شيطان صريع به نظرة من الإنس!

من طرف **Admin** الثلاثاء يونيو 09, 2009 3:32 am

شيطان صريع به نظرة من الإنس!

للإمام ابن قيّم الجوزية

الطاعة تنوِّر القلب، وتجلوه وتصقُله، وتقوّيه وتثبته، حتّى يصير كالمرآة المجلوة
في جلائها وصفائها فيمتلئ نوراً؛ فإذا دنا الشيطان منه أصابه من نوره ما
يصيبُ مُسْتَرِقي السَّمعِ من الشهب الثواقب. فالشيطان يفرَق من هذا القلب
أشدَّ من فرَقِ الذئب من الأسد، حتى إنّ صاحبه لَيصرَعُ الشيطان، فيخِرّ
صريعاً، فيجتمع عليه الشياطين، فيقول بعضهم لبعض: ما شأنه؟ فيقال: أصابه
إنسيّ، وبه نظرة من الأنس!

فيا نظرةً من قلبِ حُرٍ منوَّرٍ ... يكاد لها الشيطانُ بالنور يحرَقُ

أفيستوي هذا القلبُ، وقلبٌ مظلمةٌ أرجاؤه، مختلفةٌ أهواؤه، قد أتخذه الشيطان
وطنَه، وأعدَّه مسكنَه. إذا تصبّح بطلعته حيّاه، وقال: فديتُ مَن لا يفلح
في دنياه ولا في أخراه !

أنا قرينك في الدنيا وفي الحشر بعدها ... فانت قرينٌ لي بكلّ مكـانِ

فإن كـنتَ في دار الشقـاء فانّـني ... وأنت جميعاً في شقاً وهوان

قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ۝ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ۝ حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ۝ وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾.

فاخبر سبحانه أنْ من عشا عن ذكره - وهو كتابه الذي أنزله علي رسوله - فأعرض عنه،
وعميَ عنه، وعشَتْ بصيرتُه عن فهمه وتدبّره ومعرفةِ مراد الله منه = قيّض
الله له شيطاناً عقوبةً له بإعراضه عن كتابه. فهو قرينه الذي لا يفارقه لا
في الإقامة ولا في المسير، ومولاه وعشيره الذي هو بئس المولى وبئس العشير.

رضيعَي لِبانٍ ثديَ أمٍّ تقاسما ... بأسحمَ داجٍ عوضُ لا نتفرَّقُ

ثم أخبر سبحانه أن الشيطان يصدّ قرينه ووليّه عن سبيله الموصل إليه وإلى
جنته، ويحسب هذا الضالُّ المصدودُ أنَّه على طريق هدىً، حتى إذا جاء
القرينان يوم القيامة يقول أحدهما للآخر: ياليت بيني وبينك بُعدَ
المشرقين، فبئس القرين كنتَ لي في الدنيا! أضللتَني عن الهدى يعد إذ
جاءني، وصددتَنى عن الحقّ، وأغوايتني حتى هلكتُ، وبئس القرين أنت لي اليوم!

ولما كان المصابُ إذا شاركه غيرُه في مصيبته حصل بالتأسّي نوع تخفيفٍ وتسليةٍ =
أخبر الله سبحانه أنّ هذا غير موجود وغير حاصل في حقّ المشتركين في
العذاب، وأنّ القرين لا يجد راحةً ولا أدنى فرحٍ بعذاب قرينه معه، وإن
كانت المصائب في الدنيا إذا عمَّتْ صارت مَسْلاةً كما قالت الخنساء في
أخيها صخر:

ولولا كثرةُ الباكين حـولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي

وما يبكون مثل أخي ولكن ... أغزّي النفسَ عنه باالتأسي

فمنع الله سبحانه هذا القدرَ من الراحة عن أهل النار فقال: ﴿وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾.

كنت قد كتبت هذه
السطور منذ زمن طويل ولكن بعدما قرأت المقال أحببت توارد الخواطر هذا ، فشكراً
لإتاحة الفرصة لظهور صورة الشيطان بما يخطر على البال لعنه الله .

الشيطان

تحدث في الحياة أشياء تفوق قدراتنا وتخرج عن المنطق
العام . فوق الطبيعة التي يحاول الإنسان أن يسايرها أو يكون جزًء منها , يطلق على
من تحدث على يديه ، مثل الشيطان .

ننظر إليها بتعجب فهي في أفق أعلى من مستوى الإدراك
الحسي لدينا , وبذلك تشبه الأساطير ، ثم, نتعوذ بالله , من الشيطان فنشعر بالأمان
!

