نفقة متعة للمخلوعين!

نفقة متعة للمخلوعين!
القاهرة/ مروة حمزة

يبدو أن الرجال باتوا يشعرون بالظلم من قانون الخُلْع الذي مرَّ عليه عشر سنوات منذ تطبيقه في عام 2000م، بل إنّ هناك مَن يرى من الرجال أن قانون الخلع به ثغرات ظالِمة للرجل على أساس أن هناك آراء فقهية تؤكِّد ضرورة موافقة الرجل على الخُلْع وألا يكون مجبورًا عليه, خاصة وأن الكثير من النساء يَخْلَعْن أزواجهن ليس عن ضرر ولكن عن أسباب تافهة لا تليق بهدم علاقة زوجية.

وفي سابقة تُعَدّ هي الأولى من نوعها أسَّس بعض الرجال المخلوعين جمعية؛ دفاعًا عن حقوقهم أمام النساء, أطلقوا عليها "جمعية الأزواج المخلوعين", خاصَّة وأن عدد الرجال المخلوعين من قبل زوجاتهم في مصر وصل إلى 12 ألف زوج مخلوع.

جبهة للمخلوعين

تحدث د.عبد الصمد الشرقاوي (رئيس أول جمعية للأزواج المخلوعين في مصر, التي أطلق عليها "الجبهة")، وهو أحد الرجال المخلوعين أيضًا، بأن الذي جعله يفكر في هذه الجمعية هو إحساسه بأن قانون الخلع في حاجة ضرورية إلى مراجعة وتقييم, وذلك بعد تطبيقه لمدة عشر سنوات؛ لأن به ثغرات يجب علاجها، حيث استغلته بعض الزوجات أسوأ استغلال لأغراض في أنفسهن أو لأسباب تافهة، وذكر مثالاً لزوج يعمل قبطانًا بحريًا عاد من رحلته فلم يجد زوجته واكتشف أنّها تزوجت عليه بعقد عرفي وهي على ذمَّته، فلجأ إلي النيابة التي حبستها هي وزوجها الثاني بتهمة الزنا وتعدُّد الأزواج، لكن الزوجة قامت برفع دعوى خلع وقضت لها المحكمة بذلك.

وتابع د.عبد الصمد أنه أصبح يوجد في مصر الآن حركات نسائية كثيرة تدافع عن حقوق المرأة إلى الدرجة التي بات فيها حق الرجل مهضومًا، وشكك د.عبد الصمد في دستورية قانون الخلع، وقال: إنه لم يُعْرَض على مجمع البحوث الإسلامية، مشيرًا إلى أن هناك آراء فقهية تؤكِّد ضرورة علم الزوج وموافقته على الخلع وألا يُجْبر عليه.

لا لتأنيث المجتمع

من ناحية أخرى طالب طارق إمام (ناشط اجتماعي، ومؤسس جمعية "الحرية للرجال") على ضرورة التصدِّي لما أطلق عليه موجة "تأنيث المجتمع" المصري التي تقف وراءه العديد من المؤسسات النسائية المدعومة من جهات خارجية.

وقال أ.طارق: للأسف هناك جبهات نسائية عديدة تطالب بحقوق المرأة في مقابل إهدار حقوق الرجل، وقال: إن "الهدف من جمعيته هو المطالبة بنفقة للأزواج المخلوعين من قبل زوجاتهم".

زوجتي خلعتني بلا سبب

"لأن لكل فعل ردّ فعل قررت الردّ على ما فعلته زوجتي بخلعي بدون سبب؛ لأني رفضت أن أطلقها بتكوين جمعية للرجال المخلوعين ظلمًا"، هكذا بدأ أ.عبد الرحمن حامد كلامه (أحد الأزواج المخلوعين ومؤسس جمعية للدفاع عن حقوق الرجال المخلوعين ظلمًا).

وقال أ.عبد الرحمن: للأسف اليوم أصبح الرجل مطيع جدًا لامرأته كما جاء في حديث النبي عن علامات آخر الزمان "أن يطيع الرجل امرأته و يعقّ أمه" وهو الحاصل اليوم فعلاً، فالمرأة أصبحت متسلطة وتريد أن تلعب دورًا غير دورها.

وللأسف يساعد الزوجة في ذلك قوانين غير عادلة مثل قانون الخلع وإجبار الرجل عليه وقانون مدّ سنّ الحضانة، وقانون الشقة من حق الزوجة، وقانون استئذان المرأة وإخطارها بالزواج الثاني للرجل، كل هذه القوانين جعلت الرجل لا يستطيع أن يحكم في بيته وأن يكون له القوامة على امرأته بسبب الجمعيات النسائية التي تسلط السيدات على أزواجهن طول الوقت.

