البطاله + الفراغ = جريمه

هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى ونتيجة لذلك إنقسم المجتمع إلى قسمين , قسم يملك كل شيء , وقسم لا يملك شيء , واحد يعيش في الأساطير ويمارسها حقيقة , وآخر مسحوق لا يكاد يجد قوت يومه . هذا حدث نتيجة لوجود طبقة إستثمرت نفوذها , ورأس مال حصلت عليه بطريقة أو بأخرى لتحقيق ارباح خيالية , وبالتالي صارت تفرض ما يسهل من تمددها على حساب تقلص الأكثرية . لنرى بوضوح الرابط بين الموضوع وهذه الفكرة .
لماذا زادت البطالة , كان التاجر سابقاً يستعين بمحاسب بدوام جزئي يمنحه راتب بسيط لقاء تنظيم دفاتره الحسابية , والآن دخلت برامج الكمبيوتر الحسابية والتي اصبحت بمجرد إدخال الرقم والبيان الخاص بالرقم يحمل إلى خانته وبمجرد الإنتهاء من تدوين هذه المعلومات بشكل صحيح , تخرج كل أنواع الحسابات التي كانت تحتاج لساعات , ضرب وطرح وحساب نقدي وحساب لأجل ودائن ومدين ,......
وبذلك يتمكن المحاسب أن يمسك اربع أو خمس شركات ويقلل من مرتبه الفردي , لكل شركة فتستغني عن المحاسبين القدماء لرخص اليد العاملة بتقنية جديدة ليس فيها شطب أو تحوير .
الناس فرحوا بهذه التكنولوجيا , ولكنهم لم يعرفوا بما ستقدمه , ولا يملكون تغيير معرفتهم بمهن جديدة ومواكبة التطور , الذي وحكماً أدي إلى ضرورة الإستغناء عن العمالة الإنسانية . (بطالة) .
هناك نقطة أخرى أدت إلى بقاء أصحاب الدخل المحدود في إنهيار متسارع نحو الطبقة الفقيرة بكل أعدادها الأولية , فأصحاب الدخل المحدود و لم يعد لهم قيمة تسويقية , الخياطون , أصحاب محلات البقالة , أصحاب الحرف وكل الفئات والشرائح الإجتماعية المشابهة . إفتتح السوبر ماركت , حيث تجد كل شيء فيه , فلا تضطر إلى الذهاب إلى البقال والقصاب لشراء اللحم , أو الدجاج بل من مكان واحد , ولكن ماذا يفعل ابو أحمد صاحب الدكان الذي كان يحصل قوت يومه وعياله من بيع السكر والرز والشاي واللبن والجبنة . ليس هذا فقط بل أصبحت المولات وهي أكبر من السوبر ماركت , تحتوي على كل أنواع السلع , ولم يبقى خارج اللعبة إلا السيارات والطائرات والقطارات , وبذلك اقفلت أعداد هائلة من المحال السابقة الذكر , فأنت تجد الملابس الجاهزة , تقيس وتشاهد على المرآة (وحتى على الكمبيوتر في بعض الدول كيف سيبدو عليك ما تريده من الملابس) .ثم تأخذ وتدفع للمحاسب وترحل . كل ذلك أثناء شراؤك للرز والسكر والمستلزمات المنزلية الأخرى . الأثاث اصبح يصنع في معامل مأتمتة يسيرها بعض عمال لا علاقة لهم بالمهنة , ولكنهم يفهمون بالتجهيزات الحديثة (الكمبيوتر المبرمج ) التي فقط تحتاج لمن يلقمها المواد الأولية , ويكون هناك من صمم وأدخل التصاميم في البرنامج ولقمه للكمبيوتر , فتخرج القطع الخشبية الجميلة التي يعجز الإنسان عن إنتاجها بنفس الدقة , فاقفلت محال النجارون كلهم . ونحن سائرون على نفس الطريق وبسرعة جنونية أكثر من سرعة وصول الغرب لهذه المرحلة .
شركة الصيانة , بالتليفون يأتوك للبيت ويثصلحون ثم يتركون الفاتورة ويأخذون رقم حسابك , التنظيف له شركاته , حتى ترحيل عفش البيت لشقة جديدة له شركاته المختصة وما عليك إلا أن تتصل بهم , ليأتوا ويحزموا أغراض بيتك و ويذهبون إلى العنوان الجديد ويفرشوا لك منزلك وأنت تشاهد في دار السينما عرضاً تتسلى به أو تتعشى مع المدام لترجع إلى بيتك وتأخذ حماماً ساخنا , طبعاً بيتك الجديد , لن تستطيع أن تجد سيارة تتجول بإنتظار من يوقفها , لنقل أغراضك مروراً إلى السوق لأخذ عتالين أو أكثر , تليفون , ودفع فتنفيذ .
تعطل كثير من الناس نتيجة عدم مقدرة هذه المجموعة عن تغيير مهنها أو تطويرها , وبالتالي لم يعد لديهم دخل , وأولادهم لم يعد بإمكانهم الدخول إلى الجامعة , أو متابعة دراستهم الثانوية حتى . من سيطعم هذه الأفواه لتكبر وتدرس , وتدخل الجامعة , ؟؟؟؟؟؟
من سيدخل الجامعة , قلة قليلة من أبناء الطبقة المسحوقة أي العباقرة النادرون جداً ممن سيحصل على مجموع كامل لدخول الجامعات الحكومية , وله أهل يضحون بكل غال ورخيص , (ثم يتهرب من ماضيه الفقير كي لا يقول أحد إنه إبن فلانة أو فلان) . أما من يملك المال فسيتعلم أولاده وهم ليسوا بحاجة للعمل , لكنهم مستقبلاً سيديرون ممتلكاتهم ويستغنون عن الآخرين . ستزيد أعداد من لا يملك شيئاً ولا حتى العلم .
وينضم للطبقة العالية مبتدأً ببيع قدراته ونبوغه لفتاة أو العكس .....
إنها مأساة نقترب منها وسوف نرى , ونرى الآن تأثيراتها علينا من الناحية الإجتماعية , الكل في البيت يعمل , ليستطيع البيت أن يصرف على أفراده .
البطالة و أسبابها , وعدم تأهيل المجتمع بافراده ليكون هناط طبقة متوسطة متعلمة , تتيح لبعض أفرادها الصعود إلى الطبقة الغنية , أو صعود وتقليل افراد الطبقة الأدنى , بحيث يكون المجتمع بمعظمه في حالة مقبولة من الناحية الإنسانية كحياة لائقة .
لهذا كثر المتسولون , ولهذا كثرت الجرائم , ولهذا زاد الإنحراف ........
عندما يبيع المرء كل ما عنده , ويبقى جائعاً , فلا شك أن هناك من ينتظر منه لحظة الإنهيار ليأخذ ما تبقى من إنسانيته أو يموت . وهؤلاء يزيد عددهم بكثرة , والمنتظرون يتربصون .
ينبغي أن يكون هناك توزيع عادل , بحيث يبقى الأغلبية قادرون على العيش بكرامة ليبقى للكبار من يخدمهم ويقدم لهم وسائل الراحة . وهذا قانون الحياة الطبيعية .

يا الله ردودك شو رائعة
دائما احلى من الموضوع بتشكرك كتير كتير

العفو يا غاليتي فما الردود إلا مصباح يستمد طاقاته منكم , فشكراً لزيتكم الذي يجعل قنديلي مضيء .