حين يلعب طفل بنشاط ويقوم بتصرفات تفوق قدرات الطفل العادي ,
ينظر الكبار إليه قائلين كم هو مزعج ويخافون عليه من الأذى . فلو صعد شجرة عالية
أو طارد أطفالاً آخرين وقام بضربهم ملحقاً فيهم الأذى ، أو جرى وراء حيوان أليف مثل
قطة المنزل وأمسك ذيلها وأخذ يضربها , يصرخ فيه الناس ويقولون يا لك من شيطان .

يخطط إنسان لقتل أو تدمير حياة إنسان آخر بحيث لا يدان
بفعلته وينجح إلى حد ما بفعلته وينجو من القصاص يقال عن فعلته يا له من شيطان كيف
فعل جريمته ولم يقبض عليه ....

من ناحية الأعمال الإيجابية مثل أن يبدع فنان في عمل
يلفت النظر بإنتشاره الواسع بين الناس أو يطرح جهاز له فوائد تعود على البشرية
بالكثير من الراحة ، إلى أخر ما هنالك من إبداعات نتسائل ونقول يا لها من فكرة لا
تخطر على بال الشياطين . مع الأسف العمل الرديء أو الجيد الخارج عن المألوف ندعوه
هكذا. وإستخدام تعبير شيطان لا يعني أبداً الإستهزاء أو الإستخفاف بعقلية أو طاقات
الذي نصف فعله ، بل لرفعها إلى مستوى أعلى من الذي نتحرك فيه .

نتسائل ترى كيف قام هؤلاء الناس بمثل تلك الأعمال ؟!!!
كيف لطفل أن يعرف الحساب المعقد وهو لم يتعلم بعد طريقة حل المسائل البسيطة .

ليس من جواب غير يا له من خارق للذكاء , هذا الجواب لا يعطي
أويحدث أي تغيير في المتلقي اللهم إلا تعليق ما لا نفهمه على ما لا ندركه , يعقب
ذلك ابتسامة إذا كان العمل يتصف بالجودة,أو بصر الشفاه إن كان العمل سيئاً.

نعرف أنها أعمالاً صدرت عن بشر يبدون مثلنا ولكنهم مختلفون
من الناحية النفسية والقدرات العقلية و ربماالبدنية ، ونحن لم نقدم شيئاً خارج عن
المألوف ، لم نسجل إبتكاراً أو إختراعاً .

لذا نقول لا شك أنها من أعمال الجن أو الشياطين وليس البشر
.

يوجد عند الإنسان جانبين جانب مضيء فيه كل الخير ، ولحسن
الحظ أنه النوع السائد في الحياة الذي يظهر جمال خلق الله, ويحمل الراحة للإنسان من
خلال التعامل الجيد في كل جوانب الحياة مع محيطه . وهذا الجانب يظهر دون الحاجة
إلى القوة أو السلاح فقط بعض الإحساس بالغير وعدم الطمع والقليل من إيثار الغير في
بعض الأحيان على الذات .

أما الجانب المظلم عند الإنسان فيظهر من خلال عدم
الإحساس بالغير وبجرعة من الطمع والقليل من النميمة ورغبة أخذ كل ما بأيدي الآخرون
بحجة أنهم لا يستحقون ما لديهم فهم أقل شئناً وبالتالي حاجةً لما يملكون ، يقول
ذلك ليبرر تصرفه رغم أن مثل هذا المبرر أسوأ من الفعل , وشيئاً فشيئاً يحل الجانب
المظلم مكان الجانب المضيء .

من الصعب تصور حرب ذرية داخل النفس البشرية ولكن هذا ما
يحدث فيكون الدمار حين يسود الجانب المظلم. حين يحدث ذلك نقول عنه من أعمال
الشيطان.

كيف وأين
وما هي الحقيقة من كل ذلك ؟؟

كي نرتاح يمكن أن يتوازن الجانب المظلم مع الجانب النير
, عندها يقول الناس وهم أصل البلاء في نمو الجانب المظلم , هذا الشخص سلبي لا يقدم
ولا يؤخر. يا له من موقف, لايتركون المرء وذاته, ويبقوا على كلامهم حتى يستثيروا
الجانب المظلم لديه ويبدأ بالتهام الجانب المنير حتى يخافه الناس ويكفون عن
مضايقته. بعد ذلك يقولون لقد وسوس الشيطان له, ألم تفعلوا ذلك بأنفسكم ولم تتركوه
بحاله و تكسروا توازنه.

الذي يكون
الجانب المنير لديه طاغياً على سواد الظلام يكون محبوباً ممن يمتصون الرحيق الذي
ينبع من النور الذي لديه , والنور طاقة بحاجة إلى تجديد , تلك اللحظات التي
يحتاجها للتجديد يكاد ينقطع الرحيق فيها فيثور من يمتصه وقد يسحقون كل أو معظم
النور المولد للرحيق. ما أبشع ثوران الرعاع لكثرة جهلهم, وما أعقد ثورة العارفين
لكثرة معرفتهم. وبذلك تظهر الأمور على أن
المحيطين بالفرد هم الذين يجعلون أحد الجوانب يسود على الآخر وليس الشيطان.