وأضاف أ.عبد الرحمن : "للأسف لم تعد العلاقة الزوجية مبنية على التفاهم والأدب والتضحية واحترام الزوجة لزوجها وطاعتها له، بل أصبحت الزوجة عاصية متمردة وهذا كان حال زوجتي التي لم تقل أي سبب يسيء لي في مطالبتها للخلع، ورغم ذلك تَمّ الموافقة لها على الخلع، وهذا حال رجال كثيرين كانت زوجاتهم متمردات, صدق عليهن القول: يكفرن العشير تعيش سنوات طويلة مع زوجها و تقول: ما رأيت منك خيراً قط، وهذا ما جعلني أؤسِّس جمعية تطالب بحقوق الرجال المخلوعين، وأنا لا أنكر أن هناك أزواجًا مخادعين ولا يصونون العشرة، ولكن أيضًا هناك سيدات هنّ السبب في خراب بيوتهن وهدم العلاقة الزوجية لأسباب تافهة".

إمساكٌ بمعروف أو تسريحٌ بإحسان

وبلجوئنا لرأي الشرع في مسألة مطالبة الرجال المخلوعين بنفقة متعة خاصة وأنّهم يرون في قانون الخلع إهانة لهم ولكرامتهم أن تخلعهم امرأة، تقول د.سعاد صالح (أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر): القاعدة الشرعية المعروفة أن الرجال قوّامون على النساء، ومعنى وصول الأمر للمحاكم هو في حدّ ذاته إهانة للرجل وقوامته فأين ذهب الفراق بالمعروف سواء كان طلاقًا أو خلعًا فالله تعالى خاطب الرجال بقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229]

وقال تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ۚ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 231].

وأضافت د.سعاد صالح: والآية واضحة والجهل بالدين وعدم العمل به هو الذي أدَّى إلى ظهور آلاف الحالات من المخلوعين وهدم الأسر المصرية سواء بالطلاق أو الخلع أكبر دليل على الجهل بالدين وهؤلاء الرجال والنساء الذين تسبّبوا في تدمير العلاقة الزوجية أساءوا لدينهم وظلموا أنفسهم وأبنائهم، وجاءوا اليوم ليبحثوا عن حقوقهم غافلين أنهم السبب فيما وصلوا إليه الآن لاستخفافهم بالزواج الذي سماه الله ميثاقًا غليظًا.

زيادة حالات الخلع "مسئولية الرجل"

أكّد الدكتور هاني السبكي (استشاري الطب النفسي) أنّ هيبة الرجل في المجتمع تنبع من داخله, وأنها تنشأ معه منذ الصغر, ولا تكتسب, ولا يجب أن يكون هناك مطالبة بها من الأساس، وتساءل أي هيبة يطالب بها الرجل و30% من النساء المصريات هن المسئولات عن الإنفاق على أسرهن بما فيها أزواجهن.

وأضاف: "كثيرًا ما تأتي لي حالات من كافة المستويات أشعر فيها بمسئولية الرجل عمّا آل إليه حال الأسرة المصرية، وهو ما يجعلني أتساءل أين الرجل المصري الذي كان حكاية العالم بشهامته ورجولته واحترامه لذاته ولزوجته. في اعتقادي أن تلك الجمعيات الذكورية مجرد فقاعة صابون سرعان ما ستنتهي".

على الجانب الآخر فإنّ الجمعيات النسائية لم تعبأ بما تَمّ الإعلان عنه من جمعيات ذكورية، فتقول دكتورة نادية حليم (أستاذ الاجتماع وعضو المجلس القومي للمرأة): "من يطالب بحقوق الرجال ووقف تقدم المرأة، أن الأمر ليس حربًا بين جبهتين". وأشارت إلى أن الواقع يؤكد أن المرأة عانت كثيرًا من قوانين جائرة لم تنصفها حتى تَمّ تعديل البعض منها, مثل قانون الطاعة الذي كان مطبقًا قبل تعديله عام 1985، والذي كانت تستخدم فيه قوة البوليس لتنفيذه، وما زال هناك العديد من القوانين التي بحاجة إلى تعديل وهو ما دفع بالمجلس القومي للمرأة للإعداد «لإضافة بعض التعديلات على قانون الأحوال الشخصية المصرية بما يضمن حقوق المرأة التي عانت لسنوات وإذا كان الرجل يشعر بفقده لحقوقه فليطالب بها». ونفت الدكتورة نادية أن يكون قانون الخلع قد أضرّ بالمجتمع مؤكدة على أنه منح المرأة حقًا من حقوقها الشرعية وأنها لم تُسِئ استخدامه.