صدق الصغار

تشرق الشمس .....

تدخل من النوافذ عبر
الزجاج الجميل لتداعب الوجوه التي سرعان ما تصحو .....

صباح الخير , وتدب
الحياة , بضحكات الصغار , وإنتظارهم للشاي والجبن , والبيض والخبز , ليأكلوا ,
ويذهبون إلى مدارسهم , حاملين أمل الحياة معهم , بمستقبل ثمنه تعبهم , وعمر الأهل
الذي يشبه المطر لينموا العشب الأخضر وتثمر الأشجار وتعبق رائحة الزهور .

ما أجمل البيت الذي يضج
بأصوات الصغار , وما أصغر التضحيات التي يقدمها الأهل أمام رؤية إبتسامة صادقة على
وجوههم . .................

ماذا يحدث عندما تتوقف
التضحية , إن صح تعبير التضحية أمام شدة الأنانية ؟

لا يدري من في داخل
البيت هل اشرقت الشمس , فالنوافذ لم يعد زجاجها جميلاً لامعاً فمن يداعب الوجوه
لتصحوا على إبتسامة .....

من سيقول صباح الخير ,
كيف ستدب الحياة والصغار لم يضحكوا , من سيعد لهم الإفطار ......

كيف سيذهبون إلى المدرسة
, وقد إنكمش الأمل وتشبث بالغطاء ليخفي حزنه . ماذا يفيد التوقف عن التضحية قبل أن
يرتوي العشب من ماء المطر ؟ ماذا تفيد بضعة ريات بالكاد أنتشت معها البذار وبانت
وريقات خضراء تحتاج لمطر كثير لتكبر , كيف ستكبر وقد توقف المطر عن الهطول ؟.

لا أقتنع بأن هناك حق
لأحد أمام الإستمرار في التضحية مهما كانت الأسباب في سبيل سعادة الصغار ونشأتهم
بشكل صحي فالصغار هم أصحاب الحق أولاً وأخيراً .

إن إحترام الذات يبدء
من إحترام الغير , والصغار هم من يستحقون إحترام الأهل , بهم ومنهم ومن أجلهم نبقى
أقوياء نتعب لنعطي لحياتنا معنى , فلنحترم أنفسنا لنعطي مثالاً لهم عن معنى الحياة
, المعنى السامي , وأننا خير من يمثل الرسالة التي قبلنا بها لنصبح آباء وأمهات .

لا تحاولون التبرير
للخلافات , فهي من صنعكم , ونتائجها تنعكس علينا , وتحسبون أنكم عقلاء وكبار ولكم
الخبرة في كل شيء , وتقعون بالخطأ مرة تلو الأخرى , وأخطاؤكم قاتلة , قاتلة , أليس
كذلك يا أمي ويا أبي .

حين نخطأ نحن الصغار
وتوجهوننا , نقبل منكم , مرغمين أو عن ثقة أنتم أهلاً لها , ولكن عندما تختلفون
تمسحون هذه الثقة وكأنها لم تكن . وأنتم عندما ترتكبون الأخطاء , لا تقبلون أن
يواجهكم أحد . وتصرون على أنكم حكماء وأفضل منا .

عندما نعانقكم , نفعل
ذلك بدافع الحب والعرفان بالجميل , وبصدق يكاء يلامس السماء نقاءً وصدقاً وشفافية
. وأنتم كلما نمتم وصحوتم , لا نسمع منكم إلا كلمة إنني أتعب في خدمة الأولاد
والبيت , وأنت تقول كم أنا متعب أعمل ليل نهار لأجعلكم تعيشون بمستوى جيد . ألسنا
مصدر سعادتكم , ألسنا من جعلكم أباء وأمهات , وأثبتنا قدرتكم على الإنجاب , أهكذا
تردون الجميل . كونوا مثلنا صادقين , لدينا نقاء وبراءة , وحب حقيقي .

تعلموا منا كيف يكون
الحب بلا غايات , بريء , نقي .

تعلموا منا كيف نختلف
ثم نتصالح حتى لو كان الثمن التخلي عن اللعبة .

ثم يأتي الطرف الآخر
حاملاً اللعبة موضوع الخلاف ليطلب أن نأخذها فكيف سيلعب بها وحده . تعلموا , أبي
وأمي تعلموا كيف ننسى بسرعة تلك الخلافات ونعود لنلعب سوية .

يجب أن تعلموا ذلك
جيداً أنت يا أمي وأنت يا أبي , ولو إختلفت نسبة العلم ولكن ينبغي أن يكون لدى كل
منكما الحد الأدنى من معرفة قواعد اللعبة , ففي النهاية تبقى الأمور أشبه بلعبة ,
خلاف فصلح فعودة , لا تقطعوا خيوط الرجعة فما يقطع بالسكين لا يمكن وصله وستظهر
العقد عليه ولن يعود أملساً وتنجرح الأيدي كلما لامست منطقة الوصل , وإن كان لا بد
فوجود عقد أفضل بكثير من القطع الذي يجعل كل منكما يبحث عن طرف حبل جديد يتصل به
فتزداد العقد ويكثر جراح الأيدي . تكثر العقد ويختلف في الملمس لإختلاف النوعية
الجديدة .

كما نحبكم أحبونا
......

نحن نحب بابا , ونحب
ماما , فيا الله لا تحرم صغير من حب والديه , وإن كان ولابد , فلتلهمهما القدرة
على إحترام الذات .