ما أصعب تربية الصغار

أسعد الله اوقاتكم جميعا من بعد السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته

تربية الصغار أمر شاق , وصعب , ومحير ولا يستطيع المرء أن
يرتكز على نقاط متوارثة هي صحيحة مائة بالمائة ولا يقدر أن ينحرف عنها في نفس
الوقت , كما أن بداية الإنحراف بدرجة ملميتر واحد في بداية الأمر سوف يؤدي إلى
عشرات الكيلومترات في نهايته .

نحن أصلاً دخلت مفاهيم كثيرة غريبة لحياتنا فجيلنا تربى على
بقايا قيم عظيمة من الأصول التي كان ينبغي أن يحافظ عليها كاملة , دون أن يدخل
عليها ما يسمى تربية حديثة , قبل أن أتهم بأنني قديم عتيق التفكير , إنني مع
الحداثة إلى اقصى حدودها , ولكن الحداثة في الأساليب وليس بتغير ونبذ القيم التي
كانت ولا تزال هي الأساس , ويطالب بها المربون , ولكن حين التطبيق يستهان ببعضها
فتفقد ترابطها النسيجي فتتغير خلال التطبيق . مثلاً نعلم أولادنا أن لا تعتدوا على
أحد , وإياكم وإحداث الأذى لأحد أثناء اللعب , ويذهب الصغار إلى المدرسة , ويعود
أحدهم إلى بيته وقد تاذى جراء سماجة لعب زميله , (الأذى يقبل من الوالدين الحكيمين
شريطة أن لا يحدث عاهة أو تشويه دائم , وإلا فالشرطة ينبغي لها التدخل) يذهب
الوالد في اليوم التالي إلى المدرسة ويتم إستدعاء ولي أمر ذلك الصغير الشرس , فإذا
والده أشرس منه , حيث أنه قد علمه إذا ضربك أحد فإقتلع له عينيه , هنا تظهر الفروق
في التربية . أليس من الأفضل أن يقال كلمات للصغير تجعله يدفع الأذى عن نفسه دون
إلحاق الضرر بغيره , بعد الذي حدث للطفل الأول كيف سأقنعه بأن المسامحة شيء عظيم ,
وكيف أمنع شخصيته من الكبت والتعود على أذى الآخرين , ومن يسكت عن حقه مرة يجبر
على فعل ذلك كل المرات .

إذاً الموضوع يحتاج لوعي مجتمع بمعظم أفراده وفق أصول عامة إن
لم تتبع يجبر الناس عليها بالقوة , وإلا سوف تكون التماسيح أنا , وأنت , وأخي
وأخوك ولن ينجب التماسيح إلا تماسيح صغيرة تمزق باسنانها الحادة صغاراً يحيطون بها ومن بقي ليكبر معها سوف تمزقه
مع نمو أسنانها .

أمر في غاية الصعوبة لن يمنعني من تربية صغاري على الصلاح
ولكني سأحزن كثيراً إذا ما تضرر أحد الصغار جراء قلة في تربية صغير سبب له أذى لا
قدر الله .

اللهم إحفظ لنا صغارنا وقدرنا على أن نستكمل ما ينقصنا نحن
الكبار من رقي وسمو في التفكير لنكون لائقين كأباء وأمهات يربون جيلاً تعود أخلاقه
إلى زمن قديم جداً ونظيف جداً ولكنه يعرف كيف يستخدم الحاسوب ويقود الطائرات ويذهب
لحضور الأمسيات الثقافية في مراكزها التي تشرف عليها الدولة بكل عناية , وفي الأمسيات
يأتي الطفل الصغير ليقول لأبيه باب لقد حفظت سورة الفاتحة , وسوف أنتظرك لتروي لي
قصة جليفر في بلاد الأقزام كما وعدتني على شرط أن تكمل لي قصة البارحة التي توقفت
عند نقطة هامة فيها يوم دخل صلاح الدين خيمة الملك ريتشارد أثناء الحروب الصليبية
.