ويبقى الصراع مستمراً بين الخير والشر وهما منا نحن . صحيح
أن الخير من الله وأن الشر من أنفسنا وهذا واضح تماماً فلو ابتعدنا عن الشر لبقي
خير الله فينا.إن النفس البشرية هي الشيطان عندما تتجه إلى الشر , حيث تخرج منها
قوة هائلة عاصفة تطحن كل من في طريقها تجعله خارقاً لكل ما هو مألوف لدينا.

حين يصل
إلى يد مثل هذا الفرد يتملكه الغرور ليس لقوته بل لضعف من حوله. قوة هذه اللحظة
التي لا تتعدى صوت الطلقة وبكل بساطة تخرج الطلقة وتنتهي مع صوت الدوي , بعدها
تهدأ الفورة ويعود إلى طبيعته التي خلق وولد عليها الإنسان والحيوان وهي الضعف ,
فإما أن يندم ويعلن ندمه أو لا يعلن ندمه . إذا كان في وسط أضعف منه يعود أقوى
وأعنف من لحظة الإطلاق حتى يأتي من يسقطه على البلاط البارد أو على رمال عطشى لجسد
بارد , وإذا كان الوسط أقوى منه أعلن ندمه .

هذا الجانب من النفس البشرية ضار بالذات وبالغير
ونتائجه دائماً رديئة, ليست الطلقة وحدها مدمرة بل الكلمة وفي أغلب الأحيان. كلمة
واحدة تغير من مصير وقدر شخص مما ينعكس على محيطه وكل فرد في محيطه له محيط ينعكس
مصيره عليه وينتشر التأثير. ترى أليس من طريقة لجعل الخير ظاهراً بيناً ........

بالتأكيد
, فثمة طريقة فردية تحتاج إلى شجاعة إنه سلسلة تحولات يصبح المرء من بدايتها نقياً
وهذا ما يقوده إلى السعادة على الرغم من وجوده في مجتمع رديء .

التقرب
إلى الله بصدق ولوجه الله فقط وهذا يقود إلى شفافية الروح وعدم الإصغاء إلى الجانب
المظلم , ذلك يأخذك إلى احترام الروح مما يؤدي إلى هروب الأنانية والطمع والكره
فليس هناك من يحرضك على أن تكره وليس من وجود لشخص كريه لردائته يجبر الجانب
المظلم على قتل الجانب النير.

ليسأل كل منا نفسه وبصدق أين أقف , هل أعيش الجانب
المنير أكثر في حياتي أو على الأقل هل بقيت متوازناً وهذا أضعف الإيمان؟.

لنجيب بصدق وليأخذ كل منا حتى ولو الجانب المظلم إن كان
يفضله لنفسه ولغيره . بحيث يظهره ولا يتستر بما يخفيه وهذا أسوأ ما في الحياة.

الشيطان هو منا ينبع برغبة منا أو يحفزنا الناس على ذلك
لنصبح أشرار نقوم بأعمال خارقة تنسب إلى الشيطان.

فليلعن الله كل شيطان شرير .

ينبغي أن نتذكر عدم نسب الخوارق الإنسانية الرائعة إلى
الشيطان حتى لو على سبيل التفكه.

من طرف **شام** الثلاثاء يونيو 09, 2009 4:23 pm

ثم أخبر سبحانه أن الشيطان يصدّ قرينه ووليّه عن سبيله الموصل إليه وإلى
جنته، ويحسب هذا الضالُّ المصدودُ أنَّه على طريق هدىً، حتى إذا جاء
القرينان يوم القيامة يقول أحدهما للآخر: ياليت بيني وبينك بُعدَ
المشرقين، فبئس القرين كنتَ لي في الدنيا! أضللتَني عن الهدى يعد إذ
جاءني، وصددتَنى عن الحقّ، وأغوايتني حتى هلكتُ، وبئس القرين أنت لي اليوم!

الشيطان هو منا ينبع برغبة منا أو يحفزنا الناس على ذلك
لنصبح أشرار نقوم بأعمال خارقة تنسب إلى الشيطان.
فليلعن الله كل شيطان شرير .

نعم ليلعن الله كل شيطان شرير .
شكراًلكما على المقالات المفيدة و الجميلة
و دمتم لنا ذخراً.

شيطان صريع به نظرة من الإنس!

شيطان صريع به نظرة من الإنس!

رد: شيطان صريع به نظرة من الإنس!

رد: شيطان صريع به نظرة من الإنس!