في نظر العائلة والمجتمع، وأطفالها. .

هناك
بعض رجال العائلة الذين يعاملن المطلقة على أنها مجرمة ومنحرفة ومستعدة
للممارسة الهوى مع أي رجل كان، وينظرن لها على أنها قد أوصمت العائلة
بالعار، عار لا ذنب لها فيه ، فتعيش تحت أقدامهن ممنوعة من الحركة أو
التنفس أو الرغبة أو حتى الموت إلا بإذنهن وحدهن ، فغالبا ما ينظرون للمرأة
المطلقة وكأنها مارست الخطيئة وعادت إلى بيتها، فيعاملونها بقسوة وحدة،
وتصبح كشيء أو كمرض أصاب بيت العائلة ولا بد من استئصاله، ويكون الحل إما
بإخفائها من محيطها أو بتزويجها لرجل طاعن في السن والمصيبة الكبرى إذا طرأ
عليها أي تغير في شكلها أو تصرفاتها، فتقع المصيبة وتبدأ الألسن في العمل
تجاهها.

تعاملت مع بعض الحالات التي عاشت المعاناة منها زوجة مطلقة وهي لم تتعدى بعد العشرين من العمر ، حاولت الخروج من بيتها للبحث عن عمل ولكنها دخلت في مصادمات كثيرة مع أخيها بسبب إنها مطلقة .

أما
الأخرى فهي ما تزال تعاني الأمرين بسبب طلاقها من زوجها وعودتها إلى بيت
أهلها ، فقد فرت من بيت زوجها الذي كان لا يوفر فرصة إلا ويضربها فيها ،
وفي بيت أهلها تمت معاملتها كخادمة ، ومنعت من الخروج من بيت العائلة لأنها
امرأة مطلقة ، وكانت نساء العائلة تنظر إليها وكأنها كتلة من الخطأ
والخطيئة.

أما
الأخيرة فقد جلست في بيت أهلها بعد طلاقها ، ولكن نساء العائلة قررن
التخلص منها فقط لأنهن يرغب في الحصول على كل الممتلكات وهي تشكل عائقا في
ذلك ، فدبرن المكيدة لها ، وتم طردها على خلفية ما يسمى بتلويث شرف
العائلة.

لذا
فإن الكثير من أفراد مجتمعنا لديهم نظرة، أو ردة فعل سلبية للمطلقة ،
وبالتالي يعاملونها معاملة ظالمة. وعلى الرغم من أن ديننا الإسلام لم يقدم
دليلاً يسمح بمعاملة المرأة المطلقة بشكل مختلف عن الأخريات, إلا أن ردة
فعل المجتمع مبنية على العادات والتقاليد ، وهذا
الخلل أساسا يكمن في التربية الاسريه حيث إننا سمحنا للتميز في التعامل
والتصرفات بين الشباب والفتيات فأصبحت الفتاه مهضومة الحق مغلوبة على أمرها
على اعتبار إنها جالبة للعار والفضيحة .

صحيح أن هذه النظرة متعلقة بظروف كل عائلة على حده ،
فقد تكون المرأة المطلقة مظلومة ولكن أزمتها الحقيقية الفعلية هي شعورها
بالضيم من تصرفات أهلها وشكوكهم المستمرة بها دون أي وعي منهم وتحميلها
شعور سلبي لا ذنب لها فيه . ولكن الأمر الذي يتطلب التوقف عنده هو مراعاة
مشاعر النساء المنفصلات عن أزواجهن بعدم العبث بسمعتهن لمجرد الانفصال
وتحجيم التهويل من الطلاق وكأنه قاضية ليس بعدها قائمة، خصوصًا إذا كانت
الزوجة قد انتقص من حقها وظلمت.